عصر الظلام، عصر القتل وانتهاك الحرمات، عصر الإبادة الجماعية للبلدان العربية والإسلامية باسم الدين، عصر آل عثمان، أو ما أطلق عليه «الدولة العثمانية»، تلك الفترة التاريخية السوداء فى عمر الخلافة الإسلامية على مر تاريخها منذ الخلفاء الراشدين وصولًا للعصر الحديث. آل عثمان قتلة العصر الحديث الدمويون، هم من أسسوا الدولة العثمانية التى اجتاحت دول العالم الإسلامى غير عائبة بالمحرمات، وقدسية تلك البلدان التى تشهد بالوحدانية لله، وترفع راية الحق، حيث شقت الجيوش العثمانية الطرقات عبر البر والبحر تدفع سفن حقدها وجحافل جندها أحلام التوسع والهيمنة المجنونة، على حساب دماء العرب أجمعين، وتمثلت ذروة الدموية والبطش فى تاريخ آل عثمان على يد السلطان سليم الأول، أو كما سماه العديد من مراجع التاريخ «سليم المجنون»، الذى عاش بشهوة الحكم وفرض السلطة بالقوة غير عابئ بالمقدسات فمات شر ميتة، ليتعظ من خلفه؛ ولكن هيهات؛ فقد خلف من بعده رجل أكثر شرًا وأشد جنونًا وهو الرئيس التركى الحالى رجب طيب أردوغان، الذى واصل مسيرة أجداده أصحاب مجازر الأرمن الأشهر على مر التاريخ الحديث، وهو أيضًا من تراوده أحلام الخلافة المزعومة، فهو امتداد لسليم المجنون بكل جهله وحقده وأحلامه التوسعية. «البوابة نيوز»، تفتح من جديد ملف «حلم الخلافة» الذى شكل دافعًا ومحركًا قويًا لأردوغان، ليكشف عن أطماعه الاستبدادية، ومحاولاته الممجوجة والمُستهجنة لتحقيق غايته على رقاب العرب، حيث تحدث عدد من المؤرخين، وأساتذة التاريخ المعاصر عن أحلام أردوغان المجنونة، وأفعال أسلافه الشيطانية، كما تحدثوا عن تلك المجازر التى وقعت بحق العرب والأرمن على يد آل عثمان. قال الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة، فى بداية الدولة العثمانية كان كل السكان، سواء أكانوا عربا أو بربر أو أكرادا يعيشون فى حالة أمن، والدولة العثمانية كانت تترك المساحة ليتعايش الجميع، لذلك بداية الدولة العثمانية كان بها سلام وأمان، والمشكلة بدأت فى القرن التاسع عشر مع بداية محاولات «تتريك» هذا الخليط، ومن هنا حدث الصدام، فعلى سبيل المثال، العرب رفضوًا فرض الحضارة التركية عليهم لأنهم يمتلكون حضارة أعلى وأكبر من الحضارة التركية بكثير، ففى البداية لم تكن هناك مشكلة؛ لأن الأرمن كانوا تجارا كبارا فى الدولة العثمانية، وكانوا يشغلون مناصب كبيرة فى الدولة، ومنهم نوبار باشا فى مصر وهو أرمنى فى الأصل. وأضاف الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة عندما بدأ الأتراك فى فرض حالة «التتريك» حدث الصدام بين القوميات المختلفة، ومن هنا بدأت مذابح تركية ضد العرب، والأرمن، وكانت فكرة الأتراك تكمن فى فرض اللغة والحضارة التركية على الجميع. وهناك عدد من الملاحظات حول تعامل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مع التاريخ العثماني، فأردوغان يرى أنه وريث الدولة العثمانية، وهذا الكلام غير صحيح، لأن الدولة العثمانية أكبر من اختزالها فى تركيا الحالية، والدولة العثمانية كانت كيانا سياسيا وثقافيا يضم منظومة شرق البحر المتوسط بأكملها، وشارك بها كل الشعوب، وكون أردوغان يختزل التاريخ العثمانى فى الجانب التركى فقط؛ فهذا الأمر يمثل عدم فهم للتاريخ، أو توظيفا سياسيا للتاريخ. وواصل «عفيفي»: كان السلاطين العثمانيون يعتبرون السلطان العثمانى الذى لا يعلم اللغة العربية غير مثقف وغير متحضر، لذلك كون أردوغان يختزل