القدرات الخفية للإنسان “الذهن على المادّة"، بالإنكليزية mind-over-matter، هي عبارة تُستعمل للدلالة على قدرة العقل البشري على التأثير على العالم الفيزيائي؛ التأثير هذا قد يُترجم عبر أمور عدّة، أكثرها شهرة هما “الشفاء الذاتي" (قدرة الإنسان على الشفاء من دون دواء من خلال قوّة عقله)، وتحريك الأشياء عن بُعد عبر القوّة الذهنية. علاقة الذهن مع المادة كانت ولا تزال إحدى الأسرار الأكثر أهمية في الأديان الباطنية القديمة، وهي تشكّل اليوم إحدى المداخل الرئيسية إلى الروحانية بالنسبة للعديد من الباحثين الروحيين حول العالم. قوّة الذهن على المادة تشكّل ركناً أساسياً في معظم الأديان حول العالم؛ الصلاة بحدّ ذاتها، القاسم المشترك بين كل الأديان، هي من أقدم الوسائل الذهنية التي استعملها الإنسان للتأثير على الواقع الفيزيائي، خاصة حين تكون موجّهة للشفاء، للانتصار، أو للحصول على المال والخيرات. بعض الفلسفات الدينية القديمة، وحتى بعض نظريات الفيزياء النظرية المعاصرة، تفترض أن الكون بحد ذاته هو ذهن واعي حيّ، هو اللوغوس الكلّي الذي يخلق ذاته وينظّم ذاته بذاته. و معظم الروحانيات الرائجة حالياً، والتي من المرجّح أن يحتكّ بها القارىء في بداية بحثه الروحي، تنطلق من وعود ما بتفوّق العقل على المادة. الممارسات الروحية البديلة الأكثر شعبية في السنوات الأخيرة، في الغرب كما في البلدان العربية، هي مثلاً ممارسات الشفاء بالطاقة التي تنطلق من قدرة الذهنالعقلالنفس على شفاء الجسد والتغلّب على الأمراض الفيزيولوجية. كذلك، إن “الدروب" الروحية الأكثر رواجاً في صفوف المراهقين والشباب اليوم هي “الدروب السحرية"، التي تزعم أنها تعطي تابعها القدرة على تجاوز قوانين الطبيعة من خلال إرادته وحدها. والأمر نفسه ينطبق على الكتب “الروحية" الأكثر مبيعاً حول العالم، وهي اليوم كتب مثل “السرّ" the secret و"اختبار النيّة" the intention experiment التي تقوم على فرضيّة التفوّق التام للذهن على المادّة. طروحات تفوّق الذهن على المادة ترتكز على مكتشفات جديدة وواعدة في حقل الكوانتوم كما على الحكمة القديمة التي آمنت بالقدرة البشرية طريقاً نحو المقدّس، لكنها توجّهها في بعض الأحيان وجهة غير موفّقة روحياً وفلسفياً وعملياً أو تستعملها كغطاء لإدعاءات خرافية؛ هذه هي مثلاً ثقافة “قانون التجاذب" المنبثقة من كتاب “السرّ" التي تقوم، كشركة مستحضرات تجميلية أو بنك دولي، على وعد الناس بالمال والشهرة والجسد الرشيق،. كذلك الأمر في حالة نظام التيتا هيلينغ theta healing (شفاء بالطاقة) الذي يستعمل “قدرة الذهن على المادة" ليزعم أنه يعطي ممارسه القدرة على الشفاء الفوري من الأمراض المستعصية من خلال “الاتصال بالخالق مباشرة"، والأمر نفسه بالنسبة ل"التأمل التجاوزي" (مدرسة تأملية مستمدّة من الهندوسية تأسست في الولاياتالمتحدة) الذي يعد الممارس بالتحليق بجسده فوق الأرض. وبما أن القدرة الذهنية، حتى تلك التي تستطيع التلاعب بقوانين الفيزياء والتأثير على المادة، هي موجودة ومثبتة علمياً، وبما أنه أيضاً لا يمكن فصل هذه القدرة عن الحكمة القديمة التي اكتشفتها وطوّرتها في مدارس عريقة على مدى آلاف الأعوام، يضحي البحث في هذا المجال مهمّاً بالنسبة لمدونة اسكندرية 415. الهدف من هذا العدد تحديداً، ليس فقط تعريف القارىء(ة) بآخر الأبحاث في مجال قوّة الذهن على المادة، بل أيضاً مساعدته على التمييز بين الأسطورة والواقع في ما يتعلّق بهذه الأمور وربّما الخروج بتحليله وخلاصته الشخصيّة الخاصة