تقترح دراسةٌ جديدةٌ مُصغَّرة بأنَّه يُمكن لقضبانٍ قابلة للتطويل يتم التحكُّم بها مغناطيسيًا أنْ تعالج هذا الخلل الذي يصيب العمود الفقري المعروف بالجنف عند الأطفال، وذلك من دون الحاجة إلى إعادة إجراء العمليات الجراحيَّة التي ترضُّ الجسم. الجنف هو تقوُّس شاذ في العمود الفقري يصيب غالبًا الأطفال الصغار واليافعين. وتُعدُّ الجراحة هي العلاج التقليدي الذي يُجرى للأطفال الذين مازالوا في طور النُّمو؛ وذلك بإدخال قضبان قابلة للتطويل وغرسها في العمود الفقري. ورغم هذا، فإنَّه يلزم إجراء عمليَّة جراحيَّة أخرى بعد كلِّ ستَّة أشهر بُغيةَ تطويل تلك القضبان. إنَّ تكرَّر العمليات الجراحيَّة هو أمرٌ مكلف، ويتطلَّب من الأطفال عدم الحضور إلى المدرسة، ويتطلَّب من أهاليهم التغيَّب عن العمل. قام الباحثون في هذه الدراسة بتقييم استخدام قضبان قابلة للتطويل يتمُّ التحكُّم بها مغناطيسيًا. زُرعت هذه القضبان عند اثنين من المرضى، وكانت الميزة الأساسيَّة هنا هي أنَّه لا لزوم لإجراء الجراحة لتطويل هذه القضبان. و بعد مضي سنتين على وضع تلك القضبان للمريضين، تبيَّن من خلال المتابعة أنَّ القضبان لا تزال فعَّالةً ولم تحدث أيِّ مضاعفات، كما أنَّ المريضين لم يشعرا بالألم وعادةً ما كانا يُعبِّران عن رضاهما بهذا الإجراء غير الجراحي. وصرَّح فريقُ الباحثين الذين يرأسهم كلٌّ من الدكتوركينيث شيونغ والدكتور دينو سامارتزيس من جامعة هونغ كونغ في بيان صحفي: "سوف تعمل هذه القضبان الجديدة على إلغاء الحاجة للعمليات الجراحيَّة المتكرِّرة التي تُجرى تحت التخدير العام، وبالتالي ستلغي المضاعفات الناجمة عن الجروح المُجراة خلال تلك العمليات، كما ستلغي ما يصاحب هكذا عمليات من تكاليف اقتصاديَّة واجتماعيَّة بالإضافة لتكلفة الرعاية الصحيَّة بحدِّ ذاتها". وتابعوا قائلين: "إنَّ النتائج الأوليَّة التي حصلنا عليها من أول مريضين خضعا لهذا النوع من العلاج الذي يستمر لمدَّة سنتين على الأقل، تشير إلى أنَّ هذه الطريقة العلاجيَّة غير الجراحيَّة التي تُجرى في العيادات الخارجيَّة هي طريقة فعَّالة وآمنَة". وأضاف الباحثون قائلين: "تبقى فعاليَّة هذه التقنيَّة الجديدة على المدى الأطول غير واضحة إلى الآن؛ وكذلك فيما إذا ستكون نتائجها أفضل من الطريقة التَّقليديَّة. ولكن؛ إنَّ النتائج الأوليَّة تُعدُّ إيجابيَّةً، والتقدُّم الكبير الذي أُنجز هو تجنُّب عملية الشَّد الذي كان يُطَبَّق على القضبان من خلال الجرح المفتوح في الظهر". هناك خبير واحد متفائل بهذه القضبان الجديدة، ولكنَّه قال إنَّ هناك ضرورة لإجراء المزيد من الدراسات في هذا المجال. يقول الدكتور فيكتور كابي، وهو معاون المدير في معهد جراحات العظام والعمود الفقري في مستشفى نثيرن ويسشستر في ماونت كيسكو في نيويورك: "إنَّ هذه تقنيَّةٌ حديثة ومثيرة مَكَّنَت الأطفال المصابين بالجنف من الاستغناء عن الإجراءات الجراحيَّة الإضافيَّة". وأضاف قائلًا: "ومع ذلك، فإنَّ الجانب السَّلبي هو أنَّه مع كلِّ تقنيَّة جديدة يُمكن أن تحدث مضاعفات؛ والعيِّنة هنا صغيرة جدًا باثنين فقط من المرضى توبعوا لمدة سنتين بعد الجراحة". وأردف قائلًا: "سيحتاج الكثير من المرضى للتسجيل في هذه التجربة والمتابعة لعدد من السنوات قبل أن نتمكَّن من القول عنها أنَّها طريقة آمنة وفعّالة، إلا أنَّ النتائج الأوليَّة مشجِّعة". وفي مقالة افتتاحيَّة لإحدى المجلات، أشار باحثان إلأى أنَّ هذه القضبان التي يتمُّ التحكُّم بها مغناطيسيًا لم تحصل على الموافقة باستخدامها في الولاياتالمتحدة حتى الآن. وكتب الدكتور جون سميث من كلية طب جامعة يوتا، والدكتور روبرت كامبل الابن من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا: "نعتقد أنَّه لو تتوفر هذه التقنيَّة في الولاياتالمتحدة، فسيجري استخدامها بشكلٍ سريع لتجنُّب الجراحات المتكرِّرة، ولتحسين نوعيَّة الحياة عند الأطفال المصابين بتشوهات في عمودهم الفقري". وقال هذان الخبيران إنهما يشجِّعان بقوَّة الدكتور شيونغ وزملاءه على المُضي قُدُمًا وتسجيل نتائج أبحاثهم الإيجابية والسَّلبيَّة. ونحن نأمل بأنَّ مزيدًا من التطوير لهذه التقنيَّة سوف يجعل منها طريقةً علاجيَّة متوفِّرة على نحوٍ متزايد للأطفال في جميع أنحاء العالم".