رئيس اللجنة العليا للانتخابات تقرير بي بي سي - بينما كانت "أم محمود" بائعة الفاكهة على ناصية أحد الشوارع بحي شبرا بالعاصمة المصرية القاهرة تثبت لافتات بأسعار الفاكهة التي تبيعها، كان أحمد الخطاط الذي يتخذ من الناصية المقابلة بنفس الشارع موقعاً يكتب فيه اللافتات لمرشحي الانتخابات المصرية. لم تكن تعلم "أم محمود" كملايين المصريين البسطاء أن الدعاية للانتخابات البرلمانية المقررة في 28 نوفمبر قد بدأت رسميا لكنها تعلم جيداً أن رواج "أحمد" لا يكون إلا في موسم الانتخابات. كتب أحمد اللافتة للمرشح البرلماني وكتب العديد من البيانات الخاصة به لكن اللافتة كان بها قوسين يتوسطهما فراغ تسبقهما كلمتي "الرمز الانتخابي" في دلالة على أن الرمز الانتخابي للمرشح المعلن عن نفسه لم يحدد بعد. قال أحمد ويديه مخضبة بالألوان أن وكيل المرشح أبلغه بألا يضيف الرمز الانتخابي على الرغم من أنه كتب لافتات لمرشحين آخرين وحكتب الرمز الإنتخابي لهم كما أبلغوه. ولكن الحالة هنا مختلفة كما أبلغه وكيل المرشح قائلا: "الراجل بتاعنا راجل محترم وجاي يخدم، ينفع يكون رمزه المسمار". واستطرد الوكيل أن المرشح تقدم بطلب إلى اللجنة القضائية العليا للانتخابات لتغيير الرمز الانتخابي. كانت اللجنة القضائية العليا للانتخابات في مصر والتي تتآلف من سبعة قضاة أعلنت أن الدعاية الانتخابية تبدأ صباح الأربعاء الماضي بعد أن أعلنت أسماء المرشحين والقوائم المتنافسة في العملية الانتخابية وأنها ستستمر إلى ما قبل يوم الانتخاب بنحو 48 ساعة. و خصصت اللجنة 250 رمزاً انتخابياً بعد أن اعتمدت 100 رمز جديد ووزعت 35 رمزعلى القوائم الحزبية و 215 آخرين للمرشحين على المقاعد الفردية حسبما يقضي النظام الانتخابي. استياء المرشحين ولكن الرموز الانتخابية الغربية والطريفة والمحرجة أحياناً أثارت استياءاً كبيراً بين المرشحين ودفعت كثيرين منهم نحو التقدم بطلبات تغيير الرموز وهو ما تسمح به اللجنة خلال ثلاث أيام من تحديد الرمز. من بين الرموز التي استحدثتها لجنة الانتخابات رموز لأدوات منزلية مثل الميكروويف وخلاط السوائل والشواية والسكين والملعقة والمروحة والأباجورة ورموز لملابس مثل البنطلون وجاكيت البدلة والكرافت والحزام الجلد ورموز أخرى لثمار فاكهة ورموز من البيئة. ويقول جمال شحاتة مرشح فردي بإحدى دوائر محافظة القليوبية في دلتا مصر أنه تقدم بطلب لتغيير رمزه الانتخابي من "المشط" الذي منحته له اللجنة العليا للانتخابات إلى رمز آخر "تقليدي". وأضاف شحاتة خلال حديثه ل"بي بي سي" أن هذا الرمز ربما يكون مثار سخرية منافسيه و الناخبين في دائرته، فضلاً عن أن صورة "المشط" لن تكون واضحة في الورقة الانتخابية وربما تتشابه مع رموز آخرى مما قد يحدث "بلبلة". كانت لجنة الانتخابات قد قررت إلغاء كافة الرموز الدينية مثل الهلال والنجمة ورموز الحيوانات كالجمل والحصان والزرافة والرموز السماوية كالقمر والشمس والتي كانت مستخدمة من قبل في الانتخابات خلال فترة حكم مبارك. فيما قال حسام الخولي سكرتير مساعد حزب الوفد والمسئول عن ملف الانتخابات البرلمانية به في اتصال مع "بي بي سي" أن إصرار اللجنة العليا على عدم توحيد الرموز لمرشحي القوائم الحزبية ومرشحي المقاعد الفردية "غير مبرر" خاصة وأن الرموز ستكون في ورقتين انتخابيتين منفصلتين. وأضاف الخولي أن طلب حزبه بتخصيص رمز "النخلة" المخصص لقائمة الوفد لمرشحي الحزب على المقاعد الفردية قد رفض من اللجنة العليا وهو ما قد يؤدي إلى إرباك الناخبين واستغراق الوقت الانتخابي في البحث عن رموز المرشحين. وقال الخولي أن حزبه قد طالب بتخصيص رمزي الميزان والنخلة لحزبة ولكن الميزان قد خصص لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. كان المستشار يسري عبدالكريم رئيس المكتب الفني للجنة العليا قد صرح بأن طلب الوفد غير قانوني.
استخفاف؟ و يرى بعض المحللين أن طرافة الرموز تمثل استخفاف بعقول المصريين، فيما يرى أخرون أنها أمر ضروري مع الأخذ في الاعتبار أن مصر بها نحو 30 إلى 40% ممن لا يجيدون القراءة والكتابة. ويقول المحامي صبحي صالح مرشح حزب الحرية والعدالة أن الرموز أمر ضروري ولكن "كان يجب أن تقوم اللجنة العليا بتحديث هذه الرموز التي كانت قائمة منذ فترة طويلة". كانت اللجنة العليا قد استحدثت 100 رمز جديد منها السرنجة والمسمار والطلمبة و الفستان والقميص وبراد الشاي. وأثارت الرموز موجة من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الإلكتروني فقال بعض المشاركين أن مجلس الشعب القادم سيكون سوق خضر في إشارة إلى كثرة رموز ثمار الفاكهة بينما يقول آخر أن البرلمان سيكون "دولاب" في سخرية من كثرة رموز الملابس للمرشحين.