سعر الدولار اليوم الخميس 15 مايو 2025    مشتريات العرب تصعد بالبورصة في مستهل نهاية جلسات الأسبوع    بعد جولة الخليج.. ترامب: حصلنا على استثمارات تفوق 10 تريليونات دولار في 3 شهور    ترامب: بايدن أسوأ رئيس للولايات المتحدة.. ولدينا أقوى جيش في العالم    أزمة مباراة الأهلي والزمالك.. القرار النهائي بعد استماع التظلمات لأقوال رئيس لجنة المسابقات    وفاة شخص على قضبان قطار في قنا    سعر الذهب فى مصر الخميس 15 مايو 2025.. جرام 21 يسجل 4550 جنيهًا    وزيرا السياحة والتنمية المحلية يبحثان خطط تحصيل الرسوم من المنشآت الفندقية    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتعادل مع إيرثكويكس بالدوري قبل 30 يومًا من مونديال الأندية    لقاء حسم اللقب، موعد مباراة اتحاد جدة والرائد في الدوري السعودي    "سأعود".. حسام عاشور يكشف كواليس مكالمة الخطيب بعد وعكته الصحية    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    سالي عبد السلام ترد على انتقادات أدائها الصلاة بال "ميك أب" وطلاء الأظافر    الصحة تطلق حملة توعية حول مرض أنيميا البحر المتوسط    روسيا وأوكرانيا.. من جبهات الحرب إلى مفاوضات إسطنبول (تسلسل زمني)    27 مايو.. محاكمة عاطلين بتهمة تعاطي المخدرات بالساحل    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    وفاة وإصابة 7 أشخاص إثر تصادم ميكروباص وبيجو بقنا (أسماء)    اتحاد عمال الجيزة يكرم كوكبة من المتميزين في حفله السنوي    5 دقائق تصفيق لفيلم توم كروز Mission Impossible 8 بمهرجان كان (فيديو)    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    رياح مثيرة للرمال.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    حالة الطقس في الإمارات اليوم الخميس 15 مايو 2025    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    مصرع طفل صدمته سيارة نقل مقطورة فى أوسيم    حديد عز تجاوز 39 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 15-5-2025    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    بزشكيان ل ترامب: أمريكا تصف من يقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين أنه يُهدد أمن المنطقة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    كيف تتخلص من ارتفاع ضغط الدم؟ 3 طرق فعالة دون أدوية    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    لأول مرة، جيتور تستعد لإطلاق X70 Plus المجمعة محليا بالسوق المصري    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    حريق يلتهم مصنعا للبلاستيك بأكتوبر    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    رسميا.. رابطة الأندية تدعو الفرق لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري الجديد قبل موعد اتحاد الكرة بيومين    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    نشرة التوك شو| تفاصيل زيارة ترامب للسعودية.. وخالد أبو بكر يقترح إلغاء وزارة الأوقاف    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دون جوان.. أوبرا موتسارت بعيون ساورا
نشر في القاهرة يوم 17 - 08 - 2010

انعطافة كبري في فن «كارلوس ساورا» السينمائية .. حددت مساره الفني بشكل قطعي، ساورا الذي يعتبر واحدا من أهم مخرجي إسبانيا .. بل واحدا من عشرة أو عشرين مخرجا يضعون القواعد الأساسية لفن السينما وتطوره في أنحاء الدنيا.
ساورا ابتدأ حياته مصورا قبل أن ينتقل إلي حقل الإخراج .. حيث قدم أثناء حكم فرانكو العسكري مجموعة رائعة من الأفلام .. يسيطر عليها حزن داخلي عميق وتتشح بوشاح الموت الزئبقي، هذه الأفلام التي استطاعت رغم رقابة فرانكو الصارمة علي الفنون أن تقدم نقدا حقيقيا للمجتمع الإسباني وما يعانيه من كبت وضغوط نفسية.. ولجوئه دائما إلي الأحلام والذكريات كي تبعده عن واقع أليم لا يرضي به ولا يستطيع التلاؤم معه.
وهكذا مثلا جاء أول أفلامه «المتسكعون» صفعة مدوية للمجتمع الإسباني من خلال تصويره لفئة من الشباب عاطلة عن العمل.. تواجه مجتمعها بعنف داخلي معلن.
اتجاه معلن
وجاء فيلمه «بستان الملذات» بعد ذلك تأكيدا لهذا الاتجاه النقدي الصارم .. حيث يقدم لنا الفيلم رجل أعمال كبيراً يفقد ذاكرته إثر حادث سيارة أليم.. ويسعي أهله وأقاربه إلي محاولة شفائه بأي ثمن .. لكي يستطيعوا معرفة رقم حسابه السري الذي وضع فيه معظم أمواله.
