اليمين المتطرف يدعو إلى احتلال القطاع بالكامل.. والجيش يتخوف من قتل الرهائن تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة بشأن سياستها تجاه غزة، حيث تتأرجح الحكومة بين مطالب متشددة من شركائها في الائتلاف اليميني المتطرف ونصائح حذرة من القادة العسكريين. يوم الإثنين الماضي، رفعت إسرائيل فجأةً حصارها للمساعدات الذي استمر شهرين، وسمحت بدخول عدد قليل من شاحنات الطعام إلى غزة، حتى مع تصعيدها بشن هجوم بري واسع النطاق، وهو قرار يكشف عن انقسامات عميقة في صميم استراتيجيتها. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعمل على استرضاء حلفائه اليمينيين الذين يعارضون الإغاثة الإنسانية لغزة، وفي الوقت نفسه يحاول أن يستجيب لحلفائه الأجانب، وخاصة إدارة ترامب، الذين أعربوا عن قلقهم من خطر المجاعة الجماعية في القطاع المحاصر. حسابات سياسية رغم أسابيع من الخطابات النارية والغارات الجوية المكثفة، لم يتحقق بعد الغزو البري الإسرائيلي الكبير الذي طال انتظاره. ووفقًا للمحللين، يُبرز هذا التردد جدلًا مستمرًا داخل مجلس الحرب الإسرائيلي. فقد دعا وزراء اليمين المتطرف إلى إعادة احتلال غزة بالكامل، بينما حذّر كبار جنرالات إسرائيل من أن مثل هذه الخطوة يكاد يكون من المستحيل استمرارها، لا سيما مع تزايد المخاوف بشأن سلامة الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم، وعدم استعداد جنود الاحتياط للمشاركة في احتلال طويل الأمد. يقول دانيال ب. شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل والزميل في المجلس الأطلسي: "نتنياهو، كعادته، يُفضل كسب الوقت بدلًا من اتخاذ القرارات". ويرى هو وخبراء آخرون أن المزيج الحالي من الخطاب العدواني والتأخير التكتيكي هو محاولة من نتنياهو لتجاوز الخلافات السياسية دون اتخاذ خيارات لا رجعة فيها. غموض استراتيجي لا يُعدّ غموض إسرائيل نتاجًا للانقسام الداخلي فحسب، بل يعكس أيضًا المشهد المتغير لمفاوضات وقف إطلاق النار. تُمارس إدارة ترامب، الداعم الدولي الرئيسي لإسرائيل، ضغوطًا الآن على الجانبين للموافقة على هدنة. ويأمل المسئولون الإسرائيليون أن يُشكّل التهديد بهجوم بري أوسع ضغطًًا على حماس لقبول صفقة مؤقتة لإطلاق سراح بعض الرهائن، رغم إصرار حماس على وقف إطلاق نار دائم. قالت شيرا إيفرون، مديرة الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية: "يجب قراءة كل شيء في سياق المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق نار جديد واتفاق بشأن الرهائن. لقد بدأت إسرائيل عملية برية جديدة، لكن كل شيء لا يزال قابلًا للتراجع.. في الوقت الحالي، تُعدّ هذه العملية العسكرية أداة تفاوضية، فهي تُزيد الضغط على حماس لتقديم تنازلات في المحادثات". تراجع المساعدات جاء التحول في سياسة المساعدات الإسرائيلية، بعد أسابيع من الإصرار على وجود إمدادات غذائية كافية في غزة، في ظل تزايد الاستنكار الدولي للكارثة الإنسانية. أقر نتنياهو بأن هذه الخطوة جاءت ردًا على الانتقادات الخارجية، ومحاولة استراتيجية للحفاظ على الدعم العالمي لحملة إسرائيل. في البداية، حاولت إسرائيل استبدال إشراف الأممالمتحدة على توزيع المساعدات بشركة خاصة جديدة، هي مؤسسة غزة الإنسانية. ومع ذلك، ولأن الشركة لم تبدأ عملها بعد، اضطرت إسرائيل إلى طلب استئناف الأممالمتحدة لعملها الإغاثي. يُسلط هذا التراجع الضوء على صعوبات إنشاء أنظمة بديلة، واستمرار الحاجة إلى وكالات إنسانية قائمة على الأرض. توترات عالقة مع تطوّر الوضع، تجد حكومة نتنياهو نفسها في مأزقٍ دقيق: الاستجابة لضغوط اليمين، وإدارة الواقع العسكري، والحفاظ على الدعم الدولي. في الوقت الحالي، يُستخدم كلٌّ من التهديد بغزو بري أوسع والاستئناف الجزئي للمساعدات كأدوات ضغط في محادثات الرهائن ووقف إطلاق النار الجارية. ومع ذلك، ومع نفاد صبر العالم، قد يُجبر قادة إسرائيل قريبًا على اتخاذ قرارات صعبة بشأن مسار حرب غزة والأزمة الإنسانية التي تُصاحبها. *نيويورك تايمز