سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوثيون كلمة السر في الصراع داخل اليمن.. ننشر تفاصيل صعود الحركة في مواجهة الدولة من أجل نشر المذهب الزيدي.. وأسرار تعاليم حسين الحوثي ودورها في محاولة السيطرة على صنعاء
تصاعدت وتيرة الأحداث فى اليمن خلال الأونة الأخيرة، إثر إعلان حركة الحوثيين التصعيد ضد الدولة، خلال 3 مراحل، مستغلة "الجرعة" وهو قرار أصدرته الحكومة اليمنية برفع أسعار المواد البترولية، حتى وصل الحوثيون أمس الجمعة إلى مطار صنعاء وأغلقوه، وينتوي عبد الملك الحوثى زعيم "أنصار الله" خلال الخطوة التالية، غلق المصالح الحكومية ومحطات الوقود وإعلان التمرد والعصيان فى كل أنحاء العاصمة بغرض شل الدولة وتحقيق تطلعاته للسيطرة على الشمال اليمنى. والحوثيون حركة لم تتأسس في أول أمرها كحركة سياسية منظمة لها أهداف ونظم ولوائح كغيرها من الحركات السياسية, إنما بدأ إطارها الفكري يتشكل من خلال ملازم "منشورات" وتسجيلات للسيد حسين الحوثي على مجموعة من الأفكار الإسلامية التي تستهدف التجديد الديني في إطار المذهب الزيدي. وتبلورت الحركة لتأخذ شكلها الخاص أثناء الحرب، حتى إن الاسم "الحركة الحوثية" لم يطلق عليها إلا أثناء الحرب، وأطلقته السلطات بعد اندلاع المواجهات بين الطرفين، فهي لم تتأسس حركة منجزة لها أهداف وطموحات سياسية، وإلا لكانت اختارت لنفسها اسما مختلفا عن الذي اشتهرت به. فالحوثية تأسست كحالة فكرية ودينية منذ العام 2000 على يد السيد حسين الحوثي، وكان يطلق على مؤيديها وصف "جماعة الشعار" نسبة إلى تبنيهم "الشعار" أداة ووسيلة رئيسة لنشر أفكارهم ورؤاهم الفكرية والدينية، مع غياب تام لأي رؤية أو برنامج سياسي محدد. بدأ الحوثي نشاطه في منطقة صعدة التي تقع على الحدود اليمنية السعودية، البالغ عدد سكانها حوالي 700 ألف نسمة أغلبهم ينتمون للمذهب الزيدي الذي يخاف عليه بعض أبنائه من أن يتعرض للطمس تراثا وفكرا، وتعاني المنطقة من سوء الخدمات وغياب البنية التحتية. إن مؤسس الحركة الحوثية حسين الحوثي كان نائبا في البرلمان عن حزب الحق بين العامين 1993 و1997، وهو نجل السيد بدر الدين الحوثي أحد كبار علماء المذهب الزيدي، لكن الطبيعة الحركية للجماعة وظروف المواجهة مع النظام أحدثت نقلة نوعية في طبيعة الحركة، وتحديدا منذ العام 2005، حيث اتسعت مساحة انتشارها، وازدادت فاعليتها، وأخذت تفرض نفسها فاعلا غير رسمي باليمن, مستفيدة من استمرار الحروب الخمس التي شنتها السلطة ضدها, حتى إنها دخلت في مواجهة مباشرة مع المملكة العربية السعودية، وذلك بعد خوضها خمس حروب في مواجهة السلطات السعودية وتقول الحركة إن كل حروبها كانت دفاعا عن النفس. وكان السيد حسين الحوثي حريصا على تقديم نفسه كشخصية إسلامية مجددة في المذهب الزيدي، وأصدر لهذه الغاية مجموعة من الملازم تحتوي أفكارا ومراجعات فقهية دينية. لم تكن السلطات اليمنية في البداية منزعجة من الشعار, بل كان الانزعاج لدى علماء الزيدية بصعدة الذين لم يجدوا من المناسب ترديد هذا الشعار عقب الصلاة في بيوت الله, ولكن كانت ملازم الحوثي تنتشر بسرعة وتستقطب الكثير من الشباب في مناطق تواجد المذهب الزيدي خاصة, وامتدت الهتافات بالشعار للجامع الكبير بصنعاء, وأصبح أنصار الجماعة هدفا للاعتقال عقب كل صلاة جمعة، ما جعلهم يعتقدون بأهمية ما يقومون به. وقد شنت السلطة منذ بداية الحرب الأولى في منتصف العام 2004 حربا إعلامية موازية ضد الحوثي، واتهمته تارة بادعاء النبوة وتارة أخرى بالمهدوية وصولا إلى الإمامة. كانت السلطة قادرة على تسوية الأزمة مع الحركة الحوثية إن أرادت ودون اللجوء للحرب التي استمرت ست سنوات, لكنها فضلت الحرب التي سيقت كل المبررات لشنها واستمرارها, ولإخفاء السبب الحقيقي لها, وهو ما ذكره رئيس الجمهورية عند اجتماعه بعلماء المذهب الزيدي في أغسطس 2004، حيث قال "أنتم فتحتم ملف التوريث وأنا فتحت الحرب بصعدة". واستمرت الحرب ست جولات بمبررات متجددة تتجاوز العقل والمصلحة الوطنية والمنطق دون الوقوف على هذا السبب الذي دخلت تحته عدة أهداف أخرى تخدمه بطريقة أو بأخرى، حتى قتل حسين الحوثي. أما عبدالملك الحوثي الرجل المؤسس الثاني في الحوثية الذي حل محل اخيه فقال: "التيار الحوثي عبارة عن مجاميع شعبية تتحرك سليما لمعارضة الهجمة الامريكية عبر الشعار والدعوة الى مقاطعة البضائع الامريكية ونشر الثقافة القرآنية ومواجهة الغزو الفكري وهو ليس حزبا سياسيا" بعد صمود الحوثيين في الحروب التي خاضوها والانتصارات التي حققوها ضد الجيش اليمني في أكثر من معركة، زادت شعبية الحوثي وتجاوزت محيطه، وصار محل أعجاب أبناء المنطقة التي تعاني الحرمان والظلم وغياب التنمية، ما جعل الحوثي وجماعته يحظون بشرعية شعبية ذات وظيفة منافسة للسلطة والدولة الغائبة. وهكذا فإن الظروف المحيطة وطبيعة النشأة والدور الذي لعبه الحوثيون، وشخصية المؤسس حسين الحوثي، والأخطاء الرسمية في التعامل معه، واعتماد السلطة منهج القوة لحسم المعركة مع جماعته، وعدم القبول بأي خيارات أو حلول أخرى، عزز من وجود الحوثيين فاعلا غير رسمي، وما كان يستطيع أن يكون كذلك دون كل تلك السياسات الرسمية الخاطئة.