قبل طلوع الشمس لحجز الأرقام الأولى.. توافد مرشحي البرلمان على محكمة قنا    «رئيس الوزراء»: 859 شكوى تلقتها وزارة النقل من الموطنين خلال سبتمر    وزير العمل: استمرار الاختبارات للمتقدمين للعمل في لبنان بقطاع المطاحن    «الإسكان» تحدد مقابل التصالح في مخالفات البناء بمدينتي العبور وناصر الجديدة    أسعار الدواجن في مطروح اليوم    مصر تحقق إيرادات سياحية بقيمة 16.7 مليار دولار خلال 2024-2025    جامعتي القاهرة ونيو جيزة يتعاونان في الدراسات العليا لطب الأسنان    القافلة ال46 تحمل آلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية والغذائية إلى غزة    الخارجية الإسرائيلية: ترحيل ركاب سفن أسطول الحرية قسريا على الفور    أوكرانيا وألمانيا تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الدفاع    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    توجيه رئاسي بإطلاق اسم الدكتور أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    صحيفة دنماركية تكشف تفاصيل تعاقد الأهلي مع ثوروب    ضبط 104.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إخلاء سبيل عصام صاصا و15 آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    التعليم تُعيد المعلمين المحالين للمعاش خلال العام الدراسي الحالي إلى العمل    قنا.. القبض على متهمين في مشاجرة بين عائلتين بفاو عطلت حركة القطارات بدشنا    سفير بولندا: سعداء بفوز العناني برئاسة اليونسكو ونعتبره خبيرا عالميا    ليلى أحمد زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال من سيارتها    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات شرق المدينة ورأس التين وجمال عبدالناصر بالإسكندرية    قافلة «حياة كريمة» تقدم خدماتها الطبية بالمجان للمواطنين بقرية صندفا ببني مزار    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    اليوم.. الأهلي يعود للتدريبات استعدادا لمواجهة أيجل البوروندي    جامعة حلوان تعلن نتائج جائزة التميز الداخلي وتكرم الكليات الفائزة    من داخل الطائرة الانتحارية    الزعيم والعلامة.. الرئيس السيسى يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على أحد مساجد الزقازيق    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    الأرصاد: اليوم أمطار خفيفة إلى متوسطة على بعض المناطق    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    إدخال 16 شاحنة نقل مياه و5 سيارات إسعاف إماراتية من معبر رفح إلى غزة    وفاة الكوميديان الكوري جونج سي هيوب عن عمر يناهز 41 عامًا    ميكانيكية «الضوء» على خشبة المسرح    عروض فنية وندوات ثقافية.. احتفالات متنوعة نظمها قطاع المسرح في ذكرى النصر    داوني جونيور وتوم هولاند يروجان لشركتهما التجارية في إعلان جديد (فيديو)    في ذكرى رحيله، شادي عبد السلام عبقري السينما المصرية الذي سبقه الزمن ورفض أن يساوم على التاريخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    ميناء دمياط يستقبل 30 سفينة متنوعة اليوم    بعد تداولها في السوق السوداء.. حجب بعض تذاكر لقاء السعودية ضد إندونيسيا    دراسة تحذر: تناول علبة مشروبات غازية يوميًا يرفع خطر الإصابة بمرض كبدي خطير ب60%    وحدة أورام العيون بقصر العيني تقدم خدمات تشخيص وعلاج متكاملة بالمجان    «الاعتماد والرقابة» تستقبل وفدًا لبنانيًا للاطلاع على التجربة المصرية في تطبيق التأمين الشامل    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سمير عمر: مصر تقود جهود الوساطة منذ أوسلو وترحب بالدور القطري والتركي والأمريكي    زحام من المرشحين على أسبقية تقديم أوراق انتخابات مجلس النواب بالأقصر    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    ترحيل عصام صاصا وآخرين لقسم شرطة دار السلام بعد إخلاء سبيلهم    اعرف اسعار الدواجن اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    «حرام عليكم الجمهور.. ادوا للنادي حقه».. ميدو يوجه رسائل بشأن الزمالك    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    «صحح مفاهيمك» تنشر الوعي وتتصدى للظواهر السلبية بالمنوفية    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السويداء تشتعل من جديد.. تصاعد خطر الانهيار الأمني وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والدروز
نشر في البوابة يوم 18 - 07 - 2025

في جنوب سوريا، تعود مدينة السويداء لتتصدر المشهد الأمني، لا كرمز للتهدئة كما أرادتها القيادة، بل كنقطة غليان تقف على حافة الانفجار. ففي الساعات الأخيرة، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن استعداد قوات الأمن لإعادة الانتشار في المدينة ذات الغالبية الدرزية، بهدف فضّ الاشتباكات المتصاعدة بين فصائل درزية ومجموعات عشائرية بدوية، بعد إعلان النفير العام من قبل تجمعات بدو الجنوب دعماً لأبناء عمومتهم في المحافظة.

قبل أيام فقط، انسحبت القوات الحكومية من مواقعها في السويداء بموجب تفاهم ضمني مع القوى المحلية، على أمل إعطاء فرصة للمصالحة ووقف دائرة الانتقام. لكن هذا الانسحاب، الذي بدا للوهلة الأولى كبادرة حسن نية، تحوّل بسرعة إلى فراغ أمني استغلته النزاعات المحلية لملء الساحة بعنف جديد.

