تتنوع الأشهر في تقويم المسلمين بين عادية ومباركة، لكن حين يُذكر شهر ذي الحجة، تتوقف القلوب قبل الأقلام، فهو موسم من أعظم مواسم الطاعة والرحمة والمغفرة، وهو الشهر الذي تجتمع فيه أركان عظيمة من الإسلام، من صيام وصدقة وحج وذبح وذكر ودعاء. ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر والأخير في السنة الهجرية، وأحد الأشهر الحُرم الأربعة التي قال عنها الله تعالى:"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ" [التوبة: 36]، وهو شهر تتضاعف فيه الحسنات، وتُعظم فيه السيئات، ويُعد من أعظم أشهر العبادة في حياة المسلم، وبداية لرحلة روحية عميقة، يتقرب فيها المسلم إلى ربه بأعمال عظيمة تجمع بين أركان الإسلام، ففيه الصيام في الأيام الأُوَل، والصدقة للفقراء، والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وذبح الأضاحي تقربًا لله، وذكر وتكبير وتهليل يملأ الأجواء. فضائل شهر ذي الحجة تُعد الأيام العشر الأولى من ذو الحجة هي أعظم الأيام عند الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ" يعني العشر الأوائل. — رواه البخاري. يوم عرفة، وهو تاسع هذه الأيام، يُعد أعظم أيام السنة من حيث مغفرة الذنوب، وهو اليوم الذي يقف فيه الحجاج على جبل عرفات، وتتنزل فيه الرحمات، ويُكفِّر صيامه سنتين من الذنوب، سنة ماضية وسنة قادمة. يوم النحر وهو (عيد الأضحى)، عاشر أيام ذو الحجة، وهو أعظم أيام العيد، وفيه تُذبح الأضاحي تقربًا إلى الله، وتُوزع على الفقراء والمساكين، وهو من أعظم القُربات. الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، لا يكون إلا في أيامٍ معدودة من هذا الشهر، وهو أعظم عبادة في العمر كله، لمن استطاع إليه سبيلا. أيام التشريق، وهي الثلاثة التي تلي عيد الأضحى، تكثر فيها الأذكار، ويُستمر فيها ذبح الأضاحي، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله.
كيف نستغل شهر ذي الحجة ؟ شهر ذو الحجة فرصة عظيمة لكل قلبٍ يشتاق إلى القرب من الله، وليس للحجاج فقط، فاستعد وابدأ العدّ التنازلي للرحمة، وكن من الفائزين في موسم المغفرة، وذلك من خلال صيام الأيام التسعة الأولى، وخاصة يوم عرفة، والتكبير والتهليل والتحميد في كل وقت، والصدقة، وخاصة للأسر المحتاجة، وصِلة الرحم وزيارة الأقارب، والحج والعمرة لمن استطاع.