عقب عام حافل شهد إغلاق المسجد الأقصى المبارك فى وجه المسلمين وإتاحته لاقتحامات المتطرفين، يحاول الاحتلال الإسرائيلى استغلال موسم الأعياد اليهودية من أجل فرض أمر واقع جديد فى الأقصى المبارك. فمع موسم عيد الفصح العبرى، أعلنت منظمات وهيئات تطلق على نفسها "منظمات الهيكل المزعوم" عن أسبوع من الفعاليات التى تستهدف المسجد الأقصى منذ الخميس العاشر من الشهر الجارى حتى السابع عشر منه. وتم إعداد برنامج لاقتحامات الأقصى تبدأ بالتدريب وتقديم "قرابين الهيكل" عشية العيد الذى يبدأ الاثنين المقبل، والإعلان عن أداء بعض الشعائر التلمودية الخاصة بالعيد ومسيرات تجوب البلدة القديمة وتصل إلى الحرم، بالإضافة إلى دعوات لاقتحامات جماعية لعائلات المستوطنين وأطفالهم للأقصى صباح يوم الاثنين الموافق الرابع عشر من الشهر الجارى، ما ينذر باصطدام حتمى بين المسلمين المرابطين فى الأقصى وبين اليهود المقتحمين له. وكانت إدارة الأوقاف فى الأقصى قد أعلنت عن تقديم طلب بشكل رسمى للشرطة الإسرائيلية بإغلاق باب المغاربة يوم الاثنين المقبل لعدم المساس بالمسجد الأقصى المبارك والحفاظ على قدسيته، كما دعت جميع المسلمين للتواجد والصلاة فى المسجد الأقصى لإثبات إسلاميته فى هذه الأيام. وفى كل عام تشهد المدينة أحداثًا تنتج عن اقتحام أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وممارسات المستوطنين الاستفزازية لكن هذا العام يصل الخطر إلى ذروته وسط مخططات تقسيمية للأقصى الأقرب للتنفيذ. وقال مهدى عبد الهادى، رئيس الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشئون الدولية، إن الحركة الصهيونية تصاعد يمينها المتطرف لتبعد عن البعد الدينى وتخرج عن كل التقاليد التلمودية اليهودية باستثمار الشباب الإسرائيلى لكى يفرض حضوره فى قضايا دينية بحتة فى القدس، مضيفًا "مشاريع القرابين ومشاريع المسيرات والأعلام والأغانى والأناشيد ماهى إلا تعبئة جيل إسرائيلى جديد لتسجيل حضوره وسيطرته على المكان". ورفعت منظمات الهيكل المزعوم شعارات لإنقاذ جبل الهيكل من المسلمين فى عيدها العبرى وتطالب بتحديد أوقات لليهود فى الأقصى، وفى المقابل الاحتلال يحرم المسلمين من الصلاة فى الأقصى والمسيحيون يضطرون لمطالبة الاحتلال بعدم إغلاق كنيسة القيامة والسماح لهم بتأدية شعائرهم الدينية التى تعتبر حقًا مكفولًا لدى العالم لكنه مخترق من قبل الاحتلال الإسرائيلى. وحذرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث من محاولات الاحتلال الإسرائيلى استغلال موسم الأعياد اليهودية من أجل فرض أمر واقع جديد في الأقصى، مطالبة بتكثيف الجهود لدرء الخطر عن المسجد وإنقاذه فورًا. كما أطلقت مجموعات ومؤسسات مسيحية الخميس حملة "عيد الفصح المجيد لحرية العبادة فى القدس" التي تطالب باستمرار إحياء طقوس واحتفالات العيد فى المدينة، ورفض سياسة إغلاق الشوارع بحواجز الشرطة الإسرائيلية التى تمنع وصول المؤمنين إلى الأماكن المقدسة. وقالت دوريس عواد، إحدى منظمات الحملة: "جاءت هذه الحملة لخدمة احتفالات عيد الفصح المجيد لعام 2014 فى القدس، وتحدى سياسة اغلاق الشوارع بالحواجز والتصدى لإجراءات شرطة الاحتلال الإسرائيلى التى تبعد الناس عن كنيسة القيامة، جوهرة عيد الفصح". وتابعت: "نحن ننادى الجميع بالتوجه للاحتفال والصلاة فى القدس والحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا فى إحياء طقوس هذا العيد الذى بدأ فى القرن التاسع فى هذه المدينة والحفاظ على تاريخنا كفلسطينيين متحدين ومترابطين ومانعين لأى سياسة تفرقة أو تهجير". واقع مرير يعيشه الشعب الفلسطينى بمسلميه ومسيحييه، فالإجراءات القمعية والممارسات الاستفزازية التى ينتهجها الاحتلال لا تفرق بين مسلم ومسيحى فى القدس، وبينما يمنع الاحتلال المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى مقدساتهم فى أعيادهم، هاهو يستغل أعيادهم لحجز مقعد باسم التطرف فى مقدسات لا تمت له بصلة.