شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، جلسة تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليًا وإقليميًا، ضمن فعاليات المؤتمر الوطني الثامن للشباب، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، و1600 شاب مصري. واستعرضت جلسة تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا تطور الإرهاب وتنامي الإرهاب في المنطقة وعودة مقاتلي داعش وتوصيف أوضاع الإرهاب وتأثيرها على مصر والعالم، فضلا عن التكتيكات الجديدة التي تواجهها مصر. قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن جيش مصر هو مركز الثقل في المنطقة كلها، مشيرا إلى ان تكلفة مكافحة الإرهاب كبيرة وهناك تضحيات كثيرة، متابعا: "الصاروخ الواحد في الطيارة ممكن يتكلف اثنين أو ثلاثة ملايين دولار، لكن البندقية بشوية ذخيرة، أو عبوة ناسفة فيها مفجر أقلبلك بيها حال البلد والناس وأحطم معنوياتهم وأفزعهم". ووجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي حديثه للمصريين قائلا:" قدامكم خيار من الاتنين؛ يا تسلمولهم يحكموا مصر يا تقفوا". وأردف الرئيس عبدالفتاح السيسي: "الصراع بيننا وبين الجماعات الإرهابية هيفضل كده، لأننا لغاية دلوقتي لم نتصدى فكريًا للقضية كما ينبغي". وأضاف الرئيس السيسي خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا" والتي استعرضت تطور الإرهاب وتنامي الإرهاب في المنطقة، وعودة مقاتلي داعش، وتوصيف أوضاع الإرهاب وتأثيرها على مصر والعالم، بالإضافة إلى التكتيكات الجديدة التي تواجهها مصر، أن التنظيمات الإرهابية تحرف جميع معانى العقائد الدينية لتطويعها لمصالحهم الشخصية التخريبية، قائلا: "لو حبيت تعمل سياق يوصلك تقتل الناس ممكن تعمل وتحرف النصوص والمعانى"، لافتا إلى أن التنظيمات الإرهابية قامت بتنفيذ هذا المخطط منذ 9 سنوات والذين أطلق عليهم فيما بعد "العائدون من أفغانستان". وأوضح أن التنظيمات الإرهابية تعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية للوصول لأعضائها، قائلا: "إحنا مش شايفين الدماغ الحقيقية اللى بتدى التكليفات للشباب بالجماعات الإرهابية". وأوضح الرئيس السيسي، أن الإرهاب قضية عالمية معظم الدول تعاني منه ومصر موقفها واضح وثابت، مشيرا إلى أن الأمم لن تستطيع أن تتقدم لحظة في ظل الإرهاب، لأن آمال ومستقبل الشعوب تدمر بسبب الإرهاب. وأكد أنه يجب أن ننظر إلى مناعة الدولة المصرية طوال الوقت، فالدولة المصرية تأثرت بعد 2011، بعد مخطط إضعاف قدرة الدولة الوطنية لكي تظهر الدول الصغيرة. وأوضح الرئيس السيسي، أن البعض سعى إلى تحطيم سورياوالعراق لتدمير الشرق، مؤكدا أن الحروب من خلال الأسلحة التقليدية صعبة حتى لا تكون هناك مساءلة من المجتمع الدولي، لذلك البعض لجأ إلى الإرهاب والميليشيات المسلحة. وأشار الرئيس السيسي، إلى أن حجم التدمير الذي شهدته سوريا كبير جدا، بسبب العمليات الإرهابية، منوها إلى أن هؤلاء يلجأون إلى الإرهاب والعبوات الناسفة من خلال بعض العناصر؛ لأن التكلفة أقل بكثير من الصواريخ والطائرات. وتابع الرئيس قائلا: "إننا حتى الآن لم نتصدى للقضية الإرهابية فكريًا كما ينبغي، بل على استحياء، والناس فاكرة إننا هنضيع ديننا"، مؤكدا أن الإرهاب كفكرة شيطانية أساسها والهدف منها هو ضرب مركز ثقل الدين للشعوب والإنسانية وليس الإسلام. وأردف الرئيس عبدالفتاح السيسي: "العلاقة بين الإنسان وربه بتضرب، وعندما نرى أن من يرفعون عباءة الدين تأثيرهم كده دا يخوفنا ويخلينا بعيد". واستكمل الرئيس عبدالفتاح السيسي: "في 55 دولة مسلمة، هما مين، هما فين، والإرهاب زي السرطان وفي فترة علاجه الجسم بيكون ضعيف". وأكد أن الإرهاب هو الوسيلة الناجحة التى يمكن أن تستخدم وتحقق الأهداف بتكلفة سياسية وعسكرية وأمنية قليلة للغاية، وهذا ما حدث في الثمانينيات، حيث سقط الاتحاد السوفيتي نتيجة استخدام الإرهاب. وأضاف الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن تكبير فكرة التنظيم لم يكن لينجح بهذا الشكل إلا في حالة تبني دول له وتصنع له حواضن مثل ما تم في مدارس بطالبان بباكستان، حيث استمرت هذه المدارس