رغم صيته الذائع وتردد اسمه في وسائل الإعلام العالمية، لكنه ما زال غامضا في كل تفاصيل حياته، "أبوبكر البغدادي" الرجل الذي حير كبار رجال الساسة العالمية وجنرالات أقوى جيوش العالم، لا تمتلك وسائل الإعلام سوى صورتين لزعيم أقوى تنظيم إرهابي في العالم، إحداهما ضبابية للغاية والأخرى حين قرر هو بنفسه الخروج إلى العلن في الخامس من شهر يوليو الماضي، وفي أول ظهور علني مصور له دعا البغدادي المسلمين إلى طاعته، لكنه الآن حسب الأقاويل المنتشرة جثة هامدة أو مصاب بجروح خطيرة. فهي ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها إشاعات حول مقتل "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم الدولة الإسلامية الأكثر إجراما وعنفا على الإطلاق، فهو الرجل الخفي الغامض الذي ظل يحكم التنظيم في الخفاء دون أن يعرف أحد ملامح وجه. ويصر الإرهابي الخفي على أن يحاوطه الغموض في كل تفاصيل حياته حتى موته، فمنذ يومين أعلنت مؤسسة الاعتصام التابعة لتنظيم "داعش" عن مقتل "أبوبكرالبغدادي" وأكد وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، على أن أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" أصيب في غارة لقوات التحالف مساء الجمعة، وقال العبيدي في تغريدة له على فيس بوك: "عاجل: تأكد إصابة أبوبكر البغدادي في الغارة الجوية لقوات التحالف على اجتماع لأبرز قادة التنظيم الإرهابي في مدينة الموصل ليلة الجمعة الماضية ومقتل نائبه والذراع الايمن أبو مسلم التركماني.. اللهم لا تشفِه وعجل بهلاكه". عدد المرات التي قتل فيها البغدادي: تعدد الأنباء عن مقتل البغدادي لكن التنظيم لم يكن مهتما بالنفي مثل هذه المرة، وكانت المرة الأولى في فبراير الماضي حيث كان البغدادي حينها أميرا للتنظيم ولم يكن وقتها ذاع صيت "داعش" ولم يتوسع في المناطق التي يسيطر عليها، ونشرت مصادر أمنية عراقية بوجود جثة من بين قتلي التنظيم بأنها لرجل يشبه البغدادي. أما المرة الثانية، فكانت في العاشر من أكتوبر حيث نقلت صحيفة "صوت كردستان" عن مصادر مسئولة قولها إن زعيم تنظيم "داعش" قد يكون قتل في كوباني وقال الموقع نقلًا عن مصادره في كوباني، إن "وحدات حماية الشعب" قد تكون قد قتلت زعيم "داعش" أبوبكرالبغدادي في المدينة المحاصرة بعد المعارك التي دارت بين هذه الوحدات ومسلحي "داعش". أما المرة الثالثة، وتحديدًا في التاسع من سبتمبر ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية اليوم الأحد أن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» أبلغ الرئيس الأمريكي «بارك أوباما» عن مقتل ثلاثة من عصابات "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) الإرهابية بينهم «أبوبكر البغدادي» بعد إصابته في تلعفر شمالي العراق. ونقل موقع "ديلي بيست" الأمريكي عن ضابط سابق بالجيش الليبي أن "أبوبكر البغدادي مات في سوريا بعد أن أصيب بجروح خطرة في غارة جوية عراقية أو أمريكية في تلعفر شمالي العراق، وأشار إلى أن "مقتل البغدادي جاء بعد أن تم رصد مكالمة هاتفية له، مكنت القوات الأمريكية من تحديد مكانه، بينما نفى أمين عام المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وسفير المفوضية الدولية الدكتور هيثم أبو سعيد آنذاك خبر مقتل زعيم تنظيم "داعش" أبوبكر البغدادي، مؤكدا أنها ما زالت غير صحيحة. وعن المرة الأخيرة وهي الأكثر تداولا وانتشارا، وبين نفي وتأكيد مازالت الحقيقة غائبة، جاءت تغريده منسوبة لحساب أبو محمد العدناني، المتحدث باسم "داعش"، إن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي أصيب، دون أن يحدد طبيعة الإصابة أو توقيتها. بقتل الزعيم سيتضاءل الخطر: نفذت الطيران الجوي للتحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ما يقارب 800 ضربة جوية ضد أهداف لتنظيم الدولة (داعش) في العراقوسوريا، استهدفت منشآت القيادة والسيطرة، ومجمعات التدريب إضافة إلى مصافي النفط، شاحنات الدعم، قطع المدفعية، وحتى تحصيناتها ومخازن الأسلحة، لكن قائمة الأهداف خلت من استهداف الزعماء البارزين في التنظيم، وحاولت واشنطن قتل البغدادي ثلاث مرات لكن الزعيم المتطرف ينجو من المحاولات الفاشلة، حسبما أوضح الكولونيل المتقاعد ديريك هارفي، والذي أمضى 20 عامًا في دراسة العراق، والشبكات العشائرية فيها. وأفاد "هارفي" أن المخابرات الأمريكية ظنت وخدعت ثلاث مرات في أنها تمكنت من قتل أبو بكر البغدادي، وقال هارفي خلال حواره مع صحيفة " واشنطن بوست" في يوليو الماضي أن الولاياتالمتحدة تمكنت من إلقاء القبض على البغدادي إبان الأيام الأولى للانتفاضة السنية في عام 2004، لكن عدم وجود معلومات كافية عن الرجل وارتباطاته ونشاطاته، أدى للإفراج عنه لاحقًا، واصفًا تلك العملية بالإخفاق الاستخباراتي الحقيقي. وتابع هارفي بالقول أن المرة الأولى كانت عندما القوات الأمريكية أطلقت صواريخ على منزل في شمال العراق، في عام 2005، ومن ثمّ صدر بيان صحفي قائلًا بأن البغدادي قد قتل على الأرجح، وبعد أسبوع، اكتشفوا أنه لم يكن ميتًا. وقال هارفي إن الأمر نفسه حدث مرة ثانية، عندما استهدفت القوات الأمريكية منزلًا كان من شبه المؤكد بأن البغدادي فيه، ولكنه لم يكن هناك حينها. وعن المرة الثالثة، قال هارفي إن الولاياتالمتحدة نفذت غارة أخرى على أحد المنازل، استنادًا إلى إشارة من جهاز الاتصالات الذي كان من المفترض أن يكون بحوزة البغدادي، إلا أن "من كان يمسك بالهاتف قد قتل". أما عن سبب نجاح البغدادي في أن يكون هدفًا بعيد المنال، قال هارفي، إن مهارات الأخير في تجاوز المخبرين ممتازة، وبأنه ربما تعلم هذه المهارات من عملاء مخابرات صدام حسين الذين انضموا إليه.