يعد ا لا حتفال بمولد العذراء بالمنيا من أروع صور الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط ، بعيدا عن زيف الكاميرات والحديث المزين بكلام عن الوحدة الوطنية، والزائر لقرية جبل الطير بسمالوط يري صورة مختلفة لاحتفال يشعر البعض، لولا مسماه، بأنه احتفال للمسلمين و ليس للأقباط الذين يتوافدون من مختلف محافظات مصر، حيث يصل عدد زوار المنطقة لأكثر من مليوني مواطن بمناسبة الاحتفال بزيارة العائلة المقدسة ومولد السيدة العذراء بكنيسة جبل الطير بسمالوط، تلك الكنيسة التي يصل عمرها إلى أكثر من 1680 عاما، والتي أنشأتها الملكة هيلانة عام 328 ميلادية على صخرة مرتفعة حول المغارة التي أقامت بها السيدة العذراء ثلاثة أيام بصحبة ابنها السيد المسيح أثناء هروبها من بطش الرومان إلى مصر. “,” “,” يقول محمود خليل، من سكان عزبة العابد، “,”أننا سنويا ننتظر احتفال موسم العذراء حيث تكتظ المنطقة بالزوار من جميع محافظات مصر ونشعر بالفرحة في تواجدهم وفرحتهم بالمنطقة فالزوار يتوافدون على الكنيسة طوال الأيام للتبرك بها ونحن نشعر ببركة المكان“,”. ويضيف حلمي إبراهيم، مزارع “,”أن زوار جبل الطير لا ينقطعون عن التردد على المغارة التي مكثت فيها السيدة العذراء طوال العام وعن لمس حوائطها والمسح بأيديهم على أجساد أولادهم للحصول على البركة ولا يستطيع أحد أن يفرق بين مسلم ومسيحي يحمل شمعة داخل الكهف، أما خارج الكنيسة فيقف أطفال مسلمون ومسيحيون يبيعون الشمع لرواد الكنيسة وزوار الكهف، كما أن موسم مولد العذراء يعتبر موسم رواج للتجار ومصدر رزق وفير لهم حيث تنتشر في شوارع المنطقة المحيطة بالكنيسة القديمة فرش التاجر المسلم مع التاجر المسيحي لبيع لعب الأطفال والشمع والهدايا التذكارية لرواد المكان، كما أن أغلب الرواد يحرصون على شراء الفول والحمص لأصدقائهم، وأغلب الزائرين من فلاحي الصعيد وخاصة الفتيات والسيدات اللاتي يطلبن من العذراء أن تساعدهن على مواجهة ظروف الحياة أو الإنجاب، وفى هذا المولد تتعالى أصوات الزوار بالدعاء للعذراء بمد يد العون لمواجهة ارتفاع الأسعار وضعف المرتبات الذي طال الجميع بلا تفرقة بين مسلم ومسيحي“,” . كما أن أغلب زوار المولد يتجهون إلى المغارة والماجور ويعتقدون أنهما مصدرا للبركة : “,” “,” فيروي مسؤول المغارة، أنها هي المكان الذي أقامت به العذراء والسيد المسيح ثلاثة أيام داخل الجبل، أما الماجور، فقصته أنه عندما جاءت السيدة العذراء إلى الجبل وجدت بعض النساء يقمن بعجن الدقيق في بقعة محفورة في سفح الجبل على شكل ماجور يجهزون الخبز في الغرفة المجاورة له فجلست السيدة العذراء على الماجور تقطع لهم الخبز ورغم أن العجين كان قليلا إلا أن العذراء قطعت من الخبز كثيرا بشكل لفت نظر السيدات اللائي كن يخبزن، وتعجبن من كثرة العجين فوضعت السيدة العذراء “,”المطرحة“,”، وهى يد تصنع من سعف النخيل أو من الخشب على الماجور، فجف العجين بداخله وأصبح هذا المكان منطقة بركة وخير تقصده النساء ويطفن حوله سبع مرات ويطلبن الإنجاب، والبعض يطلب الشفاء، وعند الماجور تسمع من الزوار قصصا تشبه المعجزات مثل الشخص الذي جاء إلى الماجور قبل يوم من إجراء عملية الحصو ة في المرارة وبعد الزيارة والدعاء لله وجد ان الحصوة اختفت حسب تأكيد الاطباء. وشخص آخر وجده الزائرون ينثر النقود في كل مكان بمنطقة الكنيسة، وعندما سأله الزوار قال أنه نذر جاء ليوفيه لأنه دعا الله في هذا المكان أن يرزقه بطفل فاستجاب الله لدعائه. تؤكد نسرين عياد، “,”إننا ننتظر المولد لنعمد فيه الأطفال حيث يتم تعميدهم داخل المغارة ونشعر بالفرحة الغامرة التي يجتمع فيها عدد من الاطفال الأقباط ينتظرون تعميدهم . ويضيف جرجس سمعان، موظف، أن بائعي شرائط الكاسيت والأسطوانات ينتشرون داخل المولد، وأصوات هذه الشرائط بها ترانيم يستمع إليها الزوار، حيث لا تخلو الكنيسة من المصلين في وقت الاحتفال، وتقام الصلاة في اليوم ثلاث مرات لكثرة عدد المصلين حتى يتمكن رواد المولد من أداء الصلاة والتبرك بها. ويؤكد عزت ميخائيل، أعمال حرة، أن الذبائح هي أحد أهم المعالم الرئيسية، حيث تتنوع الذبائح رغم ارتفاع الأسعار، ما بين الماعز ورؤوس الماشية، ويتم تقسيمها وتوزيعها والأكل منها طوال فترة الإقامة بالمنطقة. وأجمل صور الوحدة الوطنية، كما يرويها أحمد صبري، بائع، هي تواجد التجار المسلمين والأقباط داخل السوق، وتوافد الزائرين، وحالة الحب والمودة بين المسلمين والأقباط، والروحانيات الكبيرة الموجودة بالمنطقة . وقد رفع أكثر من مليوني زائر من زوار دير العذراء بسمالوط أياديهم للسماء داعين الله أن يحمي مصر من الشرور التي تحيط بها من كل مكان، وأن يحافظ الله علي نيلها. وشارك المسلمون إخوانهم الأقباط في قداس الليلة الكبيرة بكنائس جبل الطير، والتي تمتد للساعات الأولى من صباح اليوم، الخميس. وأكد القس داود ناشد، وكيل مطرانية سمالوط، أن هذا العام شهد تدفق عدد كبير من المواطنين، والذين يترددون علي المولد طوال الأسبوع منذ بداية الاحتفالات، وزاد الآن تدفق الأقباط لحضور قداس الليلة الكبيرة التي تأتي في نهاية الاحتفال، حيث حرص عدد كبير من الزوار على غسل همومهم ومشكلاتهم بروحانيات عالية ودعوة بالصلاح والاستقرار لمصر وأن يبارك شعبها ، وحرص المصلون بقداس الليلة الكبيرة علي الدعاء من أجل حل مشكلة النيل .