تاريخ الدولة العثمانية فى نفسه أو فى إسطنبول أو فى العنصر التركى فهذه جريمة تاريخية، ونحن لا نهاجم تاريخ الدولة العثمانية، فالعرب هم من شارك فى الدولة العثمانية، ولهم فى تاريخ الدولة العثمانية، وليس من حق أردوغان أن يحتكر هذا التاريخ لنفسه، لأن العثمانيين قالوا إنهم نتاج أو تطور للتاريخ الإسلامى الكبير، وعلى مستوى اللغة لم يقولوا اللغة التركية، ولم يكن لديهم القدرة ليقولوا اللغة التركية، ولكن كانوا يقولون اللغة العثمانية؛ لأن أغلب كلمات اللغة العثمانية كانت عربية وفارسية ثم تركية، وما حدث فى فترات لاحقة فى أواخر الدولة العثمانية وفى فترة كمال أتاتورك أن تم بعث كلمات تركية قديمة لتحل محل الكلمات العربية، ولكن خلال فترات طويلة جدا كانوا يقولون اللغة العثمانية، ولم يكن بمقدور أحد أن يقول اللغة التركية. وواصل أستاذ التاريخ المعاصر، اللغة العثمانية كان أكثرها كلمات عربية، حتى الشعراء العثمانيين لم يكونوا ليقولوا على أنفسهم أنهم أتراك، وكانوا يتفاخرون بكم الكلمات العربية والفارسية فى أشعارهم، لذلك فكرة أن يحتكر أردوغان هذا الإرث منفردًا هى فكرة مرفوضة، حتى على مستوى الأكلات الشهيرة فهى أكلات البحر المتوسط بالكامل، لذلك هناك خلاف بين تركيا واليونان حول الأكلات، وهنا نرى أن أردوغان يوظف التاريخ لأغراض سياسية بحتة، ويحتكر التاريخ العثمانى فى شخصه، بينما العرب هم من لعبوا الدور الأكبر هذا التاريخ. وإذا رجعنا للتاريخ نجد أن الأتراك فى الأساس مجموعة من البدو، لكنهم بدو الصحراء الثلجية وكانوا وثنيين، ولذلك اللغات فى أوزباكستان يفهمها من فى الشيشان، ويفهمون اللغة التركية أيضًا وهى أقرب للغة اليابانية، ونتيجة قسوة الطبيعة فى هذه المناطق ونظرًا لضعف الدولة العباسية، بدأت هذه القبائل التركية يتم تجنيدها عسكريًا وبدءوا بالسلاجقة، ونتيجة دخولهم الخدمة العسكرية للدولة العباسية تحول جزء منهم من الوثنية إلى الإسلام، لدرجة أن هناك شكا كبيرا، هل الجد الأكبر للعثمانيين أسلم أم لا؟ لأنهم كانوا قبائل وثنية، ولكن مع ذلك تم توظيفهم فى الخدمة العسكرية وتحولهم للإسلام، وأشهرهم قصة السلاجقة، وقصة العثمانيين جاءت من خلال هجوم المغول والتتار، بالإضافة إلى قسوة الطبيعة، ما دفع قبائل الأتراك فى وسط آسيا للزحف ناحية الغرب، وكانت هناك الدولة البيزنطية الموجودة فى تركيا الحالية وبلاد اليونان، وهم أجداد اليونانيين الحاليين، ومن هنا بدأت تضعف الدولة البيزنطية، ولذلك جاءت هذه القبائل التركية الفارة على أطراف الدولة البيزنطية واستولت على أجزاء منها، وبدأ التمدد شيئًا فشيئًا، وكانت قبيلة آل عثمان إحدى هذه القبائل. وأشار صاحب كتاب «المستبد العادل» إلى أن قبيلة آل عثمان توسعت على حساب الدولة البيزنطية شيئًا فشيئًا من ناحية، ومن ناحية أخرى توسعت على حساب القبائل التركية الصغيرة، لتصبح أكبر إمارة أو قوة، وبعدها حصلت على جزء من الدولة البيزنطية والتفت حول منطقة البلقان وهى شرق أوروبا وكانت منطقة ضعيفة جدًا، وكانت منقسمة على نفسه، ومن هنا بدأت التوسع على حساب منطقة البلقان المسيحية، فبدأت تقوى شيئًا فشيئًا، وهنا حدث التطور الكبير، حيث كانت الدولة البيزنطية لم يتبق منها شيء سوى القسطنطينية، وهى إسطنبول الحالية، وكان حينها من السهل على السلطان محمد الفاتح الدخول إلى القسطنطينية وإسقاطها وتحويلها إلى إسطنبول دار الإسلام، ومن هنا اكتسبوا شهرة فى العالم الإسلامي.