كتب عمرو حسين أخيرًا إنتهت اللجنة الثلاثية المكونة من أساتذة الطب الشرعى بجامعات القاهرة و الأسكندرية و عين شمس من إعداد التقرير النهائى بشأن قضية الشاب المصرى "خالد سعيد". جاء فى التقرير أن لفافة البانجو قد حشرت عنوة فى فمه خلال فقدانه الوعى نتيجة الاعتداء المتكرر عليه بالضرب وقبل الوفاة. التقرير يعتبر لطمة قوية للمدعو الدكتور السباعي أحمد السباعي الذى يبدو أنه كان يتبع الأمن أكثر مما يتبع وزارة العدل. رئيس هيئة الدفاع عن خالد سعيد قال أن من بين النتائج المترتبة على تلك النتيجة أيضا إحالة الدكتور السباعي محمد السباعي إلى التحقيقات بشأن ثبوت تزويره للتقرير المودع فى قضية خالد سعيد. فإن أكدت التحريات ثبوت تهمة التزوير فأنا أدعو من هنا لفتح باقى الملفات التى أفتى فيها د. السباعي، فمن باع ضميره مرة بالتأكيد لن يمانع فى بيعه مرات و مرات، و لندرك خطورة الموقف، فإذا كان السباعي الآن مبعد عن عمله و مهدد بالمحاكمة فلا ينبغى أن تعتمد المحاكمات على تقاريره المشكوك فى صحتها و هى كثيرة فمنها على سبيل المثال لا الحصر: حالة دكتور السباعي ليست الوحيدة، فكلنا نعلم أن الأمن كان يتدخل فى الموافقة بل وإختيار المعينين فى المواقع القيادية. رؤساء جميع الجامعات وعمداء الكليات والمحافظين ورؤساء الأحياء وأعضاء مجالس إدارات الشركات الكبرى والبنوك وعمد القرى وحتى رؤساء وأعضاء مجالس إدارات المساجد والجمعيات الخيرية، كل هؤلاء كانوا يأتون لمناصبهم بمباركة و إختيار أمن الدولة (سابقًا). - دكتور السباعي هو الذى إعتمد التقرير الذى شكك فى صحة مبارك و قدرته على البقاء فى سجن طرة أو حتى مستشفى السجن. بل إنه إعترف اصلًا أنه لم يقم بالكشف عليه و لكنه إعتمد تقرير أطباء مستشفى شرم الشيخ. كانت نتيجة هذا التقرير المشكوك فيه أن المخلوع يرقد فى مستشفى عالمى و ليس فى السجن أو حتى فى مستشفى السجن. نتيجة ذلك التقرير أيضًا أن المخلوع يواصل نومه على سرير مريح أثناء محاكمته خاصة إن وجد أن الكلام ممل ولا يعجبه! هل لنا أن نطلب لجنة طبية محايدة مثل التى طلبها رئيس هيئة الدفاع عن خالد سعيد؟ - وفي سياق مرتبط، فدكتور السباعي متهم أيضًا بتزوير تقارير قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة. فكما إدعى أن خالد سعيد إبتلع بإرادته لفافة بانجو كاملة، فقد خالف القانون و إكتفى بالكشف الظاهرى على جثث شهداء الثورة و لم يقم بالتشريح و كانت نتيجة ذلك أن أصدر عشرات بل و مئات التقارير تفيد أن الشهداء ماتوا نتيجة الإختناق بغاز القنابل المسيلة للدموع. و الحمد لله أن التقارير لم تتحدث عن حالات إنتحار جماعى أو إبتلاع لفافات بانجو أخرى أو الموت الطبيعى بالسكتة القلبية مثلًا. مثل هذه التقارير المزورة ستفسد عشرات القضايا و لن يبقى إلا القليل (إن بقى) و ذلك فى حد ذاته كفيل ببراءة المخلوع و زبانيته. - الدكتور السباعي متهم أيضًا بإبتكار مصطلح "هبوط حاد فى الدورة الدموية". فكلما مات محتجز بقسم أو متهم أو سجين من جراء التعذيب كان تقرير الطب الشرعى يخرج بهذه العبارة الشهيرة. أدى ذلك للتستر على مئات الجرائم و تأصيل التعذيب فى السجون والمعتقلات. يكفى أن يعاد إستخراج كل تقارير السباعي التى حملت توقيعه على هذه العبارة "هبوط حاد فى الدورة الدموية" لنعطى الفرصة لذويهم للمطالبة بإعادة التحقيق فى أسباب الوفاة... - الدكتور السباعي أيضًا متهم بأمور أخرى مثل تقاريره عن أيمن نور فى السجن و تسليم جثث لغير ذويهم و غير ذلك الكثير مما يضيف علامات إستفهام كثيرة حول الرجل. كل ما سبق ليس من عندى و لكنه موجود فى بلاغ للنائب العام مقدم من المحامى نبيه الوحش ضد دكتور السباعي، و نحن ننتظر ما ستفسر عنه التحقيقات فى كل ما سبق خاصةً تقارير قتل المتظاهرين شهداء الثورة. حالة دكتور السباعي ليست الوحيدة، فكلنا نعلم أن الأمن كان يتدخل فى الموافقة بل و إختيار المعينين فى المواقع القيادية. رؤساء جميع الجامعات و عمداء الكليات و المحافظين و رؤساء الأحياء و أعضاء مجالس إدارات الشركات الكبرى و البنوك و عمد القرى و حتى رؤساء و أعضاء مجالس إدارات المساجد و الجمعيات الخيرية، كل هؤلاء كانوا يأتون لمناصبهم بمباركة و إختيار أمن الدولة (سابقًا). و بالتالى فكل ما يصدر عن هؤلاء من قرارات كان يصب فى جهة واحدة، مصلحة النظام السابق. أرجو أن نكون قد طوينا هذه الصفحة إلى الأبد بحيث تعود سياسة إختيار الرجل المناسب للمكان المناسف وفق مصلحة البلاد و ليس مصلحة نظام بعينه. أرجو أن يكون سقوط السباعي بداية لسقوط أصنام آخرين من أبناء النظام السابق، فالثورة ما زالت قائمة و سقوط المزيد من الرموز تباعًا سيحدث لا محالة و فى وقت وجيز. فمن أبرز أخطاء النظام السابق الذى سيساعد على نهايته قريبًا جدًا أنه لم يعد جيلًا جديدًا قويًا من القيادات فى معظم الأماكن، فمعظم رموز هذا النظام من الجدود و أصحاب الشعر المصبوغ. و لهذا السبب فإن رأى البعض لمصر مستقبلًا غامضًا على المدى القريب، فأنا أرى لها مستقبلًا مشرقًا كبيرًا على المدى البعيد بفضل جيل الثورة العظيم...