حولها. الهدف الأوسع من ذلك هو مساعدة الباحثين الروحيين على عدم الوقوع فريسة بعض الإدعاءات الصاخبة في هذا المجال. تطوير اليقظة في الحياة اليومية التأمل هو الممارسة الأساسية التي تتيح لنا تدريب أذهاننا وتعزيز يقظتنا وحضورتنا. لكن التأمل، رغم بساطته، هو ممارسة شاقّة بالنسبة للعديدين منّا. لذلك هنالك طرق أخرى إلى جانب التأمل تساعدنا على تطوير اليقظة في الحياة اليومية؛ من المهم أن نتذكّر أن اليقظة هي مسألة سلوك أولاً وأخيراً وليست موهبة فطرية ولا ألاعيب ذهنيّة معقّدة ولا تقنيّة باطنية تحتاج لتدريبات مكثّفة. اليقظة هي سلوك ذهني واعي. أساليب تطوير اليقظة بسيطة جداً، تبدأ من اختيار عمل أو ممارسة ما وتوجيه كامل انتباهنا إليها خلال القيام بها، تطوير مواقف ذهنية محدّدة واستعمال منبّهات اليقظة التي تذكّرنا بإعادة انتباهنا إلى هنا الآن حين يشرد ذهننا. الانتباه واليقظة في أفعالنا اليومية معلّمي التأمل يقترحون على تلاميذهم عادة ألا يكتفوا بالتأمل ويأملوا أن تؤثر تلك الممارسة بشكل أوتوماتيكي على حياتهم، بل يدعوهم لكي يمارسوا اليقظة الواعية في كل أفعالهم اليومية. يمكن للتلميذ في هذه الحالة أن يبدأ باختيار مهمة أو فعل محدّد وأن يحاول قدر مستطاعه أن يقوم به بكامل انتباهه، بوعي زائد عن العادة، من دون أن يسمح لذهنه بالشرود في أي شيء آخر. الطرق البسيطة للبدء بالتجارب مع حالة اليقظة يمكن أن تكون عبر: - تناول وجبة على مهل، من دون أي إلهاء محيطي كالتلفزيون أو الراديو أو الكمبيوتر. لاحظ(ي) كيف يختلف الأمر حين نوجّه وعينا وانتباهنا الكامل للطعام الذي نأكله. - عدم فعل أي شيء على الإطلاق لخمس دقائق. ابحث(ي) عن مقعد مريح أو استلقي على السرير، اطفأ(ي) الهاتف، أغلق(ي) الباب..ألخ. لاحظ(ي) الآن ماهيّة الأمر حين تركّز(ي) انتباهك فقط على عمليّة التنفس، الشهيق والزفير. هل تستطيع(ين) أن تمرّن(ي) ذهنك ليقوم بذلك لخمس دقائق كاملة من دون أن يفقد صبره؟ - قم بأعمالك الاعتيادية اليومية مثل القيادة، الاستحمام، غسل الصحون، الرياضة، الدرس، الرقص وحتى تنظيف الأسنان، كأنك تقوم بها وتكتشفها للمرّة الأولى. أجلب انتباهك للفعل الذي تقوم به؛ ما هي الأحاسيس الفيزيائية التي تشعر بها هنا الآن، ما هي الأفكار التي تمرّ في ذهنك هنا الآن، كيف يقوم عقلك بتقييم التجربة والتعامل معها؟ - خصّص(ي) عدّة دقائق لتقوم(ي) بنشاط بدني محدّد مثل التليين، الرقص، الرياضة، اليوغا، حركات القتال..ألخ، لكن هذه المرّة بدل أن تقوم(ي) بها بطريقة أوتوماتيكية، أجلب(ي) كامل انتباهك إلى عمليّة التنفّس والأحاسيس الفيزيائية في الجسد، كل حركة بحركتها. في مرحلة لاحقة حاول(ي) أن تكون(ي) أكثر وعياً لكيفية تفاعل جسدك وذهنك مع كل حركة. - مارس(ي) الحديث الواعي، كن هنا الآن حين تنصت(ين) أو تتحدّث(ين) لشخص آخر. - كن يقظاً تجاه الآخرين. يمكن أن نقوم بذلك عبر ملاحظة المشاعر التي تختلج داخلنا حين نلتقي، نتحدّث أو نفكر بالشخص، أن نلاحظ كيف تحكم أذهاننا عليه بناء على تجارب ماضية أو على توقّعات مستقبلية وكيف يؤثر ذلك في تعاملنا معه(ا)، أن نلاحظ الأحكام المسبقة في أذهاننا التي تؤثر على تفاعلنا معه(ا) وربّما تمنعنا من رؤية الأمور الإيجابية أو السلبية فيه. حين نكون في محادثة، يمكن أن نلاحظ كيف أن الأفكار والكلمات التي تمرّ في المحادثة تحفّز مشاعر معيّنة في أذهاننا مثل الغضب، الحماس، الحزن، الفرح، وكيف أن ذلك يدفع الكلمات من أذهاننا إلى ألسنتنا من دون أن يكون لدينا القدرة أحياناً على