أعاد نبأ استشهاد الأسير المريض بسام السايح «47 عاما» من نابلس داخل مستشفى «أساف هاروفيه» الإسرائيلية عصر الأحد إلى الأذهان قضية الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال واعتماد الإدارة المتعمد إهمالهم لقتلهم بالبطئ. وفى تقرير لها قالت هيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن الأسرى المرضى والجرحى القابعين في سجون الاحتلال يعانون من أوضاع صحية مقلقة للغاية وتزداد أعدادهم يومًا بعد آخر، في ظل استمرار الانتهاكات الطبية الممنهجة التى يتعرضون لها على يد سلطات الاحتلال، بتجاهل أوضاعهم الصحية الصعبة وعدم تقديم العلاج اللازم لهم كل حسب مرضه ومعاناته. وأضافت الهيئة أن الأسرى المرضى في مستشفى سجن الرملة، يتناولون آلاف الحبوب المسكنة والمهدئة سنويا، وذلك هربا من أوجاعهم وآلامهم، نتيجة أمراضهم الصعبة والمزمنة، بسبب سياسة الإهمال الطبي. وبحسب التقارير الرسمية فإن 17 أسيرًا مريضًا يقبعون بشكل شبه دائم في عيادة سجن الرملة، يعتبرون من أخطر الحالات المرضية في السجون، يتعرضون لإهمال طبى متعمد وممنهج، أدى إلى وصول بعضهم إلى حافة الموت كحالة الأسير سامى أبو دياك. كما أن غالبية مرضى سجن الرملة يتناولون بشكل يومي، ما معدله 20-25 حبة دواء مسكنة يوميا، وينامون لأكثر من 18 ساعة يوميا للهرب من واقعهم المؤلم والمعقد، وهم كل من الأسير ناصر الشاويش، وخالد الشاويش، ومنصور موقدة، ومعتصم رداد، وأشرف أبوالهدى، وناهض الأقرع، وصالح صالح، ومحمد أبوخضر، وسامى أبودياك، ومحمد غسان، وعز الدين كرجات، وإياد حريبات، ومصطفى دراغمة، وكفاح حطاب، وسفيان سكافى وأنس موسى. وبحسب ما ذكرته وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية، فإن غالبية هؤلاء يعانون من ضعف عام ولا يستطيعون التحرك إلا باستخدام كراسى متحركة في ظل غياب المتابعة الصحية اللازمة لحالتهم، وتعمد عدم توفير كادر طبى للإشراف على علاجهم، حيث يخلو المستشفى من أى طبيب أو فريق تمريض سوى ممارس عام لا يمر بانتظام على المرضى، علما بأن 4 أسرى آخرين هم من يقومون برعاية المرضى المشار إليهم». وأوضحت الوزارة أن من بين هؤلاء من يعانى من أمراض السرطان بمراحله المتقدمة، ومنهم من يعانى من الشلل وآخرون من أمراض القلب والأمعاء وبتر في الأطراف ومنهم من هو مصاب بالرصاص أثناء عملية الاعتقال. ورغم أن علاج الأسرى قضية تخضعها إدارات معتقلات الاحتلال للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين؛ الأمر الذى يشكل خرقًا فاضحًا لمواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمواد (91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة»، والتى أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم، إلا أن عدد شهداء الحركة الأسيرة الذين سقطوا جراء سياسة الإهمال الطبى المتعمد منذ العام 67 وحتى يومنا هذا وصل إلى (65) أسيرًا. وتجاوز عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال ال (700) أسير وأسيرة، منهم نحو (170) حالة مرضية صعبة وخطيرة، بينها (25) مريضًا مصابًا بالسرطان كان أخطرهم الأسيرين بسام السايح والذى استشهد، وسامى أبودياك، و(17) أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم فيما تسمى «مستشفى الرملة»، فيما يعانى العشرات من إعاقات حركية وشلل وأمراض الكبد الوبائى والفشل الكلوى والقلب وأمراض أخرى. وكان قد شهد معتقل مجدو حالة من التوتر في صفوف الأسرى لعدة