«مدبولي» يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال 52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    أحزاب القائمة الوطنية تعقد اجتماعا اليوم لبحث استعداداتها لانتخابات مجلس النواب    أستاذ جولوجيا يكشف أسباب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    بدء أولى اجتماعات اللجنة الخاصة لإعادة دراسة المواد محل اعتراض    «عاشور»: تنفيذ مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء ومدن القناة بتكلفة 24 مليار جنيه    95 منظمة دولية وإقليمية تشارك في «أسبوع القاهرة الثامن للمياه»    عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت 4-10-2025 والشعبة تكشف توقعات الفترة المقبلة    أسعار الفاكهة اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 فى أسواق الأقصر    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية عن مشروع إحياء منطقة طلمبات المكس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 4 أكتوبر 2025    50 فدان أرز غرقوا بسبب زيادة منسوب المياه.. مزارعو "دورة الدوايدة" بالإسماعيلية يستغيثون: نطالب بتحويل المصرف المغطى لمكشوف لاستيعاب المياه (صور)    زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي: مهمتنا الآن منع إفشال خطة ترامب    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    موعد مباراة ريال مدريد أمام فياريال في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    ب«100 لجنة».. بدء التسجيل ب «عمومية الاتحاد السكندري» لتعديل لائحة النظام الأساسي للنادي اليوم (صور)    «الداخلية» تضبط 13 شركة ومكتب سياحي بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    أجواء حارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    «الداخلية»: ضبط 443 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم مروع بالطريق الدائري في الفيوم    قبل ثاني الجلسات.. ماذا قالت سارة خليفة أثناء محاكمتها في قضية المخدرات؟    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 662 بلاغًا خلال شهر سبتمبر 2025    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    «قوته مش دايمًا في صالحه».. 5 نقاط ضعف خفية وراء كبرياء برج الأسد    مهرجان الإسكندرية يحتفي بفردوس عبد الحميد في ندوة تكريمية اليوم    ستحصل على معلومة جوهرية.. حظ برج القوس اليوم 4 أكتوبر    نور إيهاب ل"فيتو": اعترافي بجريمة الاغتصاب في «نور مكسور» هزّني نفسيًا!    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    إجراء أولى عمليات زراعة قوقعة سمعية في مستشفى أسوان التخصصي    «الرعاية الصحية»: من بورسعيد بدأنا.. والتكنولوجيا الصحية لم تعد حكرًا على أحد    من غير مواد حافظة.. طريقة عمل الكاتشب في البيت لسندوتشات الأطفال    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء الكندي يلتقي مع ترامب في البيت الأبيض الثلاثاء المقبل    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    الزمالك في اختبار صعب أمام غزل المحلة لاستعادة صدارة الدوري    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    اليوم.. إعادة محاكمة شخصين في خلية بولاق الدكرور الإرهابية    "ضد الحظر" خطوات شحن شدات ببجي uc عبر Midasbuy.. مجانا مضمونة 100%    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة فيضان النيل واتخاذ الإجراءات الوقائية بأراضي طرح النهر    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الأحزاب من أزمات المجتمع
نشر في البوابة يوم 27 - 03 - 2014

ترجع جذور نشأة الأحزاب السياسية في مصر إلى العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، ففي هذه الفترة استخدمت كلمة الحزب بمعنى تنظيم سياسي، وذلك إلى جانب استعمالها التقليدي بمعنى جماعة أو طائفة كما يشير القاموس المحيط، وهو المعنى الذي يبرز في الاستخدام القرآني للكلمة، كما وردت في سورة الأحزاب، وتعود بداية التنظيمات السياسية في مصر إلى الجمعيات السرية التي يرجع تاريخ وجودها إلي نهاية الستينيات في القرن التاسع عشر، فتشير المصادر إلى وجود بعض الجمعيات السرية في الأزهر، وإلى بعض الجمعيات الماسونية التي لعبت دوراً مهماً، وبالذات أثناء وجود الشيخ جمال الدين الأفغاني الذي استغلها كأداة للعمل السياسي.
وبعد ثورة 25 يناير، شهدت مصر حراك حزبى غير مسبوق. تجلي مظاهره في إقبال مدهش علي خوض تجربة تأسيس أحزاب أو الانضمام إلى أحزاب بين أوساط وشرائح اجتماعية عدة خصوصا في الطبقة الوسطي، وكان مثيرا للتأمل أن تقود ثورة أظهرت مدى انحسار دور الأحزاب السياسية إلى إقبال واسع على تأسيس أحزاب جديدة، غير أن هذه ظاهرة متكررة في البلاد التي شهدت تحولات ديمقراطية في ربع القرن الأخير نتيجة ثورات أو انتفاضات أو ضغوط شعبية أسقطت نظما مستبدة في شرق ووسط أوروبا وفي أمريكا اللاتينية.
