هناك من اعتبر أن شراء رئيس حزب الوفد ومالك قنوات الحياة الفضائية للصحيفة انما يرجع إلي رغبته في تكوين"امبراطورية إعلامية"، حتي أن الكاتب حسنين كروم أطلق عليه وصف" مردوخ المصري" نسبة إلي روبرت مردوخ امبراطور الاعلام الشهير، وأرجع هؤلاء السبب، إلي رغبته في أن تكون سندا وعونا له في حياته السياسية وخاصة في المرحلة المقبلة، حيث قرب اجراء الانتخابات البرلمانية تليها الانتخابات الرئاسية . البعض الاخر، اعتبر أن الامر تم بدفع من النظام الحاكم، وأن هناك رغبة في ابعاد العناصر المعارضة عن وسائل الاعلام، وبالتالي اسكات "صوت" الدستور المعارض من جهة، و من جهة أخري إغلاق أبوابها في وجه "جماعة الاخوان المسلمين "، علي اعتبار ما يقال من أن "الدستور" تمثل نافذة مهمة للجماعة، وفي النهاية تتخلي الصحيفة عن خطها، أو علي الاقل تهدئ من نبرتها العالية في تناول الموضوعات التي دأبت علي تبنيها مثل "التوريث " والفساد وغيرها. السؤال الشاذ ابراهيم عيسي -رئيس تحرير جريدة الدستور - علق في مقاله في العدد الصادر يوم الخميس الماضي من الصحيفة علي السؤال الملح حول خط الصحيفة التحريري في الفترة المقبلة، معتبرا إياه "سؤالا شاذا" وأن الاجابة عليه لن ترضي أحدا ولن يصدقها كثيرون، مؤكدا أن «الدستور» -كما تشير ترويستها- ستظل صحيفة مستقلة عن أي سلطة أو حزب سياسي، وسيكفل مالكوها الجدد الحماية الكاملة لفريقها التحريري من أي محاولة للتدخل في عمله أو التأثير فيه مادام ملتزمًا بالمبادئ والقواعد المهنية، وستظل "الدستور" مصدرًا للأخبار والمعلومات الموثقة، ومنبرًا للتعبير الحر وساحة رحبة للجدل والتفاعل بين الآراء والتوجهات المختلفة، داعيا القارئ لمحاسبتهم، ومبشرا إياه ب"بداية مرحلة جديدة من «الدستور». من ناحيته أكد د.السيد البدوي في بيان له حرص مجلس الإدارة الجديد علي أن" تظل الدستور واحدة من أهم منابر الحرية والرأي المستقل وانه سيتم مدها ودعمها بطاقات وإمكانيات عالية تستحقها"، كما نفي وجود أي علاقة لصحيفة «الدستور» بحزب الوفد، أو بالعمل الحزبي، لأنها تمتلك سياستها التحريرية التي ترسخت ولن تتغيير، اما عن دافعه لشراء الصحيفة، أكد البدوي رغبته في الحفاظ علي مكانة الصحيفة وما حققته من نجاح في السوق الصحفية، وشدد البدوي علي أن الإعلام لايجب أن يكون مُعبراً عن آراء من يمتلكه، وانما عن هموم المواطن، وأن رئيس ومجلس التحرير هم المسئولون عن العمل اليومي داخل الصحيفة، وسيتم تشكيل مجلس إدارة يضم في عضويته رئيس التحرير ورئيس التحرير التنفيذي ومجموعة من الشخصيات البارزة في السياسة والإعلام. وعد البدوي بعمل تحديث شامل للصحيفة ورفع أجور المحررين، كما يعتزم البحث عن مكان آخر لنقل مقر الجريدة. وقد حاولنا مرارا التواصل مع د. السيد البدوي إلا ان مستشاره الاعلامي أكد أنه لا يرغب في الحديث مع الصحفيين وأنه اكتفي بما أصدره من بيان و ما ورد به من معلومات.. وكنا نرغب في معرفة رده علي تشبيهه «بمردوخ» وحقيقة سعيه لتكوين"امبراطورية اعلامية"، وما اذا كانت لديه طموحات مستقبلية في ضم المزيد من وسائل الاعلام،خاصة انه كان قد ترددت في فترة سابقة رغبته في شراء صحيفة النبأ. رضا إدوراد -الرئيس التنفيذي للصحيفة- رفض هو الآخر الاجابة عن أية أسئلة في الوقت الحالي.. من المعروف أن د.