في كتابه «عجائب الآثار في تراجم الأخبار»، يصف المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي، مشهد اغتيال الجنرال الفرنسي كليبر في مثل هذ اليوم الرابع عشر من يونيو من عام 1800 قائلًا: «ساري عسكر كليبر كان مع كبير المهندسين يسيران بداخل البستان الذي بداره في الأزبكية، فدخل عليه شخص حلبي وقصده فأشار إليه بالرجوع، وقال له: مافيش، وكررها فلم يرجع، وأوهمه أن له حاجة وهو مضطر في قضائها، فلما دنا منه مد إليه يده اليسار كأنه يريد تقبيل يده، فمد إليه الآخر يده، فقبض عليه وضربه بخنجر كان أعده في يده اليمنى أربع ضربات متتالية، فشق بطنه وسقط إلى الأرض صارخًا». لم يتمكن «الحلبي» من الهروب لفترة طويلة حيث عثر عليه الجنود الفرنسيون مختبئًا بمكان قريب من الواقعة، وأورد المؤرخ صلاح عيسى في كتابه «حكايات من دفتر الوطن» الترجمة العربية لجزء من التحقيقات التى جرت مع «الحلبي»: «ولما كان المتهم لم يَصدُق في جواباته أمر ساري عسكر أن يضربونه، فحالا انضرب لحد أنه طلب العفو، ووعد أنه يقر بالصحيح، فارتفع عنه الضرب وانفكت له سواعده، وصار يحكي من أول وجديد»، ولما سألوه لماذا جئت من غزة إلى مصر قال «كان مرادي أن أغازي «أجاهد» في سبيل الله». ولكن هناك رواية أخرى تدحض ذريعة «الجهاد». ويواصل المؤرخ صلاح عيسى سرد الدوافع التى أجبرت سليمان الحلبى على السفر للقاهرة قائلا «قضى سليمان الحلبى الشهور الخمسة الأولى من عام 1800 فى فلسطين، وصلها فى الشتاء ليصلى فى المسجد الأقصى ويجاوره زمنا، ولابد أنه سمع هناك بما فعله الفرنسيون بأهل يافا وبحامية دمشق ومعسكر العريش، كان مكدودًا وضائقًا». ويضيف «عيسى»: «ذلك أن والى حلب العثمانى إبراهيم باشا، فرض على أبيه غرامة ضخمة وألزمه بدفعها فرحل الشاب بحثًا عن عمل يقتات منه وعن باب يشكو إليه فعل الوالى الظالم». ذهب سليمان الحلبى إلى فلسطين والتقى بمحافظ القدس الذى أوعز إليه بقتل كليبر، فى مقابل الإفراج عن والده. وكان كليبر تولى، قيادة القوات الفرنسية الموجودة فى مصر بعد رحيل نابليون بونابرت إلى باريس، بعدما غزا مصر فى 1798، ووقع كليبر معاهدة العريش فى يناير من عام 1800، والتى تنص على عودة الفرنسيين لبلادهم لكنها لم تنفذ بسبب إصرار الإنجليز على عودة الفرنسيين كأسرى حرب. ولكن كليبر رفض ذلك فعاد ونشب قتال بينه وبين العثمانيين وهزمهم فى موقعة عين شمس فى مارس 1800، ومن بعدها عدل كليبر من سياسته وقرر البقاء فى مصر. وتعود جذور «الحلبي» إلى سوريا وكان يدرس فى الجامع الأزهر لمدة ثلاث سنوات وتتلمذ على يد الشيخ مصطفى أفندي. وبعد القبض عليه شكلت محكمة برئاسة الجنرال «رينيه» وحكم عليه بالإعدام صلبًا على الخازوق بعد إحراق يده اليمنى فى الخامس عشر من يونيو من عام 1800.