والسؤال: هل الأحزاب القائمة الآن قادرة على المشاركة فى النهوض بالدولة والمساهمة فى أرساء أسس ودعائم الجمهورية الثالثة؟ أم أنها بحاجة إلى ممارسة "النقد الذاتى" لإعادة النظر فيما حققته من إنجاز أو أخفاق؟. أو بمعنى مغاير، هل يمكن للمصريين التعويل على الأحزاب فى أن تكون قاطرة لإعادة تأسيس الدولة المصرية على أسس عصرية مدنية حقيقية، وما هو المرغوب أو المطلوب منها حتى يمكن أن تساهم، ولو بقدر نذير، فى المشاركة الفعالة فى إرسال قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتفعيل المشاركة المجتمعية فى عملية صنع القرار ورسم السياسة العامة للدولة، وأيضًا مراقبة الحكومة فى تنفيذ السياسات الموضوعة من قبل المؤسسات التشريعية المختلفة.
وهنا يمكن القول، إن الأحزاب القائمة الآن تعانى من عدة مشكلات، يجب عليها أن تحلها أولاً حتى تستطيع أن تساهم بشكل فعال فى إعادة رسم السياسات المطلوبة لنقل مصر إلى مصطاف الدول المتقدمة والقوية فى ذات الوقت. وهذه المشكلات هى ما يلي:
أولا- مازالت الأحزاب الجديدة نخبوية فى عملها وإدارتها ولم تستطع الوصول إلى رجل الشارع العادى، لذا فإن هذه الأحزاب مازالت أثيرت الحالة الثورية التى تفجرت فى 25 يناير، وهى المرحلة التى يمكن أن نطلق عليها "الطفيلية الحزبية"، ولم تنتقل إلى الآن إلى المرحلة الثانية والتى يمكن أن أطلق عليها "إرساء القواعد" الحزبية. بالإضافة إلى ذلك فإنه من الملاحظ أن جميع الأحزاب جعلت من أربعة أو خمسة مصطلحات سياسية مسميات لها مثل: "الديمقراطية والعدل والحرية والتنمية"، مما يدل على أن الأحزاب جعلت من شعارات ثورة 25 يناير مسميات لها دون الاهتمام بالمضمون أو البرامج الحزبية، وهو ما جعل المواطنين ينصرفون من حولها بعدما لم تأت الثورة عليهم بالنفع المتوقع حتى هذه اللحظات.
ثانيا- التشابه البرامجي والأسمى، حيث جاءت معظم الأحزاب الجديدة متشابهة فى مفردات أسمائها ( الشباب, الثورة، الحرية, العدالة, التحرير، الحديثة، النهضة..الخ).
كما أن هذا التشابه انصرف أيضا إلى البرامج الخاصة بها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلبها تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة، وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون فى تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، ففيما عدا بعض الأحزاب مثل: (الحرية والعدالة، العدل، المصريين الأحرار، الديمقراطى الاجتماعي) التي تملك برامج واضحة، فإن باقي الأحزاب لا يوجد لديها الوضوح فى معنى البرنامج، ولا تميز بين البرنامج والشعار أو السياسات التفصيلية لها أو التى سوف تتبناها فى المستقبل، ونجد أن الأحزاب اليسارية القريبة من الفكر الماركسي مثل حزب التحالف الشعبى تلتقي مع الأحزاب الليبرالية مثل العدل والمصريين الأحرار، وكذلك مع أحزاب الوسط والحرية والعدالة والأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، فى أسس واحدة أهمها: احترام الدين الإسلامي كمصدر للقيم والأحكام، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، والتعددية والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، وحقوق الإنسان.
ثالثا: الوصايا على الثورة، حاولت جميع الأحزاب –الجديدة والقديمة على حد سواء- اغتنام الفرصة لركوب الثورة التى شارك فيها جميع أطياف المصريين، بل وتعدت هذه الأحزاب هذه المرحلة، بتنصيب أنفسهم بأنهم أهم الذين صنعوا الثورة وفجروها فى موجتها الأولى والثانية.
ونست هذه الأحزاب أنها أصبحت مفهوما سيئ السمعة لدى المواطن البسيط نتيجة حالة الصراع والانشقاق الدائم بداخلها.
