تصميم معماري حديث.. محافظ بورسعيد يفتتح مسجد "الرضوان" في بورفؤاد - صور    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر بمستهل التعاملات المسائية    كجوك: تخفيف الأعباء والالتزامات عن كل الممولين وتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين بيئة الأعمال    بسبب صاروخ يمني.. توقف بعض مباريات الدوري الإسرائيلي لكرة القدم    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    تراجع جديد في أعداد قاطني مخيم الهول السوري    متحدث الخارجية الأمريكية يدعو إلى استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل الجولة 36    حبس قاتل زوجته فى الأقصر 4 أيام على ذمة التحقيقات    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    ودع الدنيا يوم مولده.. 75 عامًا على رحيل الشيخ محمد رفعت وحكاية الصوت الذي لا ينسى    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    أكرم القصاص: دعوة بوتين للرئيس السيسى لحضور احتفالات ذكرى النصر تقديرا لدور مصر    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومات العالم ومزيد من الاقتناع بالموقف الروسي
نشر في البوابة يوم 09 - 04 - 2022

منذ أن بدأت العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا فجر 24 فبراير 2022، جرى تصويتان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأول في 24 مارس لإدانة روسيا، والثاني في 7 أبريل لتعليق عضويتها في لجنة حقوق الإنسان، وانحازت الأغلبية في التصويتين ضد روسيا، لكن التحليل المتأني والتفصيلي قد يظهر كثيرا من الجوانب الخفية التي توضح الدلالة الحقيقية لعمليتي التصويت.
أولا: التصويت الأول في 24 مارس 2022:
أعلن زعماء أمريكا وأوربا وحلف الناتو أن المجتمع الدولي أدان روسيا من واقع التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن بوتين صار منبوذا ومعزولا على المستوى العالمي، وأن عليه بعد تلك الادانة الكاسحة، أن يوقف الغزو وأن ينسحب تماما من جميع الأراضي الأوكرانية، وألا يضع أية شروط مسبقة.
ومن ثم قد يكون الانطباع السائد لدى الرأي العام العالمي، أن العالم فعلا قد أدان روسيا وأدان بوتين، حيث حصل قرار الشجب والإدانة، على 141 صوتا مؤيدا و5 أصوات معارضة و35 صوتا امتنعوا عن التصويت [تصويت تسجل فيه الدولة امتناعها عن التصويت بنعم أو لا] و 12 دولة لم تدل بصوتها ( وذلك من إجمالي 193 صوتا هم كامل عدد أعضاء الأمم المتحدة).
ورأيي الشخصي، أن هذا الانطباع قد يكون سطحيا وغير معبر عن الواقع الحقيقي. وفيما يلي نعرض نظرة تحليلية، قد تكون أكثر تعبيرا عن الواقع الذي عبرت عنه عملية التصويت، حيث نكتفي فيها ب 10 عوامل فقط، مراعاة لقدر المساحة المتاحة للنشر.
ولأجل تحليل سليم، نقسم الدول أعضاء الجمعية العامة، الذين تم دعوتهم للتصويت على قرار الشجب والإدانة، إلى مجموعتين هما: دول صوتت بالتأييد، ودول لم تؤيد [سواء عارضت أو امتنعت أو تغيبت] ففي كل تلك الأحوال، هي لم تؤيد القرار (بطريقتها). أي أننا أمام 141 صوتا أيدت و52 صوتا لم تؤيد. أي حوالي 73% من الأصوات أيدت وحوالي 27% من الأصوات لم تؤيد. وهي نسبة تأييد قد تبدو كاسحة، لمن ينظر لى الشكل دون المضمون، ولمن يتلمس السطح دون العمق، ولمن يعتبر الأعداد تمثل كل الأبعاد وليست مجرد أحد الأبعاد فقط! والآن إلى التحليل:
1 مقياس إجمالي عدد السكان: نجد أن الدول التي تمثل حوالي 60% من السكان على كوكب الأرض، لم تؤيد القرار. وإذا استبعدنا الدول المتصارعة [روسيا وبيلاروسيا وأوروبا والولايات المتحدة] لأصبحت الدول غير المؤيدة تمثل 66% من السكان والمؤيدة تمثل فقط 34% من سكان الكوكب.
