تتجه العديد من الدول فى الوقت الحالى لاعتماد التسميد الأخضر بديلًا للأسمدة الكيماوية، لتجنب مخاطر ما تحمله على صحة المستهلك بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الأسمدة الكيماوية، وفى ظل اشتراط الاتحاد الأوروبى وجود قانون للزراعة العضوية، كشرط أساسى للاستيراد من مصر، مع بداية العام المقبل (2020). ويناقش البرلمان حاليًا إصدار قانون الزراعة العضوية، الذى ينظم إنتاج وتداول المنتجات العضوية، والفئات التى سيطبق عليها القانون ومطابقة ما يكتب على العبوات العضوية للحقيقة ومعايير الإنتاج العضوى الخاصة بالإنتاح والتجهيز وتداول المنتحات العضوية، طبقًا للمواصفات العالمية، والتى سوف تسرى أحكامه على كل الأشخاص الذين يعملون فى إنتاج وتصنيع وتداول وتجهيز واستيراد وتصدير للمدخلات أو المنتجات العضوية. وتعنى الزراعة العضوية توقف استخدام المدخلات التخليقية «الصناعية»، مثل الأسمدة الاصطناعية والمبيدات الصناعية والعقاقير البيطرية، والبذور والسلالات المحوّرة وراثيًا والمواد الحافظة، والمواد المضافة. لتحل مكانها الأساليب والمواد الطبيعية من أسمدة عضوية (روث الحيوانات) ومفترسات طبيعية للحشرات بدلًا من استخدام المبيدات، ما يوحى بضرورة منع استخدام الأسمدة الكيماوية فى التسميد أو التقليل من استخدامها، وبالتالى ستكون أول خطوة رفع الدعم عن الأسمدة الكيماوية. ويقول الدكتور أحمد حرب، أستاذ الزراعة بجامعة الإسكندرية، إن إقرار قانون الزراعة العضوية، أصبح ضرورة ملحة ليس ليعطى فرصة التصدير للمنتجات الزراعية وتوفير العملة الصعبهة فقط، لكن للحفاظ على صحة المواطنين وخصوبة الأرض من الأمراض والكوارث التى يسببها استخدام المبيدات المصنعة والأسمدة الكيماوية على الإنسان وعلى البيئة، ما أجبر دول العالم على ضرورة الرجوع إلى استخدام المواد الطبيعية بديلًا عن استخدام المواد المصنعة. ويقصد بالتسميد الأخضر زراعة أى محصول بغرض حرثه بالأرض عند بلوغه طورًا معينًا من أطوار نموه. وينصح باتباعه لعدة سنوات لإمكان إحداث زيادة فى المادة العضوية بالأرض والمحاصيل المستخدمة هى البقوليات، وأهمها الترمس وهو الشائع فى مصر، وكذلك يمكن استخدام النباتات غير البقولية مثل البرسيم. ويستخدم هذا النوع من التسميد فى الأراضى الرملية أو الأراضى الخفيفة، وتختلف المادة العضوية الناتجة من المحاصيل المستعملة حسب نوع النبات المستخدم وحسب الظروف المحيطة به وتتحلل المادة العضوية بعد حرثها فى الأرض بسرعة، ويختلف ذلك حسب نوع النبات وعمره ومدى توافر العناصر الغذائية المعدنية فى الأرض وطبيعة الكائنات الدقيقة فى الأرض ودرجة تهوية الأرض وحرارتها ونسبة الرطوبة. غالبًا ما تستعمل المحاصيل البقولية فى التسميد الأخضر ومعروف عنها أنها تستفيد من أزوت الهواء الجوى بواسطة البكتيريا العقدية وتختلف كمية الأزوت المتحصل عليها على نوع المحصول البقولى ومدى التسميد بالأزوت أو الفوسفور وعادة ما تعطى المحاصيل البقولية جرعة بسيطة لتساعدها فى بداية حياتها حتى تتكون العقد الجذرية وتكون قادرة على تثبيت الأزوت الجوى وإمداد النبات به. وأكد حرب أن السماد الأخضر هو البديل البيئى والاقتصادى المناسب خاصة فى ظل ما تواجهه صناعة الاسمدة من مشكلات صناعية، وتتمثل هذه فى الطاقة، الغاز الطبيعى، ومشاكل توزيع وتداول ومشاكل كيميائية وتتمثل فى اختلال المعادلة السمادية فى مصر. ويؤكد الدكتور نبيل قنديل، أستاذ بمركز البحوث الزراعية، أن الأضرار الخاصة بصناعة الأسمدة تكمن، فى أنه يتم استهلاك نحو 10 ملايين متر مكعب من المياه العذبة سنويًا فى عملية التبريد، ثم تلقى كمخلفات سائلة فى المجارى المائية فتلوث المياه وتهدد التنوع البيولوجى، كما أنها تلوث التربة ومياه الصرف ببعض العناصر الثقيلة مثل الكادميوم والنيكل والكروميوم، والتى عادة ما تكون شوائب مصاحبة لعملية تصنيع الأسمدة الكيماوية. ويرى «قنديل» الحل فى اتباع نظام الزراعة العضوية وإحلال الأسمدة العضوية والمخصبات الحيوية محل الأسمدة الكيماوية، قائلًا: «نحتاج الاعتماد على التسميد الأخضر والسماد العضوى المصنع من المخلفات الزراعية، ومن شأن ذلك أن يزيد خصوبة التربة. كما يوفر لنا غذاء آمنًا وخاليًا من الكيماويات ويحمى البيئة من التلوث». بينما يقول أحمد عوض، رئيس قسم بحوث خصوبة التربة وتغذية النبات بمركز البحوث الزراعية: إنه لا يمكن الاعتماد على التسميد العضوى منفردًا لإعطاء الاحتياجات السمادية للمحاصيل. ويوضح: نزرع فى مصر أصنافًا ذات احتياجات عالية لا تقدر عليها الأسمدة العضوية وحدها. ونعمل فى الوقت الحالى على توعية المزارعين بالاعتماد على التسميد العضوى والتسميد بالبكتيريا إلى جانب الأسمدة الكيماوية. ومن شأن هذا أن يقلل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية بنسبة تتراوح بين 5٪ و10٪». وتقول الدكتورة أمل رضا، أستاذ مساعد بقسم تكنولوجيا الحاصلات البستانى، إن هناك عدة معوقات تحد من التسميد الأخضر، منها أن محاصيل التسميد الأخضر تشغل الأرض على حساب المحاصيل الأخرى، ولا يخلف عن التسميد الأخضر فى التربة كمية من الدبال، وذلك نظرًا لاحتواء النباتات المستخدمة على نسبة قليلة من السليلوز والليجنين، ويعمل التسميد الأخضر على هدم الدبال الأصلى للتربة وذلك نظرًا لسرعة تحلل النباتات المستخدمة، وما يتبع ذلك من زيادة عدد ميكروبات التربة إلى الحد الأقصى ومهاجمة هذه الميكروبات للدبال من أجل الحصول على بعض ما يلزمها من طاقة وغذاء.