أيام أواخر الشهر الماضى وذلك، عقب قيام إدارة سجون الاحتلال، بفرض عقوبات على الأسرى، فيما أكدت هيئة الأسرى أن سلطات الاحتلال تتجاهل بشكل متعمد للأوضاع الصحية للأسرى المرضى والجرحى. وقال مكتب إعلام الأسرى إن حالة من التوتر في معتقل بعد إغلاق إدارة السجن ثلاثة أقسام وهى (3،4،5)، منهما قسم الأسرى الأشبال، وأخرجت إدارة سجون الاحتلال جميع الأجهزة الكهربائية من غرف الأسرى، وفرضت عقوبات عليهم. وفى سياق التضييق على الحركة الأسيرة، قالت هيئة شئون الأسرى والمحررين في تقرير، إن عددًا من الأسرى المرضى والجرحى القابعين في سجون الاحتلال يعانون من أوضاع صحية مقلقة ومعقدة للغاية. وأوضحت الهيئة أن تفاقم الأوضاع الصحية للمرضى نتاجًا لما يتعرضون له من انتهاكات طبية مبرمجة ومقصودة على يد سلطات الاحتلال، بتجاهل أوضاعهم الصحية الصعبة وعدم تقديم العلاج اللازم لهم كل حسب مرضه ومعاناته وبالتالى تعريض حياتهم للخطر. ورصدت هيئة الأسرى في تقريرها عددا من الحالات المرضية القابعة في معتقلات الاحتلال، ومن بينها حالة الأسير علاء إبراهيم الهمص (45 عامًا) من قطاع غزة والقابع حاليا في معتقل «عسقلان»، والذى تدهورت حالته الصحية خلال سنوات اعتقاله بسبب إهماله طبيا والاستهتار بحياته. وأكد الباحث «رياض الأشقر» الناطق الإعلامى لمركز أسرى فلسطين للدراسات، أن سلطات الاحتلال وإدارة سجونها تستخدم سياسة الإهمال الطبى المتعمد كسلاح فتاك تحارب به الأسرى جسديًا ونفسيًا لزرع الأمراض داخل أجسادهم وقتلهم بشكل بطئ. وأوضح «الأشقر» في تصريحات له أن سياسة الإهمال الطبى التى يستخدمها الاحتلال سبب رئيسى في استشهاد (65) أسيرًا في السجون منذ عام1967، كان آخرهم الشهيد «بسام السايح» الذى تعرض لإهمال طبى واضح بعد تردى وضعه الصحى نتيجة التعذيب الذى تعرض له، وسبقه الأسير «فارس بارود» والذى ارتقى بعد 28 عامًا من الاعتقال. وبين «الأشقر» بأن الاحتلال يهدف من سياسة الإهمال الطبى المتعمد والمبرمج زيادة وتفاقم معاناة الأسرى وقتلهم ببطء وانعدام الأمل في شفائهم، أو تحويلهم لأجساد فارغة هشة مريضة وعالة على أسرهم وشعبهم بعد التحرر، بعد أن فشل الاحتلال من إفراغهم من محتواهم الوطنى والثورى من خلال الاعتقال. وأشار إلى إصابة أكثر من (1000) أسير بأمراض مختلفة، بينهم نحو (130) أسير يعانون من أمراض مصنفة خطيرة كأمراض السرطان والقلب والفشل الكلوى والسكرى والشلل النصفي، وهناك حالات عديدة مصابة بأمراض عصبية ونفسية وعدد من الجرحى والمصابين بالشلل والمبتورة أياديهم أو أقدامهم، وهؤلاء جميعًا لا يتلقون الرعاية الصحية المناسبة. وقال «الأشقر» إن المشكلة ليست في عدد المرضى الكبير بين الأسرى، بقدر ما تتمثل في عدم تقديم رعاية طبية أو علاج مناسب لهؤلاء المرضى الأمر الذى يتسبب في تفاقم أوضاعهم الصحية ووصولها إلى أوضاع صعبة، حيث هناك الكثير من الأسرى بدأت أوضاعهم الصحية بأعراض مرضية بسيطة، يمكن علاجها بسهولة، ولكن نتيجة المماطلة لفترة طويلة في الكشف الطبي، إجراء التحاليل الطبية والتسويف في تقديم العلاج، تفاقمت تلك الأعراض واستفحلت وتحولت لأمراض مزمنة وخطيرة يصعب علاجها. وطالب «الأشقر» كل المؤسسات الدولية الطبية بضرورة القيام بمسئولياتها وإرسال وفود طبية إلى سجون الاحتلال للاطلاع على الأوضاع القاسية التى تؤدى إلى إصابة الأسرى بالأمراض واستشهاد بعضهم فيما بعد، والوقوف على حقيقة ادعاءات الاحتلال بتقديم خدمات طبية كافية للأسرى.