كشفت شركة كاسبرسكي، المتخصصة في الأمن السيبراني، عن تهديد متصاعد يجسده ظهور مجموعة FunkSec، وهي مجموعة إجرامية إلكترونية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجماتها. ووفقًا لتحليلات فريق البحث والتحليل العالمي (GReAT) بالشركة، فإن هذه المجموعة تمثل نقلة نوعية في مشهد برمجيات الفدية، حيث تجمع بين التشفير الكامل، واستخراج البيانات، وآليات التهرب المتقدمة، مع الاعتماد المكثف على الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير الأدوات البرمجية. وأكد خبراء كاسبرسكي أن مجموعة FunkSec بدأت نشاطها في أواخر عام 2024، وسرعان ما توسعت لتستهدف قطاعات حكومية ومالية وتقنية وتعليمية، مستندة إلى بنية تقنية عالية التطور تُنفذ بها هجمات واسعة النطاق مع مطالبات فدية منخفضة نسبيًا لا تتجاوز غالبًا 10 آلاف دولار. أدوات خبيثة بكفاءة عالية ووفقًا للتقرير، فإن المجموعة تعتمد على ملف تنفيذي بلغة Rust، يدمج وظائف متقدمة منها تعطيل أكثر من 50 عملية على جهاز الضحية، والتشفير، وسرقة البيانات، ومسح الآثار الرقمية، دون الحاجة إلى أدوات مساعدة خارجية. كما يوفر الملف خاصية فريدة للتحكم في آلية التشغيل عبر "كلمة مرور"، بحيث تفعّل بعض الوظائف الخطرة مثل تسريب البيانات الحساسة فقط عند إدخال الكلمة الصحيحة. الذكاء الاصطناعي في خدمة الجريمة يرى فريق GReAT أن الكود البرمجي المستخدم يكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل مباشر، حيث لوحظت تعليقات برمجية تلقائية مثل "placeholder for actual check"، إلى جانب أخطاء تركيبية وتكرار في الوحدات البرمجية، ما يشير إلى توليد آلي للكود من خلال نماذج لغوية كبيرة (LLMs)، ما يجعل من FunkSec نموذجًا حقيقيًا لحقبة جديدة من الجرائم السيبرانية. هجمات منخفضة التكلفة وعالية التكرار بعكس مجموعات الفدية التقليدية التي تطلب ملايين الدولارات، تتبع FunkSec نموذجًا يعتمد على الكم، من خلال تنفيذ عدد كبير من الهجمات بمبالغ فدية منخفضة، وبيع البيانات المسروقة بأسعار زهيدة، مما يعزز من حضورها في الشبكة المظلمة ويوسّع من تأثيرها. وبحسب التحليل، تمتلك FunkSec موقعًا على الشبكة المظلمة (DLS) يعرض أدوات إضافية، من بينها مولّد كلمات مرور بلغة بايثون، وأداة لهجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS)، مما يوضح أنها ليست مجرد جهة تنشط في مجال الفدية، بل تمثل منظومة متكاملة من الأدوات التخريبية. تتمتع برمجية FunkSec بقدرات متقدمة على التهرب من آليات الرصد، حيث تستطيع إيقاف العمليات الأمنية النشطة على الأجهزة المستهدفة، وتنفيذ أوامر حتى في حالة عدم امتلاك صلاحيات كافية، ما يعقّد من مهمة التحليل الرقمي الجنائي بعد وقوع الهجوم. توصيات لمواجهة التهديد وللوقاية من هذه النوعية المتقدمة من الهجمات، أوصت كاسبرسكي المؤسسات باتباع مجموعة من الإجراءات الصارمة، شملت: * تفعيل أدوات الحماية من الفدية على جميع الأجهزة، مع استخدام أداة Kaspersky Anti-Ransomware Tool المجانية. * الحرص على تحديث البرمجيات بشكل دوري لمنع استغلال الثغرات الأمنية. * متابعة حركة البيانات الصادرة للكشف عن تسريب المعلومات واتصالات المهاجمين بالشبكة. * الاحتفاظ بنسخ احتياطية غير متصلة بالشبكة لتسهيل الاسترجاع في حالات الطوارئ. * تثبيت حلول متقدمة للكشف والاستجابة (EDR/XDR)، وتدريب فرق الأمن السيبراني على التهديدات الحديثة. * الاعتماد على معلومات التهديدات اللحظية لفهم التكتيكات الجديدة وتطوير منظومة الدفاع. تصنيف التهديد وقد صنّفت كاسبرسكي برمجية FunkSec تحت التهديد التالي: HEUR:Trojan-Ransom.Win64.Generic وتؤكد الشركة أن هذا النوع من البرمجيات الخبيثة، المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمثل تحديًا متزايدًا للأمن السيبراني العالمي، إذ بات الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم فقط للدفاع، بل أصبح أداة هجومية متطورة في أيدي المجرمين الإلكترونيين، ما يستدعي من المؤسسات رفع الجاهزية الدفاعية واستباق التهديدات بأدوات استشرافية واستباقية.