يبدو أن قطاع الرعاية الصحية العالمي على أعتاب نقطة تحوّل جوهرية, وهذا يظهر بشكل جلي في ظهور التقنيات الحديثة التي تُعنى بصحة المرضى و غير المرضى أيضاً. ومع زيادة تعداد السكان في العالم و إرتفاع متوسط عمر الإنسان, فمن المتوقع ان يصل معدل الإنفاق على القطاع الصحي العالمي إلى 5.3% سنوياً, على مدى السنوات الأربع المقبلة. و هذا النمو يشكّل ضغطاً هائلاً على مراكز الرعاية الصحية خصوصاً في البلدان المتقّدمة لأنها تركز على قضايا صحية حساسة منها: شيخوخة السكان, و نمو الأمراض المزمنة, و نقص القوى العاملة في المجال الصحي. وقد ساعدت التقنيات الحديثة في السنوات الأخيرة الى خفض كلفة الرعاية الصحية, على سيبل المثال لا الحصر: تطبيقات التي تعُنى بمنظم ضربات القلب, قياس ضغط الدم و نسبة السكري..إلخ, و هذا بدوره مهّد الطريق للأطباء للحصول على المعلومات التي يحتاجونها بسرعة وبتكاليف أقل. التقنيات القابلة للارتداء أثارت اهتماما أكبر بين الناس عندما يتعلق الأمر بإدارة مستويات الصحة والنشاط، وهي دليل على كيفية تطبيق التقنيات الناشئة في نظام الرعاية الصحية لتحسين رعاية المرضى، وهي مثال ناجح لنقل سريع وسلس للعلامات الحيوية للمريض. تقوم هذه التقنيات بمراقبة مستمرة للحالة الصحية و على مدار الساعة تزودك بكل ما يستجد من علامات حيوية مثل ارتفاع الحرارة او زيادة معدل ضربات القالب أو ارتفاع الضغط , حيث تضع البيانات الصحية الشخصية للمريض بين يديه، واتخاذ قرارات أفضل واكتشاف الأعراض في وقت مبكر. وفي الوقت نفسه، يمكن للمعلومات التي يتم مشاركتها مع الأطباء عبر التقنيات القابلة للارتداء أن تساعد الأطباء في تشخيص المرض وتقديم المشورة لمرضاهم عن بعد, وتوفير الوقت الذي يستغرقه السفر ويمكن للمرضى الحصول على العناية الطبية التي يحتاجون إليها في الوقت المناسب وبطريقة فعّالة. على الجانب الأخر فإن الحاجة للإبتكار وإعادة هيكلة نماذج تقديم الرعاية لإدارة استخدام الموارد بشكل فعّال لمواكبة حاجات المرضى بشكل مستمر, بالإضافة الى اعتماد منصّات المعلومات الصحية الرقمية الحديثة, مثل: السجلات الطبية الإلكترونية, والتطبيب عن بعد, والتطبيقات الصحية المتنقلة, والوصفات الطبية الإلكترونية, إن هذا كله يبشّر بمستقبل واعد في طريقة الرعاية الصحية في المستقبل على المدى القريب. في أندونيسيا مثلاً, فإنها لا تزال تكافح واحدة من اعلى معدلات وفيات الأمهات عند المخاض و الولادة, و هذا يُعزى الى ضعف الرعاية الصحية للأمهات و المواليد. لمعالجة هذه المشكلة قام معهد "فليبس" المتخصص بنظم الرعاية الصحية بالشراكة مع المعهد الأندونيسي للصحة الإنجابية بإجراء مشروع تجريبي يقوم على استخدام تطبيقات الهواتف الذكية لجمع البيانات مثل ضغط الدم والوزن وحركة الجنين و حالةالأمهات الحوامل في العيادات المحلية أو حتى في المنزل. ثم يتم تحميل البيانات من خلال التطبيق على جهاز خادم مركزي، ويستطيع أطباء التوليد أو أطباء أمراض النساء مراقبة المرضى من المستشفى أو المنزل عن بعد.