في هذا الفيلم صور ساورا الجشع المادي والفساد الاقتصادي الذي سيطر علي إسبانبا «فرانكو». ولكن رغم هذا النجاح النسبي الذي حققه ساورا في بلده .. إلا أن الشهرة العالمية لم تصل إليه إلا بعد أن عرض فيلمه الشهير «نداء الغربان» سنة 1976 في مهرجان «كان».
الفيلم يقوم علي مجموعة من الفلاش باكات التي يقدمها ساورا بتوازن مدهش كما ينجح في رسم جو غامض يسيطر عليه شبح موت شاعري «يذكرنا بقصائد الرومانسيين الألمان عن الموت» موت الأب في أحضان عشيقته، موت الأم وحيدة في غرفتها، ثم عالم الطفولة البريء الذي يدافع عنه المخرج باستماتة .. تجاه عالم الكبار الموبوء والفاسد.
وتوالت بعد هذا الفيلم الشهير أفلام كارلوس ساورا التي كان كل فيلم فيها يؤكد قوة هذا المخرج وسيطرته الكاملة علي أوراقه وحسن توجيهه للممثلين.
موت فرانكو
وهكذا .. جاءت أفلام «البزاجي» و«عيون مغمضة» و«عمتي انجلينا» لتؤكد فيلما بعد الآخر قوة ساورا السينمائية ومكانته العالية التي تزداد علوا وشموخا.
ولكن بعد موت فرانكو وانطلاق الحريات في إسبانيا تغيرت معالم سينما ساورا وخرجت عن محيطها اليائس ونظرتها القاتمة إلي آفاق أكثر رحابه وأشد تفاؤلا.
لكن الفاصل الكبير في أسلوب ساورا السينمائي جاء بعد اتجاهه لعالم الغناء والموسيقي وتعاونه مع راقص الباليه الشهير «انطونيو جارس» في أول أفلامه الموسيقية التي قدم فيها باليه «عرس الدم» المأخوذ عن مسرحية «لوركا» الشهيرة بأسلوب شديد الخصوصية وبرؤية سينمائية شديدة التميز والطرافة.
وجاء النصر النهائي لهذا الأسلوب في تقديم أوبرا «كارمن» بالاشتراك الدائم مع «انطونيو جارس» والتي خلط فيها ساورا .. بدأ الغناء الأوبرالي وغناء الفلامنكو وبين القصة الدامية لكارمن.. ومن الواقع الحقيقي الذي يعيشه مخرج شاب يود إخراج هذا العمل ويسقط في حب ممثلته الرئيسية لكي يعيش نفس المصير الذي عاشه دون جوزيه مع الغجرية كارمن.
في هذا الفيلم تألق أسلوب ساورا السينمائي الموسيقي الغنائي.. وجعل منه مخرجا متفردا لا يستطيع مجاراته أحد.. وانصرف ساورا نهائيا عن الدراما التقليدية ليتابع إخراج أفلامه وفق هذا المنهج الجديد الذي أتخذه أسلوبا له.
الفلامنكو
وهكذا جاء فيلم «الحب الساحر» عن أوبريت دوفايلا .. ثم اتجه ساورا إلي تقديم رقصات «الفلامنجو» الشهيرة في فيلم يحمل اسم «فلامنجو» ثم رقصات التانجو بفيلم يحمل اسم «تانجو» وأخيرا موسيقي غراثادوس أشهر موسيقي إسباني ورقصاته وأغانيه.
وبعد أن استعرض ساورا كل زاويا الرقص والغناء في بلده وقدمها في أسلوبه الفريد الخاص به وفي طريقة ساحرة قربت هذه الموسيقي وهذه الرقصات من قلوب الملايين اتجه أخيرا.. إلي ميدان الأوبرا .. ليعالج بعض الأوبرات الشهيرة بنفس هذه الطريقة ونفس هذا الأسلوب.. ووقع اختياره ليبدأ تجاربه في هذا المجال علي أشهر أوبرا كتبها «موزارت» وهي أوبرا «دون جوان» ليقدمها بطريقته ورؤيته المتميزة، كلنا نعرف تفاصيل هذه الأوبرا التراجيدية التي أبدع موزارت في تأليفها والتي وضع فيها عصارة فنه وعبقريته الموسيقية التي لا تتكرر.
جو البندقية
ساورا كعادته أراد أن يقدم .. ما قبل هذه الأوبرا وما بعدها وكيف وضعها موزارت وما هي التأثيرات التي صاحبت تأليفها.. والجو العام لمدينة البندقية حيث تدور فيها الأحداث الرئيسية التي تجعل دون جوان يجاور الحب والموت ويكتشف سر الإيمان والخطيئة والندم.