لجمها. الحديث الواعي والتيقّظ تجاه الآخرين مهمّتان صعبتان جداً على الذهن الاعتيادي لكن يمكن تطويرها لمساعدتنا على أن نكون واعين أكثر في علاقاتنا الاجتماعية، صادقين ولطيفين أيضاً. - يقظة المراقب. هذا النوع الأصعب من اليقظة يمكن تحقيقه حين نطوّر قدرتنا على ملاحظة “التعليقات الذهنية"، الأوتوماتيكية عادة، التي يقوم بها ذهننا حين نقوم بأي عمل وحين نواجه أي موقف. لاحظ كيف يمكن للذهن أن يقفز من فكرة إلى نقيضها أحياناً. أدرك أنك لست ذهنك وأن الأفكار التي تمرّ فيه هي مجرّد أفكار وليست حقيقتك كشخص. لم نذكر هنا ما يمكن أن تؤدي إليه تحديداً هذه الممارسات لأنها تختلف من شخص لآخر ولأننا نريد أن نترك ذلك لتجربة القارىء(ة) بحيث يكون ذهنه محرّر من مفاهيم مسبقة قد تعلق في ذهنه من هذا المقال. ما يمكننا أن نقوله فقط هو أن أي تلميذ لليقظة سوف يكتشف في نفسه وفي الحياة أمور جميلة لم يكن يعرفها سابقاً، بعضها قد يكون محزن وبعضها قد يكون مفرح، لكن النتيجة في جميع الأحوال إيجابية. الأمر الثاني هو أن عمليّة اليقظة هي عمليّة تدريجية، لكنها ليست تطوّرية في خط مستقيم؛ أي أننا نطوّر يقظتنا إلى درجة معيّنة لكن قد تمرّ أيام كثيرة علينا قد نكون فيها غير قادرين على ممارستها. الاستيقاظ والتنوّر كلمتان نسمعهما كثيراً في السياق الروحي لكن غالباً ما يبقى معناهما غامضاً، مستتراً أو حتى مشوّشاً. وهذا الغموض طبيعي بسبب عدّة عوامل أوّلها أن “الاستيقاظ" الحقيقي والكامل، كما كل تجربة روحية عميقة، هو أمر من الصعب جداً وصفه بالكلمات، إنه حالة حيّة تُختبر بما هو أبعد من الجسد، حالة أبعد من الحواس ومن النفس ومن العقل، وهي بالتالي أبعد من الوصف بكل معنى الكلمة. العامل الثاني الذي يساهم في هذا الغموض قد يكون جهل صاحب النصّ بموضوع الاستيقاظ الروحي، إذ إن الاستيقاظ ليس مجرّد تجربة روحية أخرى نعيشها للحظات ونعود بعدها إلى حياتنا الطبيعية، وهو ليس “رؤية" روحية أو مجرّد صوت يخاطبنا في البرّية؛ الاستيقاظ هو تجربة نادرة جداً تغيّر مفهوم الذات وعلاقتنا بذاتنا وبكل شيء من حولنا بشكل جذري وتقلب الطريقة التي نرى بها العالم رأساً على عقب. والاستيقاظ هو بالتالي تجربة قد تدمّر الشخص كما قد تحييه. لكن العديد من المقالات التي يمكن أن نصادفها على الانترنت والتي تتحدّث عن الاستيقاظ الروحي ليس لها علاقة بالاستيقاظ الروحي لا من قريب ولا من بعيد. كما أن العديد من الأشخاص اللذين يدّعون انهم “استيقظوا" ويتحدّثون ويتباهون بتجربتهم ليلاً نهاراً، لا يعرفون من الاستيقاظ الروحي سوى الاسم لأن اللذين يستيقظون فعلاً لن يشعروا بالحاجة للتبجّح بذلك ولن يستطيعوا التحدّث عنه بالكلمات. العامل الثالث الذي يساهم في غموض هذا المفهوم، والذي أجده شخصياً الأهم، هو عدم التمييز السائد بين الأنواع المختلفة من الاستيقاظ وعدم المعرفة بأن هنالك اختلاف لا يستهان به لهذا المفهوم بين العديد من المدارس الروحية. فلنعرّف إذاً ما هو الاستيقاظ الروحي والذهني. الاستيقاظ، في السياق الروحي، هو تفتّح الذات على بُعد جديد لم تكن تعرفه سابقاً والعيش من بعد ذلك على ضوء الحقيقة الجديدة؛ هذا البعد قد يكون طاقوياً كاكتشاف الجسم الطاقوي للإنسان أو تنمية قدرة معيّنة كالشعور بتذبذبات الطاقة، وقد يكون استيقاظ نحو البعد الروحي-الأثيري يتيح التأكد من وجود بُعد أبعد من الجسد، مثل اختبار الخروج من الجسد أو التخاطر وما شابه، ويمكن أن يكون استيقاظ تجاه بعد ديني ما-ورائي مثل اكتشاف طاقة روحية أو الله-إله-إلهة