مرض التوحد هو مرض يصيب الأطفال وتبدأ أعراضه غالبا قبل سن الخامسه. قد يبدأ الطفل في سن الثلاث سنوات مثلا وبعد أن بدأ الكلام وفجأه يتوقف عن الكلام ويفقد القدره عليها. ولكن هذه ليست المشكله الوحيده. تتغير تصرفات الطفل مع الأخرين ومع الأشياء. يتجاهل الطفل الناس وخاصة الغرباء ويتعامل معهم كما لو لم يكونوا هناك. وقد يتجنب التواجد مع الأخرين أيضا بالأضافه الى تجاهلهم متى تواجدوا معه. ويلاحظ الأم والأب أن الطفل لا يحب أن ينظر في عينيهم ولا يحب أن يحضن أو يحمل وأن يترك وحده. في بعض الحالات تكون هذه الرغبه والتصرفات ظاهره منذ بداية حياة الطفل وهو رضيع. وتزيد مع السن. فالرضيع أذا بكي لا يوقفه عن البكاء أن يحمل أن يهدهد ولكن أن يستجاب لأحتياجاته الطبيعيه فقط من رضاعه وتغيير ثم يترك. ولا يحب أن يحمل أو يكون قريبا من أي أحد بل أن يترك لوحده. وإن كان قريبا من الأم أو الأب فلا يبادلهم المشاعر أو يتفاعل معهم كثيرا.
وتظهر تصرفات وعادات غيرطبيعيه. يصر الطفل على أن يفعل نفس الشئ وبنفس الترتيب والنظام كل يوم. ويزعجه كثيرا الخروج على هذا النظام. وقد ينزعج ويغضب إذا لمس أحد أشياءه أو غير الترتيب والنظام في حجرته. فهو يريد أن يبقى كل شئ حوله في نفس المكان وبنفس الترتيب. وكثيرا ما يضع ألعابه في نفس المكان وبنفس الترتيب عند كل مره يلعب بها.
وينزعج المصاب بالتوحد أو أسبرجر من أي تغيير يحدث في منزله كأن يعاد ترتيب الأثاث أو الغرف وأن ينقل أي شيئ من مكانه المعتاد مثل تغيير مكان التليفزيون أو أن ينقل من مكانه في الفصل الدراسي.
ويصبح لكثير من هؤلاء الأطفال أهتمامات خاصه بأشياء بعينها وينفقون الكثير من وقتهم عليه ويجمعون المعلومات عنه. وقد يكون هذا هو موضوع حديثهم المفضل مع الأخرين أو ربما الموضوع الوحيد الذي يتحدثون فيه مع الأخرين مما يسبب لهم الكثير من الحرج مع الأخرين ويحد من تفاعلهم الأجتماعي.
عندما يتكلم طفل التوحد أو الأسبرجر مع الأخرين غالبا ما يكون بدون النظر بأعينهم. ولا يعبأ كثيرا بأهتمامات الأخرين وأحاسيسهم. وهو جزء من عدم قدرتهم على أكتساب مهارات أجتماعيه. وعندما يتكلمون مع الأخرين لا يراعون مشاعرهم ولا حساسياتهم. إذا ذكر شخص مثلا أنه لا يدري لماذا يحس بالتعب بعد مجهود بسيط فقد تكون الأجابه أنه نتجه أنه كبير في السن وبدين. بدون مراعاة أحساسيه.
لهذا نجد أن القليل من هؤلاء الأطفال تكون لهم صداقات أو علاقات طويله وعندما يكونوا مثل هذه العلاقات فسريعا ما يفقدوها. وقد لا يزعج البعض منهم عدم وجود صداقات لهم وإن كان هذا كثيرا ما يقلق الأم والأب.
وقد يتوقف الكلام تماما عند هؤلاء الأطفال ويفقدوا ما أكتسبوا ولكنه يعود غالبا بعد فتره. وغالبا ما نجد أن كلامهم كثيرا ما يفتقد الأحاسيس والأنفعالات ويكون مثل قراءة نشرة الأخبار. هذا مع عدم النظر الى الأخرين أثناء الحديث أليهم ويكون الكلام كأنه صادرا من أله أو أنساي ألي وليس من أنسان بأحاسيس ومشاعر.
وقد يتعلم المصاب بالتوحد وأسبرجر أن عليه الأستماع للأخرين ويكون هذا غالبا هو السكوت حتى ينتهوا من كلامهم وليس أصغاء للكلام. بل يكون غالبا صبرا عليهم لينتهوا مما يقولون ليعود هو لأستكمال حديثه بدون أعارة الأخرين أي أهتمام حقيقى فيكون كأنه لم يسمعهم.
إذا لعب هذا الطفل مع أطفال أخرين فغالبا ما لا يبدي أهتمام بهم كأشخاص بل يرغب دائما في أن يفعلوا ما يريد وأن يلعبوا معه كما يأمرهم وإلا غضب وتركهم ليلعب وحده. يبدوا في تصرفاته هذه كالطفل المدلل ولكنه ليس كذلك ولكن طريقه تفكيره بأنه لا يصح اللعب إلا بهذا الأسلوب وغيره خطأ. ولذلك فغالبا ما يفقد أصدقاءه ولا يرغب أحد أن يلعب معه ولا يدعا لأعياد الميلاد ولا يلبى أحد دعوته.
بعض هؤلاء الأطفال يعانى من ضعف في القدرات الزهنيه وكثير منهم لا يعانون من أي ضعف. بل أن بعضهم يكون ذو قدرات عاليه وخاصه في أحد المجالات. فبعضهم له ذاكرة قويه والبعض له قدرات عاليه في الحساب والأرقام والبعض له قدرات فنيه عاليه.
وهؤلاء الأطفال والمراهقين يعانون طوال حياتهم من المشاكل الأجتماعيه والشخصيه وفي العلاقات الأجتماعيه والشخصيه والتواصل مع الأخرين بصفه عامه. قد تتحسن بعض هذه المشاكل مع الوقت وبالتمرين المكثف ولكنها غالبا لا تزول.
يعاني بعض مرضى التوحد من مشاكل سلوكيه وأكثرها شيوعا هو العنف الزائد وسرعة الأنفعال . كما أن مريض التوحد وأسبرجر قد يعانى من أمراض نفسيه أو عصبيه أخرى مصاحبه لهذا المرض مثل الأكتئاب النفسي أو الوسواس القهري. والبعض أيضا يعانى من مرض ضعف التركيز وزيادة الحركه أيضا. ومع هذا الأمراض المصاحبه تتضاعف المشاكل والمتاعب لهم. والعنف الزائد طبيعى أنه يزيد من أنعزاليه مريض التوحد وأسبرجر ومشاكله الأجتماعيه والشخصيه.
للأسف فأن علاج مرض التوحد وأسبرجر ليس هينا. العلاج الدوائي يؤدي الى بعض النتائج أحيانه وإن كانت محدوده وغالبا ما يفيد في علاج الأمراض المصاحبه مثل الأكتئاب. ولكن المشاكل السلوكيه والأجتماعيه تحتاج لتأهيل وتدريب عن طريق متخصصين لمده طويله وغالبا ما تكون عاليه التكاليف. ويمكن للأهل المساهمه في تدريب وتأهيل أبنائهم وهذا يحتاج لفهم وصبر.
بالرغم من أن مرض التوحد ليس شائعا ولكن تأثيره على الفرد والأسره شديد ولا ينتهى تأثيره مع الكبر والنضوج ولكن يستمر مع الأنسان.