قالت الحكومة القطرية، يوم الخميس، أنها ستتعامل بشدة مع أي انتهاكات من قبل الشركات العاملة في قطاع البناء والتشييد، خاصة فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة, جاء هذا بعد صدور بيان للبرلمان الأوروبي، الخميس، أعرب فيه عن قلقه إزاء موقف العمالة المهاجرة في قطر، ودعا إلى توفير أوضاع عمل للعمالة تتسق مع المعايير الدولية، وذلك في أحدث سلسلة انتقادات تتعرض لها قطر في أعقاب قيام صحيفة «الجارديان» البريطانية نهاية سبتمبر الماضي بنشر تقرير اتهمت فيه قطر بانتهاك حقوق عمالة تعمل في مشاريع تقيمها من أجل مباريات كأس العالم لكرة القدم المقرر أن تستضيفها عام 2022. يأتي بيان البرلمان الأوروبي بعد 4 أيام من دعوة منظمة العفو الدولية قطر إلى إنهاء استغلال الشركات للعمال الأجانب في قطاع البناء. ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية تعليقًا على تلك الانتقادات بأن هذه التقارير تمثل تضخيمًا للمزاعم والادعاءات التي أوردتها الصحافة في وقت سابق، تمت معالجتها في حينها. وأكد أن حكومة قطر تأخذ المزاعم والادعاءات التي صدرت فيما يتعلق بقطاع البناء والتشييد بكل جدية، وقد وضعت بالفعل آلية مستقلة لمراجعة تلك المزاعم، ليتم التعامل معها كأمر ملح للغاية ومراجعتها من قبل شركة (دي إل إيه بايبر) القانونية الدولية وستكون هذه المراجعة شاملة، كما سيتم إجراؤها في أقرب وقت ممكن. وقال المصدر: " مع ذلك فإن حكومة دولة قطر ستتعامل بشدة مع أي انتهاكات من قبل الشركات العاملة في قطاع البناء والتشييد، خاصة فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة ". وأكد أن حكومة دولة قطر تقدر الاهتمام الذي يوليه البرلمان الأوروبي في هذا الشأن، ويسعدها أن تدخل في حوار مع أعضاء البرلمان، مع إدراكها بأن التحقيقات التي تجريها شركة (دي إل إيه بايبر) القانونية الدولية تسير على قدم وساق. وعن وكالة أنباء الأناضول، قال البرلمان الأوروبي في قرار أصدره اليوم الخميس: «" عبر البرلمان الاوروبي عن قلقه ازاء موقف العمالة المهاجرة في قطر، ويحث السلطات القطرية على التوقف عن احتجاز أفراد بسبب هروبهم من أصحاب الأعمال "، في إشارة إلى نظام الكفيل الذي يمنع العمال من تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد دون إذن الكفيل. ولفت بعد جلسة في مدينة ستراسبورج الفرنسية إلى أنه يدرك أن 500 ألفا من العمالة المهاجرة من المتوقع أن تفد إلى قطر لتسريع وتيرة الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2022 هناك. وفي هذا السياق، حث البرلمان الأوروبي الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على بعث رسالة واضحة إلى قطر كي لا يتسبب الأمر في ظلال قاتمة على كأس العالم 2022». وناشد المؤسسات الأوروبية التي تعمل في تشييد ملاعب أو مشروعات بنية تحتية اخرى في قطر إلى أن «توفر للعمالة اوضاع عمل تتسق مع المعايير الدولية». ويُذكر أن صحيفة ( واشنطن بوست ) الأمريكية، وصفت في تقرير نشرته يوم الخميس، أوضاع العمالة الأجنبية التي تساهم في إنشاء البنية الأساسية اللازمة لاستضافة قطر بطولة كاس العالم 2022 بأنها "قاسية. وقالت الصحيفة، أنه فور وصول العمال إلى معسكر للعمال الأجانب في قطر يقع على بعد 20 ميلا من قلب العاصمة الدوحة، تقوم الشركات التي يعملون فيها بسحب جوازات سفرهم في الوقت الذي يلاقي العمال فيه تهديدات بسداد غرامات مالية أو الاقتطاع من رواتبهم حال الحصول على إجازات مرضية أو إتلاف معدات العمل. ونقلت عن العمال قولهم إنهم يعملون تحت ظروف قاسية إذ يعملون لمدة تتراوح بين 12 و15 ساعة يوميا تحت حرارة الشمس الحارقة، كما أنهم يلاقون معاملة تشبه معاملة العبيد كما ينامون كل عشرة أفراد في حجرة واحدة داخل معسكرات العمل الكئيبة والمعزولة، ولا يتعدى متوسط أجر العامل 4 آلاف دولار سنويا. وعن وكالة أنباء الشرق الأوسط، قال العمال -وفق ( واشنطن بوست ) أن حياتهم اليومية تتناقض تماما مع الرفاهية التي يتمتع بها المواطن القطري العادي من حيث ضمان مجانية الرعاية الصحية والخدمات. وكانت منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها قد دعت الفيفا إلى بعث رسالة علنية شديدة اللهجة تؤكد فيها عدم تحمل اتحاد الكرة الدولي انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث تحت ذريعة المشروعات الإنشائية الخاصة ببطولة كاس العالم التي تستضيفها قطر. وأكدت المنظمة أن الإنفاق على المشروعات الخاصة بتوسيع البنية الأساسية لقطر قبيل بدء المسابقات بلغت 220 مليار دولار بينما المشروعات الموجهة للبطولة تصل إلى أربع مليارات دولار فقط. ويقول محللون سياسيون وبعض المسئولين القطريين إن التركيز الدولي على قطر بعد الفوز باستضافة بطولة كاس العالم قد يكون فرصة ذهبية للإمارة بترتيب البيت من الداخل وأخذ مسالة حقوق الإنسان مأخذ الجد. ويذكر أن قطر بها أعلى نسبة من العمالة الأجنبية مقارنة بمواطنيها حيث أن القطريين يمثلون حوالي 12% فقط من تعداد سكان قطر.