وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    أسعار الذهب في مصر ترتفع استجابة لتحرك السعر العالمي    ضبط 1356 مخالفة تموينية في حملة مكبرة بدمياط    حملات مكبرة لإزالة المباني المخالفة والتعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية    ضعف المهارات و القطاع غير الرسمي من اهم التحديات في سوق العمل    هشام آمنة: بدء تشكيل لجان محلية للمناطق الساحلية بالمحافظات    أعضاء ب«الشيوخ الأمريكي» يقترحون وقف تمويل الأمم المتحدة حال الاعتراف بفلسطين    مؤتمر كلوب: سأحاول عدم الحصول على إنذار لهذا السبب.. وإيمري من الأفضل في العالم    ضبط 16601 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزارتا الداخلية والصحة تنفيان انتشار عصابات تجارة الأعضاء تضم بينها أطباء بالمحافظات    قتلهم الدخان.. قرارات عاجلة فى مصرع شخص وابنته فى حريق شقة سكنية بمنشأة القناطر    جامعة المنيا تحصد 4 مراكز في منافسات مهرجان إبداع في موسمه ال12    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 10-5-2024 في الدقهلية    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    الزمالك يحدد موعد مران الفريق اليوم استعدادًا لمواجهة نهضة بركان    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رئيس جامعة القاهرة يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية    بروتوكول تعاون بين «تيودور بلهارس» و«طب الزقازيق» في مجالات التعليم والتدريب    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة الأحلام من وحي علوم الايزوتيريك -
نشر في البداية الجديدة يوم 18 - 02 - 2013

كيف تستطيع لغة الباطن أن تصف رومانسية الحُلم ضمن محدودية الكلام وكثافة الكلمات؟! هل للحُلم آلية معينة؟ وهل يخضع لازدواجية ما؟! لندع الحلم يعرِّف عن طبيعتِه أولاً:
بُعَيد لحظة النوم، يتَنهّد الباطن في الإنسان
وتغدو نفثاته نسيماً رقراقاً، يداعب أوتار الكيان
نسيماً يعُتقُ النفسَ كالأنغام في أبعاد الفضاء...
وكما من زرقة انكساره، ينسج النور السماء
كذلك، ينسج العقل أحلاماً في سديم الماوراء
تتجسّم في صور هيولية هيهات أن تصوّرها مخيلة الشُعراء...
ثم تندثر الصور عندما تنوب اليقظة عن سُبات المساء
موشِحةً رقائق الوعي والذاكرة ببصيص ضياء
يُنْبئ اليقظة ما جرى في تلك الأثناء
ويجعل الفكر يتساءل "ما الذي كان يَحلُمُ خلال النوم؟ وما الذي استيقظ وتحرّر لينسج تلك الأحلام"؟
يجيب علم الإيزوتيريك عن هذه التساؤلات في ص 261 من كتاب "رحلة في مجاهل الدماغ البشري" بقلم الدكتور ج. مجدلاني، مفيداً أن "الأجسام الباطنية تهجر غفلتها وسكونها، وتستيقظ (أثناء نوم الجسد). لكن بما أن وعيها يتجاوز المحيط الجسدي الأرضي، فإنها تنطلق إلى الفضاء... إلى طبقات أثيرية رقيقة هي أقرب إلى طبيعة وعيها من عالم المادة الكثيفة."
إذاً حالة الحُلم لا تقتصر على نشاط الدماغ المادي ورسائله العصبيّة. إن الأجسام الباطنية (وهي الأبعاد الخفيّة أو الهالات اللامادية والذبذبية التي تكوّن النفس والذات في الإنسان...) تستيقظ أثناء نوم الجسد وتباشر نشاطها لتتمدّد خارج الجسد وتختبر أحداثاً وتجتذب ذبذبات من عوالمها في الطبقات الماورائية. لكن الجسم الأثيري (الهالة الأثيرية - aura) يبقى مرتبطاً بالجسد ليحافظ على استمرارية الحياة فيه، باعتبار أن الهالة الأثيرية لا تغادر الجسد سوى في حالة الموت...
