في مشهد سياسي معقّد تتداخل فيه النيران مع المفاوضات، قال مصدر مقرّب من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوكالة "رويترز" اليوم الخميس، إن الحركة تُصرّ على الحصول على ضمانات أمريكية واضحة، تؤكد أن المقترح الجديد لوقف إطلاق النار في غزة لن يكون مجرد هدنة مؤقتة، بل خطوة أولى نحو نهاية شاملة للحرب. وبحسب المصدر، فإن حماس لن تقبل بأي وقف لإطلاق النار لا يتضمّن التزامًا صريحًا من واشنطن بأن هذه الخطوة ستُفضي فعليًا إلى وقف دائم للعمليات العسكرية الإسرائيلية. وهو الشرط ذاته الذي، وفقًا لما ذكرته "رويترز"، أفشل جولات التفاوض السابقة، حيث اصطدم الطموح الفلسطيني بالضبابية السياسية الإسرائيلية وعدم وجود ضامن دولي ملزم. وفي الجهة المقابلة، تحدث مسؤولون إسرائيليون للوكالة عن استمرار المحادثات غير المباشرة، مشيرين إلى أن الجهود لم تتوقف، بل تتواصل بوتيرة محسوبة، سعيًا للتوصل إلى اتفاق يتضمّن وقفًا لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى، في وقت تجاوزت فيه الحرب بين إسرائيل وحماس حاجز ال21 شهرًا، مخلفة دمارًا واسعًا وأزمة إنسانية غير مسبوقة. محاولات وقف حرب غزة وتزامنت هذه التصريحات مع نجاح واشنطن مؤخرًا في التوسط لوقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وإيران، وهو تطور أعاد بعض الزخم إلى التحركات الدبلوماسية بشأن غزة، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة للوكالة. وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، أن إسرائيل وافقت على هدنة مؤقتة مدتها 60 يومًا، تُخصص للتفاوض حول اتفاق دائم ينهي الحرب. غير أن الموقف الإسرائيلي ما يزال متأرجحًا بين الرغبة في الصفقة والضغوط الداخلية، إذ أشار مصدر سياسي مطلع ل"رويترز" إلى أن إسرائيل تنتظر ردًا رسميًا من حماس بحلول يوم الجمعة، وفي حال كان الرد إيجابيًا، فسيتم إرسال وفد إسرائيلي للمشاركة في مفاوضات غير مباشرة لاستكمال تفاصيل الصفقة. المقترح المطروح على الطاولة، وفق ما كشفته مصادر مطلعة للوكالة، يتضمن إفراجًا تدريجيًا عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم جثامين 18 آخرين تحتجزهم حماس، مقابل إفراج إسرائيل عن معتقلين فلسطينيين. وتشير التقديرات إلى أن نحو 20 فقط من أصل 50 أسيرًا إسرائيليًا في غزة ما زالوا على قيد الحياة. من جانبه، أكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن تل أبيب مستعدة للمضي قدمًا في الاتفاق، رغم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستعد للسفر إلى واشنطن يوم الإثنين للقاء الرئيس ترامب، ما يضيف بُعدًا سياسيًا حساسًا للمفاوضات، ويطرح أسئلة حول مدى الجدية في تحويل هذه الهدنة إلى محطة فاصلة تنهي النزاع الدموي المستمر.