السيد البدوي لم يكن أول من تقدم لشراء الدستور فقبله مباشرة كان النائب محمد انور عصمت السادات علي وشك الحصول عليها، لكن نشر أن خلافا حدث حول المبلغ وطريقة السداد فتوقفت الصفقة، وسبق أن تواردت أنباء عن رغبة عدد من السياسيين ورجال الاعمال لشراء الصحيفة علي رأسهم هشام طلعت مصطفي وموسي مصطفي موسي- رئيس حزب الغد، والمهندس ممدوح حمزة، ورجل الاعمال محمد أبو العينين. مشروع استثماري في حوار قصير مع أحمد عصام فهمي- نجل مؤسس صحيفة الدستور والذي سيظل ناشرا للصحيفة- أكد أن المبلغ الذي بيعت به "الدستور" لا يهم أحدا ويكفي القول بانه كان "جيدا" بالنسبة لهم، نافيا أي نية لبيع"صوت الامة" . سألناه سؤالا محددا عن سبب بيع "الدستور"، فأكد ان الامر لا يزيد علي كونه مشروعا تجاريا استثماريا، فيقول" مثلنا مثل أي رجل أعمال يملك مصنعا أو مشروعا تجاريا و جاءته عروض للشراء بسعر مناسب ومرض، فقبل البيع" .. لكن ألا تري أن هذا المشروع له طبيعة خاصة تختلف عن أي مشروع تجاري آخر باعتباره يقدم "منتجا إعلاميا" يفترض أن له رسالة معينة ويهدف لتحقيق تأثير معين ؟ ربما يكون كلامك صحيحا لو اننا كنا نهدف من وراء "الدستور" لتحقيق أهداف أو مصالح سياسية معينة لكن ذلك لم يكن الغرض من"الدستور"، فهي صحيفة مستقلة. قيل أن عرضكم الصحيفة للبيع كان بسبب تأثر الصحيفة بالأزمة المالية من ناحية، ومن ناحية اخري،لم تعد صحة الوالد الناشر عصام اسماعيل تسمح له بمتابعة الصحيفة، فما مدي صحة هذا الكلام؟ هذا الكلام غير صحيح بالمرة، فنحن لم نعرض الدستور للبيع من الاساس، وإنما أتتنا عروض الشراء فلم نرفضها ودرسناها لنختار الافضل، وقررنا بيعها بسعر جيد، لنركز دعمنا لصحيفة "صوت الامة"، لكننا في نفس الوقت لا ننكر أن إصدر الصحيفة أصبح مكلفا، وبعد أن زاد سعر الورق كان أمامنا خياران، فإما أن نرفع سعر الجريدة، او نقلل عدد صفحاتها. ترددت اسماء كثيرة راغبة في شراء الصحيفة، هل كلها صحيحة؟ محمد انور السادات تقدم بالفعل ولكن اختلفنا علي السعر، ومنذ خمس سنوات عرض رجل الاعمال هشام طلعت مصطفي الشراء لكن اختلفنا أيضا، اما موسي مصطفي موسي فلم نلتق أصلا ولم نتحدث بشأن البيع، فيما عدا هؤلاء لم يتقدم أحد لشراء الدستور. هل كان دائما الخلاف فقط علي سعر البيع، ام كانت هناك اسباب أخري للرفض، بمعني آخر هل كنتم مهتمين كملاك بتأثر سياسة الصحيفة وخطها التحريري مع المالك الجديد؟ ليس من حقي أن أفرض علي مالك الصحيفة الجديد سياسة تحريرية معينة،فهو حر، لكن بالطبع كان يهمنا ان نبيع الدستور "لشخص محترم" ولا ننكر ان ما شجعنا علي بيع الصحيفة للدكتور السيد البدوي هو تأكيده علي عدم تغيير السياسة التحريرية، وكنا نأخذ في الاعتبار سابقا مثلا أن محمد انور السادات لديه حزب تحت التأسيس وبالتالي سيستغل الصحيفة لتكون لسان حال حزبه في المستقبل، اما د. السيد فلديه بالفعل صحيفة الحزب. هل كان لفريق عمل التحرير أي دور في مسألة البيع وشروطه مثلا؟ علي الاطلاق فهذا الامر موضوع إداري بحت. ملامح التجديد من جهة اخري أكد لنا خالد السرجاني مدير تحرير الدستور أن هذا القلق في الوسط الصحفي من بيع الدستور، يعود إلي الخوف من المنافسة الشرسة التي ستخلقها بعد الامكانات التي ستتاح لها، خاصة انها حققت كل هذا النجاح بإمكانات محدودة، فما بالنا لو نالت مزيدا من الدعم؟! أما من ناحية التخوف من تغيير السياسة التحريرية، يقول السرجاني" ابراهيم عيسي رد علي هؤلاء في مقاله يوم الخميس الماضي، وهناك حالة من التشكك لا مبرر لها"، وبسؤاله عن وجود ضمانات مكتوبة او ما شابه من قبل الملاك الجدد بشأن عدم المساس بخط الصحيفة التحريري،أشار السرجاني إلي ان رئيس التحرير تحدث عن وجود مثل هذه الضمانات بالفعل، وأضاف" لا أعتقد أن د. السيد البدوي يعارض الاصلاح السياسي، أو يشجع الفساد أو يرغب في التوريث". أشار السرجاني إلي انه يتم الاعداد لسحور يجمع الملاك الجدد بفريق تحرير الصحيفة للحديث عن خطة المرحلة المقبلة،وبشكل عام هناك حالة من التفاؤل بين المحررين، وقد ظهرت ملامح التجديد في أول عدد يصدر بعد انتقال ملكية الصحيفة وذلك يوم الخميس الماضي، حيث أضيفت الالوان للصفحة الثالثة، واختلف اخراج بعض الصفحات، وستتم إضافة صفحتين في العدد اليومي،ليبلغ عدد صفحات الجريدة 18 صفحة، والاسبوعي 24 صفحة، وأضاف" خلال أسبوعين او في مطلع أكتوبر المقبل كحد أقصي، ستصدر الدستور في شكل جديد، حيث يتم تجديد شكل الصفحات، وستتم إضافة صفحات جديدة واستكتاب أسماء لامعة لن يتم الاعلان عنها الان". ابراهيم منصور -المدير التنفيذي للدستور - أرجع حالة "عدم التصديق" لكل التأكيدات علي عدم تغيير سياسة الدستور التحريرية في المرحلة المقبلة، إلي اهميتها كصحيفة والدور الذي قامت به في المرحلة السابقة وسياستها التي تنتصر لحرية الرأي والتعبير ومحاربتها للاستبداد والديكاتوتورية ومعاداة اسرائيل، ولهذا "الناس معها حق "، لكن تجديد الملاك الجدد الثقة في بقاء ابراهيم عيسي رئيسا للتحرير يزيل أي مخاوف، وأضاف" زعموا من قبل ان حصول ابراهيم عيسي علي العفو الرئاسي من عقوبة الحبس سيغير سياسة الجريدة لكن هذا لم يحدث". وحول رده عما يقال إن الغرض من شراء الدستور هو إبعاد الاخوان عنها علي اعتبار انها من ضمن نوافذهم الاعلامية، أكد منصور أن هذا الكلام غير صحيح، وهو كلام" أمني" بالدرجة الاولي " فالدستور متاحة لأي قوي وطنية تتوافق اتجاهاتها مع سياسة تحريرها، ولا تعبر عن اتجاه بعينه". وبسؤاله عما اذا كان انتقال ملكية الدستور لمالك جديد سيحدث فرقا لدي القارئ، أكد منصور انه سيكون هناك توظيف للامكانات الجديدة التي ستتاح للدستور وفريق عملها في إيلاء مزيد من الاهتمام والتركيز علي القضايا الوطنية، وتجديد شكل الجريدة. في النهاية.. سيتابع قراء الدستور صحيفتهم في الايام المقبلة ليختبروا بأنفسهم أي تغيير يطرأ علي سياستها وطريقة معالجتها للاخبار والاحداث المختلفة، ويتحققوا من صدق الوعود..