قال ممثل الادعاء فى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اليوم الخميس، إن الانفجار الضخم فى أحد شوارع وسط بيروت الذى أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى و21 آخرين قبل تسع سنوات لم يكن مجرد اغتيال سياسى، إنما هو عمل إرهابى هدفه نشر الذعر بين اللبنانيين. وجاء كلام المدعى فى افتتاح جلسات المحكمة حيث يحاكم غيابيا أربعة متهمين ينتمون إلى حزب الله اتهموا بتدبير الانفجار الذى وقع فى المنطقة الساحلية للعاصمة بيروت عام 2005 وكاد يؤدى إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية مرة أخرى. والمتهمون الأربعة هم سليم جميل عياش ومصطفى أمين بدر الدين وحسين حسن عنيسى وأسد حسن صبرا وجميعهم هاربون ويحاكمون غيابيا. وقال المدعى نورمان فاريل "قتل المهاجمون المارة الأبرياء: طالب وعامل فى فندق، أب ابن ابنة أصدقاء لم يأبه المهاجمون بقتل مواطنين من بلدهم وحسب بل كان هو قصدهم بالتحديد واستخدموا كمية ضخمة من المتفجرات شديدة الانفجار وهى أكبر بكثير من الكمية الضرورية لقتل هدفهم الرئيسى". وأضاف "من الواضح أن هدفهم لم يقتصر على قتل هدفهم وحسب بل أرادوا إرسال رسالة مدوية وخلق حالة من الذعر فى صفوف سكان بيروتولبنان بشكل عام". وقتل الحريرى و21 شخصا آخرين على ساحل بيروت فى فبراير شباط 2005 فى انفجار هو الأكثر دموية ضمن سلسلة من الهجمات استهدفت منتقدى الوجود العسكرى السورى فى لبنان. وأثار مقتله احتجاجا جماهيريا كبيرا وأدى إلى إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان التى تدعمها الأممالمتحدة وتنعقد فى لاهاى، حيث عرض الادعاء قضيته اليوم الخميس. وأشاد أنصار الحريرى الغربيون بالمحكمة باعتبارها فرصة لإغلاق فصل طويل من الإفلات من العقاب فى لبنان الذى كان ساحة للمفجرين والقتلة منذ الحرب الأهلية التى دارت بين عامى 1975 و1990 مع احتمال ضئيل للمثول أمام العدالة. وقالت آنا الحسن زوجة حليف الحريرى وسام الحسن رئيس فرع المعلومات فى قوى الأمن الداخلى الذى قتل فى انفجار ببيروت عام 2012 "كنت بانتظار منذ تسع سنوات.. ولكنها مجرد بداية". لكن الانفجار الذى أودى بحياة الملياردير رئيس الوزراء الأسبق دق أيضا اسفينا بين اللبنانيين السنة الذين ينتمى لهم الحريرى والشيعة الذين ينتمى لهم حزب الله المدعوم من سوريا الذى وجهت التهم إلى أربعة من أعضائه، وزاد تسمم هذه الأجواء بفعل الخلافات بشأن الحرب الأهلية فى سوريا والتى جعلت مقاتلين لبنانيين من السنة والشيعة ينضمون على أساس طائفى إلى طرفى الصراع فى سوريا. كما امتدت عبر الحدود فى صورة هجمات طائفية مميتة فى المدن الرئيسية فى لبنان كان آخرها هجوم انتحارى استهدف منطقة الهرمل قرب الحدود الشمالية مع سوريا التى تعتبر معقل حزب الله، مما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقل بالإضافة إلى الانتحارى. وفى أواخر الشهر الماضى وقبل ثلاثة أسابيع فقط من بدء المحاكمة قتل مستشار مقرب من سعد الحريرى نجل الحريرى الأب فى انفجار سيارة ملغومة على بعد بضع مئات من الأمتار من موقع هجوم عام 2005. وبعد أيام هاجم مفجر انتحارى الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله. ووجهت إلى المتهمين الأربعة تسع تهم منها الإرهاب والقتل، ويمكن أن يواجهوا أحكاما تصل إلى السجن المؤبد فى حال إدانتهم فى ختام المحاكمة التى قد تستمر لسنوات. وأضاف فاريل أن الادعاء ينوى استدعاء مئات الشهود وتقديم آلاف العرائض، وقال "هذه الجرائم بطبيعتها لا تمس أولئك الذين تضرروا فى وسط بيروت وحسب هذه الجرائم تمسنا جميعا تمس الشعب اللبنانى برمته لأنها تنتهك مبادئ حقوق الإنسان والإنسانية". وقال "الأدلة ومنها كمية كبيرة من بيانات الاتصالات تدل على الهوية الحقيقية للجناة". وأضاف "مصطفى بدر الدين وسليم عياش وحسين عنيسى وأسد صبرا كما ستبين الأدلة تآمروا معا مع آخرين لارتكاب هذا العمل الإرهابى الذى هدف إلى اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق السيد رفيق الحريرى. فالمتهمان بدر الدين وعياش مع آخرين أعدوا ونفذوا الاعتداء الذى وقع فى 14 فبراير شباط عام 2005 وعاونهما المتهمان عنيسى وصبرا كمتدخلين". وعرض فاريل فى قاعة المحكمة مجموعة من الصور التى تظهر مكان الانفجار وفندق سان جورج الذى تضرر جراء انفجار شاحنة ميتسوبيشى محملة بما يصل إلى 3000 كيلوجرام من المواد شديدة الانفجار مما أحدث حفرة واسعة وتصاعد أعمدة الدخان الأسود إلى السماء.