لمدة 8 سنوات يتجمع بها الشباب، مشيرا إلى أن التنظيم دائما ما يستفيد من الشباب لأنهم أبرياء، ولديهم جرأة، وطموح، وقد يكون لديهم شيء من الاندفاع. وأشار إلى أنه كانت هناك جرائد عالمية تضع صورة المجاهدين بالملابس التقليدية على أنهم يقومون بدور عظيم للغاية ويتم استقبالهم في كل الدول، لافتا إلى أنه من بعد باكستان اتجهت فكرة التنظيم نحو تنظير سياق فكري كامل، حيث يبدأ الشخص من الألف إلى الياء ويتم إقناعه بأن ما سيفعله شيء مقدس وشريف وجهاد حقيقي في سبيل الله، لافتا إلى أن الشخص الذي يقوم بذلك بالنسبة لهم أداة لتدمير دول. وأكد أنه في أي عقيدة "إسلامية، مسيحية، يهودية" يمكن إذا أردت أن تصنع سياقا يقتل الناس، "ممكن تصنع من خلال تلاوة النصوص وتحريف معانيها، وهذا ما حدث خلال الثماني سنوات الماضية". وأكد أن الإرهاب هدفه إسقاط مصر خاصة في مؤسساتها الحيوية، مشيرا إلى أن عقلية العنصر التكفيري والإرهابي رجعية تصطدم مع الحياة والمجتمع والإنسانية والتطوير. وأضاف الرئيس السيسي، أن الله عز وجل لا يمكن أن ينزل أديانا تصطدم مع الدنيا والتطور، متابعا «هو ربنا خالق الدنيا علشان الناس تضرب في بعضها». وأشار الرئيس السيسي، إلى أن علينا أن نتابع معركة مكافحة الإرهاب وتأثيرها حتى لا يتفاقم، لافتا إلى أن الإرهاب للأسف وحش وخرج عن سيطرة الذين أطلقوا، خاصة أن هناك دولا عملت على بناء تواصل مع هذه الجماعات ليكون لها تأثير في المنطقة والساحة الدولية. وأوضح الرئيس السيسي، أن هناك ربع مليون إرهابي، والمقاتلون العائدون رفضت بلادهم استقبالهم هم وأسرهم، وطالبوا بمحاكمتهم، مضيفا «إحنا في مصر بخير». ومن جانبه قال خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عملية 11 سبتمبر 2011 كانت حدثا إرهابيا كبيرا، حيث إن هذا العام كان نقطة فارقة في العمليات الإرهابية، مشددا على أن هناك مجموعة من المراحل التي مر بها الإرهاب. وأضاف عكاشة، خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا" أن الفترة من الثمانينيات والتسعينيات شهدت الدفع بالعناصر الإرهابية في أفغانستان، حيث إن سقوط الاتحاد السوفيتي كان يؤكد استخدام هذه العناصر وكان بمثابة عمل استخباراتي كبير. وأشار مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أنه عقب أحداث سبتمبر 2001 ظهر تحالف يضم عددا من الدول يهدف لمحاربة الإرهاب، وشهد اشتراك قوات عسكرية من مجموعة دول لغزو دول أخرى من أجل محاربة الإرهاب، مشددا على أن الفترة ما بين 2001 و2011 شهدت غزو أفغانستانوالعراق وتحطيم قدرات العراق، كما أنه في الفترة من 2007 و2011 بدأ تصوير المشهد كان هناك انحصار لظاهرة الإرهاب وهو مشهد خادع، حيث إن الواقع كان عكس ذلك، وكانت الشرارة في 2011 بما يسمي ثورات الربيع العربي وخروج تلك الجماعات الإرهابية مرة أخرى. وأوضح عكاشة، أن الإقليم على صفيح ساخن، والإرهاب وجد لتأجيج المنطقة وإشعالها، والصراعات الدولية والسياسية ستساهم في الحفاظ على الإرهاب واستخدامه لتحقيق طرف الانتصار على الآخر، مطالبا بضرورة الإنتباه لظاهرة الإرهاب، والدولة المصرية قامت بأكبر مواجهة شاملة لمكافحة الإرهاب وحققت نتائج كبيرة وحطمت قدرات الإرهاب في العملية الشاملة بسيناء 2018. في حين قالت دلال محمود، مدير مركز الأمن والدفاع، إن الترابط بين الإرهاب والمصالح الأساسية أدى إلى وجود الإرهاب كلاعب أساسي وعامل أساسي في المشهد، مشددة على أن الجماعات الإرهابية زادت من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة. وأضافت خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا" خلال المؤتمر الوطني الدورى الثامن للشباب، أن التنظيمات الإرهابية شهدت تطورا وطفرة كبيرة، حيث كانت هناك زيادة في الجماعات الإرهابية ربما تصل إلى 100 جماعة إرهابية، مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط كانت الأعلى كثافة في العمليات الإرهابية والخسائر البشرية كانت كبيرة تجاوزت ال90 ألف ضحية جراء هذه العمليات الإرهابية، كما أن ضحايا الإرهاب في عام 2017 بلغ 18 ألفا من مدنيين وعسكريين، فهناك أعداد كبيرة تسقط في المنطقة