إن نشاط أجسام الإنسان الباطنية وما ينتج عنه من اختبارات في طبقات الماوراء ينعكس أحلاماً على شاشة الجهاز العصبي والدماغ، إن كانت الاختبارات ضمن مدى إدراك وعي الظاهر. أما ما تبقّى من الاختبارات أثناء النوم، فلا يدخل نطاق الأحلام، كما يفيدنا الإيزوتيريك في ص 264 من كتاب "رحلة في مجاهل الدماغ البشري"، بل يتعدّاه إلى حيّز وعي الباطن (sub-conscience) ليعيه المرء في أوقات لاحقة.
علوم الإيزوتيريك تشرح في كتاب "تعرّف إلى وعيك" بقلم ج.ب.م ص 50 بأن الوعي في الكيان البشري يصنَّف في ثلاثة أقسام رئيسيّة، ويتوزّع بينها على الشكل التالي: وعي الظاهر، وعي الباطن، واللاوعي. وعي الظاهر هو ما يُدركه الإنسان عبر الحواس المادية. وهذا الإدراك يُتَرْجَم عبر الجهاز العصبي والدماغ... فيما وعي الباطن، هو كل ما يدركه الإنسان خارج نطاق الحواس وتُسجَّل خلاصته في الأجسام الباطنية. أما اللاوعي فهو ما طُمس في أغوار الإنسان، بَعيداً عن إدراكه، وجزء كبير منه خاص بالذات العليا – البُعد السامي في الإنسان. علماً أن بين هذه الأبعاد، تسدُلُ ستارات ذبذبيّة حاجبة حتى لا تختلط محتويات الظاهر والباطن واللاوعي.
إن حركة الأجسام الباطنية (حركة الذبذبات النفس والذات) في الأبعاد الماورائية أثناء النوم، تبقى خافية عن إدراك وعي الظاهر، بسبب تلك الستارات الحاجبة. أما ما يستشفه المرء أثناء النوم هو تحرّك ذبذبات الأجسام الباطنية (أو ظلال حركتها على الستارات الحاجبة)، وهذا يظهر على شاشة الجهاز العصبي والدماغ ليشكّل حال الحُلم.
الفارق بين حال الحُلم وحال التأمل:
للوهلة الأولى، قد يبدو ما وصفناه عن الحُلم شبيهاً بحال التأمل (meditation) الذي يتَلَقّى فيه المتأمّل أيضاً ذبذبات من الأبعاد الباطنية. لكن في الحُلم لا يُدرك المرء انطلاقة ذبذبات الأجسام وتمدّدها خارج الجسد، وهذه الانطلاقة تكون مبرمجة (آلياً). أما في التأمل فتكون العملية إراديةً، وفق هدف معين، وتحت مراقبة وعي الظاهر. ففي التأمل يستحث المرء ذاكرته أو رقائق وعيه إراديًّا حسب هدف التأمل، بينما في الحلم لا يتحكم بذلك...
أما الفارق الآخر بين حالة النوم وحال التأمّل يكمن في اختلاف حالة الفكر. فالدماغ يستغرق أثناء النوم في حالة هدوء إن لم تستثرْهُ ذبذبات النفس في الأحلام. لكن ذبذبات الفكر (أو القسم الأدنى من الجسم العقلي) تبقى في حركة في طبقاتها، بينما في التأمل يستكين الفكر وفق إرادة المتأمل، حينها ينعكس ذلك هدوءاً في الدماغ.
إن العامل المشترك بين الحلم والتأمل هو انحسار الستار بين وعي الباطن ووعي الظاهر ليتلقّف هذا الأخير ما يستطيع استيعابه من ذبذبات الباطن، لكن سبب ذلك الانحسار ونتيجته يختلفان كل الاختلاف بين الحلم والتأمل.
الفرق بين الحُلم والنوم العميق:
فضلاً عن الفوارق بين حال التأمل وحال الحُلم، هناك أيضاً تبايناً بين حال السُبات (النوم العميق) وحال الحُلم، وإلا لما نُسِبَ لهما مصطلحين مختلفين. في الحُلم، تنطلق الأجسام الباطنية، لكنها تبقى على اتصال بالجسد وبالأخص بالجهاز العصبي والدماغ، لتُرسل للجسد ما تلتقطه من صور أو ذبذبات في عوالم أو طبقات وعيها، وهذا ما يجعل الإنسان يحلم، سواء كان ذلك الاتصال مشوشا أو جلياً. أما في حال النوم العميق فينقطع تلقّي تلك الصور أو الذبذبات، خصوصاً عندما تكون الانطلاقة في الطبقات العليا من طبقات البُعد الكوكبي السبعة، أو في الطبقة السفلى من البُعد العقلي. ذلك لأن فحوى تلك الذبذبات يفوق مقدرة استيعاب وعي الظاهر لدى الإنسان العادي، فتنقطع الأحلام ويغيب عن شاشة الجهاز العصبي والدماغ ما يجري جرّاء انطلاقة الأجسام الباطنية في تلك الأبعاد.
