رئيس الوزراء الإسرائيلي: مستعد لتقديم تنازلات بعيدة الأثر.. جربوني وادخلوا المفاوضات فلم نعد صبية! يصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلي شرم الشيخ، ليطلع الرئيس حسني مبارك علي الخطوات المنتظر اتخاذها، من أجل الانتقال إلي المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويأتي اللقاء بعد عودة نتنياهو من الولاياتالمتحدةالأمريكية حاملا مشاعر الزهو والانتصار، وكأنه قد حقق شيئا فشل فيه من قبل. ورغم حدوث أي شيء "معلن" علي الأقل، خرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتصريحات وردية تتحدث عن اعتقاده بإمكانية تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل خلال ما تبقي من فترته الأولي، أي خلال عامين! وراح نتنياهو يؤكد من بعده قائلا: "أعتقد أن هذا ممكن". وسارع أوباما إلي تبني سياسة الاحتضان، بدلا من سياسة الصدام مع إسرائيل، وراح يتحدث إلي القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي لاستعادة ثقة الإسرائيليين بمتانة العلاقات بين الدولتين، وبالحاجة لتقدم المسيرة السلمية. وكان سخيا في الاشادة بنتنياهو، مؤكدا قدرته علي الوصول إلي تسوية سلمية مع السلطة الفلسطينية. وبدا أوباما كمن يضغط برفق علي نتنياهو، أو كمن يكظم غضبه، حين يقول:"كان لي لقاء ممتاز مع رئيس الوزراء نتنياهو. أعتقد أنه رجل يفهم بأن أمامنا نافذة فرص ضيقة جدا". ويعني الكلام أن نتنياهو سيكون "غبيا" إذا لم يفهم ذلك. يلي ذلك اسلوب الترغيب، والتأكيد علي أن واشنطن ليست ضد إسرائيل، وأن التنازلات المطلوبة لتحقيق السلام سوف تكون علي الجانبين، فيقول أوباما: "في الطرف الفلسطيني، اعتقد أن معتدلين مثل أبومازن وسلام فياض مستعدان لتقديم تنازلات وإدارة مفاوضات يمكنها أن تؤدي إلي السلام، ولكن فترتهما الزمنية في الحكم من شأنها أن تكون محدودة إذا لم ينجحوا في أن يحققوا إنجازات لشعبهم". ورغم أن الحديث كان موجها للتليفزيون الإسرائيلي، فبوسع البعض أن يعتبر الأمر رسالة وتمهيدا من جانب أوباما للشعوب العربية والفلسطينية بشأن تنازلات أبومازن المنتظرة! ويعود الرئيس الأمريكي لينبه الإسرائيليين ويحذرهم من تداعيات عدم إنشاء دولة فلسطينية قائلا: "هناك صراع بين المتطرفين والمعتدلين، كما أن ثمة التحدي الديموجرافي الذي ستتصدي له إسرائيل إذا رغبت في أن تبقي دولة يهودية وديمقراطية. أنت تفحص هذه الضغوط وتقول لنفسك: "لن تكون لنا فرصة افضل مما لدينا في هذه اللحظة". الغريب حقا هو أن يقول نتنياهو انه إذا بدأت مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بوساطة أمريكية سيكون ممكنا الوصول إلي اتفاق سلام في غضون سنة واحدة فقط. واشار، في لقائه مع أعضاء مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، إلي أنه مستعد لتنازلات بعيدة الاثر. وبدا نتنياهو حريصا علي حث الفلسطينيين للدخول في مفاوضات مباشرة. وقال مخاطبا الفلسطينيين: "جربوني وادخلوا المفاوضات... نحن لم نعد صبية ولدينا مسئولية علي اطفالنا واحفادنا، وبوسع أبومازن أن يثبت انه زعيم". ولم ينس نتنياهو أن يؤكد انه سيشارك في المفاوضات بنفسه، وليس فقط من خلال لجان. في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن سعيه لضم حزب "كديما"، الذي ترأسه وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، إلي ائتلاف الحكومة، علي أن يتم تعيين ليفني في منصب رئيس الفريق المفاوض مع الفلسطينيين، ومنح ما يتراوح من 8 إلي 10 حقائب وزارية لأعضاء كديما، وأن بينها حقيبة وزارة الخارجية بعد استقالة افيجدور ليبرمان شبه المؤكدة بعد انضمام كديما، وإغراءات اخري. ولكن صحيفة معاريف الإسرائيلية ذكرت أن احتمالات تنفيذ هذه الخطوة متدنية جدا، ويبدو نتنياهو بعيدا عن وضع يجعله يفكك الائتلاف الحالي ويشكل ائتلافا بديلا في مكانه، وهو شرط صريح وضعته تسيبي ليفني للانضمام إلي الحكومة. التالي بعد كل هذه التصريحات الوردية عن إمكانية السلام وضرورة الدخول في المفاوضات المباشرة والنوايا الطيبة، ماذا لدينا؟ ينتظر المراقبون وصول المبعوث الخاص السيناتور جورج ميتشيل إلي المنطقة خلال ايام، وبعد اسبوعين تقريبا سيسافر وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إلي واشنطن كي يترجم "المحادثات الممتازة" بين نتنياهو وأوباما إلي أفعال علي الأرض. ويقول المعلق الإسرائيلي اليكس فيشمان، في مقال له بصحيفة يديعوت احرونوت، إن "واشنطن هي التي ابتدعت عبارة "لا توجد وجبات مجانية". فلكل وجبة، ولكل احتضان ولكل ابتسامة ثمن، وسنبدأ من الاسبوع القادم كتابة الفاتورة". ويعتقد فيشمان أن أوباما حصل علي شيء ما من نتنياهو، وإلا ما كان ليغير رأيه فيه ويصدقه، مشيرا إلي ابتسامات نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الأمريكي، والتي وصفها بأنها "حرجة وشبه خجولة". ويتوقع البعض أن يكون أوباما اتفق مع نتنياهو، خلال انفرادهما ببعضهما طوال ساعة ونصف، علي منح أبومازن وفياض حزمة من النوايا الطيبة التي تحسن موقفهم امام الشارع الفلسطيني والرأي العام العربي، وتخول لهم الانتقال إلي المحادثات المباشرة، حتي يكسب أوباما بعض الوقت اللازم حتي يظهر بمبادرة جديدة للشرق الأوسط، يقول البعض أن الرئيس الأمريكي سيعلنها في شهر سبتمبر، وربما بعد انتخابات مجلس النواب في نوفمبر المقبل. وتكشف التقارير الإسرائيلية أن الفلسطينيين أعدوا مسبقا ورقة بمطالبهم الفورية من إسرائيل، سلموها إلي ميتشيل قبل سفر نتنياهو إلي الولاياتالمتحدة، وعادوا وسلموها إلي الأمريكيين، قبل ايام من لقاء أوباما ونتنياهو، خلال لقاء جمع بين أحد رؤساء جهاز الأمن في السلطة الفلسطينية ورئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي جيم جونس. والتقي رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، بحضور وزير الشئون المدنية حسين الشيخ، وقائد الشرطة الفلسطينية الجنرال حازم عطا الله ابو الزعيم (50 سنة). كان أول طلب عرضه الفلسطينيون مضاعفة عدد مراكز الشرطة التي تستعملها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لتعميق سيطرتها علي الارض، ليس فقط في المناطق «ب»، التي تضم القري والبلدات الملاصقة للمدن وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، وتمثل 21% من مساحة الضفة، وانما أيضا في المناطق «ج»، التي تضم المناطق الوحيدة المتلاصقة وغير المتقطعة في الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيا وإداريا وتشكل نحو 61% من مساحة الضفة. وطلب فياض ايضا من باراك ألا يدخل الجيش الإسرائيلي أبدا إلي المناطق «أ» (مناطق تحت مسئولية فلسطينية كاملة)، لان ذلك يمثل مهانة للسلطة الفلسطينية وتشكيك في صلاحيتها امام الفلسطينيين. وترفض إسرائيل هذا الطلب لأسباب قالت أنها أمنية. وطلب فياض إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، لكن إسرائيل ترفض تبديد "ثروة الاسري الفلسطينيين" سدي، وتفضل توفيرها لصفقة مقايضة مع حركة حماس من اجل جلعاد شاليط. كما طرح فياض طلبا جديدا من نوعه، وهو خفض حواجز الجيش الإسرائيلي، مع نقل مسئولية كل حاجز يخليه الجيش الإسرائيلي إلي السلطة الفلسطينية، أي أن الحاجز سيظل موجودا، ولن يزال، ولكن سيديره الفلسطينيون بأنفسهم! وهو لا شك اقتراح غريب. كواليس من بين الكواليس التي شهدتها زيارة نتنياهو إلي واشنطن، ونقلتها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن إيهود باراك كان يستعد لمرافقة نتنياهو إلي واشنطن، وحجز الفندق الذي سيسكن فيه بالفعل، لكن الأمريكيين ألغوا زيارته، وقالوا لنتنياهو: "إنت من حصل علي فرصة ثانية وليس هو، ام تريدهم أن يتأكدوا من انه مربيتك الخاصة؟!". وهناك من يتحدث عن رغبة الأمريكيين في مواجهة نتنياهو بمفرده، بعيدا عن باراك الذي يجيد الحديث والتهرب. كان من بين الكواليس أيضا اندلاع خلاف بين نتنياهو والرئيس الأمريكي حول طبيعة المحادثات المباشرة التي تريدها إسرائيل مع الفلسطينيين. فالفلسطينيون والأمريكيون يريدون أن يكون المبعوث الخاص جورج ميتشيل متواجدا علي مائدة المفاوضات، بينما يرفض نتنياهو ويصر علي أن يكون ميتشيل في غرفة مجاورة ليتم اللجوء اليه عند الضرورة فقط! ويبدو الامر كمن يريد الانفراد بالفريسة! وتضم الكواليس أيضا تعرض الوفد المرافق لرئيس الوزراء الإسرائيلي لفضيحة امنية في مطار جون كينيدي في نيويورك، حيث ضاعت حقيبة من حقائب الوفد تضم الأسلحة الشخصية لرجال وحدة الحراسة الخاصة بنتنياهو. ويجري الحديث عن حقيبة تضم 4 مسدسات من طراز "جلوك" 9 مم. وترتب علي اكتشاف سرقة المسدسات تشديد الحراسة علي نتنياهو وعلي الطائرات التي كان يتحرك بها خلال الزيارة. وبينما كان نتنياهو جالسا في البيت الابيض مع أوباما جاء الخبر بالعثور علي الحقيبة المفقودة في مطار لوس إنجلوس، ولكن الأمريكيين وجدوها خالية بلا مسدسات، دون أي بصمات علي الحقيبة