في مطلع شهر مايو عام 2018 حضر "عماد. ا"، 31 سنة، إلى منطقة مدينة نصر بالقاهرة للبحث عن فرصة عمل لتوفير نفقات أسرته، حتى حصل على عمل بأحد المقاهي بالمنطقة، واستقر به الحال في هذا العمل، والذي كان خلاله يتردد على "كشك سجائر"، تملكه سيدة تدعى "منال" 52 سنة لإيصال القهوة والشاي وشراء مستلزمات المقهى. تعيش صاحبة ال52 سنة بمفردها لعدم زواجها، واعتادت على الحياة بمفردها بالطابق الأرضي بالعقار، تتنقل بين شقتين بالطابقين الأول والثالث، حيث إن العائلة تقطن في هذا المنزل، وخصصت وقتها للعمل بالكشك، فضلا عن اعتنائها بالأطفال المتسولين بالشارع بشكل دقيق، فكانت تعتبرهم أطفالها التي لم تنجبهم، إضافة إلى أنها دائمًا كانت تنفق أموالها على الفقراء. لم يستطع "عماد"، الذي التحق بالعمل لدى أحد المقاهي تحمل العمل حتى تركه في أسرع وقت، وظن أن قدومه لهذه المنطقة سيفتح له "كنز على بابا" بعد أن استطاع أن ينجح في خلق علاقات جيدة مع عدد كبير من سكان المنطقة، وأن الأحوال ستتبدل إلى أفضل حال، لكنه وجد نفسه محاصرا بأزمة مالية تزامنا مع ارتفاع مصروفات أسرته وطلبات أبنائه، ونسي وصية مالكة الكشك وهي "الالتزام في العمل". على أحد مقاهي منطقة مدينة نصر، جلس "عماد" يحتسي كوبا من الشاي، ينفخ همومه على أنفاس المعسل، واختمرت في ذهنه خطة ستخلصه من ضائقته المالية والكف عن سماع جملة "فين طلبات المنزل"، وذلك بسرقة مالكة الكشك مستغلا إقامتها بمفردها وبدأ يجهز لتنفيذ جريمته من خلال تقمص "عماد" دور المخبر السري لمراقبة العجوز طوال ال24 ساعة، وانتظر الوقت المناسب لتنفيذ خطته مستغلا الهدوء الذي يسود العقار، حيث تسلل إلى شقة المجني عليها من الباب الخلفي ودخل من الشرفة، في منتصف الليل وانتظر حتى نزلت "الضحية" من شقة والداتها بالطابق الأعلى لشقتها وعندما حاولت التصدي له والاستغاثة بالجيران، أسرع إلى المطبخ واستولى على سلاح أبيض "سكين" وسدد لها 5 طعنات. يوم اكتشاف الواقعة تبدلت الأمور 360 درجة، رجال المباحث والمعمل الجنائي ينتشرون في جنبات العقار، كردون أمني بمحيط العقار عقب العثور على جثة مالكة "الكشك" ترتدي ملابسها كاملة، مقتولة داخل شقتها، وبها آثار طعنات متفرقة بالجسم. انطلق المقدم خالد سيف رئيس مباحث قسم شرطة أول مدينة نصر،آنذاك، إلى مسرح الجريمة، وبدأ في جمع المعلومات عن سكان العقار وبدأ الموقف يزداد تعقيد. من القاتل؟ 48 ساعة كاملة قضاها رئيس مباحث مدينة نصر أول بمسرح الجريمة بحثا عن إجابة للسؤال الأبرز "من القاتل؟"، للوصول لطرف خيط يقوده إلى حل القضية، إذ استمع لأقوال العديد من قاطني المنطقة وحرص على تفريغ كاميرات المراقبة المُثبتة بالمحلات في المنطقة فضلا عن فحص علاقات الضحية والوقوف على وجود خلافات بينها وآخرين ترقى لارتكاب الجريمة، حيث أكدت التحريات أن المجني عليها تتمتع بدماثة الخلق وحب واحترام الجميع، وأنها وتقيم بمفردها في المنزل. أول خيوط القضية كانت كاميرات المراقبة بمحيط الجريمة، والتي رصدت خروج المتهم عقب تنفيذ الجريمة مسرعا، وهنا بدت الصورة جلية أمام رجال المباحث. وأصبحت الصورة أكثر وضوحا، وبات فريق البحث الجنائي يطارد شخصا معلومًا وليس مجهول الهوية، فكانت الخطوة التالية هي تكثيف التحريات وجمع المعلومات عن المشتبه به. عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، انطلقت مأمورية قادها المقدم خالد سيف، ونجحت في ضبط المتهم خلال عدد الكمائن بالأماكن التي يتردد عليها، وتم اقتياده إلى القسم للتحقيق. حالة من الذهول سيطرت على الشاب الثلاثيني بعد سقوطه في قبضة المباحث، وبدأ يدلي باعترافاته التفصيلية أمام اللواء محمد منصور، مدير مباحث القاهرة، مشيرا إلى نظرًا لمروره بضائقة مالية ولعمله سابقًا بمقهى كائن بمحل البلاغ وتردده على المجنى عليها لشراء المعسل والسجائر، وعلمه بأنها تقيم بمفردها واحتفاظها بمبالغ مالية متحصلات تجارتها فخطط لسرقتها.