قال الوزير المكلف بالاقتصاد في تونس لرويترز إن بلاده تتجه لرفع سن التقاعد عامين ليصل إلى 62 عاما اعتبارا من 2015 لخفض عجز الصناديق الاجتماعية في اطار خطط لمواصلة سياسة الاصلاحات الاقتصادية التي بدأتها تونس هذا العام. وبينما تتجه تونس بثبات نحو إكمال أخر مراحل الانتقال الديمقراطي مع استعدادها لتنظيم ثاني انتخابات برلمانية حرة في 26 اكتوبر تشرين الأول الحالي، فانها لا تزال تكافح لانعاش اقتصادها الواهن منذ الانتفاضة التي أطاحت بالديكتاتور السابق زين العابدين بن علي قبل أكثر من ثلاث سنوات. وقال نضال الورفلي الوزير المكلف بالاقتصاد في مقابلة حصرية ضمن قمة رويترز للاستثمار في الشرق الاوسط "اليوم الصناديق الاجتماعية تعاني عجزا كبيرا جدا ونحن ندرس كيفية اصلاحها بنجاعة وهناك توجه لرفع سن التقاعد بعامين انطلاقا من 2015". وكشف الوزير أن سن التقاعد سيكون بذلك 62 عام مضيفا أن تونس الآن من الدول القلائل التي لايزال فيها سن التقاعد 60 سنة. ومع استمرار اصلاحاتها الاقتصادية تأمل الحكومة التونسية بخفض العجز في الميزانية خلال 2015 إلى 5 بالمئة مقارنة بنحو 5.8 بالمئة متوقعة في نهاية 2014. وبينما يطالب اتحاد الشغل ذو التأثير القوي والذي يضم أكثر من 800 الف عضو ببدء مفاوضات عاجلة لرفع الرواتب في القطاع العام فان الورفلي يرى أن الأوضاع المالية الحرجة للبلاد لا تسمح فعلا في بدء المفاوضات هذا العام. واستدل الوزير التونسي على أن بلاده تجد حاليا صعوبة في اقناع صندوق النقد الدولي بصرف الشريحة الاخيرة من قرض بقيمة 1.78 مليار دولار بسبب "التباطؤ الاضطراري لبعض الاصلاحات الاقتصادية من بينها تأخر سن بعض القوانين." وتواجه تونس ضغوطا قوية من المقرضين الدوليين لخفض الإنفاق العام وتقليص الدعم في الطاقة وبعض المواد الاخرى. ولا تريد حكومة الكفاءات بقيادة رئيس الوزراء مهدي جمعة بدورها زيادة المصاعب المالية للبلاد في نهاية السنة وترغب على الأرجح في أن تترك الموضوع للحكومة المقبلة. وقال الورفلي إنه يعتقد أن الاتحاد العام للشغل يتفهم الوضعية الاقتصادية الحرجة للبلاد مضيفا أن كل مؤشرات المالية المنشورة في وزارة المالية "تؤكد هذه الصعوبات التي نمر بها." وستسلم حكومة جمعة التي قادت البلاد منذ مطلع 2014 الحكم بعد أسابيع قليلة. وقد يجعل هذا الأمر بدء مفاوضات فورية مع اتحاد الشغل لرفع أجور القطاع العام أمرا صعبا للغاية. لكن هذا قد يزيد التوتر الاجتماعي بينما تستعد البلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية. وقال اتحاد الشغل أنه أمهل الحكومة اسبوعين للرد عليه قبل النظر في بعض التحركات الاحتجاجية. وقال مسؤولون من الاتحاد أن كل الخيارات ممكنة من بينها اعلان اضراب عام. بداية صعبة في 2015 ولسد العجز المتوقع في ميزانية 2015 ستوصل تونس خروجها للاسواق المالية العالمية السنة المقبلة. وكشف الورفلي عن أن تونس ستصدر سندات بقيمة 600 مليون دولار في 2015 ومن المرجح ان يكون ذلك في النصف الاول من العام المقبل. والأسبوع الماضي أصدرت تونس سندات بقيمة 825 مليون دولار في السوق اليابانية يضمنها بنك اليابان للتعاون الدولي المملوك للدولة. كما تقدمت تونس بطلب إلى بعض البنوك لتقديم اقتراحات بخصوص إصدار محتمل للصكوك المقومة بالدولار وتأمل في استكمال باكورة إصداراتها من السندات الإسلامية هذا العام. وأبلغ الوزير التونسي رويترز أن بلاده تخطط أيضا ضمن مشروع ميزانية 2015 لاقتراض نحو مليار دولار من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اضافة إلى حوالي 600 مليون دولار من الأتحاد الأوروبي والبنك الافريقي للتنمية. وقال الورفلي إن الاشهر الأولى من 2015 ستكون صعبة على أي حكومة مقبلة وإنه ينبغي لتلك الحكومة أن يكون لديها من الشجاعة ما يكفي للمضي قدما في اصلاحات مؤلمة من زيادة عائدات الضرائب وتقليص الدعم في الطاقة وبعض المواد الأخرى. لكنه أضاف أن الحكومة الحالية جهزت كل شيء ولديها استراتجية اصلاح واضحة للسنوات المقبلة ستوفرها للحكومة التالية. وقال الورفلي إن ميزانية تونس ستكون في حدود 29 مليار دينار في 2015 مقارنة مع 28 مليار دينار في 2014 مضيفا أن كتلة الأجور سترتفع خلال ميزانية 2015 بحوالي 800 مليون دينار. وذكر أن الأجور في 2015 ستصل إلى 11 مليار دينار أي أكثر من ثلث الميزانية المقبلة وهو أمر قال إنه من غير الممكن الاستمرار فيه إذا أرادت تونس فعلا إنعاش الاقتصاد وخلق النمو عبر تمويل مشاريع التنمية والبنية التحية.