تشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة إلى أن النساء العاملات في القطاع الزراعي ما زلن يتقاضين أجورًا تقلّ عن نظرائهن من الرجال، إذ لا يحصلن سوى على 82 سنتًا مقابل كل دولار يجنيه الرجل، رغم أنهن يشكلن ركيزة أساسية في إنتاج الغذاء واستدامة الموارد الطبيعية، والمرأة الريفية ليست فقط شريكة في العمل الزراعي، بل هي حارسة الطبيعة وذاكرة الأرض. فتمكينها والمساواة بينها وبين الرجل لا يُعد مطلبًا حقوقيًا فحسب، بل هو خطوة محورية في مواجهة الفقر والجوع والتغير المناخي، وتشير البيانات إلى أن النساء حول العالم يساهمن في إنتاج نحو نصف الغذاء العالمي، بينما تصل هذه النسبة في بعض الدول النامية إلى 80 في المائة، لقد اكتسبت المرأة الريفية عبر الأجيال معرفة عميقة بكيفية التعامل مع التغيرات المناخية. فهي تمارس الزراعة المستدامة، وتلجأ إلى استخدام بذور مقاومة للجفاف، وتتبنى تقنيات صديقة للبيئة، وتدير التربة العضوية بطرق تحافظ على خصوبتها، إلى جانب قيادتها لمبادرات إعادة التشجير واستصلاح الأراضي داخل مجتمعاتها المحلية، ونساء الشعوب الأصلية أيضًا كنّ في مقدمة الصفوف لحماية البيئة، إذ ورثن عن أجدادهن ممارسات ومعارف تقليدية ساعدت على تعزيز قدرة مجتمعاتهن على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية. كما قادت كثير من النساء الريفيات الحركات الوطنية والعالمية التي دعت إلى التحرك العاجل للحد من أزمة المناخ وصون كوكب الأرض للأجيال القادمة، وبما أن النساء يعشن في صميم هذه الأزمة البيئية، فإنهن يتمتعن برؤية مختلفة تؤهلهن لأن يكنّ عناصر فاعلة في التغيير، قادرات على إيجاد حلول عملية للتخفيف من آثار الاحتباس الحراري والتكيف مع تبعاته اليومية. ورغم هذا الدور الحيوي، فإن الدراسات تؤكد أن آثار تغير المناخ تطال النساء بدرجة أشد، لا سيما نساء المناطق الريفية والسكان الأصليين، بسبب اعتمادهن المباشر على الزراعة، وتهميشهن الاقتصادي والاجتماعي، ما يجعلهن أكثر عرضة لتقلبات المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث، ويأتي موضوع اليوم الدولي للمرأة الريفية لهذا العام تحت شعار: «المرأة الريفية تحافظ على الطبيعة من أجل مستقبلنا الجماعي»، وهو عنوان يجسد أهمية دعم النساء في بناء قدرة المجتمعات على التكيف مع التغير المناخي، وحماية التنوع البيولوجي، ورعاية الأرض بروح المسؤولية والمساواة. إن الاحتفاء بهذا اليوم دعوة مفتوحة لتمكين المرأة الريفية وإشراكها في صنع القرار، ومنحها الأدوات والفرص ذاتها التي يحظى بها الرجل. فتمكينها هو استثمار في مستقبل بيئي وغذائي أكثر توازنًا وعدالة، يضمن استدامة الحياة على هذا الكوكب.