في فجر الجمعة، امتد لهيب آلة الحرب الإسرائيلية إلى خيمة تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ليكتب فصلًا جديدًا من فصول المجزرة المتواصلة. سقط شهيدان وعدد من الجرحى، كان من بينهما الطبيب أيمن سليمان أبو طير، الذي ارتقى مع ابنة أخيه أميرة محمد أبو طير، بعد أن طالتهم قذائف الاحتلال في شارع 5، ليلتحق بمن سبقه من أهله، إذ فقد والدته وزوجته وأطفاله في قصفٍ سابق خلال الحرب التي باتت توصف بأنها إبادة جماعية مكتملة الأركان. وفي مشهد لا يهدأ فيه الموت، أعلن مجمع ناصر الطبي في خان يونس وصول جثامين ثلاثة شهداء، ارتقوا جراء غارة شنتها طائرات الاستطلاع الإسرائيلية على منطقتي بني سهيلا وحي الشيخ ناصر شرق المدينة، وكان من بين الشهداء الشاب حمادة محمد صالح العقاد. وفي بلدة القرارة شمال خان يونس، أُعلن استشهاد مواطن آخر في قصف مماثل، نُقل جثمانه إلى المجمع ذاته. مشهد مأساوي في وسط القطاع، ازداد المشهد مأساوية مع إعلان مستشفى العودة في النصيرات عن استقباله جثمان شهيد واحد و43 إصابة، إثر استهداف طائرات الاحتلال تجمعات لمواطنين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية على شارع صلاح الدين جنوب وادي غزة. طالت نيران العدوان أولئك الذين لا يملكون سوى الانتظار في طوابير الجوع والذل. وفي مدينة غزة، تواصل القصف المدفعي على أحياء الشجاعية والتفاح، تزامنًا مع تنفيذ عمليات نسف وتفجير منازل ومبانٍ باستخدام "روبوتات مفخخة" في شارع مسعود شرق بلدة جباليا شمال القطاع. كما طالت المدفعية الإسرائيلية مناطق أخرى في خان يونس، بالتوازي مع عمليات تدمير واسعة لمنازل السكان شمال المدينة. منذ السابع من أكتوبر 2023، تتواصل المذابح بحق الفلسطينيين في غزة على يد قوة الاحتلال الإسرائيلي، وسط صمت دولي مخزٍ وتجاهل فجٍ لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان. وتؤكد الوقائع الميدانية أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة ممنهجة، تشمل القتل الجماعي، والتجويع، والتدمير الشامل، والتهجير القسري. وأسفرت هذه الحرب حتى الآن عن أكثر من 188 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، ومجاعة خانقة أزهقت أرواح مئات من الأطفال، في ظل حصار كامل وانهيار شبه تام للمنظومة الصحية والإنسانية.