الإكتئاب هو شعور بالحزن مصحوباً في الأغلب بانخفاض الفاعلية وقلة الانجاز بحيث تصبح كافة الأعمال بنظر المكتئب ليست ذات أهمية تذكر بسبب الانحطاط العام في نفسيته. وفي مقالنا هذا سنركز على الأطفال ما دون (18) سنة أي قبل سن البلوغ، محاولين التركيز على أسباب شعورهم بالكآبة ومحاولة علاج ذلك من خلال التربية البيتية. والإكتئاب هو الشعور بالحزن واليأس والخمول ونقص الطاقة. ويعد الاكتئاب مدعاة رئيسيّة لترك الكتاب والواجبات وأية أنشطة كان الطفل في السابق يرغبها أو يحبها والانصراف إلى الانعزال الجزئي، بحيث يشعر الطفل بعدم القدرة على الدراسة والفهم. ويمكن للأم الاستدلال بوصول ابنها للإكتئاب اذا شعرت ببعده عن برامجه التلفزيونية المحببه وعدم اهتمامه برونقه وقلة نظافته الشخصية وفتور همته وشحوب وجهه. كما أن شعور الام بعمق الحزن بعيون ابنها مدعاة رئيسية للبحث عن أسبابه التي من ضمنها الإكتئاب. وتشير آخر التقارير أن طفل من بين كل (5) أطفال مصابون بهذا المرض في الولاياتالمتحدة ولا يوجد تقارير محلّية بهذا الخصوص وأهمّ سبب للإكتئاب لدى هؤلاء الأطفال هو سوء المعاملة، ويُعد الإكتئاب سبباً رئيسياً لأمراض أخرى تحدث للطفل مثل : التبّول اللاإرادي، الغضب الزائد، الهروب من المدرسة والارهاق، والتدني الأكاديمي، والكثير من المشكلات الجسمية والنفسية الأخرى. ومن أعراضه الظاهرة على الطفل المكتئب:- نادراً ما يظهر الطفل المكتئب الفرح والسرور، لأن روح الفكاهة تكاد تكون مفقودة. الحديث بصوت منخفض. قد تظهر عنده أحياناً اضطرابات في النوم، وبالتالي الارهاق الجسدي. سريع التهيج والبكاء لأقل استفزاز (لديه حساسية زائدة للنقد). الانسحاب الاجتماعي مع عدم المبالاة، بمصاحبة الصمت وعدم الرغبة بمزاولة الأنشطة الاجتماعية السابقة مثل الذهاب للمدرسة واللعب والزيارات وغيرها. قد يظهر الطفل المكتئب في بعض الأحيان آلام في الرأس أو المعدة. انخفاض أكاديمي مفاجىء. اطلاق بعض العبارات التي تدل على شعوره بالنبذ وعدم الحب من الآخرين، وتُظهِر تصرفاته تدن في مفهوم الذات. عند النظر الى الطفل المكتئب تشعر بأنّه أكبر من عمره بسبب اختلاف تعابير الوجه وميلها إلى العزوف والملل أكثر من السرور والمرح. قيامه بسلوكات لا مسؤولة مثل : اندفاعه بين السيارات أو القفز من مكان مرتفع أو قضمه لجزء من يديه وغير ذلك من السلوكات المختلفة عن سلوكات الأطفال الأسوياء. فقدان التركيز وتشتت الانتباه. أسباب الإكتئاب عند الأطفال : لا بد من الإشارة بداية أن الأطفال يعتمدون على مصدر خارجي - في الأغلب الوالدين -للحصول على الدعم والنجاح في الحياة، وفقدان هذا المصدر يشعرهم بالإكتئاب، لذلك أهم أسباب الاكتئاب لدى الأطفال في الدراسات الصادرة مؤخراً هو: المشكلات الأسرية المتوترة باستمرار، حيث يحاول الطفل في مثل هذه الحالة السيطرة على توتره ومشاعره السلبية التي تظهر كلما ظهرت مشكلة بيتية وبمحاولاته المتكررة للتخلص من ذلك واستمرار الخلافات من جانب آخر يصاب بالإكتئاب. الصدمة النفسية الناتجة من موت عزيز أو طلاق الوالدين أو فقدان شيء قيّم يهمه مثل حيوان أو ما شابه. تدني تقدير الذات : هذا الموضوع جداً مهم وموجود بكثرة في مجتمعنا، حيث يتسائل بعض الآباء عندي شخصياً بقولهم : أشعر أن ابني يتصرف بشكل متعب يشعرني كأب بالنرفزة والتوتر، وأشعر أنّه لا يستحق الحب ؟ إنّ مثل هؤلاء الأولاد وخاصة (الذكور) لأنهم أكثر سلبية في تصرفاتهم من الاناث، يتصرفون تصرفات غير سوية نابعة من طبيعتهم الذكورية، مثل : جدال الأم لأقل موضوع، ضرب الأخوات الصغار، مناكفة الأخوات الكبار، الدخول إلى غرفهن وأخذ أغراضهن دون إذن منهم،........ وغير ذلك من التصرفات. جميع هذه التصرفات تؤدي بالآباء إلى الاستمرار في تأنيب الأبناء على تصرفاتهم غير المقصودة، ومع مرور الوقت يشعر هؤلاء الأطفال بالذنب لأي مشكلة أو فشل فيطورون نظرة سلبية لأنفسهم، ويشعرون بالمسؤولية عندما يلاحظون الآخرين منزعجين أو متهيجين مثل : ملاحظة صراخ والدته باستمرار، حيث يشعر أنّه لو لم يكن سيئاً لما بقيت والدته تصرخ طوال النهار، فتظهر لديه مظاهر معاقبة الذات من خلال التعاسة الظاهرة عليه ومن ثم تصبح الكآبة طبع فيه مستمر.
