تختلف معاني حرفي "الألف واللام" في دخولها على المفردات، فمرة تكون للجنس، ومرة تكون للعهد، وثالثة للخصوص، ورابعة للإشاعة والإفهام، وأخيرة على الأسماء المنقولة من باب الأوصاف إلى باب الأعلام. وفي تفصيل تلك المعاني يروي أبو حيان التوحيدي الأديب والفيلسوف في كتابه "البصائر والذخائر" عن بعض النحويين قائلا: الألف واللام يدخلان في الكلام على خمسة أوجه: لتعريف الجنس، نحو قولك: أهلك الناس الدرهم والدينار. ولم ترد درهمًا بعينه ولا دينارًا وإنما أردت الجنس، ومنه قوله "إن الإنسان لفي خسر"، يعني الجنس، والدليل عليه قوله عز وجل "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" لأن الاستثناء وقع في الجميع. ويدخلان للعهد نحو قولك: مررت بالرجل، وأخذت الكتاب. فتريد ﺑﻬما ما سلف العهد به؛ ويدخلان للخصوص نحو قولك: وجدت الشمس طالعة والقمر قد غاب، والنجم قد ارتفع - بالألف واللام - قد دخلتا للخصوص لأنك تعرف واحدًا من أمة، لأنك إذا قلت: قد طلع النجم علم أنه الثريا وألزم الألف واللام للتخصيص. ويدخلان للإشاعة والإفهام كقولك: الذي في الدار زيد، والتي قامت هند، ألا ترى أن هذا الاسم شائع في بابه غير مخصوص يدخل تحته كل ذكر وأنثى من الآدميين وغيرهم، وإنما يتبين معناه للاسم الذي يجيء بعده فيكون خبرًا له وهو قولك: الذي في الدار زيد، لو قلت: الذي في الدار، لم يكن كلامًا، ولا دل هذا على شخص بعينه، فحين قلت زيد وقعت الفائدة في الجملة. ويدخلان في الأسماء المنقولة من باب الأوصاف إلى باب الأسماء الأعلام، وهو قولك: العباس والحكم والحارث والفضل.. فالألف واللام في هذه الأسماء لم يدخلا لتعريفها وإنما دخلتا عليها حين كانت أوصافًا كقولك: مررت بالرجل الحكم، وبالرجل العباس، فلما قصدوا أن يسموا ﺑﻬا نقلوها مع الألف واللام إلى باب: زيد وعمرو. ومن العرب من يقول: حارث وعباس وحكم، فكأنه نقلها إلى باب الأعلام على تنكيرها حين قيل: مررت برجل حكم.. فأما الأسماء التي لزمت حذف الألف واللام فإﻧﻬا كانت في الأصل مصادر وأجريت مجرى المصادر، فلما نقلوها إلى باب الأعلام لزموا فيها طريقة واحدة، كما لزموا في زيد وعمرو. ويُعد كتاب "البصائر والذخائر" لأبي حيان التوحيدي جهد إطلاع دؤوب وقراءة مستمرة لمصادر رئيسية في باب الأدب والنوادر والتاريخ، أشار إليها "التوحيدي" في مقدمة كتابه، حيث شملت القائمة مؤلفات عثمان بن أبي بحر الجاحظ، و"النوادر" لأبي عبدالله محمد بن زياد الأعرابي و"الكامل" لأبي العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد، و"عيون الأخبار" لابن قتيبة الدينوري، و"مجالس ثعلب" و"المنظوم والمنثور" لابن أبي طاهر و"الأوراق" للصولي و"الوزراء" لابن عبدوس و"الحيوانات" لقدامة، إلى جانب القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.