كما نري الموضوع مهما وشيقا وشديد الصعوبة معا والتجربة التي خاضها ساورا في هذا المجال تعتبر تجربة رائدة شديدة الأهمية لأنها قد تصبح مرجعا تقدم بعده كل الأوبرات الشهيرة بهذه الطريقة السينمائية الفذة التي تجمع بين الموسيقي والرقص والحدث التاريخي والفني في كتلة واحدة متأججة كأنهاره الهادرة.
نعلم أن كثيرا من التجارب السينمائية قد قام بها مخرجون كبار لتقديم الأوبرات المعروفة من خلال السينما ولعل أشهرها .. الإعداد السينمائي الذي قام به زيغاريللي لأوبرا «لازانياتا» أو الإعداد الذكي والشديد التأثر ل«فرانشيسكو روزي» لأوبرا «كارمن» التي صورها بالكامل خارجيا في الأرض الإسبانية أو الرؤية البصرية الساحرة التي قدمها السويدي «برجمان» لأوبرا الناي السحري لموزارت.
ولكن هذه الأعمال كلها ظلت في نطاق تقديم الأوبرا وتبسيطها لجمهور السينما الكبير من خلال أساليب سينمائية متميزة وفهم موسيقي عميق للعمل المقدم.
أما ما فعله كارلوس ساورا في دون جوان فهو أمر مختلف تماما .. أننا لا نري الأوبرا بالكامل أو إذا شئنا الدقة «نسمعها» من خلال نظرة المخرج ولكننا نري مقاطع شهيرة منها ونري الظروف التي دفعت بموزارت إلي تأليفها بهذا الشكل والمؤثرات التي صاحبت تأليفه لها.
نجح ساورا بشكل مدهش بتصوير البندقية التي تدور فيها أغلب الأحداث من خلال مصور عبقري هو «شورورا» الذي قل للسينما أن تجد مصورا .. يماثله وأمسك بشخصية موزارت نفسها وأطل من خلالها علي شخصية دون جوان .. وربط بين التاريخ الشخصي للموسيقار الكبير وبين عمله الأوبرالي الرائع.. مصورا في الوقت نفسه الخلفية الاجتماعية والسياسية التي تدور فيها الأحداث والتي أثرت بشكل أو بآخر علي رؤية موزارت وتصوره الموسيقي.
سجل تاريخي
إذن لم تعد دون جوان ساورا هي مجرد نقل حرفي وسينمائي لأوبرا موزارت قدر ما أصبحت سجلا فنيا وتاريخيا وسياسيا.. لفترة حرجة من تاريخ أوروبا الموسيقي والتيارات التي تصارعت فيه وتأثيرها علي الفن بشكل عام وعلي موهبة موزارت بشكل خاص ولكي يبرهن ساورا علي طاقته الفنية وقدرته علي تقديم هذه الأوبرا بشكل سينمائي معبر قدم لنا مقاطع طويلة من الأوبرا من خلال لمسته السينمائية المعبرة والشديدة التأثير ومن خلال رؤيته الثاقبة للنغم الموسيقي وما يختفي وراءه من أحداث وانفعالات وعواطف.
قد يثور بعض عشاق الأوبرا المتعصبين لأوبرا موزارت ويتهمون ساورا بالتجديف والكفر والإساءة لعمل موسيقي كبير.. كما فعل بعض المتحمسين لأوبرا كارمن .. حين حولها ساورا إلي مزيج من الرقص والغناء الفلامنكو .. المختلط بأنغام الأوبرا المعروفة.
ولكن نجاح كارمن الساحق جماهيريا وفنيا اسكت الألسنة كلها وجعل الأنظار كلها تتجه صوب هذا الفنان العبقري ليقدم لنا رؤيته السينمائية الخاصة عن الأعمال الموسيقية الشاهقة والشهيرة بتاريخ الفن الموسيقي.
فهل سينال «دون جوان» النجاح الذي حققته كارمن .. وهل سيفتح لنا المجال لرؤية الأوبرات الشهيرة.. من خلال منظار سينمائي واع ومثير للبهجة والتأمل.
إن تجربة ساورا في هذا المجال ستبقي تجربة يتيمة لا أثر لها .. تدور حول نفسها في الفراغ ولا تترك في نفوسنا إلا الصدي .
قد يتسني لجمهور الإسكندرية مشاهدة هذه التجربة الرائعة من خلال إقامة مهرجانها السينمائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.