ولا نعني هنا الأحلام التي لا يتذكّرها الإنسان بل أوقات السُبات التي لا ينعكس فيها ما تختبره الأجسام الباطنية على شاشة الجهاز العصبي والدماغ. لكن في كلا الحالين، إن الذبذبات التي لم يتلقّاها الشخص النائم أو تلك التي تلقّاها من دون أن يتذكرها أو يفهمها لا تضيع سدى، بل تتشرّب في أرجاء الباطن وتختزن في العقل الباطني، بانتظار فرصة أخرى لتطفو على سطح الوعي، في فكرة أو صورة تحاكي حلم اليقظة.
موجز الكلام، إن النوم هو انطلاقة الأجسام الباطنية وتَحَرُّر من قيود الجسد، بينما الأحلام هي التفاتة هذه الأجسام نحو الجسد، لتشارك وعي الظاهر شعورَها وخبرتَها في أبعادِها... علماً أن أحلام المتطورين هي التفاتة حليمة للذات نحو الإنسانية لتشارك المريدين معارفها... هذا إذا كانت كلمة "حُلم" تنطبق على حال وعيهم المتطوِّر...
إن الحُلم يقظة للنفس الدنيا في واقع أبعادها... فيما بعض حالات السُبات أو النوم العميق، هي يقظة للذات السامية في حقيقة عالَمِها. اليقظة الأولى تكتسي بالأشكال اللامادية، وهي أقرب إلى استيعاب الدماغ، فيما الثانية تسمو إلى عالم اللاشكل والرموز... وهي في معظم الأحوال خافية عن إدراك الدماغ والنفس الدنيا... باستثناء بعض الاستلهامات...
بين حالة نوم وأخرى، بين حُلم وحُلم آخر، لحظة سكون أو انتقال إلى مستوى وعي آخر يلتقط فيه الحالم رسائل ذبذبية (أو لاسلكيّة) مهمّة لتطوّره. هذه اللحظة شبيهة بذلك الفراغ المُسْتَجَد في فضاء الفكر عند الانتقال من فكرة إلى أخرى، أو بتلك البُرهة التي تفصل بين حالة تأمل وأخرى... ناهيكم عن الحال الذي يسبق لحظة الاستغراق في النوم أو ذلك الذي يلي لحظة الاستيقاظ مباشرةً.
مصدر الذبذبات والصور في الحُلم:
إن الحُلم لُغَةٌ تُفسِّر حركة الذبذبات على شاشة الجهاز العصبي والدماغ أثناء النوم. يختلف مصدر تلك الذبذبات ونوع الحُلم مع اختلاف درجة وعي الشخص الحالم وحالتِه قبل النوم. أما مصدر تلك الذبذبات فيكون عادةً من النفس (الأجسام الباطنية الدنيا) وفي حالات خاصة من الذات (الأجسام الباطنية السامية)، كما ويمكن أن يكون جرّاء عوامل خارجية، إلا أن جميع تلك الذبذبات تمرّ عبر أجسام النفس قبل أن تنعكس على شاشة الجهاز العصبي والدماغ.
نستطيع القول أن الذبذبات التي يتلقاها الحالم من النفس يمكن تصنيف بعضها بما يلي:
1. إيجابيات أو سلبيات غافلة في النفس...
2. ذبذبات من البُعد المشاعري (أي الكوكبي) في النفس...
3. ذبذبات من فضاء فكر الشخص نفسه...
4. ذبذبات من عالم الفكر المتصل بالنفس...
5. ذبذبات من الماضي البعيد...
6. تنفيس رغبات مكبوتة...
7. شؤون وشجون أو أمور وخبرات غير مكتملة...
