§ كارمن واينشتاين: نرفض تدخل السفارة الإسرائيلية في ملف أملاك يهود مصر. § د. أحمد فؤاد: 80 يهوديًّا يحملون الجنسية المصرية يعيش معظمهم في الإسكندرية. § معبد “,”بن عزرا“,” في مصر القديمة لا يزال يستقبل صلاة عيد الغفران. § رئيس دار الكتب القومية: اليهود حاولوا تهريب ملايين الوثائق لإسرائيل. مؤخرًا خرج علينا نائب رئيس حزب الحرية والعدالة وعضو مكتب الإرشاد، د. عصام العريان، بتصريحات يرحب فيها بعودة يهود مصر من جديد، إلا أن بعض الجماعات الإسرائيلية كانت قد دعت من قبل لإعادة هذه الأملاك المزعومة من جديد لإسرائيل؛ باعتبارها الممثل الدولي للديانة اليهودية في العالم.. وهو الأمر الذي دفعنا لتحقيق نكشف فيه عن حقيقة أملاك اليهود في مصر، والتطورات التي طرأت على الوضع الحالي بعد سرقة ملفات مهمة تعود لحقبة العدوان الثلاثي، وخروج يهود مصر إلى إسرائيل ودول أوروبا، تاركين خلفهم إرثًا.. لن تنهى مشاكله بهدوء. عاش اليهود في مصر لأكثر من 2500 عام، لكن في منتصف القرن العشرين، بدأت عمليات التهجير والهجرة إلى دولة إسرائيل، وترك ما يقرب من مليون يهودي عربي أراضيهم، فخرج من مصر وحدها بين عامي 1956 و1960 نحو 36 ألف يهودي بعد حادث انفجار قنبلة بحارة اليهود، وذهب معظمهم لإسرائيل.. والمجتمع اليهودي المصري يشبه في تكوينه أي مجتمع يهودي آخر؛ حيث كان يسكن الكثير من يهود مصر بحارة اليهود بميدان الموسكي والحسين والإسكندرية، فيما عرف بالجيتو، وتميزوا باختلاف ثقافتهم، إلا أنهم استطاعوا الاندماج مع المجتمع المصري، وساهموا في الحياة الثقافية والسياسية في مصر، وأشهرهم على سبيل المثال وليس الحصر “,”يعقوب صنوع“,” (أبو نضارة)، الذي عرفت مصر المسرح الحديث على يديه، وكان كاتبًا وشاعرًا وصحفيًّا مصريًّا.. والفنانة “,”راقية إبراهيم“,”، وكان اسمها الحقيقي راشيل إفراهام ليفي، و“,”ليلى مراد“,” التي ولدت بحي الظاهر بالعباسية لأب يهودي مصري، هو الفنان إبراهيم زكي مردخاي، وأم يهودية بولندية، بالإضافة إلى “,”سولومون شيكوريل“,” مصمم الأزياء العالمي الذي ولد ومات في مصر، وهو أول من صمم علم دولة إسرائيل ورفعه على ساري المسجد الأقصى عام 1917 م. يهود مصر الآن يقول الدكتور أحمد فؤاد، أستاذ العبري الحديث والفكر الصهيوني بجامعة الإسكندرية: إن الطائفة اليهودية كانت مزدهرة، ويبلغ تعدادها عشرات الآلاف، وضمت مهنًا مرموقة، مثل “,”ناحوم أفندي“,” عضو مجمع اللغة العربية، و“,”موسى قطاوي“,” باشا، الاقتصادي الكبير والمعارض لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، إلا أن تأثيرهم في الحياة المصرية اختفى بسبب قلة عددهم الآن. وعن وضع اليهود الحاليين يقول: مثلما تضاربت تقديرات أعداد يهود مصر، تضاربت أنشطتهم الاقتصادية، فالخبراء يقدرون أعدادهم من 80 يهودي فقط يحملون الجنسية المصرية وغير متزوجين زواجًا مختلطًا، حتى نحو 500 من المندمجين بزواج مختلط وحمل جنسية أجنبية، ويضيف أن أنشطتهم الحالية تتلخص في ملكية مصنع لأكياس البلاستيك يمتلكه رئيس طائفة اليهود القرائين “,”يوسف كافوسي“,”، وجدير بالذكر أن طائفة القرائين هي أقرب إلى المجتمعات الإسلامية، بجانب أن لها معابد خاصة لا يتم دخولها بالأحذية؛ لأن الركوع من أركان صلاتهم، وأشهر معابدهم ذلك الموجود في حي العباسية بشارع أحمد سعيد. ويستطرد: إنه من مهن الطائفة اليهودية أيضًا امتلاك رئيسة الطائفة الربانية “,”كارمن واينشتاين“,” لمكتبة شهيرة بوسط البلد، وعمل أكثر من شخص بمهنة المحاماة، على رأسهم “,”مراد فراج“,”، وهو يهودي قرائي صاحب