عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة بدر: هدفنا تأهيل الطلاب لأسواق العمل المختلفة داخل مصر وبالخارج    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    وزير العدل يفتتح محكمة كفر الدوار .. ويتفقد أعمال رفع كفاءة مجمع محاكم دمنهور    جولة ميدانية لمدير إدارة مصر الجديدة لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    محافظ سوهاج يعلن فوز كيان استثماري بحق الانتفاع للمجمع الصناعي الحرفي    «الوزير»: زيادة إنتاج الأسمنت لضمان تراجع الأسعار    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النونو: مقترح بتشكيل لجنة من المستقلين لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار    بدء توافد الضيوف على حفل PFA Awards لأفضل لاعب في إنجلترا.. صور    تشكيل بيراميدز في مواجهة المصري بالدوري الممتاز    مسار: إعادة قرعة دوري السيدات لا يغير من خططنا    بالإجماع.. محمد مطيع يفوز برئاسة الاتحاد الإفريقي للسومو    الداخلية تكشف حقيقة فيديو مفبرك عن تعدي شرطي على الأهالي بأسوان    مصرع ربة منزل صعقًا بالكهرباء في قنا    صدمات واعتذارات وانفصال مدوٍّ بالحلقة 4 من «بتوقيت 2028» | شاهد    ويجز يطرح "الأيام" أولى أغنيات ألبومه الجديد على يوتيوب    برج المملكة السعودية يحمل أفيش فيلم "درويش" لعمرو يوسف    تفاصيل فيلم «جوازة في جنازة» ل نيللي كريم وشريف سلامة    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    ابني دفعه والده اثناء مشاجرتي معه؟.. أمين الفتوى يوضح حكم الشرع    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يوجه بتوفير العلاج والتخفيف عن المواطنين بمركز صحة أول    تأهيل مستشفى العريش كمركز كتميز لتقديم خدمات النساء والتوليد وحديثي الولادة    جراحة ب «الجمجمة» إنقاذ مواطن من الموت بعد إصابته بنزيف بالمخ    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير التعليم يوقّع برتوكول تعاون جديد لتنفيذ حزمة تدريبات لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الإعدادية    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    «الجيوماتكس ب 24.2 ألف جنيه».. «آداب الإسكندرية» تعلن مصروفات 2025/2026 والأعداد المقترحة للقبول العام الجديد    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    «الري»: منظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ لتسهيل الخدمات للمستثمرين والمواطنين    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة الأحلام من وحي علوم الايزوتيريك -
نشر في البداية الجديدة يوم 18 - 02 - 2013

كيف تستطيع لغة الباطن أن تصف رومانسية الحُلم ضمن محدودية الكلام وكثافة الكلمات؟! هل للحُلم آلية معينة؟ وهل يخضع لازدواجية ما؟! لندع الحلم يعرِّف عن طبيعتِه أولاً:
بُعَيد لحظة النوم، يتَنهّد الباطن في الإنسان
وتغدو نفثاته نسيماً رقراقاً، يداعب أوتار الكيان
نسيماً يعُتقُ النفسَ كالأنغام في أبعاد الفضاء...
وكما من زرقة انكساره، ينسج النور السماء
كذلك، ينسج العقل أحلاماً في سديم الماوراء
تتجسّم في صور هيولية هيهات أن تصوّرها مخيلة الشُعراء...
ثم تندثر الصور عندما تنوب اليقظة عن سُبات المساء
موشِحةً رقائق الوعي والذاكرة ببصيص ضياء
يُنْبئ اليقظة ما جرى في تلك الأثناء
ويجعل الفكر يتساءل "ما الذي كان يَحلُمُ خلال النوم؟ وما الذي استيقظ وتحرّر لينسج تلك الأحلام"؟
يجيب علم الإيزوتيريك عن هذه التساؤلات في ص 261 من كتاب "رحلة في مجاهل الدماغ البشري" بقلم الدكتور ج. مجدلاني، مفيداً أن "الأجسام الباطنية تهجر غفلتها وسكونها، وتستيقظ (أثناء نوم الجسد). لكن بما أن وعيها يتجاوز المحيط الجسدي الأرضي، فإنها تنطلق إلى الفضاء... إلى طبقات أثيرية رقيقة هي أقرب إلى طبيعة وعيها من عالم المادة الكثيفة."