8. معلومات جديدة لتفتيح الآفاق الفكرية والمشاعريّة...
9. أحداث الماضي القريب أو المستقبل القريب...
وهناك أمور أخرى يضيق المجال لحصرها.
أما الذبذبات الخارجية التي يتلقاها الحالِم، فيندرج بعضها تحت المصادر التالية:
1. أحداث خارجية...
2. أحداث أو إنذارات تخص أشخاصاً آخرين...
3. ما تلتقطه الهالة الأثيرية من الأجواء المحيطة بالنائم...
4. ذبذبات من مقرّبين يحلمون أو ينامون في الوقت نفسه...
5. الفضاء الخارجي...
6. طبقات الماوراء...
7. مرشدين...
كذلك، هناك أمور أخرى يضيق المجال لشرحها.
أما من يسعى لمعرفة نفسه ويعمل على تنقيتها من السلبيات ، فيتلقى حسب درجة وعيه من رسائل الذات السامية فيه التي تميطُ اللثام عن حقائق اللاوعي، أو تكشف إرشادات ترتبط ببرنامج تطوره، ناهيكم عما يتلقَّاه المتطورين من الذاكرة الكونية ( الأكاشا - akasha).
الإفادة الجسديّة من النوم:
بَعد أن استعرضنا أهمية الأحلام باطنياً وضرورة انطلاقة الأجسام الباطنية أثناء النوم، نضيف أن تلك الضرورة تنطبق على الجسد أيضاً، علماً أنه قد يتمكّن من الاستمرارية من دون غذاء لفترة طويلة، لكنه لا يستطيع أن يبقى من دون نوم لأكثر من بضعة أيام، حتى لو كان في حالة هدوء من دون حركة. لأنّ مراكز الأعصاب، لاسيما في الدماغ، تصل إلى حد العناء أو الإرهاق في حيز بُعد الظاهر (في حالة اليقظة)، فتستحثّ الجسد لينام. وسبب ذاك أن خلايا الأعصاب والدماغ لا تتجدد ولا تتوالد كباقي الخلايا، وتحتاج إلى الغذاء (البرانا prana والوعي) من الأبعاد الأسمى، وكأنها تشتاق إلى أصلهاً الذبذبي التكوين فتنتعش في ظلال النوم بعد نهار طويل تحت أضواء يقظة وعي الظاهر. ولا شك أن الأحلام تساعد أيضاً في تمديد وقت النوم... وكأنها تروي وعي الظاهر بين الحين والآخر كي تستمر راحة الجسد في غمرة السكون الباطني طوال الليل.
إن مراقبة مدى إنهاك الجهاز العصبي خلال النهار إلى ما قبيل النوم، تحتاج إلى معدات طبية هندسية... لكن طالب المعرفة قد يلاحظ في التأمل أو بعده أن ألوان الهالة (الأصفر الموشح بالأزرق) عند الاستيقاظ في الصباح من نوم هنيء تختلف عن ألوانها الحادة في نهاية النهار عند الحاجة إلى النوم.
إن للنوم والأحلام دورٌ أيضاً في صيانة الجهاز العصبي وشحن طاقته. كذلك في تعزيز عمل الذاكرة. فهذه تُغَربَل وتُعزَّز في أوقات النوم، والحلم يُخرج أشياء من الذاكرة إلى حيز التفعيل ويستحثّ الذاكرة لتلقّي وإرسال الصور والمعطيات التي تتناسب مع درجة الحُلم والحالة التي كان فيها المرء قبل النوم.
السلبيات والإيجابية التي تكشفها الأحلام:
الأحلام هي أيضاً بمثابة تنهّدات لوعي الباطن، تُطلق العنان لبعض الأفكار والمشاعر، فيتراءى للمرء إمكانياتٍ فكريةٍ جديدة، وألوان مختلفة من الشعور والأحاسيس. وإن كان الحُلم يُظهر سلبية لم يعِها من قبل، فإن إدراك سبب تلك السلبية ومعالجتها في التطبيق الحياتي تحافظ على الاتّزان الداخلي كي لا تنفلت السلبيات في الغفلات اللاواعية وتهيمن على الوعي الظاهري. أما إن كان الحُلم يُظهر إيجابية خافية أو إمكانيات جديدة فعلى الإنسان أن يبدأ بتنميتها في التطبيق العملي كي لا تبقى مطموسة في أغوار الباطن. إن الإنسان الذي يتمتع بسلام داخلي، وبحالة فكرية هادئة خلال النهار، لا ينفعل في الأحلام، بل يتفاعَل معها... وهو لا يرى كوابيس، بل يكون مراقباً حيادياً حتى عندما يَكشف له الحُلم سلبياتٍ جديدةٍ أو مواقف مؤثرة...
