اقتراح برلماني بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ    وزيرة التضامن: 31.5% معدل التحاق الأطفال بالحضانات    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    يسجل 59.96 جنيه، سعر الفرنك السويسري بالبنوك المصرية (تحديث لحظي)    تعرف على سعر الإسترليني أمام الجنيه بالبنوك المصرية اليوم الأحد    البنك المركزي المصري يكشف ارتفاع صافي الأصول الأجنبية    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    الاحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    الاحتلال يعتقل 10 فلسطينيين على الأقل في الضفة الغربية خلال الساعات الماضية    تجدد الاشتباكات بين الجيش السودانى والدعم السريع فى بابنوسة    إكسترا نيوز: مصر تواصل تقديم شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة    الصندوق السيادي السعودي يخفض استثماراته الأمريكية إلى 19.4 مليار دولار    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    ضبط 3 متهمين بالتحرش والاعتداء على فتيات بالغربية    الهلال الأحمر المصرى يقدم خدمات الدعم النفسى للمصابين بحادث طريق أسنا    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    جلسة نقاشية تجمع مراد مصطفى وشريف فتحي ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    ضبط سيدة اعتدت على ابنتها وأصابتها بنزيف بالمخ في كفر الشيخ    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    بدوري الأبطال .. الأهلي ينتظر الموافقة على حضور 50 ألف مشجع أمام شبيبة القبائل    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    لإضافة بُعد روحي وتربوي، الجندي يوضح سبب وجود مصطفى حسني في لجنة تحكيم "دولة التلاوة"    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    سؤال برلمانى بشأن ظاهرة العجز الصارخ فى المعلمين    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    استقرار أسعار الذهب الأحد 16 نوفمبر.. وعيار 21 يسجل 5455 جنيهًا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأغنية الوطنية والوجدان المصري (1-3)
نشر في البوابة يوم 05 - 05 - 2014

ترتبط الأغنية الوطنية ارتباطًا وثيقًا بظهور مفهوم الوطن والقومية، وهو بهذا الشكل تطور حديث يرتبط بتكوين الدولة الوطنية وضرورة صنع مخيلات قومية يلعب التعليم والأغنية والموسيقى والأدب أهم عوامل ترسيخها في الوجدان الشعبي.
من هنا نرى أن ظاهرة الأغنية الوطنية بالمعنى المعروف الآن لا يمكن تتبعها إلا من خلال نشأة القومية والتوسع في وسائل الاتصال التي تسمح بالضرورة بانتشار الأغنية في ربوع البلاد حتى تكتسب صفة العمومية والوطنية، من هنا ترتبط الأغنية الوطنية إلى حدٍ كبير بظاهرة نمو الوعي القومي.
ولكن هناك عدة تساؤلات أساسية تواجه من يتطرق إلى هذا الموضوع لعل أهمها ماذا نقصد بالأغنية الوطنية؟ هل المقصود بها تمجيد الحكام أم التغني بالوطن ونمو الوعي القومي لدى الشعوب، بمعنى آخر هل نغني لحكامنا أم نغني لبلادنا؟!
هل نعتبر الأغنيات التي تغنى بها كبار الفنانين المصريين في مدح الملك فاروق أغاني وطنية؟ كيف ننظر إلى الأغنية الشهيرة لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب "أنشودة الفن" عندما بالغ في مدح فاروق قائلاً:
والفن مين أنصفه غير كلمة من مولاه
والفن مين شرفه غير الفاروق ورعاه
وماذا نقول عن الأوبريت الشهير للفنانة الراحلة أسمهان "موكب العز"، الذي كتبه الشاعر أحمد رامي، وقام بتلحينه الموسيقار رياض السنباطي، وتغنت به أسمهان في فيلمها الشهير "غرام وانتقام" الذي عُرض في عام 1944، هذا الأوبريت تم حذفه من الفيلم بعد قيام ثورة 1952، إذ اعتُبِر هذا الأوبريت مدحًا مبالغًا فيه في تاريخ الأسرة العلوية منذ محمد عليّ وحتى الملك فاروق، هذا مع الأخذ في الاعتبار أن خروج الأوبريت في هذا العام كان محاولة لاستعادة الشعبية المفقودة للملك فاروق بعد تزايد المعارضة الشعبية ضد حكمه بل ضد الأسرة الملكية نفسها.
