تزيد روسياوالعراق شحنات الخام إلى السوق الصينية التي ينمو فيها الطلب على النفط بأبطأ وتيرة له في أكثر من 20 عاما مما يدفع موردين منافسين لتحويل شحناتهم إلى أسواق أخرى. ومن شأن هذه الشحنات المحولة القادمة من أمريكا اللاتينية وافريقيا وبعض منتجي الشرق الأوسط والتي كان من المتوقع في الأصل أن تذهب إلى المصافي الصينية أن تضغط على الأسعار المرجعية هذا العام وبدأت شركات نفط حكومية بالفعل في خفض أسعار البيع الرسمية بحثا عن مشترين. وأبرمت شركة روسنفت الروسية والعراق عقودا ستزيد إجمالي شحناتهما معا نحو 50 بالمئة فوق معدل النمو المتوقع للطلب على الواردات في الصين عام 2014. وتحظى روسنفت بدعم من الحكومة الروسية لضخ نفط شرق سيبيريا إلى آسيا بينما يتميز العراق بتخفيضاته الكبيرة في الأسعار وشروطه الميسرة. وفي حين تؤجل بتروتشاينا الحكومية للتكرير وشركة بي.بي العملاقة للنفط مشروعات مصاف في الصين بسبب المخاوف تجاه نمو الطلب أو تلغيها تماما يتزاحم بائعون آخرون للحصول على حصص في سوق أصغر مما كانوا يتوقعون. وقال أندرو ريد من إنرجي سيكيوريتي أنالاسيس "يريد الكثيرون في جميع أنحاء العالم بيع الخام إلى آسيا وقد لا يكون هناك طلب كاف للجميع." ونما الطلب على النفط في الصين 1.6 بالمئة فقط العام الماضي وهي أبطأ وتيرة له منذ عام 1992. وتشير بيانات رويترز إلى أن واردات الصين من الخام زادت أربعة بالمئة لتسجل أبطأ وتيرة لها منذ 2007 على الأقل مقابل أكثر من 17 بالمئة في 2010. ورغم أن مؤسسة البترول الوطنية كبرى شركات النفط في الصين قالت إن واردات البلاد من الخام ستزيد بنسبة 7.1 بالمئة هذا العام أو ما يعادل نحو 370 ألف برميل يوميا إلا أن الزيادة في الإمدادات الروسية والعراقية ستفوق نمو الواردات. وشحنت روسنفت أكبر منتجي النفط في روسيا ما يربو على 300 ألف برميل يوميا إلى الصين في 2013 ومن المقرر أن تشحن 180 ألف برميل يوميا إضافية هذا العام لتنمو الصادرات إلى الصين في النهاية إلى أكثر من 900 ألف برميل يوميا. وقال ريد "إنها خطوة منطقية. ببساطة تسعى روسيا إلى ضمان مشتر لخامها على المدى الطويل." وبينما يسعى العراق حثيثا إلى زيادة حصته في السوقين الصينية والآسيوية فإنه يتجه لأن يصبح ثاني أكبر مورد للخام إلى الصين هذا العام بزيادة شحناته بنسبة 68 بالمئة إلى 882 ألف برميل يوميا. وتفوق العراق على إيران العام الماضي ليصبح خامس أكبر مصدر للنفط إلى الصين بعد خفض أسعار البيع الرسمية لخام البصرة الخفيف الرئيسي. ولم تؤد زيادة واردات الصين من روسياوالعراق إلا لتعزيز المنافسة بين موردي النفط الآخرين على السوق الآسيوية. ويعرض المنتجون في أمريكا اللاتينية وافريقيا بالفعل تخفيضات أكبر على المشترين الآسيويين مع تراجع احتياجات الاستيراد في أسواقهم الأمريكية والأوروبية التقليدية. وقال جيف براون من اف.جي إنرجي "مع تراجع احتياجات حوض الأطلسي سيتعين إيجاد وجهة جديدة للخام القادم من أمريكا اللاتينية وافريقيا وروسيا." وأضاف "من الطبيعي أن تتجه أنظارهم إلى آسيا." ودفعت هذه التوقعات لوفرة الإمدادات والتباطؤ الحالي للنمو في الصين بنوك استثمار مثل جولدمان ساكس وباركليز في ديسمبر كانون الأول إلى خفض توقعات أسعار النفط لعام 2014. وخفض ايه.بي.ان امرو الهولندي في يناير كانون الثاني توقعاته لمتوسط سعر برنت هذا العام إلى 95 دولارا من 100 دولار للبرميل. وقال البنك في مذكرة بحثية "وفرة المعروض النفطي ستستمر في السنوات الخمس القادمة على الأقل لتفوق الزيادة في الطلب وهو ما يؤدي إلى استمرار الضغط على أسعار النفط." ورغم ذلك تقول وكالة الطاقة الدولية ثالث المؤسسات الكبرى المعنية بتوقعات النفط إن الاستهلاك العالمي للخام سيزيد عن المتوقع هذا العام بفعل النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وقالت الوكالة إن المخزونات النفطية تشهد أدنى مستوياتها منذ عام 2008 بسبب نمو الطلب أكثر من المتوقع ومشاكل الإمداد في عدد من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ويبدو أن الزيادة في الإمدادات الروسية والعراقية إلى الصين تنعكس سلبا على مصدري أمريكا اللاتينية بصفة خاصة والذين حولوا أنظارهم إلى آسيا بعد أن أدى نمو إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة إلى حرمانهم من عملاء تعاملوا معهم على مدى عقود. وأظهرت بيانات جمعتها تومسون رويترز أن من المرجح أن تتراجع شحنات الخام من أمريكا اللاتينية إلى الصين عشرة بالمئة على أساس سنوي إلى نحو 504 آلاف و300 برميل يوميا بنهاية الربع الأول من العام الحالي. ومقارنة بالربع الأول من 2012 يقل هذا المستوى نحو 25 بالمئة. ومن المرجح أيضا أن تتراجع شحنات خامات غرب افريقيا إلى الصين في يناير كانون الثاني وفبراير شباط بعد أن بلغت مستوى قياسيا في نوفمبر تشرين الثاني رغم أن الوقت مازال مبكرا للغاية لقول ما إذا كان الانخفاض يعود إلى تراجع الإقبال على هذه الخامات في الصين.