إذاً حالة الحُلم لا تقتصر على نشاط الدماغ المادي ورسائله العصبيّة. إن الأجسام الباطنية (وهي الأبعاد الخفيّة أو الهالات اللامادية والذبذبية التي تكوّن النفس والذات في الإنسان...) تستيقظ أثناء نوم الجسد وتباشر نشاطها لتتمدّد خارج الجسد وتختبر أحداثاً وتجتذب ذبذبات من عوالمها في الطبقات الماورائية. لكن الجسم الأثيري (الهالة الأثيرية - aura) يبقى مرتبطاً بالجسد ليحافظ على استمرارية الحياة فيه، باعتبار أن الهالة الأثيرية لا تغادر الجسد سوى في حالة الموت...
إن نشاط أجسام الإنسان الباطنية وما ينتج عنه من اختبارات في طبقات الماوراء ينعكس أحلاماً على شاشة الجهاز العصبي والدماغ، إن كانت الاختبارات ضمن مدى إدراك وعي الظاهر. أما ما تبقّى من الاختبارات أثناء النوم، فلا يدخل نطاق الأحلام، كما يفيدنا الإيزوتيريك في ص 264 من كتاب "رحلة في مجاهل الدماغ البشري"، بل يتعدّاه إلى حيّز وعي الباطن (sub-conscience) ليعيه المرء في أوقات لاحقة.
علوم الإيزوتيريك تشرح في كتاب "تعرّف إلى وعيك" بقلم ج.ب.م ص 50 بأن الوعي في الكيان البشري يصنَّف في ثلاثة أقسام رئيسيّة، ويتوزّع بينها على الشكل التالي: وعي الظاهر، وعي الباطن، واللاوعي. وعي الظاهر هو ما يُدركه الإنسان عبر الحواس المادية. وهذا الإدراك يُتَرْجَم عبر الجهاز العصبي والدماغ... فيما وعي الباطن، هو كل ما يدركه الإنسان خارج نطاق الحواس وتُسجَّل خلاصته في الأجسام الباطنية. أما اللاوعي فهو ما طُمس في أغوار الإنسان، بَعيداً عن إدراكه، وجزء كبير منه خاص بالذات العليا – البُعد السامي في الإنسان. علماً أن بين هذه الأبعاد، تسدُلُ ستارات ذبذبيّة حاجبة حتى لا تختلط محتويات الظاهر والباطن واللاوعي.
إن حركة الأجسام الباطنية (حركة الذبذبات النفس والذات) في الأبعاد الماورائية أثناء النوم، تبقى خافية عن إدراك وعي الظاهر، بسبب تلك الستارات الحاجبة. أما ما يستشفه المرء أثناء النوم هو تحرّك ذبذبات الأجسام الباطنية (أو ظلال حركتها على الستارات الحاجبة)، وهذا يظهر على شاشة الجهاز العصبي والدماغ ليشكّل حال الحُلم.
الفارق بين حال الحُلم وحال التأمل:
للوهلة الأولى، قد يبدو ما وصفناه عن الحُلم شبيهاً بحال التأمل (meditation) الذي يتَلَقّى فيه المتأمّل أيضاً ذبذبات من الأبعاد الباطنية. لكن في الحُلم لا يُدرك المرء انطلاقة ذبذبات الأجسام وتمدّدها خارج الجسد، وهذه الانطلاقة تكون مبرمجة (آلياً). أما في التأمل فتكون العملية إراديةً، وفق هدف معين، وتحت مراقبة وعي الظاهر. ففي التأمل يستحث المرء ذاكرته أو رقائق وعيه إراديًّا حسب هدف التأمل، بينما في الحلم لا يتحكم بذلك...
أما الفارق الآخر بين حالة النوم وحال التأمّل يكمن في اختلاف حالة الفكر. فالدماغ يستغرق أثناء النوم في حالة هدوء إن لم تستثرْهُ ذبذبات النفس في الأحلام. لكن ذبذبات الفكر (أو القسم الأدنى من الجسم العقلي) تبقى في حركة في طبقاتها، بينما في التأمل يستكين الفكر وفق إرادة المتأمل، حينها ينعكس ذلك هدوءاً في الدماغ.
إن العامل المشترك بين الحلم والتأمل هو انحسار الستار بين وعي الباطن ووعي الظاهر ليتلقّف هذا الأخير ما يستطيع استيعابه من ذبذبات الباطن، لكن سبب ذلك الانحسار ونتيجته يختلفان كل الاختلاف بين الحلم والتأمل.