وهل ينطبق نفس المعيار على الفترة الناصرية؟ ونقصد بذلك الأغاني التي تغنت بالزعيم عبدالناصر، ماذا نقول على سبيل المثال عن أغنيات مثل:
قربوا من فكره وأحلامه ياللي عليكم كل كلامه
ناصر ناصر ناصر
فى الصورة طالقكم قدامه قلتم إيه
ناصر ناصر
قيادات شعبية قلتم إيه؟
قلنا يا زعيمنا قلوبنا أهي.. أيامنا أهي.. ليالينا أهي
وكانت هذه الأغنية "صورة" التي تغنى بها عبدالحليم حافظ هي محاولة من عبدالناصر لجذب قيادات اليسار المصري التي كانت في البداية على خلاف كبير معه، لكن عبدالناصر حاول أن يجذب قوى اليسار إليه من خلال الدعوة إلى الاشتراكية وانضمام الشيوعيين المصريين إلى الاتحاد الاشتراكي والمساهمة فيه كقيادات شعبية، وهو ما وافق عليه بالفعل الكثير من التجمعات اليسارية.
وعلى نفس النحو هل نعتبر الأغاني التي تغنت باسم السادات في عصره أغاني وطنية؟ وربما يصبح من الصعب الإجابة على مثل هذا السؤال خاصةً إذا وضعنا موضع الدراسة أغنية شهيرة تغنى بها أيضًا عبدالحليم حافظ باسم السادات بعد حرب 73 وهي أغنية "عاش اللي قال" التي كتبها محمد حمزة ولحنها بليغ حمدي:
عاش اللي قال الكلمة ......... بحكمة وفي الوقت المناسب
عاش اللي قال لازم .......... نرجع أرضنا من كل غاصب
إنه من الجدير بالملاحظة أن العقل الجمعي المصري لم يتذكر الأغاني التي تغنت بأسماء حكامه وزعمائه بينما تستمر في وجدانه الأغاني التي تغنت بمصر حتى في عهد هؤلاء الزعماء، إننا مازلنا نتذكر من عصر عبدالناصر أغاني مثل الله أكبر و"والله زمان يا سلاحي" وهي التي ارتبطت بمناسبة وطنية هامة مثل حرب 56، أو أغاني مثل عدى النهار، واحلف بسماها وبترابها، هذه الأغنية التي استمر عبدالحليم حافظ يبدأ بها حفلاته منذ أيام النكسة وحتى حرب 73، وحتى في عصر السادات من منا لا يتذكر أغاني العبور مثل أغنية "بسم الله.. الله أكبر بسم الله" أو أغنية "حلوة بلادي" التي كتبها عبدالرحيم منصور ولحنها بليغ حمدي.
وهكذا يثبت العقل الجمعي المصري أن ما يبقى في وجدانه من أغاني وطنية هو ما ارتبط بالفعل بمفهوم الوطن وليس تمجيد الحكام، وربما يستثنى من هذه القاعدة لحظة الشجن الحقيقية التي عاشها الشعب المصري مع الوفاة المفاجئة لجمال عبدالناصر وهنا غنى الشعب المصري كله:
الوداع يا جمال يا حبيب الملايين
ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين
وهنا نلاحظ أن الشعب المصري عندما كان يودع عبدالناصر لم يكن يمجد حاكمه وإنما يغنى لحلم قومي ولفترة ثورية كان يشعر بحسه أنها قد تُختطف منه بعد ذلك.
ولتأصيل هذه الفكرة، أن الشعب يغني لمصر فقط وأنه عندما تبقى في ذاكرته أغنية لزعيم أو حاكم فإن هذا الموقف الاستثنائي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بلحظات هامة ونادرة في تاريخه عندما يصبح الزعيم رمزًا للوطن وهنا يصبح الأصل في الأشياء الوطن، وهذا يذكرنا بما حدث مع سعد زغلول في أثناء ثورة 19 عندما قامت السلطات البريطانية باعتقال سعد ورفاقه ونفيهم إلى الخارج، هنا سيرفع الشعب المصري سعد إلى مصاف الزعماء ويصبح سعد رمزًا للوطن، وعودة سعد من المنفى هي بمثابة عودة الروح إلى الوطن.
حيث منعت السلطات البريطانية الهتاف باسم سعد في المظاهرات والغناء له، وهنا ابتكر الشعب المصري وسيلة المقاومة بالحلة، حيث خرجت الأغنية الشهيرة "يا بلح زغلول" التي كتبها بديع خيري ولحنها سيد درويش.
وسيرًا على نفس الدرب اعتبر الشعب المصري إجبار بريطانيا على عودة سعد زغلول من المنفى انتصارًا للثورة المصرية وعودة الروح إلى مصر، حيث خرجت الأغنية الشهيرة لبديع خيري وسيد درويش:
مصرنا وطننا سعدها أملنا .. كلنا جميعًا للوطن ضحية
أجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا.. أن تعيش مصر عيشة هنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.