معيّنة، كما يمكن أخيراً أن يكون استيقاظ تجاه “الحقيقة"، أي حين تُفتح نافذة أمام الذات لاختبار الحقيقة الأسمى بشكل مباشر بحيث تذوب الذات الفردية ويبقى فقط الجوهر، البعد اللانهائي الخارج عن الزمان والمكان، وهو ما يُطلق عليه في السياق الابراهيمي وصف “التوحّد مع الله"، وفي الدين الهندوسي “النيرفانا" وفي الدين البوذي “الفراغ". طبعاً يعود لكل شخص أن يصدّق أو لا يصدّق هذه التجارب، لكنها بالنسبة للذين يختبرونها تجارب حقيقية تحدث كل يوم لآلاف الأشخاص حول الكوكب. ما يجب أن نعرفه في هذا المجال هو أن النوع الأخير من الاستيقاظ الروحي، “التوحّد"، هو الأكثر ندرة على الإطلاق وربّما يحدث لشخص واحد فقط بين كل مليار نسمة. الأنواع الأخرى من “الاستيقاظ" نادرة أيضاً لكن ليس بنفس المقدار. كيف يمكن أن نحقّق إذاً الإستيقاظ الروحي الحقيقي؟ من الواضح عند دراسة هذا الموضوع أنه لا يوجد قاعدة محدّدة لذلك؛ هنالك عوامل تسهّل هذه العملية بطبيعة الحال لكن لا يوجد أي ممارسة تضمن حصول ذلك بشكل قاطع. العوامل التي يمكن أن تهيّأ الشخص أو تدفعه فجأة تجاه تجربة روحية عميقة تشمل التأمل، اليوغا وما شابهها من طقوس جسدية-روحية مثل الرقص الصوفي، العزلة الروحية، الصوم المطوّل، الموسيقى والرقص، الجنس، الحوادث المفاجئة القريبة من الموت near death experiences (مثل الخروج المفاجىء من الجسد خلال حادث سيارة، أو حصول تخاطر ذهني مع شخص بعيد في اللحظة التي تسبق الموت وهي الآلية نفسها التي تتيح لأمّ مثلاً أن تشعر بحصول مكروه لأولادها ولو كانوا على الطرف الآخر من الكوكب). كذلك يهيأ “الاستيقاظ الذهني" أرضيّة خصبة لاختبار الأبعاد الطاقوية والروحية المرهفة في الوجود. لكن من المهم أن نعرف أن كل هذه الطرق لا تضمن حصول الاستيقاظ الروحي بمعناه الكامل، كما سبق وقلنا، حتى ولو كانت آلاف المواقع الالكترونية تدّعي عكس ذلك. والسبب في الحقيقة هو بسيط؛ كل شخص على هذه الأرض هو كامل روحياً وقابل لاختبار البعد الأسمى بشكل مباشر من دون وساطة أي شخص آخر أو أي تقنيّة، والباقي تفاصيل. والدليل على ذلك هو أنه هنالك تجارب روحية حصلت في أغرب الأوقات لناس عاديين لم يقوموا بأي ممارسة روحية أو يخضعوا لأي تدريب ذهني في حياتهم؛ منهم خاضوا استيقاظهم الروحي حين كانوا يستقلّون سيارة الأجرة، منهم استيقظوا حين كان يمشون في الشارع أو يجلسون في اجتماع عمل في المكتب. أحد أشهر المؤلفين في المجال الروحي، إيكهارت توللي، خاض استيقاظه الروحي حين كان في أسوأ حالاته؛ أحد أهم معلّمي التأمل في العقد الحالي، ستيفان بوديان، قضى 10 سنوات في التأمل في دير بوذي من دون أن يعيش تجربة روحية، ثم عاش الاستيقاظ الروحي كاملاً حين كان يقود سيارته عائداً إلى منزله في يوم لم يتوقعه أبداً. مؤسّس الديانة البوذية، سيدارتا غوتاما بوذا عاش ست سنوات في تدريب روحي قاسٍ من دون أن يختبر أي تجربة روحية، لكنه عاش أهم تجاربه على الإطلاق، “التنوّر"، في اللحظة التي أخذ فيها صحن طعام متواضع من امرأة محسنة أشفقت على حالته. الاستيقاظ الروحي إذاً لا يتطلّب تدريب أو استعداد مسبق (حتى ولو كان ذلك يساعد احياناً)، كما أنه يمكن أن يحصل لأشخاص روحانيين وغير روحانيين، ويمكن أن يكون مفهوماً من قبل الشخص الذي عاشها ويمكن ألا يعرف هذا الشخص ماذا حصل له (وقد يعتقد حتّى أنه على شفير الجنون). لذلك، من الصعب جداً الحديث عن هذا النوع من الاستيقاظ في هذا العدد، ومن غير الصادق القول أنه هنالك تقنية معيّنة يمكن أن تساعد أحد