بلغ اليوم عصره ولم يبع خليل سانت أوغلو وهو صاحب متجر للتذكارات شيئا. لقد أصبحت شكوى متكررة هذه الأيام في السوق التي كانت تحظى برواج كبير بعدما ألحق الصراع الدائر في سوريا المجاورة أضرارًا بالغة باقتصاد المناطق الحدودية في جنوبتركيا. وقال سانت أوغلو وسكان آخرون في إقليم هاتاي إن حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أساء التعامل مع الأزمة في سوريا وساهم في تعظيم أثرها على إقليمهم. وأضافوا أنهم سيعاقبون الحزب في الانتخابات المحلية يوم الأحد المقبل. وقال سانت أوغلو (54 عاما) في متجره في سوق (لونج بازار) المطلة على نهر العاصي الذي يقسم مدينة هاتاي التي كانت تعرف سابقا باسم انطاكية وهي العاصمة الإدارية لأقليم هاتاي "حتى لو كان لي الحق في التصويت ألف مرة لن أدلي بصوت واحد لحزب العدالة والتنمية." ودعم أردوغان بقوة معارضي الرئيس السوري بشار الأسد في الصراع الذي اندلع عام 2011. وفتحت تركيا حدودها لنحو 900 الف لاجئ سوري وبنت مخيمات لإيوائهم. ويشير منتقدون محليون لأردوغان خاصة بين أبناء الطائفة العلوية الشيعية الكبيرة في هاتاي إلى الاكشاك المهجورة والأزقة الخاوية من المتسوقين ويقولون إن سياسة الباب المفتوح غذت مشاعر بأن هاتاي نفسها أصبحت جزءا من منطقة الحرب وأدت الى عزوف السائحين الذين كانت تعتمد عليهم المنطقة عن زيارتها. وأضافوا أن اللاجئين تسببوا في ارتفاع الايجارات واشعلوا المنافسة على الوظائف في هاتاي التي كانت تجتذب السياح بوصفها المدينة التي تضم ثاني أكبر مجموعة في العالم من لوحات الفسيفساء الرومانية القديمة وكنيسة منحوتة في الصخور. كما يتهم العلويون الذين يعيشون في تركيا ذات الأغلبية السنية حزب العدالة والتنمية بتغذية الانقسامات الطائفية في سوريا. وينتمي الأسد إلى الأقلية العلوية بينما يحاربه مقاتلون من الأغلبية السنية في سوريا. وقال سانت أوغلو "توقفت التجارة عبر الحدود. ولا يأتي سياح أجانب لأنهم يعتبرون هاتاي منطقة حرب. انظري إلى هؤلاء الرجال هل يجعلونكِ تشعرين بالأمان هنا؟" وكان يشير إلى ثلاثة رجال ملتحين يشتبه في أنهم مقاتلون سنة بسبب ملابسهم. ولا توجد أي علامة على انخفاض حدة الصراع المستمر في سوريا منذ ثلاث سنوات واسفر عن مقتل ما لا يقل عن 140 ألف شخص وشرد الملايين. وتحولت الانتخابات البلدية المقررة يوم الأحد إلى استفتاء على قيادة اردوغان بعد 11 عاما في المنصب. وتشير استطلاعات الرأي على مستوى البلاد إلى أن المزاعم بتورط الحزب الحاكم في قضايا فساد وصراعه على السلطة مع رجل الدين التركي البارز فتح الله كولن المقيم في الولاياتالمتحدة تسببا في تراجع شعبية الحزب بشكل كبير بعد سنوات من النمو الاقتصادي القوي. وتتزايد مخاوف بعض الناخبين في هاتاي بشأن قضية الطائفية. وقال عادل دوروك (45 عاما) وهو صاحب متجر "لسنوات لم تكن هناك مشاكل بين العلويين والسنة وكان لدي شركاء في التجارة من العلويين. والان نرى المقاتلين السنة يتجولون في متنزهاتنا وشوارعنا ونشعر بالتهديد." وأضاف "من سمح لهم بالقدوم إلى هنا؟" . وتقول أنقرة، إن اللاجئين السوريين على تنوعهم مرحب بهم في تركيا لكن علي يرال وهو شخصية بارزة من الطائفة العلوية في هاتاي يعتقد أن الأزمة لم تدر جيدا. وقال، "الناس يتحدثون عن مئات الآلاف من مقاتلي القاعدة السنة. هذا يقلقنا بشدة. تعاملت الحكومة مع الأزمة بطريقة سيئة للغاية. فالارهاب لا دين له ولا طائفة. كان يجب أن يعلموا ذلك." لكن البعض في إقليم هاتاي يرى أن الحرب ليست كلها مساوئ. فعلى بعد 40 كيلومترا فقط إلى الشرق في ريحانلي وهي بلدة حدودية ومركز للمساعدات الانسانية ازدهرت التجارة نتيجة تدفق اللاجئين على الرغم من وقوع تفجيرات في مايو ايار الماضي أسفرت عن مقتل 50 شخصا. وقال أبيت ديمير وهو صاحب محل للكتان "تتصل منظمات الاغاثة وتطلب عشرة الاف بطانية. احيانا لا يلبي المخزون الطلب." وأضاف "يمكنني أن أقول لكِ إن حجم تجارتنا على مدى العامين الماضيين يزيد عن كل مبيعاتنا قبل ذلك".