العَروض: على وزن فَعُول، كلمة مؤنثة، تعني القواعد التي تدل على الميزان الدقيق الذي يُعرفُ به صحيح أوزان الشعر العربي من فاسدها. واضعه: هو الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي البصري (100ه - 175ه)، والخليل من أكبر عظماء أمتنا وأجل علمائها العباقرة؛ فهو أول من فكَّر في صون لغتنا، فألف معجمَه المسمَّى بكتاب «العين» كما يقال، وهو أول من سارع لضبط ألفاظها باختراع النقط والشكل. وللخليل كتب نفيسة، منها: كتاب «العَروض»، وكتاب «النغم»، وكتاب «الإيقاع»، وكتاب «النقط والشكل». ومعظم ما في «الكتاب» الذي جمعه تلميذه سيبويه منقول عنه بألفاظه. وقد اختلف علماء العربية في معنى كلمة (العَرُوض)، وسبب تسمية إن الخليل أراد بها (مكة)، التي من أسمائها (العَرُوض)، تبركا؛ لأنه وضع هذا العلم فيها. وإن معاني العَروض الطريق في الجبل، والبحور طرق إلى النظم. مضناك جفاه مرقده من أروع ما كتبه أحمد شوقي في معارضة قصيدة يا ليل الصب للشاعر الحُصري القيرواني بعد أن عارضها أكثر من مئة شاعر وأضاف لها محمد عبد الوهاب لمسته ليصنع منها تحفة فنية أقل ما يقال فيها أنها رائعة مضناك جفاه مرقده وبكاه ورحّم عودهُ حيران القلب معذبه مقروح الجفن مسهدهُ يستهوي الورق تأوهه ويذيب الصخر تنهدهُ ويناجي النجم ويتعبهُ ويقيم الليل ويقعدهُ الحسن حلفت بيوسفهِ والصورة أنك مفردهُ وتمنت كل مقطعةٍ يدها لو تبعثُ تشهدهُ جحدت عيناك ذكي دمي أكذلك خدك يجحده قد عز شهودي إذ رمثا فأشرت لخدك أشهده بيني في الحب و بينك ما لا يقدر واشً يفسدهُ ما بال العاذل يفتح لي باب السلوان وأوصدهُ ويقول تكاد تجن به وأقول وأوشك أعبدهُ مولاي وروحي في يده قد ضيعها سلمت يدهُ ناقوس القلب يدق له وحنايا الأضلع معبدهُ قسما بثنايا لؤلؤها قسم الياقوت منضده ما خنت هواك ولا خطرت سلوى للقلب تبرده ============ كلمات المبدع : ابراهيم عيسى لاتقل لي ضاع حبي من يدي ياحبيبي أنت أمسي وغدي فترفق لاتحطم معبدي إن في عينيك همس الموعد لاتدعني أشتكي طول الطريق ثم أغفو فوق وهم كالحريق كغريق مستجير بغريق إن قلبي بعد أن ذاق الرحيق لايفيق ياحبيبي كم ملأنا زورق الليل حنينا وتلاقينا به حينا فحينا وملأنا مزهر القلب رنينا فنمت أشواقه الخضراء فينا ياحبيبي أين أحلامي أين هل اضعنا كل شيء من يدينا بعد أن جن اللظى في شفتينا ماعلينا إن ظمئنا فارتوينا وانتشينا ياحبيبي عد وعانق لهفة القلب الجريئة فالمصابيح على دربي مضيئة عد فأيامي بأحلامي هنيئة وهوانا كان في الغيب مشيئة أم رأيت الهجر ذلا واقتدار فتناسيت ليالينا السكارى وغراما يملأ العمر إخضرارا وإذا الحب الذي غنى النهار صار نارا ياحبيبي ياحبيبي لا تقل كنا وكان لم يهن حبي ولا حبك هان كم ظمئنا فتلاقت شفتانا وسكتنا فتناجت مقلتانا قد نما الحب بنا في نظرتين وامتزجنا فرحة لا فرحتين وافترقنا فاحترقنا شعلتين ثم صرنا في الليالي دمعتين اثنتين ياحبيبي آه من قلب بأشواقي تغنى فوق أغصان الليالي فاطمئَن وحكي لليل ماكان وكنا وتمنى النجم نجواه فغنى ومضى الليل وماحان رواحي فانثنى يطوى على الحب جناحي ودنا الفجر فأطلقت مراحي ثم أخفيت دموعي وجراحي عن الصباح ياحبيبي ================= تابعوا معي هذا المقطع الجميل من رائعة فيروز " حبيتك تنسيت النوم " و لاحظوا الاحساس العالي في هذه الكلمات التي كتبها جوزيف حرب و لحنها سيد الالحان زياد الرحباني. " ... بشتقلك لابقدر شوفك و لا بقدر أحكيك بندهلك خلف الطرقات و خلف الشبابيك بجرب إني أنسى بتسرق النسيان و بفتكر لاقيتك بيرجعلي اللي كان و بتضيع مني كل ما لقيتك حبيتك حبيتك ..." =============== لعلم العَروض ودراسته أهمية بالغة لا غنى عنها لمن له صلة بالعربية، وآدابها ومن فوائده: (1) صقلُ موهبة الشاعر، وتهذيبها، وتجنيبها الخطأَ والانحرافَ في قول الشِّعر. (2) أمنُ قائل الشعر على شعره من التغييرِ الذي لا يجوز دخوله فيه، أو ما يجوز وقوعه في موطن دون آخر. (3) التأكد من معرفة أن القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف ليسا بشعر معرفةَ دراسةٍ لا تقليد؛ إذ الشعر: ما اطردت فيه وحدته الإيقاعية التزاما. أي (كلامٌ موزون قصدا بوزن عربي). وبذا يدرك أن ما ورد منهما على نظام الشعر وزنا لا يحكم عليه بكونه شعرا؛ لعدم قصده؛ يقول ابن رشيق: «لأنه لم يقصد به الشعر ولا نيته، فلذلك لا يعد شعرا، وإن كان كلاما مُتَّزِنا». (4) التمكينُ من المعيار الدقيق للنقد؛ فدارس العَروض هو مالك الحكم الصائب للتقويم الشعري وهو المميز الفطن بين الشعر والنثر الذي قد يحمل بعض سمات الشعر. (5) معرفةُ ما يرد في التراث الشعري من مصطلحات عَروضية لا يعيها إلا من له إلمام بالعَروض ومقاييسه. (6) الوقوفُ على ما يتسم به الشعر من اتساق الوزن، وتآلف النغم، ولذلك أثر في غرس الذوق الفني، وتهذيبه. (7) التمكينُ من قراءة الشعر قراءةً سليمة، وتوقِّي الأخطاء الممكنة بسبب عدم الإلمام بهذا العلم.