عندما تمتلك القدرة فهذا لا يعنى اكتمال الأداء ، واكتمال الأداء يكون بوصوله عند أعلى مستوى من الدقة والجودة ، والوصول عند أعلى حدود الجودة يكون بالوصول إلى حالة التطابق بين احتياجات العميل المستهدف بالأداء ، والمُصمم الذى حدد وصمم مسبقاً ماذا تكون خطوات هذا الأداء تحقيقاً لإشباع العميل ، وصانع الأداء عندما يغلق الدائرة بإشباع العميل بنتائج أداءه . ولا يتوقف الوصول إلى أعلى حدود الجودة لا على امتلاك القوة بالمهارة ، والتى تعنى بالقدرة على الحل والمواجهة والفعل عند أعلى فاعلية وكفاءة ، ولا عند توفر الرغبة الصادقة والدافعية النشطة للإنجاز ولكن إلى جانب كل ذلك لابد من امتلاك الأسلوب ، فالقدرة هنا تعنى امتلاك المعرفة والمهارة اللازمين لحدوث فعل الأداء والإنجاز ، أما الأسلوب فهو الطريقة التى تم اختيارها للإنجاز والأداء . فقد أكون قادراً على الكتابة والتعبير بالكلمة المسموعة والمكتوبة ، ولكنى لا أمتلك الأسلوب القادر على الجذب والاحتواء والتأثير الفاعل .. وقد أكون قادراً على المشاركة بكل شروطها " الحوار الآمن – تحديد الأدوار – الاحتكام إلى المعرفة الموثقة والمؤكدة "، ولكنى لم أختار أكثر الطرق فعالية للمشاركة ... وقد أكون أمتلك القدرة على إنجاز مهام وظيفتى أيا كانت ، لكننى لم أختار الأسلوب القادر على استخدام هذه القدرة بالطريقة التى تحقق النتائج عند أسرع وقت وبأكبر كمية وبأقل تكلفة وبأعلى جودة ، فالمشكلة ليست فى القدرة ، وليست فى الرغبة ، وليست فى الدافعية ، وربما ليست فى الإرادة ، بقدر ما هى فى الأسلوب . فإذا ما قبلنا حقيقة وجدلاً وقهراً وعن طيب خاطر أنهم " والمقصود هنا بكلمة أنهم هم من يجلسون مثل صديقى الذى أعتز بصداقته رغم أنه رفض وضن على بحمايته فى اجتماعات الحزب الحاكم " يملكون القدرة والرغبة والدافعية على إدارة كافة مناحى الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية عند أعلى مستوى من إشباع الناس ورضاهم ، فإن النتائج مهما كان الاختلاف عليها لم تحقق إشباع ورضا الغالبية من الناس، دون أن يكون السبب هو افتقاد القدرة لديهم ، ولكن أعتقد وأرجو أن يكون اعتقادى هذا صواباً أنهم يملكون القدرة ويفتقدون الأسلوب ، والذى يعنى باختيار الطريقة المثلى لمسار القدرة والأسلوب الأكثر ارتباطاً بالإبداع والتميز . فالقائد ليس قدرة ولكن أسلوب يميزه عن كل القادة السابقين والحاليين بل واللاحقين، والجذب والاحتواء عند أعلى تأثير فى أقل وقت أسلوب قبل أن يكون قدرة ، فكل القادة وأغلب المديرين من المفترض أنهم يملكون القدرة وإلا ما كانوا صعدوا إلى مناصبهم ، أيا كانت الظروف التى دفعت بهم إليها ، ولكن يبقى امتلاككم الأسلوب الذى يكمن فيه الإبداع والتميز . فالسيطرة قدرة ، ولكن السيطرة بالإقناع أو الإلزام والقهر أسلوب ، فاختيار الأسلوب المناسب فن وإبداع ، والإبداع فيه يكمن ليس فى تحقيق النتائج ، ولكن فى تعظيم النتائج الحقيقية ، واختيار الأسلوب فى مجال العلوم الاجتماعية وتطبيقاتها هو جوهر الابتكار الاجتماعى . وهنا ستقول أن اختيار أسلوب لا شاردة ولا واردة ، وكل الأمور تحت السيطرة ، ولا شىء للصدفة ، والتغيير خطوة خطوة ، والديمقراطية جرعة جرعة ، كبديل لأساليب أخرى كان يمكن أن يتبعها النظام المالك للقدرة لم يكن اختياراً عشوائياً للأسلوب ، ولكن كان اختياراً دقيقاً فى حدود الهدف المنشود الوصول إليه من قبل النظام ، أيا كان تأثير اختيار هذا الأسلوب على درجة إشباع الناس ورضاهم . وهنا أرد بالقول أن الناس هم الأساس أو بلغة ومفاهيم الإدارة هم العميل ؛ والعميل هو