الفرق بين الحُلم والنوم العميق:
فضلاً عن الفوارق بين حال التأمل وحال الحُلم، هناك أيضاً تبايناً بين حال السُبات (النوم العميق) وحال الحُلم، وإلا لما نُسِبَ لهما مصطلحين مختلفين. في الحُلم، تنطلق الأجسام الباطنية، لكنها تبقى على اتصال بالجسد وبالأخص بالجهاز العصبي والدماغ، لتُرسل للجسد ما تلتقطه من صور أو ذبذبات في عوالم أو طبقات وعيها، وهذا ما يجعل الإنسان يحلم، سواء كان ذلك الاتصال مشوشا أو جلياً. أما في حال النوم العميق فينقطع تلقّي تلك الصور أو الذبذبات، خصوصاً عندما تكون الانطلاقة في الطبقات العليا من طبقات البُعد الكوكبي السبعة، أو في الطبقة السفلى من البُعد العقلي. ذلك لأن فحوى تلك الذبذبات يفوق مقدرة استيعاب وعي الظاهر لدى الإنسان العادي، فتنقطع الأحلام ويغيب عن شاشة الجهاز العصبي والدماغ ما يجري جرّاء انطلاقة الأجسام الباطنية في تلك الأبعاد.
ولا نعني هنا الأحلام التي لا يتذكّرها الإنسان بل أوقات السُبات التي لا ينعكس فيها ما تختبره الأجسام الباطنية على شاشة الجهاز العصبي والدماغ. لكن في كلا الحالين، إن الذبذبات التي لم يتلقّاها الشخص النائم أو تلك التي تلقّاها من دون أن يتذكرها أو يفهمها لا تضيع سدى، بل تتشرّب في أرجاء الباطن وتختزن في العقل الباطني، بانتظار فرصة أخرى لتطفو على سطح الوعي، في فكرة أو صورة تحاكي حلم اليقظة.
موجز الكلام، إن النوم هو انطلاقة الأجسام الباطنية وتَحَرُّر من قيود الجسد، بينما الأحلام هي التفاتة هذه الأجسام نحو الجسد، لتشارك وعي الظاهر شعورَها وخبرتَها في أبعادِها... علماً أن أحلام المتطورين هي التفاتة حليمة للذات نحو الإنسانية لتشارك المريدين معارفها... هذا إذا كانت كلمة "حُلم" تنطبق على حال وعيهم المتطوِّر...
إن الحُلم يقظة للنفس الدنيا في واقع أبعادها... فيما بعض حالات السُبات أو النوم العميق، هي يقظة للذات السامية في حقيقة عالَمِها. اليقظة الأولى تكتسي بالأشكال اللامادية، وهي أقرب إلى استيعاب الدماغ، فيما الثانية تسمو إلى عالم اللاشكل والرموز... وهي في معظم الأحوال خافية عن إدراك الدماغ والنفس الدنيا... باستثناء بعض الاستلهامات...
بين حالة نوم وأخرى، بين حُلم وحُلم آخر، لحظة سكون أو انتقال إلى مستوى وعي آخر يلتقط فيه الحالم رسائل ذبذبية (أو لاسلكيّة) مهمّة لتطوّره. هذه اللحظة شبيهة بذلك الفراغ المُسْتَجَد في فضاء الفكر عند الانتقال من فكرة إلى أخرى، أو بتلك البُرهة التي تفصل بين حالة تأمل وأخرى... ناهيكم عن الحال الذي يسبق لحظة الاستغراق في النوم أو ذلك الذي يلي لحظة الاستيقاظ مباشرةً.
مصدر الذبذبات والصور في الحُلم:
إن الحُلم لُغَةٌ تُفسِّر حركة الذبذبات على شاشة الجهاز العصبي والدماغ أثناء النوم. يختلف مصدر تلك الذبذبات ونوع الحُلم مع اختلاف درجة وعي الشخص الحالم وحالتِه قبل النوم. أما مصدر تلك الذبذبات فيكون عادةً من النفس (الأجسام الباطنية الدنيا) وفي حالات خاصة من الذات (الأجسام الباطنية السامية)، كما ويمكن أن يكون جرّاء عوامل خارجية، إلا أن جميع تلك الذبذبات تمرّ عبر أجسام النفس قبل أن تنعكس على شاشة الجهاز العصبي والدماغ.
نستطيع القول أن الذبذبات التي يتلقاها الحالم من النفس يمكن تصنيف بعضها بما يلي:
1. إيجابيات أو سلبيات غافلة في النفس...