على التوصّل للاستيقاظ الكامل. هنالك حالات تأملية معيّنة قد تساعد قليلاً في إزاحة الستار عن هذه التجربة سنصف أحدها في مقال خاص لكنها لن تكون بالنسبة لمعظم من يخوضها سوى تجربة تأملية لا طائل منها. الأنواع الأخرى من التجارب الروحية، خاصة تلك التي تحصل على المستوى الطاقوي-الأثيري، يمكن أن يتم التحضير لها من خلال تدريب معيّن، ما يهمّنا أن نتحدّث عنه هو “الاستيقاظ الذهني" لأنه يمكن للجميع أن يستفيد منه بغض النظر عن معتقداته أو ميوله الروحية. وحين نقول “الاستيقاظ الذهني"، نحن نعني قيام الشخص بتنمية درجة الوعي الذهني لديه بحيث يصبح متنبّها وواعياً لكل شيء يحصل في كونه الداخلي وفي كونه الخارجي. هذا ما يطلق عليه بالانكليزية mindfulness؛ الترجمة الحرفية إلى العربية هي “اليقظة الذهنية"، لكن الكلمة الأدق روحياً هي “الحضور". الاستيقاظ الذهني هو إذاً حصيلة نموّ هذا الوعي، هو “اليقظة"، هو “الحضور" الدائم. “الحضور" يشكّل حداً فاصلاً بين الحياة الأوتوماتيكية المتلقيّة والحياة الواعية المتوثّبة وهو حجر أساس في أي ممارسة روحيّة بنّاءة. لكل هذه الأسباب، مساعدة ذاتية 13 نصيحة عمليّة للحياة الواعية الحياة الواعية، في شموليّتها، هي طريقة عيش نمارسها كل يوم وليست مجرّد موقف ذهني أو معرفة متقدّمة في المجال الروحي. خلق الظروف العمليّة لعيش الحياة الواعية في حياة كلّ واحد منّا هي عملية طويلة ومتدرّجة، تستلزم الكثير من الجهد والتركيز، وفيها صعود وهبوط، لكن النتيجة النهائية التي تتمثّل بالانتقال من النوم إلى اليقظة ومن الموت إلى الحياة، تستحقّ كل التعب المبذول. في ما يلي بعض النصائح العمليّة المتواضعة التي تساعد على تهيأة ظروف الحياة الواعية في حياتنا اليوميّة. حين تقوم بأعمالك المهمّة، أسكت كل التكنولوجيا، لفترة ساعة على الأقل. مثلاً، حين نقوم بالتحضير لامتحانات الجامعة، فلنطفأ الانترنت والهاتف والتلفاز خلال ساعات الدراسة، حين نكون في أمسية مع أصدقائنا أو عائلتنا، فلنطفأ البلاكبيري والهاتف خلال الجلسة، حين نكون في العمل في عمل مهمّ، فلنغلق الفايسبوك، وهكذا دواليك. المصدر الأساسي للإلهاء في عالمنا المعاصر هو تكنولوجيا الاتصالات، لا تدعوها تحدّد وتيرة حياتكم. فليكن صباحك خالي من الإلهاءات؛ وقت الصباح هو الوقت الذي ينتقل فيه الدماغ والجسد من النوم إلى مهام اليقظة ومن المهم جداً أن يكون هذا الوقت هادىء، غير مستعجل، وغير متوتر. لا تفتح حاسوبك صباحاً أو تردّ على الهاتف، أعط نفسك الوقت لتحضير الإفطار والراحة والتأمل والاستمتاع بالشمس، الدفء أو المطر والغيوم. تناول إفطاراً كبيراً، الإفطار هو أهم وجبة في اليوم. ابدأ يومك بالقليل من التمارين الجسديّة. لا اتحدّث هنا عن الرياضة لأن معظمنا قد لا يملكون الطاقة الكافية لممارسة الرياضة صباحاً، لكن هنالك أنواع من الحركات الجسدية التي تنشّط الذهن والجسد وتعطينا طاقة أكبر ليومنا، منها رياضات تأملية مثل اليوغا والتاي تشي شوان، ومنها رياضة عادية مثل حركات تليين العضلات التي تسبق عادة التمرين الرياضي. المشي الخفيف لثلث ساعة في الصباح عند شروق الشمس مفيد جداً أيضاً. خطّط لأسبوعك بشكل مسبق. طبعاً هذا لا يعني أنك ستعلم مسبقاً بما ستفعله كل يوم لباقي الأسبوع، لكن أن تحدّد على الأقل ما تريده كأهداف عمليّة في حياتك خلال هذا الأسبوع. التخطيط المسبق يساعدك على التركيز في حياتك وعلى تنظيم وقتك وانتباهك بطريقة مفيدة جداً. تعلّم أن تقول “لا". سواء في العائلة، الجامعة، العمل، أو الأصدقاء