رابعا- التكاليف المالية والمؤسسية، مازالت التكاليف المالية المطلوبة للإعلان عن الأحزاب أو اللازمة لعمل التوكيلات تمثل شوكة فى حلقوم الأحزاب الجديدة وربما ستكون العائق الوحيد أمام ظهور بعضها إلى النور. واعتقد أن الدعم المالى المطلوب للأحزاب يتوقف عند تسهيل إجراءات الحصول على الرخصة القانونية، والاكتفاء بنشر أسماء الأعضاء المؤسسين فى الصحيفة الرسمية الذى سيتكلف 5 آلاف جنيه مقابل ربع مليون جنيه تكاليف النشر فى أى صحيفة يومية، أما المعونات الحكومية التى كانت من أجل شراء ولاء بعض الأحزاب، فهذا أمر يجب أن ينتهي وصفحة لابد أن تطوى، وهناك تسهيلات كثيرة يمكن أن تعطيها الدولة (بعد أن تنفصل عن الحكومة) للأحزاب الحقيقية، ولنقل تلك التى ستحصل على 2% من أصوات الناخبين، سواء فى الضرائب المفروضة على المقار أو إعطاء مقر رئيسي لكل حزب لديه تمثيل فى البرلمان وغيرها من الأشياء التى لا تدخل فى إطار الدعم المالى.
خامسا- دور المال السياسى أو رجال الأعمال فى نشأة الأحزاب الجديدة، فالبلد التى اشتدت عليها قسوة العلاقة الآثمة بين المال والسلطة، ودفعت ثمنا باهظا لعدم التمييز بين دور رجل الأعمال فى ميدان الاقتصاد وعالم البيزنس والشركات، ودور رجل الأعمال فى البرلمان أو فى الحزب أو فى الحكومة، هي نفس البلد التى يتبارز فيه اليوم عدد كبير من رجال الأعمال على تأسيس الأحزاب السياسية فى السر أو فى العلن، وهو نفس البلد الذى تتحلق فيه الأحزاب اليوم حول أشخاص مرموقين فى عالم المال، لديهم القدرات المالية للإعلان عن أحزابهم فى الصحف، أو عقد المؤتمرات السياسية باهظة التكاليف، والخوف هنا أن يكون للمال الدور الأكبر فى مسيرة تشكيل الأحزاب الجديدة، وأن تكون أحزاب الأفكار والتيارات السياسية الحقيقية هى الأكثر فقرا، والأقل تأثيرا، فيعود المرض نفسه إلى جسد السياسة فى مصر من جديد، فيصبح من يملك يحكم، ومن يستطيع شراء الأصوات هو الأكثر تأثيرا، وتدور الأحزاب الجديدة فى دوائر المال بلا ضوابط قانونية حقيقية لحدود استخدام المال فى السياسة، وبلا ضمانات فاعلة لعدم تأثير هذا المال على صناعة القرار السياسى لاحقا فى البرلمان أو فى الحكومة.
سادسا- فإن غياب خيار التحالف والاندماج، هو أحدى التحديات الكبرى التى تبشر أم باندثارها أو تكوين ثلاثة أو أربعة أحزاب تستطيع أن تنافس فى العمليات أو الاستحقاقات السياسية المختلفة.
سابعًا- العنف الذى تمارسه بعض الأحزاب الدينية أو أحزاب "تحالف دعم الشرعية"، بعد نجاح الموجة الثانية للثورة، وبدلا من أن تقوم هذه الأحزاب بمراجعة الأخطاء التى وقعت فيها فى فترة توليها السلطة انزلقت إلى ممارسة العنف المادى والمعنوى ليس فقط تجاه النخبة السياسية الجديدة الحاكمة ولكن أيضًا تجاه المجتمع المصرى من خلال قطع الطرق وحرق المنشآت العامة وتعطيل الدراسة فى الجامعات.
وأخيرا، أن قوة الدولة من قوة الأحزاب، وقد كان من الحكمة أن تتيح الدولة فرصة كاملة لجميع الأحزاب بما فيها ذات المرجعية الدينية. وما ندعو إليه اليوم بأن تكون الأحزاب سواء القديمة أو الجديدة أو التى مازالت تحت التأسيس واضحة وشفافة فى كل ما يتعلق بمبادئها وتمويلها وسبل دعمها للجماهير وعلاقتها بالدولة. ولابد أن يكون لهذه الأحزاب وجود حقيقي في الواقع، خاصة أن كثيرا منها له شعبية ضخمة ومؤهلة لأن تحتل المكانة الكبرى فى الحياة السياسية الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.