مؤلفات كثيرة في النقد واللغة والشعر، وكان مستشارًا قانونيًّا للعائلة المالكة، وعلى دربه سار “,”يوسف درويش“,” المقرب من الحركة الشيوعية المصرية، والذي تعرض فترة للاعتقال لكونه شيوعيًّا ماركسيًّا وليس لكونه يهوديًّا، وحين أغلقت الحكومة مكتبه عام 1956 في منطقة وسط البلد، وقّع 10 آلاف عامل و270 محاميًّا على عريضة موجهة إلى جمال عبد الناصر، يطالبونه بإعادة فتح مكتب “,”يوسف درويش“,”؛ فاستجاب عبد الناصر. ويذكر أن عددًا من أعضاء الطائفة اليهودية تورط في “,”تأجير“,” معابد مغلقة ومتهدمة لعدد من تجار منطقة باب الشعرية (استخدمت كمخازن)، كما تم بيع أحد المعابد في مدينة بورسعيد بعد إصدار فتوى حاخامية بجواز عقد تلك الصفقة؛ الأمر الذي أثار جلبة كبيرة انتهت بالإطاحة برئيس الطائفة خلال زيارة له بكندا، وتعيين رئيسة الطائفة الحالية “,”واينشتاين“,” بدلًا منه. ومن أشهر المعابد في مصر حاليًّا “,”معبد عدلي“,”، المعروف بالعبرية باسم شعار “,”هاشميم“,” (بوابة السماء)، الذي لا يرتاده أحد إلا في الأعياد، حيث يفد إليه عدد من يهود مصر، وبعض من طاقم السفارة الإسرائيلية، وطلبة من يهود أمريكا الذين يدرسون بالجامعة الأمريكية. انتقلنا بالتحقيق إلى أرض الواقع بحي مصر القديمة، حيث عاش اليهود قبل ترحيل معظمهم في أقدم حارة لهم في مصر بمار جرجس، وهناك التقيت بواحدة من أقدم ساكني المنطقة، والتي تعيش بجوار معبد “,”بن عزرا“,” وتدعى “,”الست أم ماجد“,”، قابلتني بابتسامة، وقالت إنها تسكن هنا منذ الأربعينيات، وكان لها أصدقاء من جيرانها اليهود، وعاشوا في المنازل الموجودة بجوار المعبد لوقت طويل، وأضافت أن البيوت والمعبد ملك للطائفة اليهودية، وأنها تقابلهم دائمًا أثناء زيارتهم للمنطقة و“,”مدام كارمن بيتجي كل وقت توزع فلوس النذور على الغلابة من اليهود“,”. وتوجهنا إلى داخل معبد “,”بن عزرا“,” لأجد “,”عم شحاتة“,” الذي كان يقيم داخل المعبد قبل أن يتحول إلى مزار سياحي، وكان يحلو له أن يقدم نفسه على أنه اليهودي الأخير في مصر، عارضًا على السائحين صحفًا أجنبية كتبت عنه؛ ليؤكد لهم جدارته بالمساعدة المالية، وكان بالفعل يحصل عليها بالعملة الأجنبية، وحين تتجه المجموعات لتقديم المساعدة لجاره (عم أحمد) كان يصيح فيهم “,”جوي.. جوي“,” أي غير يهودي، فكانوا يردون أموالهم ثانية في جيوبهم!! بدخول بهو المعبد ستشارك السائحين الدهشة من روعة المكان الذي طليت معظم أجزائه بماء الذهب واللون الأبيض، بدءًا من منبر الحاخام وحتى المذبح المقدس، وكل هذا تمركز وسط قاعة كبيرة محاطة بالمقاعد التي أُعدت لأداء الطقوس الدينية. قضية أملاك اليهود في مصر بدأت القضية بدعوى الخواجة “,”رافيل بيجو“,”، اليهودي الكندي، لاستعادة أملاكه من الحكومة المصرية، وهي أرض مقام عليها شركة للمشروبات الغازية الشهيرة، ويقول “,”زكي هراري“,” أحد اليهود المهاجرين من مصر إنه كان ووالده يعملان في استيراد الأسلاك الكهربائية من أوروبا، وبعد ثورة 52 قُطعت كل عمليات الاستيراد بأمر من عبد الناصر، وكنا نملك حينها مبنى من أربعة طوابق بالإسكندرية في شارع مظلوم، ومع بداية تأميم ناصر لممتلكات اليهود، كان أمامنا خياران: إما الهجرة أو الرضا بالشريك المصري بنسبة 50%، فوافقنا على المشاركة مع أحد المصريين، وفي صباح أحد الأيام في أكتوبر 1961 أثناء ذهابنا للعمل كالمعتاد، وجدنا أن المحلات التجارية والمستودعات وجميع السلع التي نملكها -وقدرت بنصف مليون جنيه- أغلقت بالختم الأحمر. حقيقة سرقة ملفات المجمع العلمي وعن سرقة ملفات أملاك اليهود من