نقطة البداية والنهاية ، إرضائه وصالحه هو شرعية وجود الإدارة والقيادة ، وبالتالى لابد وأن يكون اختيار الأسلوب المصاحب لاستخدام القدرة وصولاً إلى النتائج التى تؤدى إلى إشباعه فى صالحه ، وليس العكس أن يكون قهر العميل وإلزامه والسيطرة عليه هو الأسلوب الأنسب لأن ذلك لن يؤدى إلى إشباعه ورضاه الذى هو الغرض الأساسى . بالطبع سيقول تلاميذى من دارسى الإدارة هذا كلام مقبول نظرياً وعملياً فى مجال الإدارة ، وربما فى مجال السياسة فى الدول الديمقراطية ، وسيقول الجالسون فى الصفوف الأمامية فى اجتماعات الحزب الحاكم ، ومنهم صديقى الذى أرجو أن لا يضن علىّ بحمايته هذا كلام فارغ ، فنحن لا هم لنا إلا إشباع الناس ورضاهم ، وأن السيطرة عليهم والتحكم الشديد فيهم وإلزامهم بالكتاب ( النظام ) الذى نحن وضعناه هو فى صالحهم ، وأن اختيارنا لهذه الأساليب التى تمر منها قدراتنا تتناسب مع قدرات ووعى الناس الذى نعرف نحن صالحها ، ولا يعرف صالحها غيرنا . وهنا أقول لهم يا سادة الناس فى بلادى لم يكونوا أبداً أقل قدرة من الناس فى كل البلاد التى نهضت واحتلت مكانة متميزة ووصل فيها الناس إلى حد أكبر من الإشباع والرضا خلال أقل من ثلاث عقود ( ماليزيا – تركيا – الصين – سنغافورة – البرازيل )، ولكن الفرق الوحيد أن قادتهم كانوا يملكون القدرة مثل قادتنا وربما أقل من قادتنا ، ولكنهم امتلكوا أيضاً الأسلوب القادر على إقناع أو إلزام الناس بالمشاركة والجدية والأداء الفعال أى الأسلوب الذى افتقده قادتنا ، فقادتنا يفتقدون الأسلوب الأنسب الذى يجعل الناس مشاركين وليسوا مهمشين ومعزولين وخائفين وصامتين ، وإن شاركوا تكون مشاركتهم بحثاً عن مكاسب أو فتات دون جهد صادق وفاعلية ، فكل الأساليب التى تؤدى إلى الخوف والصمت والعزلة والإحساس بالتهميش أو تفرض المشاركة المدبرة والمشروطة لن تؤدى إلى المشاركة الفاعلة ، ولن تؤدى إلى زيادة الإنتاجية الكلية للمجتمع ، ولن تدفع الناس إلى توليد الثروة من خلال المال الصعب ( الصناعة والزراعة ) ولن تؤدى إلى زيادة الكعكة القومية ( الناتج القومى ) ، وإن أدت إلى زيادة النمو سيكون عن طريق تدافع الصفوة الحاكمة إلى زيادة الثروة عن طريق المال السهل ( الأنشطة العقارية – الاستيراد – السياحة ... ) ، وهو طريق غير مأمون ونهايته قصيرة . وإذا كانت الديمقراطية أسلوب مرفوض من قبل الكثير من مفكرى النظام الذين يدللون ليل نهار وبكل الأدلة والحجج الدامغة والإحصاءات الموثوق بها من تقارير دولية على أن كل الدول التى نهضت والتى نستشهد بها لم تأخذ بالديمقراطية كأسلوب لتحقيق النهضة والتنمية والتقدم . فليكن ما تقولونه صحيحاً ، ونحن نصدقكم تماماً ، ولكن أليس من حقنا عليكم أن نقول لكم اختاروا أنتم أى أسلوب ، دون تقليد لأساليب الآخرين فأنتم تؤكدون دائماً دون ملل أن مصر لها خصوصيتها التى لا تصلح معها أى أسلوب مستورد أو منقول من الشرق والغرب والشمال والجنوب والوسط ، وكأنها فى كوكب آخر .. ونحن معكم .. اختاروا الأسلوب الذى يؤدى إلى تعميق مشاركة الناس ، وزيادة الإنتاجية الكلية للمجتمع ، وتوليد الثروة عن طريق المال الصعب ( الصناعة والزراعة ) ومن ثم زيادة إشباع الناس ورضاهم ، حتى ولو كان هذا الأسلوب ليس هو الديمقراطية . أما إذا كانت المشكلة أنكم تملكون القدرة ولا تملكون الأسلوب ، وامتلاك القدرة لا يعنى امتلاك الأسلوب ، فماذا يمنع أن نتحاور جميعاً فى إطار من التبادل الآمن للمعارف والحقائق والآراء وصولاً إلى الأسلوب المناسب . أم لكم رأى آخر د. محمد كمال مصطفى استشارى إدارة وتنمية الموارد البشرية