رواية الرئاسة السورية جاءت لتميط اللثام عن عمق الأزمة، إذ وصفت الفصائل الدرزية ب"القوات الخارجة عن القانون"، متهمةً إياها بارتكاب انتهاكات مروعة تضرب عرض الحائط بكل الالتزامات السابقة، وتنسف جهود الوساطة التي كانت تعوّل عليها دمشق لتفادي انفجار كبير في الجنوب السوري.
وتزامناً مع هذا التصعيد، توجهت أصابع الاتهام من دمشق نحو إسرائيل، معتبرةً أنها "تتدخل بشكل سافر" في الشأن السوري، وتسعى لتأجيج التوترات الطائفية والعرقية، في مشهد يعيد إلى الأذهان تعقيدات الأزمة السورية في سنواتها الأولى، حين كانت النزاعات المحلية تتحول بسرعة إلى ساحة صراع إقليمي.

وسط هذه المعطيات، تبدو السويداء وكأنها تعيش قصة مدينة تقف على شفير الهاوية؛ مدينة أُخليت من جنودها لترتاح، فاستيقظت على أزيز الرصاص وطبول الانتقام. الفصائل الدرزية، التي لطالما لعبت دوراً وسطياً في مشهد الحرب السورية، تدخل اليوم مواجهة مكشوفة مع الدولة والعشائر معاً، في لحظة قد تُعيد رسم الخريطة الهشة للتحالفات جنوب البلاد.
خلفيات الأزمة وتفاصيلها
السويداء، المدينة الواقعة جنوب سوريا ذات الأغلبية الدرزية، كانت لسنوات طويلة خارج معادلة الحرب التقليدية في البلاد، لكنها لم تكن بمنأى عن التوترات والاحتقانات العميقة. منذ عام 2011 تبنّى دروز السويداء موقفًا أقرب إلى الحياد، فلم ينخرطوا في المعركة العسكرية إلى جانب النظام، ولم ينضموا إلى فصائل المعارضة المسلحة، بل تمسكوا بشعار غير مكتوب: لا حرب في الجبل، ولا حرب من الجبل.
هذا الحياد الهش لم يحمِ المدينة من تصدعات داخلية. غابت الدولة عن كثير من مفاصل الحياة، وانتشرت العصابات المسلحة وشبكات التهريب، فظهر ما يُعرف بالفصائل المحلية، وهي مجموعات درزية مسلّحة نشأت بدافع حماية المجتمع المحلي، خاصة بعد صدمة الهجوم الذي شنه تنظيم داعش عام 2018 وخلّف مئات الضحايا. من بين هذه الفصائل برزت "قوة مكافحة الإرهاب" و"رجال الكرامة"، وهي كيانات حملت طابعًا مناطقيًا ورفضت إرسال شباب السويداء إلى جبهات الشمال، كما واجهت أحيانًا الأجهزة الأمنية نفسها.

في خلفية هذا المشهد المضطرب، ظل التوتر التاريخي قائمًا بين الدروز والعشائر البدوية في الجنوب. جذور هذا التوتر تمتد إلى عقود من التنافس على الأراضي والثأر والتباعد الاجتماعي، لكنه ظل مضبوطًا في إطار الأعراف والعلاقات الوسيطة. ومع انهيار المركزية الأمنية وغياب آليات الاحتواء، تحوّل هذا التوتر إلى قنبلة موقوتة انفجرت خلال الأيام الماضية حين أعلنت عشائر بدوية النفير العام، في استجابة لاحتكاكات دامية داخل السويداء.

محاولة للتهدئة
في محاولة للتهدئة، سحبت القيادة السورية وحداتها العسكرية من المدينة لإعطاء فرصة لحلول سلمية. غير أن هذه الخطوة فُسرت محليًا كإقرار بالعجز، وعمّقت فراغًا أمنيًا استغلته الفصائل لتوسيع نفوذها، في وقت رأى فيه البدو أن انسحاب الجيش يفتح الباب للانتقام. اندلعت المواجهات سريعًا، وتراشقت الأطراف الاتهامات. الحكومة اتهمت الفصائل الدرزية بخرق وقف إطلاق النار وارتكاب أعمال انتقام وحشية، واعتبرت أن ما يجري يهدد السلم الأهلي ويفتح الباب لانهيار شامل في الجنوب.

في خلفية الأحداث، تبرز أصابع إسرائيلية كما تشير الرواية الرسمية، حيث تتهم دمشق تل أبيب بمحاولة تغذية الصراع بين مكونات الجنوب السوري بهدف إنهاك الدولة السورية وفتح ثغرات إضافية في جبهتها الجنوبية.
السويداء اليوم ليست فقط ساحة نزاع أهلي، بل مرآة للأزمة السورية المركبة. ما يجري فيها ليس خلافًا بين طائفتين أو قبيلتين، بل انعكاس لانهيار الدولة المركزية وتآكل قدرتها على إدارة التوازنات الهشة. السؤال المطروح الآن ليس متى ينتهي الاشتباك، بل هل ما زال بالإمكان إعادة المدينة إلى حالة "الحياد"، أم أنها دخلت طورًا جديدًا من الحرب، هذه المرة داخل البيت الواحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.