المجمع العلمي بعد إحراقه، وخطورة ذلك، يقول الدكتور عبد الناصر حسن، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، إنه يسعى حاليًّا لتحريك قانون يعطي الدار حق الضبطية القضائية لكافه الوثائق الهامة بالجهات السيادية والوزارات والمؤسسات وغيرها، مؤكدًا أن محاولة تهريب مليون مستند متعلق بملكية اليهود لأراض بالقاهرة، والتي كان من المقرر تهريبها لإسرائيل قبل أن تتمكن النيابة العامة من ضبطها، يثبت أن ما يجري في مصر الآن عبث. وأكد حسن أن المستندات الخطيرة حول العدوان الثلاثي على مصر، ونكسه 1967، ونصر أكتوبر 1973، وغيرها، لا تزال محفوظة بأماكن كثيرة سيادية، رغم أنها حق للمصريين جميعًا؛ ليعرفوا دقائق تاريخهم من مصادرها الحقيقية الموثقة، ويجب أن تعود لدار الوثائق القومية، والتي تتيح للباحثين الاطلاع على الوثائق باشتراطات خاصة، وتحجب بعض الوثائق التي تمس الأمن القومي المصري، إلا أن دار الكتب والوثائق لا علاقه لها بالمستندات اليهودية المضبوطة، مؤكدًا أنهم يملكون أدوات أمنية عالية -تقنية وبشرية- لا تسمح بتسريب أية وثيقة من الدار. وردًّا على الحملة التي تبناها يهود من تل أبيب، وحركوها على المحافل الدولية؛ لاستعادة ما يزعمون أنه حق للاجئين اليهود الذين خرجوا قسرًا من العالم العربي أواسط القرن الماضي، قال الدكتور عبد الناصر إن تل أبيب عليها الاعتراف أولًا بجرائمها في مصر والعالم العربي، ونهبها لثروات سيناء قبل نصر أكتوبر، وقتلها للأسرى المصريين بطرق وحشية، وتهويدهم للتراث الفلسطيني بالكامل، عبر ادعاءات كاذبة تروجها وسائل إعلامهم دوليًّا، وعبر آلة طمس الحقائق على أرض الواقع، والتي تعمل في القدس وغيرها، مشيرًا في ختام تصريحه أن أملاكهم في مصر لن تصل لهذا الحجم المبالغ فيه، الذي يصورونه بأنه يتعدى المليارات؛ لأن كثيرًا من الأثرياء اليهود حين هاجروا من مصر باعوا أملاكهم آنذاك. ومن جانبها أعربت “,”كارمن واينشتاين“,” رئيسة الطائفة اليهودية في مصر عن رفضها لتدخل السفارة الإسرائيلية في أنشطة الطائفة، وأكدت أن يهود مصر غير إسرائيليين، بل وأعلنت مقاطعتها طاقم السفارة خلال المناسبات والأعياد، وأضافت أن الشعب المصري على مر العصور فرق بين اليهودي والصهيوني، معليًا مبادئ التسامح وقيم الاندماج والذوبان داخل القومية المصرية. ويرى الشارع الإسرائيلي أن هذه القضية هي بمثابة مسألة حياة أو موت بالنسبة لأي حكومة إسرائيلية، وجاء في تقرير -نشر بمنتدى “,”جي بلانت“,” الإسرائيلي- مفاده أنه يجب أن يناضل اليهود للحصول على “,”الكنوز اليهودية في مصر“,”، وأن يتجه العديد من رجال الأعمال لشراء هذه الأراضي؛ لأنها في الأماكن الأكثر أهمية في القاهرة، حيث تبلغ قيمتها -على حد وصفهم- بعشرات، بل مئات الملايين من الدولارات. وأفاد تقرير آخر لصحيفة “,”جلوبز“,” الإسرائيلية أن أملاك اليهود الذين طردوا من مصر تتراوح بين المليار والمليار ونصف دولار، بما وصف “,”بالكرة الذهبية“,” للاقتصاد الإسرائيلي، وأضاف التقرير أن اتفاقية السلام تحتم على إسرائيل مبدأ المعاملة بالمثل مع مصر، في إشارة إلى مطالبة مصر بحقولها النفطية برودس. ومن جانب آخر تقول الدكتورة “,”سهير زكي حواس“,”، نائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري: إن جميع المعابد والأملاك اليهودية المعروفة تندرج تحت القانون 144، الذي يمنع التصرف في أي مبنى له تاريخ أو مميز حضاريًّا، وأضافت أنه طالما أن المبنى مسجل، سواء يهوديًّا أو غير ذلك، فإنه لا يسمح بالمساس به، وكذلك مباني سفارات الدول الأجنبية.