تنبأت الحكومة المصرية بأن معدل النمو الذي يمكن يتحقق مع نهاية العام المالي الجاري لن يزيد على 2.5%، وذلك عكس ما كانت تتطلع له حكومة الببلاوي إبان تولي المسئولية في يوليو الماضي، نظرًا لزيادة توقعاتها بتحقيق معدل نمو لا يقل عن 3.5%. اتفق خبراء الاقتصاد والمسئولون الحكوميون على ضرورة رفع معدلات نمو الناتج القومي الإجمالي بنسبة عالية لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر منذ 3 سنوات سابقة. وتوقع الدكتور اشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي أن يتراوح معدل النمو بين 3% و3.5% خلال العام المالي المقبل وانه لن يتعدى حاجز ال 2.8% بنهاية العام المالي الجاري حيث حقق 1.2% خلال النصف الأول من العام المالي. وقال العربي إن الموقف الاقتصادي في غاية الصعوبة، وساهم في ذلك الانهيار الأمني، وتراجع أعداد السائحين وتوقف العديد من الانشطة وخاصة في القطاع الخاص، فضلا عن زيادة عجز الموازنة والذي نستهدف خفضه إلى اقل من 200 مليار"11%" حيث بلغ في موازنة العام السابق 240 مليار جنيه. وعلى صعيد آخر تنبأ صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير " النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي " أن مصر تعجز عن زيادة معدلات النمو ولن يزيد على 2.7% هذه السنة بعد أن نما بنسبة 2.1% في 2013، مؤكداّ أن على مصر تنفيذ "إصلاحات هيكلية" لتحفيز اقتصادها. وأضاف اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أخطر قضية ستواجه الرئيس القادم هي قضية الزيادة السكانية، واستقبلت مصر مليون مولود جديد في أقل من 6 شهور وهو يمثل عبئًا كبيرًا أمام أي نظام حاكم، خصوصًا أن الزيادة لا تتفق لا من قريب أو بعيد مع معدلات النمو الاقتصادي. وأوضح "الجندي" أنه لا يمكن أن يكون هناك معدل نمو اقتصادي 2% وفى نفس الوقت معدل زيادة سكانية 2.6% وهذا خطر كبير، محذرًا من التأثير السلبي والكبير لزيادة السكان. وتابع "الجندي" أن معدل البطالة في مصر بلغ 13.4% من المجتمع المصري أي هناك 3 ملايين و600 ألف عاطل في مصر وفقًا للإحصائيات الأخيرة كما أن نسبة الفقر في المجتمع المصري بلغت 26.3% وكل هذه النسب تمثل تحديًا كبيرًا لابد من مواجهته ووضع خطط مستقبلية للحد منه. وأضاف أن مشكلة الزيادة السكانية التي تواجه مصر لها ثلاثة أبعاد زيادة معدلات النمو غير المسبوقة بشكل أعلى من قدراتنا على الاستيعاب، والانتشار الجغرافي غير المناسب، وأخيرًا انخفاض خصائص السكان. وقال الدكتور صلاح الدسوقي، الخبير الاقتصادي، إن وصول معدلات النمو ل 1.4% خلال الفترة من يوليو حتى فبراير الماضيين، مع توقعات برفعها ل 2% بنهاية العام المالي الجاري، يعد رقمًا متواضعًا ولا يكفي لتعافي الاقتصاد القومي، مؤكدًا على ضرورة أن يتوازى معدل النمو مع زيادات السكان المتزايدة بنسبة 2% سنويًا، متهما الحكومة بأنها تتعامل مع الأوضاع الراهنة على سبيل إطفاء الحريق، وعبر مسكنات مؤقتة للأزمة الحالية، مشيرًا إلى أن خطط التحفيز الاقتصادي التي تم ضخها منذ شهور، لم يظهر أثرها بعد والتي قدرت لها الحكومة نحو 60 مليار جنيه " قيمة المساعدات الخليجية لمصر إبان حرب الخليج حيث أعلنت الحكومة " فك تلك الوديعة " وضخها في مشروعات استثمارية. ووجه الدسوقي نقده إلى الحكومة الحالية واتباعها نفس سياسات حكومات ما قبل ثورة 25 يناير حتى الآن، دون أن تفكر في محاربة الفساد وتحقيق معدلات التنمية الاقتصادية من خلال زيادة الموارد السيادية للدولة، مشيرًا إلى أن الأرقام الرسمية لمعدلات الفقر بلغت 25%، على الرغم من وصول نسبة 50% من السكان لما هم تحت خط الفقر. وحول الحلول التي يجب وضعها قال الدسوقي أن المرحلة الراهنة تتطلب تنشيط شركات قطاع الأعمال العام واعادة هيكلتها والاتجاه للتصنيع مع تبني مشروعات لتشغيل العمالة للقضاء على معدلات البطالة من جهة وزيادة حجم الإنتاج من ناحية أخرى، وتقليل الاقتراض منعًا لتفاقم الديون، بالإضافة لإعادة النظر في النظام الضريبي. وعلي نفس السياق أرجع الدكتور إبراهيم رسلان، الأستاذ بكلية التجارة جامعة القاهرة، أسباب تراجع معدلات النمو على مدى ال3 سنوات الماضية، إلى حالة التوتر السياسي والأمني التي شهدتها البلاد عقب ثورة 25 يناير وحتى الآن، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية تواجه تحديات أكبر من طاقتها المحدودة. وأضاف رسلان، أن معدل النمو حاليًا ب 1.4% تعد نسبة متدنية للغاية، مشيرًا إلى أن الوضع الاقتصادي الراهن مريض ولا يمكن تصنيفه على اعتباره طبيعيًا، ولكن يمكن وصفه بأنه أمر عارض، نظرًا للحالة الأمنية الحالية، مؤكدًا ما يحدث حاليًا لن يحرك العملية الاقتصادية. وأشار رسلان إلى أن المرحلة الحالية تتطلب استقرارًا أمنيًا وتهيئة المناخ العام لضخ استثمارات أجنبية تسمح بوجود تناسق وتوازن بين معدل النمو والاقتصاد، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب مجموعة من الإجراءات، أهمهما إعادة هيكلة نفقات الموازنة العامة لتقليل العجز والدين العام، والنظر في منظومة الضرائب، وترشيد دعم الطاقة على أن يشمل الطبقات الأكثر احتياجًا. وحول معدل النمو المفترض أن تحققة الحكومة قال رسلان، أدنى معدل نمو هو 3% ليعتد بأن الاقتصاد في طريقه للتعافي، موضحًا أن الدولة بحاجة ماسة لضخ استثمارات ومشروعات قومية، وترشيد الموارد المهدرة، بجانب التخطيط لآجال طويلة ومتوسطة الأجل لتحقيق نتائج ملوموسة ومنظمة يمكن من خلالها وصول الاقتصاد للحدود الآمنة، مع مراعاة تطبيق العدالة الاجتماعية.