واحدة من حالات الاضطرابات النفسية الغريبة وفي نفس الوقت الشائعة عند التعامل مع تناول الطعام تلك التي تعتري المصابين بحالة البوليميا Bulimia. وقصتهم، في الدورات المتعاقبة للتعامل مع الطعام اشبه باحداث الفيلم الهندي المحزن فالامر يبدا ويتميز بشراهة فادحة في الاقبال على كل ما في اطباق مائدة الطعام بلا تمييز بينها احيانا نتيجة لحب جارف في الاكل بذاته اوالاقبال على اصناف منها دون اخرى. ثم يعقبها شعور عارم وطاغ بالندم على ذلك والاكتئاب من عدم التحكم في الاقبال على الاكل والخوف من زيادة الوزن. ثم يتحول بعدها هذا الندم والخوف الى سلوك عكسي مضاد يتمثل في محاولات غير منضبطة، تستخدم شتى الوسائل الممكنة لتخليص الجسم مما افرط في تناوله هولاء المرضى فتكرر لديهم محاولات القيء اوالافراط في تناول الملينات او مدرات البول او تجويع النفس او الافراط في ممارسة الرياضة البدنية. كل هذا ابتغاء الحصول على شعور نفسي بتحقيق تخلص الجسم من الوزن الزائد. الميزة الاساس في هذه الحالة هي الشراهة في تناول الطعام وغالب المصابين اما هم من ذوي الوزن الطبيعي او الزائد عنه. هذا بخلاف الحالة الاكثر شيوعا منها وهي فقدان الشهية العصبي حيث تتميز الممارسة فيها بالتجويع الذاتي تحت ضغط خوف طاغ من زيادة الوزن والسمنة في حين ان الشخص المصاب به هو في واقع الحال مصاب بالهزال ونقص الوزن بشكل واضح للعيان لكن ليس للمصاب! عناصر الاصابة هناك نوعان من حالة شراهة الاكل وتبعات ذلك؛ النوع الاول المتميز بمحاولات القيء، وهو مرتبط بالافراط ايضا في تناول الملينات او مدرات البول. والنوع الثاني لا تحصل محاولات القيء فيه بل تتجه محاولات تخليص الجسم من الطعام عبر التجويع الذاتي او الافراط في ممارسة الرياضة البدنية. العناصر المهمة في تشخيص الاصابة بهذه الحالة وفق ما تشير اليه المصادر الطبية، تشمل: تكرار نوبات الشراهة في تناول الطعام وذلك بتناول كميات اكبر مما يتناوله غالب الناس عادة في وقت محدد مع الشعور بفقد السيطرة على هذا السلوك في الاكل. تكرار المحاولات غير السليمة في محاولة منع الزيادة في الوزن نتيجة الافراط في الاكل. حصول هذين العنصرين مرتين في الاسبوع خلال ثلاثة اشهر من المتابعة. اعتماد التقييم الذاتي للانسان المصاب على وزنه وشكله. نشوء الحالة حالة «البوليميا» تعتبر من الاضطرابات المعقدة من ناحية الاسباب المتعددة التي تنتج عنها سلوكيات متناقضة في الاكل والتخلص منه خوفا من زيادة الوزن ومن ناحية كل ما يتبع هذا ايضا من اضطرابات سلوكية وجسديه. وتظل كثير من جوانب الية نشوء الحالة مبهمة حتى اليوم ففي حين كان الاعتقاد السائد لدى الاطباء هو ان النظرات الاجتماعية حول وزن الجسم وزيادة جاذبية الانسان كلما كان وزنه معتدلا او منخفضا بانها هي اساس نشوء الحالة هذه لدى البعض الا ان الدراسات الحديثة بدات تتحدث عن دور موثر للوراثة في الامر برمته. كما يرى بعض الباحثين ان لاضطرابات انظمة المواد الكيميائية الموصلة بين الخلايا العصبية في الدماغ وغير والمصاحبة للحالة دور في الية النشوء خاصة نظام «سيروتينين» المرتبط في جانب منه بتناول الاكل ومن جانب اخر اهم بحالات الاكتئاب والاضطرابات العصبية الاخرى. وتعقب المحاولات البدائية في حصول الاستفراغ عبر اثارة جوف الحلق يدويا اثار على المدى البعيد تطال بنية فوهة المعدة واسفل المريء كتمزق اسفل المريء والتهاباته بعضلات المعدة والتهابات الحلق والفم واللثة وتلف مينا الاسنان بفعل عصارات المعدة ايضا. بالاضافة الى اضطرابات نسب العناصر المهمة في الجسم كالصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم بفعل القيء او ملينات البراز او مدرات البول او التجويع الذاتي وغيرها بكل تبعات اضطرابات المعادن هذه على القلب والدماغ والكلى. الشراهة في الاكل تبدا الحالة في الغالب عند بداية فترة المراهقة. والشراهة في الاكل التي تعقبها محاولات التخلص منه اكثر اضطرابات الاكل شيوعا في العالم والتي تشير احصائيات الولاياتالمتحدة الى ان حوالي 5 ملايين شخص يعانون منها. والاحصائيات في عدة دول تشير الى نتائج ربما تكون متقاربة حول نوع الشراهة هذا بالذات ففي الولاياتالمتحدة تشير الى ان 6% من الفتيات المراهقات و5% من طالبات الجامعة يعانين منها في حين انها ايضا اشارت الى ان بعض الاعراض تحديدا كمحاولة القيء بعد الاكل منتشرة، اذ اعترفت بممارسته حوالي 40% من طالبات الجامعات. والحقيقة ان تعليقات الباحثين على الامر تقول انه مع زيادة الوعي حول اهمية الوزن الرشيق للفتيات والشابات تزداد حالات اضطرابات الاكل للتخلص من الوزن الزائد كوصمة تتحاشاها الفتيات والشابات. واحصائيات مناطق اخرى تقول مثلا ان النساء في ايران عرضة لهذه الحالة بنسبة 3.2% وفي اليابان حوالي 6%. وبالمراجعة، فليس من المعلوم هل انه اكثر شيوعا في الدول الصناعية او ان مناطق اخرى منفتحة على العالم تعاني من نسب مقاربة ايضا ام لا لكن الملاحظ بالتحليل ان اعلى نسبة للحالات هي لدى من هم دون سن الخامسة والعشرين وان 90% من المصابين هم من الاناث وان اضطرابات نفسية اخرى والادمان عادة ما تصاحب الحالة كالاكتئاب بنسبة 50% والقلق العام بنسبة 36% وكذلك الوسواس القهري والادمان ومحاولات الانتحار وغيرها من الاضطرابات النفسية. محاولات المعالجة رغم صعوبة معالجة مثل هذه الحالات، الا ان المحاولة تتطلب العلاج النفسي لرفع مستوى وعي المصاب بالمشكلة الصحية التي يعاني منها ومضار المحاولات غير السليمة في انقاص الوزن او التخلص من الاطعمة المتناولة بالاضافة الى تناول ادوية معالجة الاكتئاب تحت الاشراف الطبي كمحاولة لتخفيف حدة السلوك المضطرب نحو الاكل.