في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت. 4- ابن الرومي " لم يُخلق الدمعُ لامرىٍ عبثاالله أدرى بلوعة الحَزنِ "بالدموع، التي لا ينبغي كتمانها، يتحرر الإنسان السويّ من جراح غائرة يخلفّها الحزن والألم، وينتفض لاستعادة التوازن وتعويض بعض الخسائر التي تطوله جراء الفقد والغدر والحسرة واليأس، والتأمل بلا قدرة على الفعل في النزيف الذي ينهك الروح ويزلزل جدرانها المتهالكة الآيلة للسقوط.الدموع، مثل الخيال ولذة الشجن وأحلام النوم واليقظة، هبة إلهية ثمينة، لا يعي كثير من البشر قيمتها وما تحفل به من عطاء يعز عليهم استثماره والإفادة منه. الحزن الثقيل الأسود صناعة إنسانية خالصة، والدموع دواء إلهي مجاني ناجع يتصدى ببسالة للطعنات ويحاصر الصدأ ويجفف الصديد، ويحتضن الإنسان المرهق المحاصر بضعف القوة وقلة الحيلة وهيمنة الهوان. ليس الضعيف من يبكي لفرط الحزن وقسوة الانكسار وطغيان التمزق في زنزانة الإحباط التي تشبه بحر الظلمات، لكن الضعيف الضعيف من يكتم الدموع متوهما أنها تخدش جلال الرجولة وتناقض تماسك الأقوياء وتسيء إلى من يتداوى بها.ما أحمق الإنسان!. يدير ظهره للهبة الإلهية، ويبحث عن بدائل عبثية عقيمة لا تغني عنه شيئا، لكن الحماقة قدر الإنسان!.