تعتبر منطقة قناة السويس واحدة من أهم المناطق المرتبطة بالاقتصاد الوطني، من ناحية فإن عددًا من الموانئ الرئيسية لمصر تقع في تلك المنطقة، ومن ناحية أخرى فإن هناك مناطق صناعية وتجارية وخدمية في مدن القناة الثلاث التي تم إعلان حالة الطوارئ فيها لمدة 30 يومًا، وتقرر حظر التجوال بين شوارعها ليلاً. فضلاً عن قيام حكومة الدكتور هشام قنديل، والحزب الحاكم بالترويج للمنطقة باعتبارها مشروع التنمية الأكبر، وهو ما أطلق عليه “,”مشروع تنمية محور قناة السويس“,”. لذا فإن أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها بورسعيد والسويس ألقت بظلال غائمة على حالة الاقتصاد بكل المدن وساهمت في آثار سلبية خطيرة على الوضع الاقتصادي لمصر. في بورسعيد المدينة التجارية كان قرار إعلان الطوارئ سببًا مباشرًا في تجمع أصحاب المحال التجارية واتفاقهم على عقد اجتماع عاجل بالغرفة التجارية؛ لكشف خسائر المدينة جراء القرار، وذكر محمد عبد الفتاح المصري، رئيس الغرفة التجارية، أن عددًا من المحال التجارية كان قد تعرض للتخريب خلال الأحداث، وأن استمرار الأوضاع ينبئ بكارثة، خاصة أن مهنة التجارة هي المهنة الرئيسية لأبناء بورسعيد. لقد كانت بورسعيد مدينة تجارية بالأساس؛ حيث اعتمدت على تجارة السلع المستوردة عقب إنشاء المنطقة الحرة عام 1976، والتي سمحت بدخول كثير من السلع دون رسوم جمركية، وهو ما ساهم في تحقيق عائدات ضخمة لأبناء المدينة طوال السنوات الماضية. كما توجد منطقة صناعية كبرى ببورسعيد تعمل معظمها في مجال صناعة الملابس، وهو ما يجعلها واحدة من المدن المستفيدة باتفاقية “,”الكويز“,” التي تعفي صادرات الملابس المصرية من الرسوم الجمركية عند التصدير إلى السوق الأمريكية؛ بشرط استخدام مكون إسرائيلي نسبته 10.5%. فضلاً عن وجود ميناء ضخم يعمل طوال اليوم، وتبلغ طاقته الاستيعابية نحو 12 مليون طن سنويًّا، وهو ما يجعله أكبر الموانئ المصرية استيعابًا للسلع. ولا شك أن حالة التجمد المفروضة على المدينة المصنفة كثالث أكبر مدينة اقتصادية بعد القاهرة والإسكندرية تؤثر سلبيًّا على حركة الصادرات والواردات لمختلف السلع المصرية. أما السويس فتحتضن 6 مناطق صناعية كبرى هي مناطق عتاقة وتوسعاتها، شمال عتاقة، غرب عتاقة، منطقة الصناعات الخفيفة، منطقة الأدبية، بورتوفيق، منطقة السويس الخاصة، وجميعها مناطق صناعية تعمل بقرارات جمهورية سابقة، وتضم عددًا كبيرًا من الشركات العالمية والمحلية في مختلف القطاعات الصناعية. فضلاً عن ميناء بورتوفيق المتخصص في نقل الركاب والسلع، وميناء الأدبية المستخدم في استيراد كثير من الخامات ومستلزمات الإنتاج الرئيسية للمصانع في 6 أكتوبر والعاشر من رمضان وباقي المدن الصناعية. وهناك أيضًا منطقة صناعية متميزة في مدينة الإسماعيلية تضم نحو 250 مصنعًا متوسطًا يعمل معظمهم في مجال المنسوجات، وتجفيف وتعبئة الخضراوات والفاكهة، فضلاً عن مشروع وادي التكنولوجيا المزمع إقامته في نفس المدينة. وقد شهدت تلك المنطقة توقفًا لكثير من مصانعها في الشهور الماضية؛ بسبب حالة الكساد السائدة، إلا أن تفاقم الأوضاع يؤدي إلى تجميد كامل للإنتاج. ومن المعروف أن الحكومة الحالية جمعت كافة المشروعات الاقتصادية في مدن القناة وضمتها إلى مشروع ضخم اعتبرته مشروعًا قوميًّا هو “,”تنمية محور قناة السويس“,” متوقعة أن يدر المشروع نحو 100 مليار دولار. والواضح أن ترويج وتسويق ذلك المشروع بات أمرًا مستحيلاً بعد الأحداث الأخيرة، ويكفي أن نعلم أن شركة “,”تيدا“,” الصينية التي تعمل في المنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس أجلت أكثر من مرة توقيع عقدها النهائي مع شركة التنمية الرئيسية في المنطقة. وكانت هيئة التخطيط العمراني، قد أعدت مجلدًا للمشروعات التي تم الاتفاق عليها بصورة مبدئية؛ لتنمية محور قناة السويس، حتى عام 2027، في القطاعات المختلفة، جاء فيها أنه في قطاع الزراعة واستصلاح الأراضي والاستزراع السمكي، وهناك مشروعات لاستصلاح 77 ألف فدان شرق قناة السويس، واستكمال استصلاح واستزراع الأراضي “,”سلام غرب/ السلام شرق/ غرب السويس/ شرق البحيرات/ شرق السويس/ ترعة بورسعيد“,”، والتوسعات الجديدة: السلام شرق/ امتداد الشباب /غرب السويس، بالإضافة إلى الاستزراع السمكي للمنتجات عالية القيمة بمحافظتي السويس وبورسعيد. وفي قطاع الصناعة والصناعات الغذائية، هناك عدة مشروعات منها: تنفيذ المرحلة الأولى من وادي التكنولوجيا “,”3500 فدان من إجمالي 16500“,”، وتصنيع وتعبئة وتغليف الأسماك في القنطرة شرق بورسعيد، ومركز صناعة وصيانة السفن والحاويات في بورسعيد، وشمال غرب خليج السويس، ومنطقة صناعية كبرى في شرق التفريعة، وإقامة جامعة تكنولوجية بمنطقة القناة في وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية، وإنشاء مدينة علمية بالتعاون مع جامعات دولية ومدينة طبية بمدينة شرق بورسعيد. فضلاً عن إقامة مناطق تجارة وخدمات لوجيستية شرق قناة السويس، وشرق الإسماعيلية، وتطوير ميناء بورسعيد “,”توسعة محطة الحاويات“,”، وإقامة منطقة حرة شرق قناة السويس، وإقامة منطقة لصناعة وصيانة الحاويات والسفن، ومدينة لأبحاث التجارة الدولية والخدمات الملاحية، وتنمية المنطقة الصناعية بمدينة القنطرة شرق. ومن المشروعات المقترحة للتنمية في قطاع السياحة والبيئة، إنشاء مركز سياحي متميز على البحر المتوسط شرق بورسعيد، ومناطق ترفيهية ورياضية على ساحل البحر المتوسط شرق بورسعيد وقناة السويس.