منذ سقوط تنظيم «داعش» بالعراق عام 2017م، وفقدانه أغلب الأراضى التى كان يسيطر عليها؛ خاصة الموصل التى شهدت إعلان التنظيم، بدأ التنظيم الدخول فى المستوى الثالث بعد مروره بمستويين سابقين، أحدهما مستوى التأسيس والنمو، والمستوى الثانى الصعود القوى، تميز هذا المستوى الثالث بالتشظى الكبير للتنظيم بعد أن كانت له كتلة مركزية فى دولتى العراق وسوريا. فكانت أكبر شظاياه تلك الموجودة فى آسيا المتمثلة فى كتلة ما يسمى ب«داعش ولاية خراسان» التى يبدو أنها تخطط لشيء ما خلال عام 2022م، بعد صعود حركة طالبان فى أفغانستان وانسحاب القوات الأمريكية من البلاد. يعتبر فرع «داعش» فى وسط وشرق وجنوب آسيا (ولاية خرسان)، من أنشط أفرع التنظيم فى العالم خلال السنوات الماضية. ويضم منطقة واسعة من القارة فى كل من أفغانستان وباكستان وأوزبكستان وطاجيكستان وبنجلاديش والفلبين وإيران والصين، وماليزيا وأندونيسيا وغيرها. نشأ فرع ولاية خرسان فى يناير 2015م؛ ويسعى التنظيم منذ نشأته فى هذه المنطقة لإقامة خلافة فى وسط آسيا وجنوبها. وإن أحد الأهداف الرئيسة لهذه المجموعة هو ترسيخ مكانتها باعتبارها التنظيم الجهادى الرئيس فى المنطقة. وكانت الفترة الممتدة بين عامى 2015 و2018 ذروة صعود فرع تنظيم داعش فى أفغانستان. التى أصبحت مركزًا رئيسًا لنشاط التنظيم، وتعرض التنظيم خلال هذه الفترة لتضييق واسع النطاق من كل من الحكومة الأفغانية السابقة، وبمساعدة قوات الناتو من جهة وطالبان من جهة أخرى، أدت كل هذه المواجهات إلى إضعاف ولاية خراسان فى عام 2019. وأعلن الرئيس الأفغانى السابق أشرف غنى هزيمة تنظيم «داعش» فى أفغانستان فى نوفمبر 2019. لكن التنظيم استأنف عملياته فى أفغانستان منذ عام 2020. وفى الآونة الأخيرة كانت هناك الكثير من التكهنات حول صعود «داعش خراسان» فى أفغانستان. فقد حذر ممثل الولاياتالمتحدة فى التحالف العالمى ضد داعش جون غادفرى من أن خطر عودة واستيلاء داعش علي أفغانستان لا يزال قائمًا. کما حذر الجنرال مارك ميلى رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مؤخرًا من أن تنظيم داعش يمكن أن يعيد بناء شبكته فى أفغانستان بسرعة. وفى نوفمبر 2021 أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية تقريرًا أشارت فيه إلى أن التنظيم لا يزال نشاطه فى تزايد رغم الضربات التى تعرض لها خلال الفترة الماضية، وأكد البيان أن الولاياتالمتحدة لا تزال ملتزمة باستخدام كلّ ما لديها من أدوات مكافحة الإرهاب لمواجهة التهديد الذى يشكلّه تنظيم ولاية خراسان التابع لتنظيم داعش، والذى يشار إليه عادةً باسم داعش خراسان، كجزء من الجهود الدؤوبة لضمان ألا تعود أفغانستان مرّة أخرى لتكون منصة للإرهاب الدولى. وأصدرت وزارة الخارجية قرارًا بتصنيف ثلاثة من قادة داعش خراسان باعتبارهم إرهابيين عالميين مصنفين تصنيفًا خاصًا (SDGT) بموجب الأمر التنفيذى 13224، بصيغته المعدلة. وضم القرار كلًا من سناء الله غفارى المعروف باسم شهاب المهاجر، الأمير الحالى لداعش خرسان، والذى تولى قيادة الفرع منذ يونيه 2020م، وسلطان عزيز عزام المتحدّث الرسمى باسم داعش خراسان منذ وصول داعش إلى أفغانستان لأول مرة ومولوى رجب، المعروف أيضًا باسم مولوى رجب صلاح الدين، وهو قيادى بارز فى تنظيم الدولة الإسلامية فى خراسان فى ولاية كابول، أفغانستان. يخطط رجب لهجمات وعمليات داعش ويقود مجموعات داعش خراسان التى تشن هجمات فى كابول. ومنذ صعود حركة طالبان فى أفغانستان واستيلائها على السلطة فى أغسطس 2021م ظهرت مخاطر التنظيم الذى يحاول إثبات أنه لا يمكن السيطرة عليه بسهولة من قبل الحركة التى تعهدت بكبح جماح التنظيم، الذى بدأ عملياته المسلحة مبكرًا، لإحراج الحركة نحو مقاسمتها السلطة أو الاستيلاء على أجزاء من الأراضى الأفغانية، وهو ما حذر منه سهيل شاهين المتحدث باسم حركة طالبان فى بيان أصدره مطلع ديسمبر الجارى. فى رسالته إلى الأممالمتحدة عشية إرجاء الاعتراف بحكومة طالبان. بدأت عمليات التنظيم فى هذه الفترة الحساسة باستهدف مطار كابول فى 26 أغسطس الماضى (2021) خلال عملية إرهابية أسفرت عن مقتل ما يقرب من 20 قتيلًا وإصابة نحو 40 آخرين، منهم عناصر من قوات المارينز الأمريكية، بجانب عناصر من القوات التابعة لحركة «طالبان» والمتعاونين، وهى العملية التى أعلن تنظيم «داعش» تبنيها عبر بيان نشره على قنواته المغلقة «دارك ويب» مساء اليوم نفسه بعنوان «سقوط نحو 160 قتيلًا وجريحًا من القوات الأمريكية والمتعاونين بهجوم انتحارى قرب مطار كابل»، حيث كشف «داعش» تفاصيل العملية الإرهابية، وقال إن أحد عناصره - أطلق عليه اسم عبدالرحمن اللاهوري- تمكن من اختراق التحصينات الأمنية التى تقيمها القوات الأمريكية وقوات «طالبان» حول العاصمة كابل، واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأمريكى عند مخيم باران قرب مطار كابل، ومن ثم قام بتفجير الحزام الناسف.