على الرغم من الاهتمام الدولى الكبير بالصراع فوق الأرض الأوكرانية، بعد اجتياح الجيش الروسى فى فبراير من العام الماضى 2022 لأوكرانيا، إلا أن الصراع الذى شهده إقليم تيجراى فى شمال إثيوبيا على مدار عامين، سجل عددا ضخما وخطيرا من القتلى. وكشف معهد أبحاث السلام فى أوسلو «PRIO)»، عن أن الأرقام الجديدة تؤكد أن الوفيات المرتبطة بالنزاعات حول العالم بلغت أعلى مستوى لها منذ 28 عاما، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حربى إثيوبيا وأوكرانيا. وأوضح معهد أبحاث السلام وهو منظمة غير حكومية وغير ربحية، أن الحرب فى منطقة تيجراى الإثيوبية تسببت فى مقتل أكثر من 100000 شخص بسبب المعارك فى عام 2022، أى أكثر من الغزو الروسى لأوكرانيا الذى تسبب فى مقتل أكثر من 81000 شخص، وفقا لبيانات اتجاهات الصراع الجديدة الصادرة الأربعاء الماضى 7 يونيو الجارى. وقال معهد أبحاث السلام، إنه وفقا للأرقام الجديدة، حدثت حالات وفاة مرتبطة بالنزاع على مستوى الدولة فى عام 2022 أكثر من أى عام منذ عام 1994 وكانت الحروب فى أوكرانيا وإثيوبيا المساهمين الرئيسيين فى أكثر من 237000 حالة وفاة مرتبطة بالمعركة فى عام 2022. وقال سيرى آس رستاد، أستاذ باحث فى معهد أبحاث السلام فى أوسلو «PRIO» إنه بينما احتل الغزو الروسى لأوكرانيا عناوين الصحف العالمية، كانت الفظائع على نطاق غير مسبوق ترتكب فى الظل فى إثيوبيا. وعلى الرغم من الزيادة فى الوفيات المرتبطة بالمعارك، ظل عدد النزاعات المسلحة على مستوى الدولة مرتفعا بشكل ثابت فى عام 2022 وتم تسجيل 55 نزاعا نشطا فى 38 دولة متأثرة بالنزاع وتم تصنيف ثمانية من هذه الصراعات البالغ عددها 55 على أنها حروب. وقال البروفيسور رستاد: «إننا نشهد زيادة مقلقة فى النزاعات القائمة على أساس الدولة فى العقد الماضى، مع أكثر من 50 صراعا من هذا القبيل كل عام على مدار السنوات الثمانى الماضية، ويرجع ذلك جزئيا إلى توسع تنظيم داعش الإرهابى عبر إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وتورط التنيظم الإرهابى فى صراعات فى 15 دولة خلال عام 2022». وأضاف، أنه فى حين أن النوع السائد من الصراع القائم على الدولة هو الصراع الأهلى، فقد أصبحت هذه الأنواع من النزاعات على مدار العقد الماضى تدويلا بشكل متزايد، مما ساهم أيضا فى المزيد من الوفيات المرتبطة بالمعارك، وينظر إلى النزاع المدنى على أنه دولى إذا شاركت حكومة طرف ثالث أو أكثر من خلال المساهمة أو نشر أفراد قتاليين لدعم هدف أى من الجانبين. وأوضح التقرير: «أصبح من الشائع أكثر أن ترسل الدول الخارجية دعما للقوات للجماعات المتمردة التى تقاتل ضد الحكومات الأخرى، وهو ما يعنى أساسا أن جيوش الدولة تقاتل بعضها البعض». يذكر أنه فى الحرب الأهلية الإثيوبية، استعان آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى بالجيش الإريترى للقتال والتحالف معه ضد جبهة تحرير شعب تيجراى، خلال الحرب التى اندلعت فى نوفمبر من عام 2020 واستمرت حتى نوفمبر 2022 بعدما وقع طرفى النزاع اتفاق بريتوريا بجنوب أفريقيا، والذى يقضى بتسليم جبهة تيجراى سلاحها وانسحاب القوات الإريترية إلا أن البند الأخير لم يتحقق إلى الآن. وفيما يتصل بالنزاع فى أوكرانيا، فقد دعمت الدول الغربية كييف ضد موسكو، وأرسلت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وقوى أخرى أسلحة متنوعة لمجابهة الاجتياح الروسى. وأشار التقرير إلى أنه كما حدثت زيادة فى مشاركة الجماعات المسلحة غير الحكومية فى النزاعات الخارجية على مدار العقد الماضى، مثل تنظيم داعش، بالإضافة إلى جهات فاعلة أخرى بما فى ذلك الجيوش الخاصة مثل مجموعة فاجنر، وهذه المجموعات تغير ديناميكيات الصراع داخل وعبر البلدان المتضررة من الصراع، وعلى سبيل المثال، قد يؤدى النشاط المتزايد لمجموعة فاجنر فى منطقة الساحل إلى زيادة التجنيد من قبل الجماعات المتمردة المحلية. وقوات فاجنر هى قوات روسية تستعين بها موسكو لتنفيذ عدد من المهمات، بالقتال فى بعض البلدان خاصة فى أفريقيا، وبرزت خلال الأعوام الأخيرة بتدخلها فى الصراعات التى تشهدها القارة السمراء، إلى جانب مساهمتها فى الحرب الأوكرانية ونجاحها فى السيطرة على عدد من المدن. وفيما يتعلق بالصراع غير الحكومى، تظهر أحدث الأرقام أن 82 صراعا غير حكومى وقع فى عام 2022، بزيادة عن 76 فى عام 2021 وعلى الرغم من الزيادة فى عدد النزاعات، انخفضت الوفيات المرتبطة بالمعركة إلى ما يزيد قليلا على 20000 إلى انخفاض بنحو 4000 ويشير هذا إلى أنه كانت هناك زيادة فى حدة النزاعات غير الحكومية ذات الكثافة المنخفضة. وكانت أفريقيا موطنا لأكبر عدد من النزاعات غير الحكومية، تليها الأمريكتان، وظلت المكسيك واحدة من أكثر الدول عنفا من حيث النزاعات غير الحكومية، حيث تم تسجيل أكثر من 14000 حالة وفاة مرتبطة بالمعركة.