2 مقياس عدد دول حوض النيل (وهو مقياس حيوي لمصر) عدد دول حوض النيل 11 دولة. أيدت القرار 3 دول فقط هي [مصر ورواندا وكينيا] ولم تؤيده 8 دول هي [ السودان وإثيوبيا والكونغو وتنزانيا وجنوب السودان وإريتريا وأوغندا وبوروندي] وهو أمر يقتضي دراسته باستفاضة وعلى أعلى مستوى.
3 مقياس عدد الدول النووية: ثلاث دول أيدت القرار [أمريكا وفرنسا والمملكة المتحدة] مقابل خمس دول لم تؤيد [روسيا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية] فإذا استبعدنا الدول المتصارعة، لأصبحت صفر دولة نووية تؤيد القرار، مقابل 4 دول نووية لا تؤيد القرار.
4 مقياس أكبر 10 دول إسلامية من حيث عدد السكان: 3 دول أيدت القرار [إندونيسيا ومصر وتركيا] بينما 7 دول لم تؤيد القرار [باكستان وبنجلاديش وإيران والسودان والجزائر والمغرب والعراق] ويمثل مجموع عدد سكان الدول الثلاث التي أيدت القرار حوالي 40% من عدد سكان الدول العشرة، ومجموع سكان الدول السبع التي لم تؤيد القرار يمثل حوالي 60% من الإجمالي.
5 مقياس الدول الأفريقية: الجزائر أكبر الدول الأفريقية مساحة لم تؤيد القرار، وجنوب أفريقيا صاحبة أكبر ناتج محلي إجمالي في أفريقيا لم تؤيد القرار. كما لم تؤيده 7 دول من ضمن أكبر عشر دول أفريقية من حيث المساحة [الجزائر والكونجو والسودان وأنجولا ومالي وجنوب أفريقيا وإثيوبيا] بينما أيدت القرار 3 دول فقط من ضمن أكبر 10 دول مساحة في أفريقيا [ ليبيا وتشاد والنيجر] وتلك الدول الثلاث، ذات حدود مشتركة، وذات ظروف خاصة، وتعاني من مشاكل واضطرابات ذات أبعاد محلية وإقليمية ودولية.
6 مقياس عدد الدول متناهية الصغر: لا زلت أتذكر أثناء بحوثي في جامعة MIT أن البروفيسورة ب. جتسي كانت تقول لطلابها: إمتلك محطة إذاعة محلية صغيرة، وقطعة أرض صغيرة، ومجموعة من الأقارب والأصدقاء، وقطعة قماش أرسم عليها علما، واطلب من ملحن مبتدئ وضع سلام وطني وانشئ قسما أو نقطة للبوليس، لتصبح دولة!
وفي تصويت الجمعية العامة على إدانة روسيا، نجد من بين ال 141 دولة التي أيدت القرار، أن ما لايقل عن 30 دولة متناهية الصغر. لا وزن لها ولا قيمة عالمية. والكثير منها لا يزيد عدد سكانه عن سكان شارع في حارة صغيرة { 11 ألف نسمة دولة نوريو، 15 ألف نسمة دولة بالاو، 11 ألف نسمة دولة تيوفالو} [ وهي دول تعتمد على المعونات وبعض السياحة ولا تستطيع ولا بديل إلا تأييد الغرب، وسواء أيدت أم لم تؤيد فلا تأثير لها على مجريات النزاع.إن نظام التصويت المعتمد في الجمعية العامة، يعطي لكل دولة كعضو في الأمم المتحدة صوتا واحدا [في صندوق النقد الدولي هناك أوزان نسبية].