2. ذبذبات من البُعد المشاعري (أي الكوكبي) في النفس...
3. ذبذبات من فضاء فكر الشخص نفسه...
4. ذبذبات من عالم الفكر المتصل بالنفس...
5. ذبذبات من الماضي البعيد...
6. تنفيس رغبات مكبوتة...
7. شؤون وشجون أو أمور وخبرات غير مكتملة...
8. معلومات جديدة لتفتيح الآفاق الفكرية والمشاعريّة...
9. أحداث الماضي القريب أو المستقبل القريب...
وهناك أمور أخرى يضيق المجال لحصرها.
أما الذبذبات الخارجية التي يتلقاها الحالِم، فيندرج بعضها تحت المصادر التالية:
1. أحداث خارجية...
2. أحداث أو إنذارات تخص أشخاصاً آخرين...
3. ما تلتقطه الهالة الأثيرية من الأجواء المحيطة بالنائم...
4. ذبذبات من مقرّبين يحلمون أو ينامون في الوقت نفسه...
5. الفضاء الخارجي...
6. طبقات الماوراء...
7. مرشدين...
كذلك، هناك أمور أخرى يضيق المجال لشرحها.
أما من يسعى لمعرفة نفسه ويعمل على تنقيتها من السلبيات ، فيتلقى حسب درجة وعيه من رسائل الذات السامية فيه التي تميطُ اللثام عن حقائق اللاوعي، أو تكشف إرشادات ترتبط ببرنامج تطوره، ناهيكم عما يتلقَّاه المتطورين من الذاكرة الكونية ( الأكاشا - akasha).
الإفادة الجسديّة من النوم:
بَعد أن استعرضنا أهمية الأحلام باطنياً وضرورة انطلاقة الأجسام الباطنية أثناء النوم، نضيف أن تلك الضرورة تنطبق على الجسد أيضاً، علماً أنه قد يتمكّن من الاستمرارية من دون غذاء لفترة طويلة، لكنه لا يستطيع أن يبقى من دون نوم لأكثر من بضعة أيام، حتى لو كان في حالة هدوء من دون حركة. لأنّ مراكز الأعصاب، لاسيما في الدماغ، تصل إلى حد العناء أو الإرهاق في حيز بُعد الظاهر (في حالة اليقظة)، فتستحثّ الجسد لينام. وسبب ذاك أن خلايا الأعصاب والدماغ لا تتجدد ولا تتوالد كباقي الخلايا، وتحتاج إلى الغذاء (البرانا prana والوعي) من الأبعاد الأسمى، وكأنها تشتاق إلى أصلهاً الذبذبي التكوين فتنتعش في ظلال النوم بعد نهار طويل تحت أضواء يقظة وعي الظاهر. ولا شك أن الأحلام تساعد أيضاً في تمديد وقت النوم... وكأنها تروي وعي الظاهر بين الحين والآخر كي تستمر راحة الجسد في غمرة السكون الباطني طوال الليل.
إن مراقبة مدى إنهاك الجهاز العصبي خلال النهار إلى ما قبيل النوم، تحتاج إلى معدات طبية هندسية... لكن طالب المعرفة قد يلاحظ في التأمل أو بعده أن ألوان الهالة (الأصفر الموشح بالأزرق) عند الاستيقاظ في الصباح من نوم هنيء تختلف عن ألوانها الحادة في نهاية النهار عند الحاجة إلى النوم.
إن للنوم والأحلام دورٌ أيضاً في صيانة الجهاز العصبي وشحن طاقته. كذلك في تعزيز عمل الذاكرة. فهذه تُغَربَل وتُعزَّز في أوقات النوم، والحلم يُخرج أشياء من الذاكرة إلى حيز التفعيل ويستحثّ الذاكرة لتلقّي وإرسال الصور والمعطيات التي تتناسب مع درجة الحُلم والحالة التي كان فيها المرء قبل النوم.
