معارضة شعبية لبناء السد .. والحكومة استجابت قرر رئيس بورما وقف العمل في سد مائي مثير للجدل تدعمه الصين. وأعلن الرئيس ثين سين في خطاب أمام البرلمان الجمعة أن استكمال بناء سد مايستون الذي تبلغ تكاليفه 3.6 مليار دورلار يتعارض مع رغبة الشعب. وقال ثين سين إن حكومته "ولدت من رحم الإرادة الشعبية وعليها أن تتصرف وفقا لتلك الإرادة". وكان مشروع السد قد تسبب في اندلاع مواجهات مسلحة بين الجيش وجماعات "الكاشين" العرقية ، وانضمت زعيمة المعارضة البورمية البارزة أونج سان سوكي للحملة المناهضة لبناء السد. ويرى المراقبون أن وقف بناء السد يعد انتصارا لنشطاء المجتمع المدني في بورما. وتقول راشيل هارفي مراسلة بي بي سي في جنوب شرق آسيا إن تراجع الحكومة يبدو دليلا جديدا على رغبة القيادة الجديدة في بورما في الحصول على الشرعية من خلال الإنفتاح على المجتمع بدرجة أكبر. يذكر أن الجيش البورمي قد سلم زمام الحكم في بورما إلى سلطة مدنية في شهر مارس آذار الماضي ، ومع ذلك فإن كثيرين من مسؤولي الحكومة الجديدة هم ضباط سابقون بالجيش. وتقول مراسلة بي بي سي إن الشكوك لا تزال تساور جماعات الضغط ونشطاء المجتمع المدني لإن الرئيس ثين سين قال إن قرار تجميد بناء السد مقصور على مدة حكمه التي تنتهي في عام 2015. وكان انشاء سد مايستون يتم بالتعاون بين بورما والصين عند مصب نهر "إيراوادي" في ولاية كاشان في شمال بورما. ولكن متمردي الكاشان الذين يخوضون حرب عصابات متقطعة ضد القوات الحكومية على مدى سنوات تزعموا حركة المعارضة ضد بناء السد. وجاءت الحملة الشعبية الواسعة لمعارضة بناء السد بمثابة اختبار حقيقي للحكومة البورمية الجديدة المدعومة من الجيش، كما كانت الحملة شعلة مضيئة للمعارضة الشعبية المتزايدة للنفوذ الصيني في بورما. النفوذ الصيني وكانت الصين قد سعت لملء الفراغ الناجم عن العقوبات الدولية المفروضة على بورما، وتدخلت سريعا لاستغلال الثروات الطبيعية الكبيرة التي تتمتع بها تلك الدولة بما في ذلك الأخشاب والمعادن والموارد المائية ، وكان مقررا أن تذهب النسبة الأكبر من الكهرباء المولدة من سد مايستون إلى الصين. ولو كان السد قد قدر له أن يكتمل فإن ذلك كان سيقتضي تهجير آلاف القرويين البورميين ، بل أن عددا كبيرا من المزارعين قد أجبروا بالفعل على الرحيل في المراحل الأولى للمشروع . ويمثل سد مايستون أكبر مشروع إنشائي للتحكم في المياه في جنوب شرق آسيا، ولكنه يقع في منطقة تتسم بحساسية بيئية شديدة فضلا عن كونها معرضة للزلازل وغير مستقرة من الناحية السياسية ، حيث أنها معقل العديدة من حركات التمرد العرقية المناهضة للحكومة وعلى رأسها الكاشان. وكان مقررا أن يستكمل بناء سد مايستون بحلول عام 2019 ، ليكون واحدا من أعلى سدود العالم ، إذ ان ارتفاعه المحدد في تصميمه يبلغ 125 مترا. واستندت الحملة المعارضة لاستكمال السد إلى جملة من الأسباب على رأسها غياب المشاركة الشعبية عند اتخاذ قرار الشروع في بناء السد وكذلك الآثار البيئية المدمرة لإعدام 766 كيلومترا مربعا من الغابات والمناطق الزرعية التي ستغرق خلف السد، بما يستتبعه ذلك من تشريد مئات الآلاف من مزارعي الكاشان.