والتصويت في الجمعية العامة، للدولة النملة صوتا واحدا وللدولة الفيل صوتا واحدا أيضا. مثلما في الانتخابات العامة، للعالم الوقور صوتا واحدا، وللجاهل المأجور نفس الصوت الواحد. فإذا نظرنا للدول التي لم تؤيد القرار، لن نجد فيها مثل تلك الظاهرة من دول متناهية في الصغر وفي التأثير. وبالتالي فرقم ال 141 دولة مؤيدة، لا يمثل حقيقة ومغزى الرقم. أما رقم ال 52 غير المؤيد، فهو رقم حقيقي.
7 مقياس موقف الدول غير المتصارعة: لو استبعدنا تصويت الدول غير المتصارعة وغير المتحالفة ومتناهية الصغر، لتعادلت كفتا التصويت. ولما ظهر الفارق الظاهر في التصويت، وهو 141 مقابل 52.
8 مقياس موقف الدول من حيث المساحة: في البند رقم (1) تناولنا الوزن النسبي لعدد سكان الدول التي أيدت والتي لم تؤيد القرار. وإذا طبقنا ذات المنهج فسنجد أن إجمالي مساحات الدول التي أيدت القرار، يتعادل تقريبا مع إجمالي مساحات الدول التي لم تؤيد القرار.علما بأن مساحة روسيا وحدها تعادل حوالي 3 مرات إجمالي مساحة ال 50 دولة أوروبية مجتمعة [وبالتالي سيظل حلم تفكيك روسيا، هدفا استراتيجيا لدى أوروبا، بعدما نجحوا في تفكيك الاتحاد السوفيتي، حيث لا زالت مساحة روسيا تمثل 80% من مساحة الاتحاد السوفيتي السابق]
9 مقياس موقف الدول من حيث الموقع الجغرافي: وقفت روسيا وحدها ضد أكثر من 50 دولة في أوروبا بالإضافة إلى أمريكا وكندا وحلفائهم الكبار في أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية. ومع ذلك وجدنا أن دولا كثيرة وكبيرة وفاعلة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لم تؤيد القرار. وهو ما يدل على أن روسيا ليست معزولة كما يدعي ويشيع الغرب في حربه الإعلامية [ التي يحرص أن تكون من طرف واحد].
10 مقياس موقف الدول من حيث الموازنة بين المبدأ والحق والواقع: هناك دول أيدت تأييدا صريحا قرار الإدانة وصوتت له. وأخرى لم تؤيد بشكل واضح. لكن البعض من الدول الفاعلة ذات الوزن الإقليمي و/أو الدولي، وجدت نفسها مقتنعة بأن كل طرف (روسيا والغرب) لديه أسبابه وتبريراته، وبالتالي عندما قررت التصويت إختارت أخف الضررين على مصالحها، حتى لو كانت مقتنعة بأن روسيا على حق.
ثانيا: التصويت الثاني في 7 أبريل 2022:
الفارق الزمني بين التصويتين لا يتجاوز 15 يوما، وفي ظل إعلام أمريكي وأوروبي كاسح وإعلام روسي تم حظره ومنعه والتضييق عليه، وشركات دعاية غربية تتقاضى الملايين للإساءة للنظام الروسي ليل نهار، وحملات شديدة التنظيم والتركيز لجمعيات المجتمع المدني لتأييد أوكرانيا، وتصوير ما يحدث فيها على أنه فظائع وجرائم حرب وإبادة جماعية. نجد أن نتائج التصويت الثاني جاءت كما يلي:
1 عدد الدول المؤيدة في التصويت الأول كان 141 دولة انخفض إلى 93 دولة فقط. بفارق 48 دولة. وهذا الفارق يمثل ربع عدد أعضاء الأمم المتحدة!
2 عدد الدول التي اعترضت في التصويت الأول 5 فقط. زادت في التصويت الثاني الى 24 دولة أي خمسة أضعاف.