أو أي شيء ننخرط فيه، لأن الكل يريد جزءاً من وقتنا وجهدنا. تحديد ما نريده في أيامنا يساعدنا على اتخاذ قرار بشأن الطلبات التي تُطلب منّا؛ إن كنّا معتادين على قول نعم للجميع فهذا يعني أننا نسلّمهم أمر حياتنا ووقتنا ليتحكّموا بها كما يريدون. تذكّر ما تريده أنت، وقل “لا" حين لا يكون الطلب متوافق مع مصلحتك ووقتك. نم باكراً، واستيقظ باكراً، على الأقل خلال الأيام الخمسة الأولى من الأسبوع. التناول الواعي للطعام في عالم اليوم، معظمنا يتناول وجباته بالسرعة القصوى، وغالباً ما نأكل طعامنا فيما نعمل على مكاتبنا أو أمام الكمبيوتر أو التلفاز، أو خلال استراحة للغداء لا تتعدّى مدّتها 10 دقائق. وحتى حين نجلس على الطاولة لتناول الطعام، يكون ذهننا مشغولاً بأمور أخرى كالعمل، الدراسة، الأخبار أو ستاتوس الفايسبوك. وغالباً ما تنتهي الوجبة من دون أن نكون واعين لعمليّة الأكل على الإطلاق، فلا نتذكّر سوى القضمة الأولى والقضمة الأخيرة ولا شيء بينهما. الأكل اللاواعي يحرمنا من الاستمتاع بطعامنا ويؤدي إلى مشاكل هضمية عديدة وزيادة في الوزن. الدراسات تظهر أننا نأكل ما بين 20 إلى 40 في المئة فوق حاجتنا إن كان انتباهنا غائب خلال تناول الطعام (مثل مشاهدة التلفاز). من هنا تأتي أهمية الأكل الواعي الذي سيساعدنا على الاستمتاع بالطعام كأننا نتذوّقه للمرة الأولى والأخيرة. من الصعب ممارسة الأكل الواعي عند كل وجبة، لكن من المفيد تجربة ذلك كلما أتيحت لنا الفرصة. أوقف كل النشاطات الأخرى خلال تناول الطعام. أطفأ التلفاز، أغلق الكمبيوتر، لا تردّ على الهاتف. من الأفضل إطفاء الموسيقى أيضاً. اجعل الطعام التركيز الوحيد لديك. تناولي الطعام فقط على المائدة؛ لا على المكتب، لا وقوفاً، لا في السيارة، وليس على الكنبة أمام التلفاز. قبل تناول الطعام، اعط نفسك القليل من الوقت لتقدير طعامك. ربّما تريد شكر الأرض، الشمس، الآلهةالله، والناس التي بذرت وحصدت ونقلت وطبخت وبذلت الجهد ليصل هذا الطعام جاهزاً إلى مائدتك. اجلبي كامل انتباهك إلى طعامك؛ لاحظ ألوانه، رائحته، حرارته، شكله وعناصره. حين ترفعين القضمة الأولى إلى فمك لاحظي الأحاسيس الفيزيائية التي تشعر بها حواس الشم والتذوق واللمس. الجزء الأصعب هو أن تجلب وعيك إلى كل قضمة في طعامك. استمتع به وكن واعي لكل قضمة! يمكنك أن تأكل أبطأ من المعتاد لتمرّن انتباهك على الطعام. لاحظي كيف تؤثر الظروف المحيطة بك على عمليّة الأكل؛ مثل الأحاديث (هل تؤدي مواضيع معيّنة إلى تشنّجك وتؤثر على شهيتك أو على قدرتك على هضم الطعام؟)، والإلهاءات الاخرى. لاحظ كيف يتصرّف جسدك عند الإشباع. كن شاكراً أيضاً عند الانتهاء من تناول الطعام. منبّهات اليقظة وظيفة “منبّه اليقظة" هي تذكيرنا للحظة بأن نفلت من الأوتوماتيكية والسرعة في الحياة اليومية، تحرير ذهننا من أفكار الحاضر والمستقبل، التنفّس عميقاً والاسترخاء البدني والذهني، لكي يكون بمستطاعنا أن نكون يقظين، عفويين، هادئين وأحرار. المنبّه هو بمثابة تذكير لأخذ استراحات تأمّل سريعة خلال نهارنا المزدحم. يمكن لهذه المنبّهات أن تكون أي شيء: ملاحظات صغيرة نضعها على البرّاد لتذكّرنا صباحاً بالابتسام، دقّة صغيرة على ساعة اليد كل ساعة، خلفية على شاشة الكمبيوتر...