السلبيات والإيجابية التي تكشفها الأحلام:
الأحلام هي أيضاً بمثابة تنهّدات لوعي الباطن، تُطلق العنان لبعض الأفكار والمشاعر، فيتراءى للمرء إمكانياتٍ فكريةٍ جديدة، وألوان مختلفة من الشعور والأحاسيس. وإن كان الحُلم يُظهر سلبية لم يعِها من قبل، فإن إدراك سبب تلك السلبية ومعالجتها في التطبيق الحياتي تحافظ على الاتّزان الداخلي كي لا تنفلت السلبيات في الغفلات اللاواعية وتهيمن على الوعي الظاهري. أما إن كان الحُلم يُظهر إيجابية خافية أو إمكانيات جديدة فعلى الإنسان أن يبدأ بتنميتها في التطبيق العملي كي لا تبقى مطموسة في أغوار الباطن. إن الإنسان الذي يتمتع بسلام داخلي، وبحالة فكرية هادئة خلال النهار، لا ينفعل في الأحلام، بل يتفاعَل معها... وهو لا يرى كوابيس، بل يكون مراقباً حيادياً حتى عندما يَكشف له الحُلم سلبياتٍ جديدةٍ أو مواقف مؤثرة...
درجات الحُلم في مراحل الوعي:
في بداية التطور الباطني، من الصّعبِ لوعي الباطن (لا سيما جسم المشاعر) أن يستيقظ في حال اليقظة تحت أضواء وعي الظاهر. لذا يتحضّر وعي الظاهر قبل ذلك لإدراك ما يجري في لحظات الحُلم من تفاعلات في الباطن (في جسم المشاعر)، على مثال ما يحصل في الأحلام التي يدرك فيها المرء أنه يحلم (أحلاماً كاشفة lucid dreams) وصولاً إلى دخول حال الحُلم إرادياً... وارتقاءً إلى التحكّم في الأحلام. وهذه المراحل تحضر المرء للولوج في المستقبل في الأحلام المتطورة – أحلام الرؤيا أو أحلام الذات العليا.
ما وصفناه عن انطلاقة الأجسام الباطنية الذبذبية أثناء النوم، يَحدُث لدى الأشخاص الذين بلغوا مرحلة متوسّطة من الرهافة الذاتية على الأقل. فيما الإنسان العادي، الذي لا يزال متمسّكاً بقشور الحياة وأسيرَ الشهوات والملذات البشرية، فانطلاقة أجسامه الذبذبية تبقى محدودة، بحيث تبقى ذبذبات جسم المشاعر هائمة حول الجسد (من دون أن تتمدّد إلى عوالمها)، تتفاعل مع الأفكار والمشاعر التي حصدها المرء من حوله في النهار وقبل النوم، ومع كل ما تجتذبه ذبذبات وعيه من الأرض أو من الفضاء الخارجي. وأحياناً كثيرة لا يشعر بذلك.
أمّا الأشخاص الذين بلغوا درجات عالية في التطوّر، فهم لا يحلُمون، إذ يعيشون حالة وحدة تشمل الحلم واليقظة. أي أن نومهم ليس سوى انطلاقة واعية في أبعاد الوعي... إن لم تكن انطلاقة لأجسام الذات العليا بُعَيد تخدير النفس والجسد... ويفيد الإيزوتيريك أن الشخص المتطور في الوعي يستطيع أن يعي (أو يتواجد في) أكثر من بُعدٍ في الوقت نفسه، لا بل درجة وعيه هذه تنعكس وحدةً بين قسمي اليمين واليسار في دماغه.
ختاماً، نفيد أن البعض قد يَستَغْرب ممّا ورد في هذه المقالة عن الأحلام، ويتساءل لماذا لا يتذكَّر المرء تلك التفاصيل، علماً أنها تحدُثُ يومياً. نُجيب أن واقع عدم تذكر الإنسان لما يجري أثناء النوم، لا ينفي حقيقة حدوث العديد من تلك الأحلام في كلّ ليلة، وإن تذكَّرَ الحُلم الأخير فقط، فذلك لا يعني أن الأحلام الأخرى لم تَحْدُثْ، بل حَدَثَت وسُجِّلت في وعي الباطن، ليحينَ وقتُ ظهورها من جديد بأشكال عديدة.
من هنا، تذكُّر الأحلام والاستفادة منها يُعْتبَر فنٌ بحدّ ذاته، لا بل إحدى الأسس في منهج التطور. فمقدرة تذكُّر الأحلام ووعي فحواها، فنٌّ منوطٌ بمقدرات الذاكرة والتركيز، بنوعية وكمية الطعام، بالحالة النفسية والصحية قبل الحُلم وخلال النهار. كما وترتبط تلك المقدرة بمدى رهافة المشاعر، بتجرّد الفكر وانفتاحه، وبالأخصّ بالإيجابية في التعامل مع الآخرين... وتبقى تلك الصفات هي الأهم في حياة الإنسان اليوميّة، مهما اختلف منهج التطور الذي يسلكه...
المصدر : www.esoteric-lebanon.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.