توقف برنامج التطعيم ضد الحصبة في شمال سوريا وسط خلافات على الجهة التي يجب أن تديره ما يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها توفير خدمات صحية أساسية في الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا. وتكافح المنظمات الدولية والسورية للسيطرة على المرض شديد العدوى - والذي يسبب الوفاة أحيانا- بعد 18 شهرا من ظهوره على الرغم من توفر مئات آلاف من جرعات التطعيم في جنوب شرق تركيا مخصصة لمخيمات اللاجئين في الجهة المقابلة للحدود والمعرضة بشكل كبير لانتشار مثل هذه الأمراض. وانهارت الخدمات الصحية الاساسية في شمال سوريا- ومن ضمنها التحصين الشامل- عندما تحولت ثورة سلمية ضد الرئيس السوري بشار الاسد قبل ثلاث سنوات إلى حرب أهلية تركت حوالي 9.3 ملايين شخص بحاجة للمساعدة. وتعمل المعارضة السورية بالاضافة إلى المنظمات غير الحكومية السورية والدولية إنطلاقا من تركيا لمحاولة إعادة تقديم الخدمات الصحية الحيوية ولكن استمرار القتال بالاضافة إلى القصف الجوي وصعوبة تنسيق عمل عشرات الوكالات الانسانية تبطيء هذه الجهود. وأسست الحكومة المؤقتة للائتلاف الوطني السوري- وهو المجلس المعارض الرسمي الذي تعترف به الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب- وزارة الصحة الخاصة بها وكانت تسعى لادارة حملات التطعيم بنفسها. ولكن عددا من منظمات الإغاثة الدولية والمانحين يعتبر الائتلاف طرفا سياسيا ويخشون من شبهة التحيز إذا ما تعاملوا معه بشكل مباشر ما دفعهم للعمل مع وحدة منفصلة وهي وحدة التنسيق والدعم التي تقود بدورها حملة ضد شلل الأطفال في المنطقة. وقال خالد الملاجي مدير القسم الصحي في الوحدة "تريد وزارة الصحة المؤقتة أن تشارك" في حملة التطعيم مشيرا إلى أن 250 الف جرعة ضد الحصبة موجودة في تركيا منذ شهر تقريبا بانتظار إرسالها إلى المخيمات قرب الحدود. وتابع "كنا ننتظرهم ليحددوا كيف سيساهمون في هذا المشروع من دون أن يسببوا الحرج لبعض الحكومات والمنظمات غير الحكومية التي لا تريد التعاطي معهم بشكل مباشر". وقال كبير المنسقين الصحيين في الوحدة بشير تاج الدين إن وباء الحصبة بدأ يظهر في سوريا أوائل عام 2013. وأضاف انه منذ بداية العام الجاري تم الابلاغ عن أربعة آلاف حالة جديدة على الرغم من أن الفحوصات المعملية ليست متوفرة بسهولة في البلاد لتأكيد هذه الأرقام. والحصبة مرض شديد العدوى وينتقل عبر سوائل الجسم مثل اللعاب والمخاط والرذاذ المتناثر أثناء السعال أو العطس ودموع العينين. ويمكن أن تسبب الحصبة مضاعفات خطيرة مثل التهاب السحايا والالتهاب الرئوي وقد تودي بحياة المريض في حال وجود ظروف صحية صعبة. وقالت منظمة الصحة العالمية إن عدد وفيات الحصبة في الدول الغنية يبلغ واحدا أو اثنين من بين كل ألف حالة إصابة في حين أن المرض نفسه قد يودي بحياة عشرة في المئة من المصابين في الدول التي تعاني من سوء التغذية بشكل كبير وسوء الرعاية الصحية. وقال تاج الدين إن الحصبة قتلت حتى الآن بين واحد واثنين في المئة من المصابين في سوريا. وبرغم أن الإصابة بهذا المرض مألوفة في طور الطفولة الا أنه في سوريا انتقل إلى الاطفال فوق الخامسة من عمرهم في 40 بالمئة من الحالات. وأعرب عمال الاغاثة عن احباطهم المتزايد جراء الخلاف بين الحكومة المؤقتة ووحدة التنسيق والدعم. في المقابل قال صندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف)إن حملة التطعيم ضد الحصبة وشلل الأطفال انتهت في 15 يونيو حزيران في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية حيث وزعت 1.3 مليون جرعة. وقال المتحدث باسم يونيسف في دمشق كومار تيكو لرويترز في رسالة عبر البريد الالكتروني إن الوكالة الدولية توفر التطعيم والابر وغيرها من المعدات بالاضافة إلى تغطية تكاليف الطاقم الطبي. من جهته قال المدير العام للرعاية الصحية في الحكومة المؤقتة محمد سعد أن سبب تأخر الحملة لا ينحصر فقط بالنزاع مع الوحدة في شمال سوريا مشيرا إلى أن الوكالات الاخرى تختلف فيما بينها على الطريقة الأمثل لادارة الحملة. وقال الملاجي إن الوحدة والحكومة المؤقتة تمكنتا من الاتفاق على توزيع الأدوار فيما بينهم في حملة التطعيم ضد الحصبة لكنهما لم تتمكنا حتى الآن من وضع خطة مفصلة لكيفية تطبيق هذا الاتفاق عمليا.