ألخ. أو حتى أمور أخرى يمكن أن نحوّلها إلى منبّهات مثل رنين الهاتف، الصعود في السيارة، الوصول إلى المكتب... هنالك أوقات عديدة يمكن أن نأخذ فيها “استراحة تأملية يقظويّة" في يومنا، منها: - خلال استراحة القهوة. - عند التوقف في ازدحام سير. - عند الانتظار في الصفّ في عيادة طبيب أو المصرف أو المتجر. - حين يكون الكمبيوتر في وضع الإقلاع. - بين الاجتماعات أو الاتصالات. مواقف العيش اليقظ في مرحلة لاحقة يمكننا أن نختار أن نعمّق يقظتنا عبر تمرين أنفسنا وتنميتها عبر تنمية مواقف ذهنية محدّدة مرتبطة مباشرة بحالة اليقظة، وهي تصنّف عادة بسبعة. يمكننا أن نختار أن نمارس واحدة منها بشكل جدّي كل أسبوع خلال فترة سبعة أسابيع؛ إن استعطنا القيام بها، ستجلب هذه الفترة القصيرة تغيّرات لا يستهان بها لنظرتنا لكل شيء من حولنا. من الصعب أن نلتزم بالمواقف السبعة المذكورة بشكل كامل كل الوقت، كما أن ممارستها برأينا المتواضع لها وقتها ومكانها المناسب وليست أسلوب حياة قائم بحد ذاته. لكن معرفتها والتمرّس فيها في جميع الأحوال له القدرة على تغييرنا من الداخل للخارج. هذه المواقف هي: 1- الوعي غير القيمي non-judging awareness: هو محاولة عيش التجربة والتعامل مع كل موقف كما هو هنا الآن من دون تعقيدات ومن دون إطلاق أحكام قيمية على الحالة الآنية مثل جيدة أو سيئة، لها رائحة، فوضوية، مفيدة، مدمّرة، متواضعة...ألخ. 2- ذهن المبتدىء beginner's mind: رؤية كل شيء في بُعد “هنا الآن" على أنه أمر جديد وكأنه يحدث لنا للمرّة الأولى. ماذا فاتنا في المحادثة الأخيرة؟ ما الأمر الذي لم نلاحظه سابقاً في الشخص الواقف أمامنا؟ ما الذي نكتشفه للمرة الأولى في هذه الغرفة؟ ما الذي نشعر به حقاً تجاه أمر معيّن كالجامعة أو الأهل أو الهواية أو طاولة المطبخ؟ الكثير يفوتنا حين نعيش الحياة من دون الدهشة الأولى وبطريقة أوتوماتيكية كالآلات. حين نتسلّح بما يسمّيه معلّمو بوذية “الزن" ب"ذهن المبتدىء"، يمكننا أن نرى الحقائق بعيداً عن غشاوات الماضي والأحكام المسبقة، كأننا ننظر إليها للمرّة الأولى. سنكتشف أشياء كثيرة بهذه الطريقة. 3- عدم السعي non-striving: هي عدم محاولة تغيير ما لا يمكن تغييره، تطوير اليقظة في الحياة اليومية التأمل هو الممارسة الأساسية التي تتيح لنا تدريب أذهاننا وتعزيز يقظتنا وحضورتنا. لكن التأمل، رغم بساطته، هو ممارسة شاقّة بالنسبة للعديدين منّا. لذلك هنالك طرق أخرى إلى جانب التأمل تساعدنا على تطوير اليقظة في الحياة اليومية؛ من المهم أن نتذكّر أن اليقظة هي مسألة سلوك أولاً وأخيراً وليست موهبة فطرية ولا ألاعيب ذهنيّة معقّدة ولا تقنيّة باطنية تحتاج لتدريبات مكثّفة. اليقظة هي سلوك ذهني واعي. أساليب تطوير اليقظة بسيطة جداً، تبدأ من اختيار عمل أو ممارسة ما وتوجيه كامل انتباهنا إليها خلال القيام بها، تطوير مواقف ذهنية محدّدة واستعمال منبّهات اليقظة التي تذكّرنا بإعادة انتباهنا إلى هنا الآن حين يشرد ذهننا. الانتباه واليقظة في أفعالنا اليومية معلّمي التأمل يقترحون على تلاميذهم عادة ألا يكتفوا بالتأمل ويأملوا أن تؤثر تلك الممارسة بشكل أوتوماتيكي على حياتهم، بل يدعوهم لكي يمارسوا اليقظة الواعية في كل أفعالهم اليومية. يمكن للتلميذ في هذه الحالة أن يبدأ باختيار مهمة أو فعل محدّد وأن يحاول قدر مستطاعه أن يقوم به بكامل انتباهه، بوعي زائد عن العادة، من دون أن يسمح لذهنه بالشرود في أي شيء آخر. الطرق البسيطة للبدء بالتجارب مع حالة اليقظة يمكن أن تكون عبر: - تناول وجبة على مهل، من دون أي إلهاء محيطي كالتلفزيون أو الراديو أو الكمبيوتر. لاحظ(ي) كيف يختلف الأمر حين نوجّه وعينا وانتباهنا الكامل للطعام الذي نأكله. - عدم فعل أي شيء على الإطلاق لخمس دقائق. ابحث(ي) عن مقعد مريح أو استلقي على السرير، اطفأ(ي) الهاتف، أغلق(ي) الباب..