درجات الحُلم في مراحل الوعي:
في بداية التطور الباطني، من الصّعبِ لوعي الباطن (لا سيما جسم المشاعر) أن يستيقظ في حال اليقظة تحت أضواء وعي الظاهر. لذا يتحضّر وعي الظاهر قبل ذلك لإدراك ما يجري في لحظات الحُلم من تفاعلات في الباطن (في جسم المشاعر)، على مثال ما يحصل في الأحلام التي يدرك فيها المرء أنه يحلم (أحلاماً كاشفة lucid dreams) وصولاً إلى دخول حال الحُلم إرادياً... وارتقاءً إلى التحكّم في الأحلام. وهذه المراحل تحضر المرء للولوج في المستقبل في الأحلام المتطورة – أحلام الرؤيا أو أحلام الذات العليا.
ما وصفناه عن انطلاقة الأجسام الباطنية الذبذبية أثناء النوم، يَحدُث لدى الأشخاص الذين بلغوا مرحلة متوسّطة من الرهافة الذاتية على الأقل. فيما الإنسان العادي، الذي لا يزال متمسّكاً بقشور الحياة وأسيرَ الشهوات والملذات البشرية، فانطلاقة أجسامه الذبذبية تبقى محدودة، بحيث تبقى ذبذبات جسم المشاعر هائمة حول الجسد (من دون أن تتمدّد إلى عوالمها)، تتفاعل مع الأفكار والمشاعر التي حصدها المرء من حوله في النهار وقبل النوم، ومع كل ما تجتذبه ذبذبات وعيه من الأرض أو من الفضاء الخارجي. وأحياناً كثيرة لا يشعر بذلك.
أمّا الأشخاص الذين بلغوا درجات عالية في التطوّر، فهم لا يحلُمون، إذ يعيشون حالة وحدة تشمل الحلم واليقظة. أي أن نومهم ليس سوى انطلاقة واعية في أبعاد الوعي... إن لم تكن انطلاقة لأجسام الذات العليا بُعَيد تخدير النفس والجسد... ويفيد الإيزوتيريك أن الشخص المتطور في الوعي يستطيع أن يعي (أو يتواجد في) أكثر من بُعدٍ في الوقت نفسه، لا بل درجة وعيه هذه تنعكس وحدةً بين قسمي اليمين واليسار في دماغه.
ختاماً، نفيد أن البعض قد يَستَغْرب ممّا ورد في هذه المقالة عن الأحلام، ويتساءل لماذا لا يتذكَّر المرء تلك التفاصيل، علماً أنها تحدُثُ يومياً. نُجيب أن واقع عدم تذكر الإنسان لما يجري أثناء النوم، لا ينفي حقيقة حدوث العديد من تلك الأحلام في كلّ ليلة، وإن تذكَّرَ الحُلم الأخير فقط، فذلك لا يعني أن الأحلام الأخرى لم تَحْدُثْ، بل حَدَثَت وسُجِّلت في وعي الباطن، ليحينَ وقتُ ظهورها من جديد بأشكال عديدة.
من هنا، تذكُّر الأحلام والاستفادة منها يُعْتبَر فنٌ بحدّ ذاته، لا بل إحدى الأسس في منهج التطور. فمقدرة تذكُّر الأحلام ووعي فحواها، فنٌّ منوطٌ بمقدرات الذاكرة والتركيز، بنوعية وكمية الطعام، بالحالة النفسية والصحية قبل الحُلم وخلال النهار. كما وترتبط تلك المقدرة بمدى رهافة المشاعر، بتجرّد الفكر وانفتاحه، وبالأخصّ بالإيجابية في التعامل مع الآخرين... وتبقى تلك الصفات هي الأهم في حياة الإنسان اليوميّة، مهما اختلف منهج التطور الذي يسلكه...
المصدر : www.esoteric-lebanon.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.