وهناك جانب آخر لهذا الموضوع، وهو شعور بعض الأطفال بعدم عدالة الآخرين حيث يرون أن آباؤهم ومعلميهم وزملاءهم وأخواتهم أشخاص قساة وظالمين بسبب تأنيبهم المستمر للطفل عن تصرفاته السلبية، وبسبب الطبيعة البيولوجية المختلفة عن الكبار لهؤلاء الأطفال تتشكل نفسياتهم بطريقة تطور معها اتجاه عام نحو الإكتئاب. الحماية الزائدة : يمكن أن تؤدي بالطفل إلى الإكتئاب دون إدراك من الوالدين، خاصة إذا قام الوالدان بجعل العمل أسهل من اللازم أمام ابنهم حيث يعملوا على توفير كل وسائل المساعدة. في هذه الحالة يشعر الطفل بالعجز أمام كل عمل يقوم به ويدرك مع مرور الوقت عدم الانتاجيتة وعدم كفاءته وعدم نجاحه في مختلف أعماله التي يقوم بها أو يكلف بها فيصاب بالكآبة. طرق الوقاية : إن أهم طرق الوقاية من الإكتئاب للأطفال هي : أولاً : بناء تقدير الذات. لا بد للوالدين أن يعملا على بناء شخصية الابن بصورة إيجابية تشعره بالكفاءة والاستقلالية، فيشعر أنّه مهم في حياتهم وأنّه محبوب من قبل الجميع وهو موضع احترام ووجوده في حياتهم يمدهم بالسعادة والفرح والسرور، ويعطيانه من الحب والعطف والحنان والحياة المطمئنة ما يريد، فيطورون لديه شعوراً بالرضا عن الذات فينشأ طفلاً سوياً متزناً. ثانياً : تجنب النقد الدائم. على الوالدين أن يدركا الخصائص النمائية لكل مرحلة يمر بها ابنهم وبالتالي إدراكهم أن هناك بعض الخصائص والتصرفات ناتجة من طبيعته الذكورية في هذه المرحلة، فيخفضان الضغط النفسي الحاصل عليه من نقدهم المتكرر لأي أمر ويحاولان دائماً الاشارة إلى وجود خطأ في العمل الذي قام به وليس إلى ذات الطفل. ثالثاً : إيجابية التعامل. حاول كأب أن تكون منفتح النفس والسريرة عند تحدثك مع ابنك، وأشعره دائماً أنك متفائل وأن ما يقع به من أخطاء ما هي إلاّ تجارب تثري مخزونه الفكري ليتجنب أية مشكلة مشابهة مستقبلاً وأشعره أنك داعم له في كل شؤون حياته. رابعاً : القدوة الحسنة. كن قدوة لابناءك بجدك ومثابرتك وعوّده أن يكمل أي نشاط يبدأ به وأن يكون متقناً له وحبذا لو كان هذا من خلال ملاحظته لنشاطاتك ونجاحاتك لتكون قدوته في معظم أعماله وأنشطته. خامساً : التواصل والحوار. حاول أن تكون متواصلاً ومحاوراً له باستمرار، امنحه الرعاية والمحبة ومشاركة في همومه وأفراحه ولعبه، وأشعره أنك الصديق الوفي له في حياته.