ألخ. لاحظ(ي) الآن ماهيّة الأمر حين تركّز(ي) انتباهك فقط على عمليّة التنفس، الشهيق والزفير. هل تستطيع(ين) أن تمرّن(ي) ذهنك ليقوم بذلك لخمس دقائق كاملة من دون أن يفقد صبره؟ - قم بأعمالك الاعتيادية اليومية مثل القيادة، الاستحمام، غسل الصحون، الرياضة، الدرس، الرقص وحتى تنظيف الأسنان، كأنك تقوم بها وتكتشفها للمرّة الأولى. أجلب انتباهك للفعل الذي تقوم به؛ ما هي الأحاسيس الفيزيائية التي تشعر بها هنا الآن، ما هي الأفكار التي تمرّ في ذهنك هنا الآن، كيف يقوم عقلك بتقييم التجربة والتعامل معها؟ - خصّص(ي) عدّة دقائق لتقوم(ي) بنشاط بدني محدّد مثل التليين، الرقص، الرياضة، اليوغا، حركات القتال..ألخ، لكن هذه المرّة بدل أن تقوم(ي) بها بطريقة أوتوماتيكية، أجلب(ي) كامل انتباهك إلى عمليّة التنفّس والأحاسيس الفيزيائية في الجسد، كل حركة بحركتها. في مرحلة لاحقة حاول(ي) أن تكون(ي) أكثر وعياً لكيفية تفاعل جسدك وذهنك مع كل حركة- اليقظة الذهنية مع كل عام يمرّ، معظمنا يعبّر عن دهشته حول السرعة التي يمرّ بها الوقت، “كأنه البارحة"، نقولها عن حدث مرّت عليها سنوات طويلة. أسلوب عيشنا في هذا الزمن يجبرنا على خوض حياتنا بوتيرة سريعة جداً، يجبرنا على تسليم “الطيار الآلي" مسير حياتنا معظم الوقت للقيام بالمهمات المتزايدة التي يجب علينا أن نقوم بها كل يوم. هذه الطريقة بالحياة “تسرق" سنواتنا بكل ما للكلمة من معنى، تحرمنا من الاستمتاع بالحياة كما هي، وتمنعنا من أن نكون على صلة وثيقة بذواتنا الداخلية. في هذه الزحمة، نُترك مدفونين تحت أعباء الروتين اليومي وحياتنا تمرّ بسرعة أمام أعيننا. للأسف، لا يوجد زرّ إعادة في فيلم حياتنا يمكنّنا من العودة إلى لحظات بعينها، البدء من جديد وعيش ما غاب عنّا. لكن لحسن الحظّ لدينا القدرة على استعادة صلتنا ب"هنا الآن" وعيش كل لحظة إلى أقصاها عبر ممارسة “الحضور". في مجتمع سريع الوتيرة، نادراً ما نقوم بأي عمل مستخدمين انتباهنا الكامل؛ جزء من وعينا مشغول دائماً بعبء ما في الماضي أو في المستقبل، سواء كان ذلك شجار البارحة في المنزل أو فاتورة يجب أن نسدّدها غداً. “اليقظة" هي الممارسة البسيطة التي نحرّر فيها وعينا من هذه الأعباء ونأخذه بالكامل لعيش اللحظة لكي نستطيع أن نستمتع بها كما هي، لكي نستطيع أن نتعامل مع ما هو أمامنا بأكثر فعاليّة ممكنة، ولكي نستطيع التواصل مع البعد اللانهائي من كينونتنا. جون كابات زين، مؤسس مركز تخفيف التوتّر المرتكز على ممارسة “اليقظة" في جامعة ماساشوستس يعرّف “اليقظة" بأنها “إعطاء الانتباه، بطريقة محدّدة وإرادية إلى اللحظة الآنية من دون أن نقيّم شيء ذهنياً". المعلّم البوذي تيش نات هان يعرّفها بأنها “القدرة على أن نكون واعين لما هو موجود وما يجري هنا في هذه اللحظة بالذات". “اليقظة" تبدو ممارسة بسيطة وفقاً لهذا الوصف لكنها في الواقع ممارسة صعبة جداً في الحياة. منافع اليقظة جميعنا تقريباً سمعنا أمهاتنا يقولون لنا أن نأكل طعامنا بشكل واعي: “أطفأ التلفاز، أغلق ذاك الكتاب، لا تأكل على الكمبيوتر، اترك كل شيء وتعال على العشاء!"، هي أمثلة قليلة عن هذه الحكمة الأمومية الخفيّة. الأكل غير الواعي (حين نأكل فيما نفعل أمر آخر)، كما بات معروف الآن، يؤدّي إلى مشاكل هضمية وإلى زيادة في الوزن لأنه يجعل أعضائنا الهضميّة أقلّ فعاليّة ويجعل عقولنا غير متيقظة لكميّة الطعام التي تدخل إلى أجسادنا. هذه الحكمة الشعبية تجد صداها في الواقع في كل نواحي الحياة.