يمكن للتغيُّرات الصغيرة في درجات الحرارة أن تُعرِّضَ الأشخاصَ المسنِّين الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل مرض السكَّري وفشل القلب وأمراض الرئة، لزيادة في خطر الموت خلال الصيف، حسبما تشير إحدى الدِّراسات الجديدة. وجد باحثون، من كلِّية هارفارد للصحَّة العامَّة في بوسطن، أنَّ التقلُّباتِ في درجات الحرارة المرتبطة بتغيُّر المناخ يمكن أن تودي بحياة الآلاف من الأرواح كلَّ عام. يَتوقَّع الخبراءُ أنَّ تَغيُّرَ المناخ يمكن أن يزيدَ التباينَ في درجات الحرارة خلال الصيف، لاسيَّما في ولايات وسط الأطلسي وأجزاء من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا. ويَدَّعي واضعو الدِّراسة أنَّه، في هذه المناطق الأكثر تقلُّبًا، يمكن أن يشكِّلَ ذلك خطرًا جدِّيًا على الصحَّة العامَّة. وقالت مؤلِّفةُ الدراسة أنطونيلا زانوبيتي Antonella Zanobetti، إحدى كبار الباحثين في قسم الصحَّة البيئية في جامعة هارفارد، في بيانٍ صحفي من الجامعة: "إنَّ تأثيرَ أنماط درجات الحرارة في معدَّل الوفيات على المدى الطويل لم يكن واضحًا إلى هذا الحدِّ. وقد وجدنا أنَّ التقلُّباتِ في درجات الحرارة في الصيف من يوم إلى يوم آخر، بصرف النَّظر عن موجات ارتفاع الحرارة، تقصِّر العمرَ المتوقَّع. ويمكن لهذا التغيُّر أن يكونَ ضارًا بالنسبة للأشخاص المعرَّضين لذلك". وباستخدام بيانات مراكز الرِّعاية الطبِّية بين عامي 1985 و2006، تعقَّبَ الباحثون الصحَّةَ على المدى الطويل لنحو 3.7 مليون شخص مُصابين بأمراضٍ مزمنة ممَّن تجاوزوا سنَّ 65، ويعيشون في 135 مدينة أمريكيَّة. وبعدَ وضع عوامل الخطر لدى كلِّ شخص في الاعتبار، حدَّدوا ما إذا كان أيٌّ من هؤلاء الأشخاص قد مات بسبب التفاوت في درجة الحرارة في الصيف. كشفت الدراسة، أنَّ السنوات التي تميَّزت بأكبر تَقلُّبات في درجة الحرارة خلال الصيف، كانت معدَّلاتُ الوفاة فيها أعلى من تلك التي تميَّزت بأقل مقدار من هذا التَقلُّبات. وكان هذا ينطبق على كلِّ مدينة خضعت للدراسة. كما لاحظ الباحثون أيضًا أنَّ كلَّ زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة (نحو 1.8 درجة فهرنهايت)، في تقلُّبات درجات حرارة الصيف، زادت من معدَّل الوفيات لكبار السنِّ المصابين بأمراضٍ مزمنة بنسبة تتراوح ما بين 2.8 في المائة و4 في المائة. وبشكلٍ أكثر تحديدًا، زاد خطرُ الوفاة بالنسبة لأولئك المصابين بداء السكَّري بنسبة 4 في المائة. كما ارتفع أيضًا بنسبة 3.8 في المائة بالنسبة للأشخاص الذين عانوا من نوبةٍ قلبية سابقة، و3.7 في المائة لأولئك المصابين بأمراض رئوية مزمنة، و2.8 في المائة لدى الأشخاص الذين يعانون من فشل القلب. لاحظت الدراسةُ أنَّ خطرَ الوفاة المرتبط بدرجات الحرارة كان 1 في المائة إلى 2 في المائة لدى السود، فضلًا عن أولئك الذين يعيشون في حالة من الفقر. كما كان خطرُ الموت أعلى أيضًا بالنسبة للأشخاص المسنِّين الذين يعيشون في مناطق أكثر حرارة. استنادًا إلى هذه النتائج، قدَّر الباحثون أنَّ زيادةَ تقلُّبات درجات حرارة الصيف في الولايات المتَّحدة يمكن أن يؤدِّي إلى أكثر من 10000 حالة وفاة إضافية في كلِّ عام. وأوضح مؤلِّفُ الدراسة جويل شوارتز، وهو أستاذٌ في علم الأوبئة البيئية في جامعة هارفارد، في بيان صحفي قائلًا: " يتكيَّف الناسُ مع درجات الحرارة المعتادة في مدينتهم، وهذا هو السببُ في أنَّنا لا نتوقَّع ارتفاعَ معدَّلات الوفيات في ميامي أكثر منها في مينيابوليس، على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في الأولى". وأضاف شوارتز: "لكنَّ الناسَ لا تتكيَّف مع زيادة التقلُّبات في درجة الحرارة خارج المعتاد؛ غير أنَّ اكتشافَ تزايد انتشار الأمراض المزمنة، مثل السكَّري، والزيادات المحتملة في تقلُّبات درجات الحرارة نتيجة لتغيُّر المناخ، فضلًا عن زيادة العمر بين السكَّان، يعني أنَّ هذه المشكلةَ الصحِّية العامَّة من المرجَّح أن تتعزَّزَ أهمِّيتُها في المستقبل".