سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الإعلام الفلسطينى الأسبق: مصر فى كل الظروف تشكل سدا منيعا يحمى القضية الفلسطينية.. نبيل عمرو: العلاقة المصرية الإسرائيلية فى ذروة حرب باردة.. وقرار السلم والحرب شأن مصرى
فى ظل الأحداث المتسارعة فى قطاع غزة وتصاعد الأزمات الإنسانية والسياسية، يظل الوضع فى القطاع محل اهتمام دولى وإقليمى واسع، خاصة مع إعلان إسرائيل عزمها تهجير الفلسطينيين من القطاع وهو الأمر الذى يهدف فى النهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية. حول الأحداث الراهنة والمرتقبة التقت «البوابة» مع وزير الإعلام الفلسطينى الأسبق نبيل عمرو، الذى يمتلك رؤية عميقة وخبرة طويلة فى العلاقات المصرية الفلسطينية، تمكنه من الحديث بمنظور الخبير الذى عايش وتفاعل وأثر وتأثر فى كل ما يتصل بالقضية الفلسطينية، وعلاقة مصر بها خاصة وأنه كان سفيرا لفلسطين بالقاهرة خلال عامى 2008 و2009 وتحدث عن الدور المصرى كثيرا وكان أبلغ وصف كتبه فى مقاله بجريدة الشرق الأوسط اللندنية عام 2018 قائلا إنه «لو أن القائمين على جائزة نوبل العالمية يقررون إضافة بند الصبر السياسي، لحازت مصر الجائزة بلا منازع، بفعل دورها فى إدارة ملف غزة». السفير نبيل عمر، عُين ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية فى الاتحاد السوفييتى السابق عام 1988، وهناك أصبح سفيرا فوق العادة 1993، وتولى منصب وزير الإعلام فى عام 2003، وانتخب فى المجلس التشريعى إلى جانب توليه عدد من المناصب الأخرى.. وإلى نص الحوار. ■ كيف تقيم موقف مصر الآن بخصوص ما يجرى فى غزة ؟ - مصر ليست مجرد دولة مجاورة بل هى ذات علاقات تاريخية وجغرافية وإدارية بغزة، وهى أكثر العرب دراية بمكوناتها فمصر تتعامل مع غزة من منظار أمنها القومى الذى يعتبر القطاع أحد مكوناته والمؤثر المباشر فيه. وقبل حرب الإبادة كانت مصر تعمل على عدم تطور الحروب الصغيرة والمتوسطة التى كانت تشنها إسرائيل على غزة فى عهد حماس مثل حرب الجرف الصامد والرصاص المصبوب وغيرها، وكانت مصر تنجح فى وقفها والتقليل من خسائرها. وفى واحدة من هذه الحروب اقتحم ما يزيد على 700 ألف غزى السياج الحدودي وتدفقوا إلى سيناء وذلك أظهر خطرا ديمقوجرافيا مزدوجا على مصر وفلسطين معا، وشهدت مباشرة كيف تمكنت مصر من إعادتهم جميعا إلى غزة ولو لم تفعل ذلك لبنيت مخيمات جديدة على أرض سيناء فى الوقت الذى تعمل مصر والعالم على حل القضية الفلسطينية وليس تهجير أهلها. مصر فى كل الظروف تشكل سدا منيعا يحمى القضية من التهجير الخطر، الذى لا يكف الإسرائيليون عن التهديد به كما لا تتوقف عن العمل لوقف الحرب على غزة مع الوسطاء الآخرين. نبيل عمرو مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ■ ماذا تقول لمن تظاهر أمام سفارات مصر فى الخارج بزعم أنها تحاصر القطاع ؟ - كان هذا عملا خاطئا انطوى على تزوير للمسئولية عن الحرب العدوانية التى يجمع العالم بما فيه حلفاء إسرائيل التقليديين على أن تل أبيب مسئولة عن حرب الإبادة فى غزة، وما كان التورط فى تظاهرات كهذه فى الوقت الذى يتطلع العالم كله إلى دور مصر فى إنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة فى سياق موقفها الجذرى من حتمية قيام الدولة الفلسطينية وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. ■ كيف يمكن لمصر أن توازن بين ضغوط إسرائيل والولاياتالمتحدة من جهة، والتزاماتها التاريخية تجاه فلسطين من جهة أخرى؟ - مصر دولة إقليمية عظمى تعرف كيف تدير مواقفها حال نشوب حرب مثل الحرب فى غزة، والضغوط الإسرائيلية والأمريكية تركزت منذ الأيام الأولى نحو تهجير الفلسطينيين الغزيين إلى سيناء وتحدث مصادر أمريكية إسرائيلية عن إجراءات ترافق الضغوطات وفى تقديرى أن لا إجراءات ولا ضغوطات نجحت فى ثنى مصر عن موقفها القوى الرافض للتهجير. ■ هل الخلافات الحالية بين مصر وإسرائيل قد تتطور إلى مواجهة أوسع ؟ - العلاقة المصرية الإسرائيلية فى ذروة حرب باردة، وقرار السلم والحرب هو شأن سيادى مصرى ولكن احتمالات اتساع المواجهة الحالية تظل واردة خصوصا إذا ما اعتدت إسرائيل على الأرض والسيادة المصرية، وفى عهد اليمين الإسرائيلى المتحالف مع الحريديم كل الاحتمالات مفتوحة. ■ تخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من غزة.. برأيكم هل ستنجح فى ذلك ؟ - هنالك عوامل مانعة تحول دون حدوث مشروع التهجير، حيث الحديث المشترك عنه يتم مع الولاياتالمتحدة، وأهم هذه العوامل هو أن الفلسطينيين لا يرتضون عن غزة أى بديل قريب أو بعيد. والعامل الآخر أن الدول المرشحة لاستقبال ملايين الفلسطينيين لم تظهر أى استعداد لاستقبال اللاجئين ولو بأعداد محدودة وخصوصا الدول الأقرب مصر والأردن. أنا متأكد تماما من أن مشروع التهجير الطوعى والقسري، لا فرص له فى النجاح ولا أحد من العرب وحتى من العالم يقبل أن تحل قضية فلسطين على أراضيه وعلى حساب شعبه وسيادته. ■ هل يكفى الرفض السياسى والإعلامي، أم أن الأمر يحتاج إلى إجراءات عملية لوقف هذه المخططات وما هي؟ - بالتأكيد لا يكفى إذا ظل فى نطاق المواقف والتصريحات ولا أظنه سيبقى كذلك، فالإجراءات العملية لوقف هذه المخططات هى العمل الإقليمى والدولى المنسق لإنهاء هذه الحرب والدخول الفورى فى إعادة إعمار غزة، وفتح أفق دولى لحل جذرى للقضية الفلسطينية أساسه المبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية وقد نرى تحركا قويا وفعالا وواسعا بعد أن تضع الحرب أوزارها ويتعاظم الاعتراف بالدولة الفلسطينية ونجاح المؤتمر الدولى الذى سيعقد فى نيويورك بقيادة السعودية وفرنسا، ولا جدال على أن مصر ستكون فى طليعة الدول المؤثرة فى هذا الاتجاه. ■ هل مفاوضات الهدنة كشفت عن قصور فى رؤية حماس ؟ - على نحو ما نعم، هناك تكتيات جرى اتباعها التقطها نتنياهو كذريعة لمواصلة حربه الشخصية على غزة، وهذا لا يعفى إسرائيل من مسئوليتها المباشرة والكاملة على المقتلة التى نفذتها ولا تزال بحق غزة وأهلها، ومعظم ضحاياها من الأطفال والنساء والمدنيين. النسخة الورقية من الحوار ■ هل ترون فرصة حقيقية لمصالحة فلسطينية فى ظل الحرب والظروف الراهنة؟ - قلت هذا من قبل أثناء حرب غزة وعمل مصر على إنهاء الانقسام الفلسطيني، وقد تصادف أن كنت سفيرا لفلسطين بالقاهرة بعد شهور قليلة من انقلاب حماس واستئثارها بحكم غزة. كان الانقسام بمثابة الكارثة الثالثة بعد كارثتى 1948 و1967 وها نحن نرى آثار عدم انهاء الإنقسام الفلسطينى ليس فقط فيما يجرى من حرب إبادة على غزة وما يوازيها من حرب سيطرة ونفوذ واستيطان على الضفة. لقد شاركت فى الجهود التى سعت لإنهاء الانقسام بقيادة مصر، وبكل أسف لم نتمكن من الاستفادة من هذه الجهود حتى العربية والدولية لانهاء الانقسام وهو لايزال مستمرا منذ أكثر من 17 عاما ومازلنا نحصى خسائرنا السياسية والوطنية والمعنوية جراء هذا الانقسام. ■ ما المطلوب لتجاوز الخلافات الداخلية وتوحيد الصف الفلسطينى فى هذه المرحلة الحرجة ؟ - كدنا نتجاوزها حين اتفقنا على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فى مايو من العام قبل الماضى وذلك لأن الناس لابد أن يكونوا هم أصحاب القرار من خلال صندوق الاقتراع وذلك لأن الاستمرار فى المراوحة لن يصلنا إلى نتيجة. وعلى مصر وكل الحريصين على استمرار الحالة الفلسطينية عبر نظامها السياسى أن تشجع الانتخابات وأعتقد أن الرسالة التى وجهها الرئيس عباس للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أكدت على هذا بوسع العالم مساعدة الفلسطينيين فى إجراء انتخابات التشريعية والرئاسية الحرة والنزيهة وتحت إشراف دولى كما جرت مرتين من قبل فى الضفة والقدس وغزة، فالفلسطينيون فى حاجة إلى نظام سياسى مؤسساتى ومن دونه ستظل الحالة الفلسطينية تحت شرعية ناقصة ولن يجد العالم من يتحدث معه بشأن الحل الأساسى للقضية الفلسطينية. ■ هل ترى أن حل الدولتين ما زال قابلًا للتطبيق؟ - بالتأكيد نعم، ورغم الصعوبات الكبيرة التى تختلقها إسرائيل وتدعهما فى ذلك نصف أمريكا وحدها، فإن حل الدولتين والمعنى أساس قيام الدولة الفلسطينية هو الصعب الممكن وأى بديل عنه لا فرص له من التحقق، وكأننا نريد العمل من الصفر. ■ كيف تتصور مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب ؟ - سيكون هذا هو التحدث الأكبر أمام الفلسطينيين والعالم، إذ لابد من إعادة بناء غزة وذلك سيكون بجهد مصرى فى الأساس فلها رؤية ومشروع بهذا الخصوص مع دعم عربى ودولى فإن الأمر فى حاجة إلى مشروع مارشال غزى كذلك المشروع الذى أعاد بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وخصوصا ألمانيا المدمرة.