3 عدد الدول التي امتنعت عن التصويت في التصويت الأول 35 دولة، زادت في التصويت الثاني إلى 58 دولة، بفارق 23 دولة. وهذا الفارق يمثل أكثر من 60% من عدد الدول الممتنعة في التصويت الأول.
4 عدد الدول التي تغيبت في التصويت الأول 12 دولة، زادت في التصويت الثاني إلى 18 دولة. بفارق 6 دول. ويمثل الفارق 50% من عدد الدول المتغيبة في التصويت الأول.
5 عدد الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية 22 ومنها 21 لها حق التصويت في الأمم المتحدة. في التصويت الأول وافقت 15 دولة عربية على إدانة روسيا وفي التصويت الثاني لم تقف ضد روسيا غير دولتين فقط هما ليبيا (لظروفها الخاصة ومحاولة الحكومة الحالية خطب ود أمريكا) وجزر القمر التي تقل مساحتها عن ألفين كيلومترا مربعا ويقل عدد سكانها عن مليون نسمة.
6 وهكذا يمكن ذكر عشرات الفوارق بين دلائل التصويتين، والتي تميل الى تفهم أكبر للموقف الروسي.
وقد يقول قائل إن القضية الأولى تختلف عن القضية الثانية، لكن الرد على ذلك بسيط وهو أنهما ضمن عامل مشترك وهو مظلة الهيمنة الأمريكية مع النفوذ الأوروبي. والمشروعان للتصويت مقدمان من المعسكر الأمريكي الأوروبي، ومارست أمريكا وأوروبا كل أنواع الضغوط لتحقيق أكبر نتيجة تصويتية في كلتا الحالتين. كما أن شجب دخول روسيا أوكرانيا في التصويت الأول، ليس للشجب في حد ذاته، لكنه مقدم تحت شعار الحفاظ على سلامة وحقوق الشعب الأوكراني (وهو ذات موضوع التصويت الثاني).
من كل ما سبق ذكره، يتضح أن على الغرب، إن أراد فعلا حل المشكلة، ألا يتصور أن نتيجة التصويت قد عزلت روسيا ورئيسها عن العالم [فالعكس صحيح]. كما أن على الرئيس الأمريكي الذي يدير المعركة فعليا، أن ينصح السيد رئيس أوكرانيا بأن يترك الميكروفونات وشاشات التلفاز، ويتفرغ للحل. فالرئيس الأوكراني يقوم بحملة دعائية يومية ومكثفة بأنه يريد أن يلتقي وجها لوجه مع الرئيس بوتين للتفاوض.
وفي نفس الوقت، يوجه كلامه للسيد بوتين قائلا:"أنا لا أعض، أنا رجل عادي، إجلس معي وتحدث وليس على بعد 30 مترا كما فعلت مع رؤساء آخرين. مما أنت خائف؟ لا نهدد أي أحد، لسنا إرهابيين، لا نسرق البنوك، ولا نستولي على أراضي الآخرين" فهل هذا كلام من يريد الجلوس والتفاوض فعلا؟؟
من يرغب في الحل يا سادة، يعرف كيف يسعى لكسب الثقة وحسن النية واحترام الآخرين، ونهج المصداقية، وليس تأجيج الخلاف وتسميم العلاقات وسكب الزيت على النار المشتعلة.
وفي هذا المجال أتذكر (من وجهة نظر علوم التفاوض) كيف أن لقاء ولي عهد الكويت الشيخ سعد العبدالله مع نائب الرئيس العراقي عزة إبراهيم، قد ساهم في تأجيج الصراع بين البلدين، وتسريع قرار الرئيس صدام حسين بغزو الكويت. ومن ثم فلابد من تهيئة كافة الظروف إذا كان ثمة لقاء سيحدث بين الرئيس بوتين ورئيس أوكرانيا. وحتى نضمن السير نحو الحل، وليس السير نحو التصعيد الذي سيكون مميتا حينئذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.