جراء الإرهاب، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة. وأشارت مدير مركز الأمن والدفاع إلى أن الإرهاب اتخذ شكل الخلايا العنقودية عقب 2011، وبعض التنظيمات تحولت لشبكة لها فروع في عدد من الأماكن، وأصبحت تتمتع بمرونة وتستطيع أن تعيد ترتيب أوضاعها، فهناك طفرة حدثت في قدرات الجماعات الإرهابية، كما أنه وفقا لتقديرات الأممالمتحدة فإن ميزانية تنظيم داعش بلغت ما يقرب من 300 مليون دولار، كما أن هناك تقديرات أن أغلب موارد داعش جاءت من النفط. وأوضحت دلال، أن التنظيمات الإرهابية اجادت استغلال الفضاء، وكيفية إخفاء المعلومات والرسائل المتبادلة فيما بين الجماعات الإرهابية، كما استخدموا تكنولوجيا الاتصالات في تحقيق أهدافهم، وتجنيد عدد من الأشخاص للانضمام إليهم. ومن جانبه قال حسين عبدالراضي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مسرح عمليات الإرهاب حول العالم يتجسد في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وداعش وتنظيم القاعدة، مشددا على أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين هو التنظيم الأم لتلك التنظيمات الإرهابية التي استلهمت المنهج الفكري من تنظيم الجماعة الإرهابية. وأضاف خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا" خلال المؤتمر الوطني الدورى الثامن للشباب أن أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة أكد على وجود اتصال بين تنظيم القاعدة وتنظيم جماعة الإخوان، كما أن خطيب الإرهاب يوسف القرضاوي أكد أن أبو بكر البغدادى مؤسس تنظيم داعش على صلة بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وكان عضوا بهذا التنظيم. وأشار عبدالراضي، إلى أن انتشار تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في 52 دولة يستهدف السيطرة والتمكين السياسي في تلك الدول، كما أن هذا التنظيم رصد انتشاره في دول أمريكا اللاتينية، مشددا على أن جماعة الإخوان في المنطقة العربية حاولت الوصول لسدة الحكم من خلال شكل سياسي عن طريق أحزاب يتم تأسيسها. وأوضح عبدالراضي، أن عناصر تنظيم جماعة الإخوان شاركت في تأسيس تنظيم القاعدة، كما أن تنظيم داعش أكثر التنظيمات الإرهابية دموية على صلة وثيقة بتنظيم الإخوان، كما أن هناك عناصر من تنظيم الإخوان تم تدريبهم في معسكرات داعش مثل الإرهابي عمر الديب والذي استهدف كمائن شرطية وكمائن القوات المسلحة، كما أن الإخوان فوضوا خيرت الشاطر للتفاوض مع الجماعات الإرهابية في عدد من الدول لاتخاذ تدابير عقب ما حدث لهم في ثورة 30 يونيو، كما أن حاليا هناك تحرك لإحياء تنظيم القاعدة من جديد. ومن جانبها قالت تقى النجار، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: إن واحدا من أهم تحديات التصدي لتنظيم داعش هو الانتشار الكبير لأعضائه عن طريق تكوين عائلات في البلدان التي يستوطنونها، وإنجاب أجيال جديدة حاضنة للفكر الإرهابي المتطرف. في حين قال محمود قاسم، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الظاهرة الإرهابية مؤهلة للعودة للعمل مرة أخرى، حيث إن هناك مجموعة من العوامل قد تساعد على عودتها من جديد، منها وجود الصراعات ومواصلة بعض الدول دعمها للعناصر والتنظيمات الإرهابية بغرض تحقيق تلك الدول لمكاسب سياسية معينة وتوفر لهم الدعم المادى واللوجستي، كما أن هناك بعض الدول تدعم الإرهاب بالوكالة وأصبحت الجماعات الإرهابية تمتلك معدات عسكرية عالية جدا. وأضاف قاسم، خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا" خلال المؤتمر الوطني الدورى الثامن للشباب، أن مصر تواجه الإرهاب في أكثر من محور أمني وفكرة، وهذا الأمر نال احترام وإشادة دول العالم. وأشار قاسم، إلى ان هناك محفزات يستغلها البعض لإعادة الظاهرة والبعض الآخر يستغل الظواهر الاجتماعية وإحداث فتن طائفية في عدد من الدول، مشددا على أنه لا بديل عن عودة الدول الوطنية من أجل مواجهة الظاهرة التي تنمو بصورة كبيرة وتستغل التكنولوجيا في إرسال رسائل مشفرة لتنفيذ عملياتهم، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التحالف من أجل مواجهة الإرهاب الذي قد يزيد عنفا.